مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 8 -صفحه : 175/ 64
نمايش فراداده

من عدم الدليل عدم المدلول أم لا؟ فإن لمتسلم لزمك من نفي العالم في الأزل نفيالصانع، و إن سلمت أنه لا يلزم من عدمالدليل عدم المدلول، فأقول: لما جوّزتحلول الإله في بدن عيسى عليه السلام، فكيفعرفت أن الإله ما حل في بدني و بدنك و فيبدن كل حيوان و نبات و جماد؟ فقال: الفرقظاهر، و ذلك لأني إنما حكمت بذلك الحلول،لأنه ظهرت تلك الأفعال العجيبة عليه، والأفعال العجيبة ما ظهرت على يدي و لا علىيدك، فعلمنا أن ذلك الحلول مفقود ههنا،فقلت له: تبين الآن أنك ما عرفت معنى قوليإنه لا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول، وذلك لأن ظهور تلك الخوارق دالة على حلولالإله في بدن عيسى: فعدم ظهور تلك الخوارقمني و منك ليس فيه إلا أنه لم يوجد ذلكالدليل، فإذا ثبت أنه لا يلزم من عدمالدليل عدم المدلول لا يلزم من عدم ظهورتلك الخوارق مني و منك عدم الحلول في حقي وفي حقك، و في حق الكلب و السنور و الفأر ثمقلت: إن مذهباً يؤدي القول به إلى تجويزحلول ذات اللّه في بدن الكلب و الذباب لفيغاية الخسة و الركاكة.

الوجه الخامس: أن قلب العصا حية، أبعد فيالعقل من إعادة الميت حياً، لأن المشاكلةبين بدن الحي و بدن الميت أكثر من المشاكلةبين الخشبة و بين بدن الثعبان، فإذا لميوجب قلب العصا حية كون موسى إلهاً و لاابناً للإله، فبأن لا يدل إحياء الموتىعلى الإلهية كان ذلك أولى، و عند هذا انقطعالنصراني و لم يبق له كلام و اللّه أعلم.

المسألة الثانية:

روي أنه عليه السلام لما أورد الدلائل علىنصارى نجران، ثم إنهم أصروا على جهلهم،فقال عليه السلام: «إن اللّه أمرني إن لمتقبلوا الحجة أن أباهلكم» فقالوا: يا أباالقاسم، بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيكفلما رجعوا قالوا للعاقب: و كان ذا رأيهم،يا عبد المسيح ما ترى، فقال: و اللّه لقدعرفتم يا معشر النصارى أن محمداً نبيمرسل، و لقد جاءكم بالكلام الحق في أمرصاحبكم، و اللّه ما باهل قوم نبياً قط فعاشكبيرهم و لا نبت صغيرهم و لئن فعلتم لكانالاستئصال فإن أبيتم إلا الإصرار علىدينكم و الإقامة على ما أنتم عليه،فوادعوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم و كانرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم خرج وعليه مرط من شعر أسود، و كان قد احتضنالحسين و أخذ بيد الحسن، و فاطمة تمشيخلفه، و علي رضي اللّه عنه خلفها، و هويقول، إذا دعوت فأمنوا، فقال أسقف نجران:يا معشر النصارى، إني لأرى وجوها لو سألوااللّه أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها،فلا تباهلوا فتهلكوا و لا يبقى على وجهالأرص نصراني إلى يوم القيامة، ثم قالوا:يا أبا القاسم، رأينا أن لا نباهلك و أننقرك على دينك فقال صلوات اللّه عليه: فإذاأبيتم المباهلة فأسلموا، يكن لكم ماللمسلمين، و عليكم ما على المسلمين،فأبوا، فقال: فإني أناجزكم القتال، فقالواما لنا بحرب العرب طاقة، و لكن نصالحك علىأن لا تغزونا و لا تردنا عن ديننا، على أننؤدي إليك في كل عام ألفي حلة: ألفا في صفر،و ألفا في رجب، و ثلاثين درعاً عادية منحديد، فصالحهم على ذلك، و قال: و الذي نفسيبيده، إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير، و لا ضطرمعليهم الوادي ناراً، و لاستأصل اللّهنجران و أهله، حتى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتىيهلكوا، و روي أنه عليه السلام لما خرج فيالمرط الأسود، فجاء الحسن رضي اللّه عنهفأدخله، ثم جاء الحسين رضي اللّه عنهفأدخله ثم فاطمة، ثم علي رضي اللّه عنهماثم قال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُلِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَالْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً[الأحزاب: 33] و اعلم أن هذه الرواية كالمتفقعلى صحتها بين أهل التفسير و الحديث.

المسألة الثالثة:

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ أي في عيسى عليهالسلام، و قيل: الهاء تعود إلى الحق، فيقوله الْحَقُ‏