( 100 )
كان رسول الله صلى الله عليه وآله ، يقول :
المرء يحفظ في ولده ، سرعان ما أحدثتم ، وعجلان ما أتيتم ، الآن مات رسول الله صلى الله عليه وآله أمتم دينه ، ها إن موته لعمري خطب جليل استوسع وهنه ، واستبهم فتقه ، وفقد راتقه ، وأظلمت الأرض له ، وخشعت الجبال ، وأكدت الآمال ، أضيع بعده الحريم ، وهتكت الحرمة ، واذيلت المصونة ، وتلك نازلة أعلن بها كتاب الله قبل موته ، وانبأكم بها قبل وفاته ، فقال : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقبلتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا ، وسيجزي الله الشاكرين ) (1).
أيها بني قيلة ، اهتضم تراثي أبي ، وأنتم بمرأى ومسمع ، تبلغكم الدعوة ، ويشملكم الصوت ، وفيكم العدة والعدد ، ولكم الدار والجنن ، وأنتم نخبة الله التي انتخب ، وخيرته التي اختار ، باديتم العرب وبادتهم الأمور ، وكافحتهم البهم حتى دارت بكم رحى الاسلام ، ودر حلبه ، وخبت نيران لحرب ، وسكنت فورة الشرك ، وهدأت دعوة الهرج ، واستوثق نظام الدين ، أفتأخرتم بعد الأقدام ، ونكصتم بعد الشدة ، وجبنتم بعد الشجاعة ، عن قوم نكثوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم ، ( فقاتلوا أئمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون ) (2).
ألا وقد أرى ان قد أخلدتم الى الخفض ، وركنتم الى الدعة ، فجحدتم الذي وعيتم ، وسغتم الذي سوغتم ، ( وان تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) (3) ألا وقد قلت لكم ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم ، وهور القناة ، وضعف اليقين ، فدونكموها فاحتووها مدبرة الظهر ، ناقبة الخف ، باقية العار ، موسومة الشعار ، موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على
(1) سورة آل عمران : 144 . (2) سورة التوبة : 12 . (3) سورة ابراهيم : 8 .