شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 614
نمايش فراداده

کلمه غريب 003

الشرح:

اصل هذا البناء للدخول فى الامر على غير رويه و لاتثبت، قحم الرجل فى الامر بالفتح قحوما، و اقحم فلان فرسه البحر فانقحم، و اقتحمت ايضا البحر دخلته مكافحه، و قحم الفرس فارسه تقحيما على وجهه، اذا رماه، و فحل مقحام، اى يقتحم الشول من غير ارسال فيها.

و هذه الكلمه قالها اميرالمومنين حين و كل عبدالله بن جعفر فى الخصومه عنه، و هو شاهد.

و ابوحنيفه لايجيز الوكاله على هذه الصوره، و يقول: لاتجوز الا من غائب او مريض، و ابويوسف و محمد يجيزانها اخذا بفعل اميرالمومنين (ع).

کلمه غريب 004

قال: و يروى (نص الحقائق)، و النص منتهى الاشياء و مبلغ اقصاها كالنص فى السير لانه اقصى ما تقدر عليه الدابه، و يقال: نصصت الرجل عن الامر اذا استقصيت مسالته لتستخرج ما عنده فيه، و نص الحقائق يريد به الادراك، لانه منتهى الصغر، و الوقت الذى يخرج منه الصغير الى حد الكبر، و هو من افصح الكنايات عن هذا الامر و اغربها، يقول: فاذا بلغ النساء ذلك فالعصبه اولى بالمراه من امها اذا كانوا محرما مثل الاخوه و الاعمام، و بتزويجها ان ارادوا ذلك.

و الحقاق: محاقه الام للعصبه فى المراه، و هو الجدال، و الخصومه، و قول كل واحد منهما للاخر: انا احق منك بهذا، يقال منه: حاققته حقاقا، مثل جادلته جدالا.

قال: و قد قيل ان نص الحقاق بلوغ العقل و هو الادراك، لانه (ع) انما اراد منتهى الامر الذى تجب به الحقوق و الاحكام.

قال: و من رواه (نص الحقائق) فانما اراد جمع حقيقه، هذا معنى ما ذكره ابوعبيد القاسم بن سلام.

قال: و الذى عندى ان المراد بنص الحقاق هاهنا بلوغ المراه الى الحد الذى يجوز فيه تزويجها و تصرفها فى حقوقها، تشبيها بالحقاق من الابل، و هى جمع حقه و حق، و هو الذى استكمل ثلاث سنين و دخل فى الرابعه، و عند ذلك يبلغ الى الحد الذى ي مكن فيه من ركوب ظهره و نصه فى سيره.

و الحقائق ايضا: جمع حقه، فالروايتان جميعا ترجعان الى مسمى واحد، و هذا اشبه بطريقه العرب من المعنى المذكور اولا.

الشرح:

اما ما ذكره ابوعبيد فانه لايشفى الغليل، لانه فسر معنى النص، و لم يفسر معنى نص الحقائق، بل قال: هو عباره عن الادراك، لانه منتهى الصغر، و الوقت الذى يخرج منه الصغير الى حد الكبر، و لم يبين من اى وجه يدل لفظ نص الحقاق على ذلك، و لا اشتقاق الحقاق و اصله، ليظهر من ذلك مطابقه اللفظ للمعنى الذى اشير اليه.

فاما قوله: (الحقاق هاهنا مصدر حاقه يحاقه)، فلقائل ان يقول: ان كان هذا هو مقصوده (ع) فقبل الادراك يكون الحقاق ايضا لان كل واحده من القرابات تقول للاخرى: انا احق بها منك، فلا معنى لتخصيص ذلك بحال البلوغ، الا ان يزعم زاعم ان الام قبل البلوغ لها الحضانه، فلا ينازعها قبل البلوغ فى البنت احد و لكن فى ذلك خلاف كثير بين الفقهاء.

و اما التفسير الثانى، و هو ان المراد بنص الحقاق منتهى الامر الذى تجب به الحقوق فان اهل اللغه لم ينقلوا عن العرب انها استعملت الحقاق فى الحقوق، و لايعرف هذا فى كلامهم.

