الذعلب فى الاصل، الناقه السريعه، و كذلك الذعلبه ثم نقل فسمى به انسان، و صار علما، كما نقلوا (بكرا) عن فتى الابل الى ابن بكر وائل.
و اليمانى مخفف النون، و لايجوز تشديدها، جعلوا الالف عوضا عن الياء الثانيه، و كذلك فعلوا فى (الشامى) و الاصل (يمنى و شامى).
و قوله (ع): (افاعبد ما لاارى؟) مقام رفيع جدا لايصلح ان يقوله غيره (ع).
ثم ذكر ماهيه هذه الرويه، قال: انها رويه البصيره، لارويه البصر.
ثم شرح ذلك، فقال: انه تعالى قريب من الاشياء، غير ملامس لها، لانه ليس بجسم، و انما قربه منها علمه بها، كما قال تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثه الا هو رابعهم).
قوله: (بعيد منها غير مباين)، لانه ايضا ليس بجسم فلا يطلق عليه البينونه، و بعده منها هو عباره عن انتفاء اجتماعه معها، و ذلك كما يصدق على البعيد بالوضع، يصدق افضل الصدق على البعيد بالذات الذى لايصح الوضع و الاين اصلا عليه.
قوله: (متكلم بلا رويه)، الرويه: الفكره يرتئى الانسان بها ليصدر عنه الفاظ سديده داله على مقصده، و البارى ء تعالى متكلم لا بهذا الاعتبار، بل لانه اذا اراد تعريف (خلقه) من جهه الحروف و الاصوات، و كان فى ذلك مصلحه و لطف لهم، خلق الاصوات و ال حروف فى جسم جمادى، فيسمعها من يسمعها، و يكون ذلك كلامه، لان المتكلم فى اللغه العربيه فاعل الكلام لا من حله الكلام.
و قد شرحنا هذا فى كتبنا الكلاميه.
قوله: (مريد بلا همه) اى بلا عزم، فالعزم عباره عن اراده متقدمه للفعل، تفعل توطينا للنفس على الفعل، و تمهيدا للاراده المقارنه له، و انما يصح ذلك على الجسم الذى يتردد فيها، تدعوه اليه الدواعى، فاما العالم لذاته، فلا يصح ذلك فيه.
قوله: (صانع لابجارحه)، اى لا بعضو، لانه ليس بجسم.
قوله: (لطيف لا يوصف بالخفاء)، لان العرب اذا قالوا لشى ء: انه لطيف، ارادوا انه صغير الحجم، و البارى ء تعالى لطيف لا بهذا الاعتبار بل يطلق باعتبارين: احدهما: انه لايرى لعدم صحه رويه ذاته، فلما شابه اللطيف من الاجسام فى استحاله رويته، اطلق عليه لفظ (اللطيف) اطلاقا للفظ السبب على المسبب.
و ثانيهما: انه لطيف بعباده، كما قال فى الكتاب العزيز، اى يفعل الالطاف المقربه لهم من الطاعه، المبعده لهم من القبيح.
او لطيف بهم بمعنى انه يرحمهم و يرفق بهم.
قوله: (كبير لا يوصف بالجفاء)، لما كان لفظ (كبير) اذا استعمل فى الجسم افاد تباعد اقطاره، ثم لما وصف البارى ء بانه كبيراراد ان ينزهه عما يدل لفظ (كبير) عليه ا ذا استعمل فى الاجسام، و المراد من وصفه تعالى بانه كبير، عظمه شانه و جلاله سلطانه.
قوله: (بصير لا يوصف بالحاسه) لانه تعالى يدرك اما لانه حى لذاته، او ان يكون ادراكه هو علمه، و لاجارحه له و لا حاسه على كل واحد من القولين.
قوله: (رحيم لا يوصف بالرقه)، لان لفظه الرحمه فى صفاته تعالى تطلق مجازا على انعامه على عباده، لان الملك اذا رق على رعيته و عطف، اصابهم بانعامه و معروفه.
قوله: (تعنو الوجوه)، اى تخضع، قال تعالى: (وعنت الوجوه للحى القيوم).
قوله: (و تجب القلوب)، اى تخفق، و اصله من وجب الحائط: سقط.
و يروى: (توجل القلوب) اى تخاف، وجل: خاف.
و روى: (صانع لا بحاسه)، و روى (لا تراه العيون بمشاهده العيان) عوضا عن (لاتدركه).