و إذا بلغ الرجل إلى غاية يكون شعفهمقصورا على إدراك أحوال الربوبيّة انحطتدرجته عند الناس- إذ يخرج كلامه عن حدودعقولهم- و يهجرهم و يهجرونه و يتركهم ودينهم و ينفرد عنهم آخذا بدينه عاملابوصيّة ربّه:
قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِيخَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [6/ 91].
لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَ لاتَأْثِيماً (25) «اللغو» و «العبث» من فعل القوّةالمتخيّلة إذا لم يكن معها غاية عقليّة أوفكريّة.
و «التأثيم» من فعل القوّة الطبيعيّة عندعصيانها عن طاعة النفس.
فالأول ناش من ضعف العقل، و الثاني منغلبة الطبيعة و انقهار النفس و عجزها، وهما منتفيان عن أهل الجنان و أصحابالرضوان.
إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (26) لسلامة صدورهم و نقاء سريرتهم عن الغشّ والعداوة، و سلامة أقوالهم و اعتقاداتهم عنالكذب و الغلط، فلا يسمعون إلّا قول بعضهملبعض على وجه التحيّة: سلاما سلاما. فيفشونبينهم السلام و حسن الكلام و نصب «سلاما»إمّا على البدليّة ل «قيلا» و إمّا علىكونه مفعولا به، و إمّا على المصدريّةبتقدير سلّمك اللّه سلاما.