فاما قوله: (و من رواه نص الحقائق)، فانما اراد جمع حقيقه، فلقائل ان يقول: و م ا معنى الحقائق اذا كانت جمع حقيقه هاهنا؟ و ما معنى اضافه (نص) الى (الحقائق) جمع حقيقه، فان اباعبيده لم يفسر ذلك مع شده الحاجه الى تفسيره! و اما تفسير الرضى- رحمه الله- فهو اشبه من تفسير ابى عبيده الا انه قال فى آخره: و الحقائق ايضا جمع حقه، فالروايتان ترجعان الى معنى واحد.

و ليس الامر على ما ذكر من ان الحقائق جمع حقه، و لكن الحقائق جمع حقاق، و الحقاق جمع حق، و هو ما كان من الابل ابن ثلاث سنين، و قد دخل فى الرابعه، فاستحق ان يحمل عليه و ينتفع به، فالحقائق اذن جمع الجمع لحق لا لحقه، و مثل افال و افائل.

قال: و يمكن ان يقال: الحقاق هاهنا الخصومه، يقال: ما له فيه حق و لا حقاق اى و لا خصومه، و يقال لمن ينازع فى صغار الاشياء انه لبرق الحقاق، اى خصومته فى الدنى ء من الامر، فيكون المعنى اذا بلغت المراه الحد الذى يستطيع الانسان فيه الخصومه و الجدال فعصبتها اولى بها من امها: و الحد الذى تكمل فيه المراه و الغلام للخصومه و الحكومه و الجدال و المناظره هو سن البلوغ.

کلمه غريب 005

الشرح:

قال ابوعبيده: هى لمظه بضم اللام، و المحدثون يقولون: لمظه بالفتح، و المعروف من كلام العرب الضم، مثل الدهمه و الشهبه و الحمره.

قال: و قد رواه بعضهم: (لمطه) بالطاء المهمله، و هذا لانعرفه.

قال: و فى هذا الحديث حجه على من انكر ان يكون الايمان يزيد و ينقص، الا تراه يقول: كلما ازداد الايمان ازدادت اللمظه.

کلمه غريب 006

قال: الظنون: الذى لايعلم صاحبه ايقضيه من الذى هو عليه ام لا، فكانه الذى يظن به ذلك فمره، يرجوه، و مره لا يرجوه، و هو من افصح الكلام، و كذلك كل امر تطلبه و لا تدرى على اى شى ء انت منه فهو ظنون، و على ذلك قول الاعشى: من يجعل الجد الظنون الذى جنب صوب اللجب الماطر مثل الفراتى اذا ما طما يقذف بالبوصى و الماهر و الجد: البئر العاديه فى الصحراء.

و الظنون: التى لايعلم هل فيها ماء ام لا.

الشرح:

قال ابوعبيده: فى هذا الحديث من الفقه ان من كان له دين على الناس فليس عليه ان يزكيه حتى يقبضه، فاذا قبضه زكاه لما مضى، و ان كان لايرجوه، قال: و هذا يرده قول من قال: انما زكاته على الذى عليه المال، لانه المنتفع به قال: و كما يروى عن ابراهيم، و العمل عندنا على قول على (ع)، فاما ما ذكره الرضى من ان الجد هى البئر العاديه فى الصحراء، فالمعروف عند اهل اللغه ان الجد البئر التى تكون فى موضع كثير الكلا، و لا تسمى البئر العاديه فى الصحراء الموات جدا، و شعر الاعشى لا يدل على ما فسره الرضى، لانه انما شبه علقمه بالبئر و الكلا، يظن ان فيها ماء لمكان الكلا، و لايكون موضع الظن هذا هو مراده و مقصوده، و لهذا قال: الظنون، و لو كانت عاديه فى بيداء مقفره لم تكن ظنونا، بل كان يعلم انه لا ماء فيها، فسقط عنها اسم الظنون.

کلمه غريب 007

و معناه: اصدفوا عن ذكر النساء و شغل القلوب بهن، و امتنعوا من المقاربه لهن، لان ذلك يفت فى عضد الحميه، و يقدح فى معاقد العزيمه، و يكسر عن العدو، و يلفت عن الابعاد فى الغزو، فكل من امتنع من شى ء فقد اعزب عنه، و العازب و العزوب: الممتنع من الاكل و الشرب.

الشرح:

التفسير صحيح، لكن قوله: (من امتنع من شى ء فقد اعزب عنه) ليس بجيد، و الصحيح (فقد عزب عنه) ثلاثى، و الصواب: و كل من منعته من شى ء فقد اعزبته عنه تعديه بالهمزه، كما تقول: اقمته و اقعدته، و الفعل ثلاثى قام و قعد، و الدليل على ان الماضى ثلاثى هاهنا.

