شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 310
نمايش فراداده

خطبه 121-خطاب به خوارج

الشرح:

هذا الكلام يتلو بعضه بعضا، و لكنه ثلاثه فصول لايلتصق احدها بالاخر، و هذه عاده الرضى، تراه ينتخب من جمله الخطبه الطويله كلمات فصيحه، يوردها على سبيل التتالى و ليست متتاليه حين تكلم بها صاحبها، و سنقطع كل فصل منها عن صاحبه اذا مررنا على متنها.

قوله: (الى معسكرهم) الكاف مفتوحه، و لايجوز كسرها، و هو موضع العسكر و محطه.

و شهد صفين: حضرها، قال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر).

قوله: (فامتازوا: اى انفردوا)، قال تعالى: (و امتازوا اليوم ايها المجرمون).

قوله: (حتى اكلم كلا منكم بكلامه)، اى بالكلام الذى يليق به.

و الغيله: الخداع.

و الناعق: المصوت.

قوله: (ان اجيب ضل، و ان ترك ذل) هو آخر الفصل الاول.

و قوله: (ضل)، اى ازداد ضلالا، لانه قد ضل قبل ان يجاب.

فاما قوله: (فلقد كنا مع رسول الله (ص))، فهو من كلام آخر، و هو قائم بنفسه، الى قوله: (و صبرا على مضض الجراح) فهذا آخر الفصل الثانى.

فاما قوله: (لكنا انما اصبحنا)، فهو كلام ثالث غير منوط بالاولين و لاملتصق بهما، و هو فى الظاهر مخالف و مناقض للفصل الاول، لان الفصل الاول فيه انكار الاجابه الى التحكيم، و هذا يتضمن تصويبها، و ظاهر الحال انه بعد كلام طويل و قد قال الرضى رحمه الله فى اول الفصل: انه من جمله كلام طويل و انه لما ذكر التحكيم قال ما كان يقوله دائما و هو انى انما حكمت على ان نعمل فى هذه الواقعه بحكم الكتاب، و ان كنت احارب قوما ما ادخلوا فى الاسلام زيغا و احدثوا به اعوجاجا، فلما دعونى الى تحكيم الكتاب امسكت عن قتلهم، و ابقيت عليهم لانى طمعت فى امر يلم الله به شعث المسلمين، و يتقاربون بطريقه الى البقيه، و هى الابقاء و الكف.

فان قلت: انه قد قال: (نقاتل اخواننا من المسلمين)، و انتم لاتطلقون على اهل الشام المحاربين له لفظه (المسلمين)؟ قلت: انا و ان كنا نذهب الى ان صاحب الكبيره لايسمى مومنا و لا مسلما، فانا نجيز ان يطلق عليه هذا اللفظ اذا قصد به تمييزه عن اهل الذمه و عابدى الاصنام، فيطلق مع قرينه حال او لفظ يخرجه عن ان يكون مقصودا به التعظيم و الثناء و المدح، فان لفظه (مسلم) و (مومن) تستعمل فى اكثر الاحوال كذلك، و اميرالمومنين (ع) لم يقصد بذلك الا تمييزهم من كفار العرب و غيرهم من اهل الشرك، و لم يقصد مدحهم بذلك، فلم ينكر مع هذا القصد اطلاق لفظ المسلمين عليهم.