والمقصود بالذات فيها بيان انقسام الموجود إلى الواجب والممكن، والبحث عن خواصّهما، وأمّا البحث عن الممتنع وخواصّه فمقصودٌ بالتّبع وبالقصد الثانى
كلّ مفهوم فرضناه ثمّ نسبنا إليه الوجود، فإمّا أن يكون الوجود ضرورىّ الثبوت له وهو الوجوب، او يكون ضرورىّ الانتفاء عنه ـ وذاك كون العدم ضروريّاً له ـ وهو الامتناع، او لا يكون الوجود ضروريّاً له ولا العدم ضروريّاً له وهو الامكان. وأمّا احتمال كون الوجود والعدم معاً ضروريّين له فمندفع بأدنى التفاوت. فكلّ مفهوم مفروض إمّا واجب وإمّا ممتنع وإمّا ممكن.
وهذه قضيّة منفصلة حقيقيّة مقتنصة من تقسيمين دائرين بين النفى والاثبات بأن يقال: كلّ مفهوم مفروض فإمّا أن يكون الوجود ضروريّاً له أو لا، وعلى الثانى فإمّا أن يكون العدم ضروريّاً له أو لا. الأوّل هو الواجب والثانى هو الممتنع والثالث هو الممكن.
والذى يعطيه التقسيم من تعريف الموادّ الثلاث أنّ وجوب الشىء كون وجوده ضروريّاً له وامتناعه كون عدمه ضروريّاً له وإمكانه سلب الضرورتين بالنسبة إليه. فالواجب ما يجب وجوده والممتنع ما يجب عدمه والممكن ما ليس يجب وجوده ولا عدمه.