قوله: (و العازب و العزوب: الممتنع من الاكل و الشرب، و لو كان رباعيا لكان (المعزب)، و هو واضح، و على هذا تكون الهمزه فى اول الحرف همزه وصل مكسوره، كما فى (اضربوا) لان المضارع يعزب بالكسر.

کلمه غريب 008

قال: الياسرون هم الذين يتضاربون بالقداح على الجزور، و الفالج: القاهر الغالب، يقال: قد فلج عليهم و فلجهم، قال الراجز: لما رايت فالجا قد فلجا

الشرح:

اول الكلام ان المرء المسلم ما لم يغش دنائه يخشع لها اذا ذكرت، و يغرى به لئام الناس، كالياسر الفالج ينتظر اول فوزه من قداحه، او داعى الله، فما عند الله خير للابرار، يقول: هو بين خيرتين: اما ان يصير الى ما يحب من الدنيا، فهو بمنزله صاحب القدح المعلى، و هو اوفرها نصيبا، او يموت فما عند الله خير له و ابقى.

و ليس يعنى بقوله: الفالج: القامر الغالب كما فسره الرضى رحمه الله، لان الياسر الغالب القامر لاينتظر اول فوزه من قداحه، و كيف ينتظر و قد غلب! و اى حاجه له الى الانتظار! و لكنه يعنى بالفالج الميمون النقيبه الذى له عاده مطرده ان يغلب، و قل ان يكون مقهورا.

کلمه غريب 009

قال: معنى ذلك انه اذا عظم الخوف من العدو، و اشتد عضاض الحرب فزع المسلمون الى قتال رسول الله (ص) بنفسه، فينزل الله تعالى النصر عليهم به، و يامنون ما كانوا يخافونه بمكانه.

و قوله: (اذا احمر الباس): كنايه عن اشتداد الامر، و قد قيل فى ذلك اقوال، احسنها انه شبه حمى الحرب بالنار التى تجمع الحراره و الحمره بفعلها و لونها، و مما يقوى ذلك قول الرسول (ص) و قد راى مجتلد الناس يوم حنين و هى حرب هوازن: (الان حمى الوطيس)، و الوطيس: مستوقد النار، فشبه رسول الله (ص) ما استحر من جلاد القوم باحتدام النار و شده التهابها.

الشرح:

الجيد فى تفسير هذا اللفظ ان يقال: الباس الحرب نفسها، قال الله تعالى: (و الصابرين فى الباساء و الضراء و حين الباس)، و فى الكلام حذف مضاف تقديره اذا احمر موضع الباس، و هو الارض التى عليها معركه القوم، و احمرارها لما يسيل عليها من الدم.

نبذ من غريب كلام الامام على و شرحه لابى عبيد و لما كان تفسير الرضى رحمه الله قد تعرض للغريب من كلامه (ع)، و راينا انه لم يذكر من ذلك الا اليسير، آثرنا ان نذكر جمله من غريب كلامه (ع) مما نقله ارباب الكتب المصنفه فى غريب الحديث عنه (ع).

فمن ذلك ما ذكره ابوع بيد القاسم بن سلام رحمه الله فى كتابه: لان اطلى بجواء قدر احب الى من ان اطلى بزعفران.

قال ابوعبيد: هكذا الروايه عنه (بجواء قدر)، قال: و سمعت الاصمعى يقول: انما هى الجاوه، و هى: الوعاء الذى يجعل القدر فيه و جمعها جياء.

قال: و قال ابوعمرو: يقال: لذلك الوعاء جواء و جياء، قال: و يقال للخرقه التى ينزل بها الوعاء عن الاثافى جعال.

و منها قوله (ع) حين اقبل يريد العراق فاشار اليه الحسن بن على (ع) ان يرجع: و الله لا اكون مثل الضبع تسمع اللدم حتى تخرج فتصاد.

