میزان الحکمه

محمد محمدی ری شهری؛ ترجمه حمیدرضا شیخی

جلد 12 -صفحه : 199/ 12
نمايش فراداده

«وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَ إِنَّ اللّه َ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» . (1)

الحديث

19823- رسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : العِلمُ حَياةُ الإسلامِ و عِمادُ الإيمانِ . (2)

19824- الإمامُ عليٌّ عليه السلام : الإيمانُ و العِلمُ أخَوانِ تَوأمانِ ، و رَفيقانِ لا يَفتَرِقانِ . (3)

تبيين

تدلّ الآيات و الروايات المحرّرة على أنّ نبوّة رسول الإسلام ظاهرة علميّة ، تنسجم و المعايير العقليّة ، و العلاقة بين العلم و الإيمان ـ من حيث الأساس ـ علاقة لا تقبل الانفصال . بالنسبة إلى تفسير ماهيّة التلاحم بين العلم و الإيمان يتحتّم الالتفات إلى ما يلي :

1 ـ أنّ مفهوم العلم من خلال الكتاب و السنّة يعني البصيرة العلميّة .

2 ـ البصيرة العلميّة هي إحساس و نور و رؤية تهدي كلّ العلوم و المدركات الإنسانيّة ؛ يعني تضع العلم في طريق تكامل الفرد و المجتمع الإنسانيّ . و بعبارة اُخرى : البصيرة العلميّة هي جوهر و روح العلم .

3 ـ يحترم الإسلام و يُقيّم كلّ فروع المعرفة ، شريطة أن تكون توأم البصيرة العلميّة ، و أن تستهدف رشد الإنسانيّة و تكاملها .

4 ـ أنّ العلم المجرّد عن البصيرة العلميّة ، يفضي إلَى انحطاط و سقوط الإنسان ، سواء في ذلك علم التوحيد و غيره من العلوم ، بل العلم بلا بصيرة علميّة ليس بعلم ؛ حيث يفقد مزيّة العلم التي هي رشد الإنسان و تكامله .

5 ـ العلم بعامّته حينما تصحبه البصيرة العلميّة هو «علم التوحيد» ؛

و لذا يرَى القرآن الكريم أنّ العلم عامّة يستتبع الخوف و الخشية من اللّه :

«إنّما يَخْشَى اللّه َ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ» . (4)

يستنتج مفهومان من الآية أعلاه

أ ـ أنّ المعنيّ بالعلم هو البصيرة العلميّة بالمعنَى الذي أوضحناه ؛ إذ أنّ كل علم من العلوم ـ حتّى علم التوحيد ـ ما لم يكن متوفّرا على روح و جوهر العلم لا يبعث علَى الخشية .

ب ـ أنّ العلاقة بين العلم و الإيمان تلاحميّة لا تقبل الانفصال ؛ بمعنى أنّه لا يمكن أن يبصر الإنسان العالَم كما هو ، و لا يرى يد اللّه و صنعته . من هنا يضع القرآن الكريم العلماء في صفّ الملائكة بوصفهم شهودا على وحدانيّة مبدع العالَم :

«شَهِدَ اللّه ُ أنّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ و المَلائكةُ و اُولو العِلْمِ» . (5)

6 ـ العلم ـ بالمفهوم المتقدّم ـ ليس توأم الإيمان بالتوحيد فحسب ، بل يصاحب الإيمان بالنبوّة أيضا ؛ إذ كما يستحيل أن يرَى الإنسان العالَم و لا ينتهي إلَى الإيمان باللّه ، كذلك لا يمكن أن يرى إنسان العالَم و صانعه و يعرف موقعه من الكون ثمّ لا يؤمن برسالة اللّه التي تهدي إلى حكمة الإبداع ، «و ما قَدَروا اللّه َ حَقَّ قَدْرِهِ إذ قالُوا ما أنْزَلَ اللّه ُ على بَشَرٍ مِنْ شَيءٍ» . (6)

و قد أثبتنا في بحث «النبوّة العامّة» أنّ نفي النبوّة يعادل نفي التّوحيد .

7 ـ العلم ـ بالمفهوم المتقدّم ـ ليس توأم الإيمان بالتوحيد و النبوّة العامّة فحسب ، بل يصاحب الإيمان بالنبوّة الخاصّة أيضا ؛ يعني أنّ الإنسان حينما يتوفّر علَى البصيرة العلميّة ، و يرَى اللّه في ضوء نور المعرفة ، و من خلال ملاحظة آثار الوجود ، يمكنه بيسر أن يعرف رسل اللّه الواقعيّين على أساس نفس البصيرة العلميّة و في ضوء عين المعرفة ، و من خلال ملاحظة آثار النبوّة.

غير أنّ الرؤية تبلغ في بعض الأحيان درجة من القوّة ، بحيث يشاهد الإنسان نور النبوّة في شخص الرسول بواسطة الرؤية القلبيّة ، كما حصل ذلك بالنسبة للإمام عليّ عليه السلام في رسول الإسلام صلى الله عليه و آله حيث يقول عليه السلام : «أرى نورَ الوَحى و الرِّسالَةِ ، و أشمُّ رِيحَ النُّبوَّةِ» ، و مثل هذه المعرفة تدعى : المعرفة القلبيّة و الكشف و الشهود الباطنيّ .

و لا ترقَى الرؤية في أحيان اُخرى إلى تلك المرتبة ، بل يلاحظ الإنسان بواسطة الرؤية العقليّة آثار النبوّة و دلائلها في شخص الرسول ، و تدعى مثل هذه المعرفة : المعرفة العقليّة . و كلالونَي المعرفة ـ من زاويةٍ قرآنيّة ـ معرفة علميّة ، تنتسب إلَى البصيرة العلميّة . «و تا آنان كه دانش يافته اند، بدانند كه اين [قرآن ]حق است [و ]از جانب پروردگار توست و بدان ايمان آورند و دل هايشان براى او خاضع گردد و براستى خداوند كسانى را كه ايمان آورده اند، به سوى راهى راست راهبر است».

1-الحجّ : 54.

2-كنز العمّال : 28944.

3-غرر الحكم : 1785.

4-فاطر : 28 .

5-آل عمران : 18 .

6-الأنعام : 91 .