قال ابوعبيد: قال الاصمعى: اللدم صوت الحجر، او الشى ء يقع على الارض، و ليس بالصوت الشديد، يقال منه: لدم الدم بالكسر، و انما قيل ذلك للضبع، لانهم اذا ارادوا ان يصيدوها رموا فى جحرها بحجر خفيف، او ضربوا بايديهم فتحسبه شيئا تصيده فتخرج لتاخذه فتصاد، و هى زعموا انها من احمق الدواب، بلغ من حمقها ان يدخل عليها فيقال: ام عامر نائمه، او ليست هذه! و الضبع، هذه ام عامر، فتسكت حتى توخذ، فاراد على (ع): انى لا اخدع كما تخذع الضبع باللدم.

و منها قوله (ع): من وجد فى بطنه رزا فلينصرف و ليتوضا.

قال ابوعبيد.

قال ابوعمرو: انما هو ارزا مثل ارز الحيه، و هو دورانها و حركتها، فشبه دوران ا لريح فى بطنه بذلك.

قال: و قال الاصمعى: هو الرز، يعنى الصوت فى البطن من القرقره و نحوها قال الراجز: كان فى ربابه الكبار رز عشار جلن فى عشار و قال ابوعبيد: فقه هذا الحديث ان ينصرف فيتوضا و يبنى على صلاته ما لم يتكلم، و هذا انما هو قبل ان يحدث.

قلت: و الذى اعرفه من الارز انه الانقباض لا الدوران و الحركه، يقال: ارز فلان بالفتح و بالكسر، اذ تضام و تقبض من بخله فهو اروز، و المصدر ارزا و اروزا، قال روبه: فذاك يخال اروز الارز فاضاف الاسم الى الصمدر كما يقال: عمر العدل و عمرو الدهاء، لما كان العدل و الدهاء اغلب احوالهما، و قال ابوالاسود الدولى يذم انسانا: اذا سئل ازر، و اذا دعى اهتز يعنى الى الطعام، و فى الحديث: (ان الاسلام ليارز الى المدينه كما تارز الحيه الى حجرها).

اى يجتمع اليها و ينضم بعضه الى بعض فيها.

و منها قوله: لئن وليت بنى اميه لانفضنهم نفض القصاب التراب الوذمه.

و قد تقدم منا شرح ذلك و الكلام فيه.

و منها قوله فى ذى الثديه المقتول بالنهروان: انه مودن اليد او مثدن او مخدع اليد.

قال ابوعبيده: قال الكسائى و غيره: المودن اليد: القصير اليد، و يقال: اودنت الشى ء اى قصرته، و فيه لغه اخرى، ودنته فهو مودون، قا ل حسان يذم رجلا: و املك سوداء مودونه كان اناملها الحنظب و اما مثدن اليد، بالثاء فان بعض الناس قال: نراه اخذه من الثندوه، و هى اصل الثدى، فشبه يده فى قصرها و اجتماعها بذلك، فان كان من هذا فالقياس ان يقال: مثند، لان النون قبل الدال فى الثندوه، الا ان يكون من المقلوب فذاك كثير فى كلامهم.

و اما مخدج اليد فانه القصير اليد ايضا، اخذ من اخداج الناقه ولدها، و هو ان تضعه لغير تمام فى خلقه، قال: و قال الفراء: انما قيل ذو الثديه، فادخلت الهاء فيها، و انما هى تصغير (ثدى)، و الثدى مذكر، لانها كانها بقيه ثدى قد ذهب اكثره فقللها كما تقول لحيمه و شحيمه، فانث على هذا التاويل قال: و بعضهم يقول ذو اليديه، قال ابوعبيد: و لا ارى الاصل كان الا هذا، و لكن الاحاديث كلها تتابعت بالثاء ذو الثديه.

و منها قوله (ع) لقوم و هو يعاتبهم: ما لكم لاتنظفون عذراتكم! قال: العذره فناء الدار، و انما سميت تلك الحاجه عذره لانها بالافنيه كانت تلقى، فكنى عنها بالعذره كما كنى عنها بالغائط، و انما الغائط الارض المطمئنه، و قال الحطيئه يهجو قوما: لعمرى لقد جربتكم فوجدتكم فباح الوجوه سيى ء العذرات و منها قوله (ع): لا جمعه و لا تشريق الا فى مصر جامع .

قال ابوعبيد: التشريق هاهنا صلاه العيد، و سميت تشريقا لاضائه وقتها، فان وقتها اشراق الشمس و صفاوها و اضائتها، و فى الحديث المرفوع: (من ذبح قبل التشريق فليعد)، اى قبل صلاه العيد.

قال: و كان ابوحنيفه يقول: التشريق هاهنا هو التكبير فى دبر الصلاه، يقول: لا تكبير الا على اهل الامصار تلك الايام، لا على المسافرين او من هو فى غير مصر.

قال ابوعبيد: و هذا كلام لم نجدا احدا يعرفه، ان التكبير يقال له التشريق، و ليس ياخذ به احد من اصحابه لا ابويوسف و لا محمد، كلهم يرى التكبير على المسلمين جميعا حيث كانوا فى السفر و الحضر و فى الامصار و غيرها.

و منها قوله (ع): (استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل ان يحال بينكم و بينه، فكانى برجل من الحبشه اصعل اصمع حمش الساقين قاعدا عليها و هى تهدم).

قال ابوعبيده: هكذا يروى (اصعل) و كلام العرب المعروف (صعل) و هو الصغير الراس، و كذا رئوس الحبشه، و لهذا قيل للظليم: صعل، و قال عنتره يصف ظليما: صعل يلوذ بذى العشيره بيضه كالعبد ذى الفرو الطويل الاصلم قال: و قد اجاز بعضهم اصعل فى الصعل، و ذكر انها لغه لا ادرى عمن هى! و الاصمع: الصغير الاذن، و امراه صمعاء.

و فى حديث ابن عباس: انه كان لايرى با سا ان يضحى بالصمعاء.

و حمش الساقين بالتسكين: دقيقها.

و منها: ان قوما اتوه برجل فقالوا: ان هذا يومنا و نحن له كارهون، فقال له: انك لخروط اتوم قوما هم لك كارهون! قال ابوعبيد: الخروط: المتهور فى الامور، الراكب براسه جهلا، و منه قيل: انخرط علينا فلان، اى اندرا بالقول السيى ء و الفعل.

قال: وفقه هذا الحديث انه ما افتى (ع) بفساد صلاته لانه لم يامره بالاعاده، و لكنه كره له ان يوم قوما هم له كارهون.

و منها: ان رجلا اتاه و عليه ثوب من قهز، فقال: ان بنى فلان ضربوا بنى فلانه بالكناسه، فقال (ع): صدقنى سن بكره.

قال ابوعبيد: هذا مثل تضربه العرب للرجل ياتى بالخبر على وجهه و يصدق فيه.

و يقال: ان اصله ان الرجل ربما باع بعيره فيسال المشترى عن سنه فيكذبه، فعرض رجل بكرا له فصدق فى سنه، فقال الاخر: صدقنى سن بكره، فصار مثلا.

و القهز بكسر القاف: ثياب بيض يخالطها حرير، و لا اراها عربيه، و قد استعملها العرب، قال ذو الرمه يصف البزاه البيض: من الورق او صقع كان رئوسها من القهز و القوهى بيض المقانع و منها: ذكر (ع) آخر الزمان و الفتن، فقال: خير اهل ذلك الزمان كل نومه، اولئك مصابيح الهدى، ليسوا بالمسابيح و لا المذاييع البذر.

و قد تقدم شرح ذلك.

و منها: ان رجلا سافر مع اصحاب له فلم يرجع حين رجعوا، فاتهم اهله اصحابه و رفعوهم الى شريح، فسالهم البينه على قتله، فارتفعوا الى على (ع)، فاخبروه بقول شريح، فقال: اوردها سعد و سعد مشتمل يا سعد لا تروى بهذاك الابل ثم قال: ان اهون السقى التشريع، ثم فرق بينهم و سالهم، فاختلفوا، ثم اقروا بقتلهم، فقتلهم به.

قال ابوعبيد: هذا مثل، اصله ان رجلا اورد ابله ماء لا تصل اليه الابل الا بالاستقاء، ثم اشتمل و نام و تركها لم يستسق لها، و الكلمه الثانيه مثل ايضا، يقول: ان ايسر ما كان ينبغى ان يفعل بالابل ان يمكنها من الشريعه و يعرض عليها الماء.

يقول اقل ما كان يجب على شريح ان يستقصى فى المساله و البحث عن خبر الرجل و لا يقتصر على طلب البينه.

و منها قوله، و قد خرج على الناس و هم ينتظرونه للصلاه قياما: (ما لى اراكم سامدين).

قال ابوعبيد: اى قائمين، و كل رافع راسه فهو سامد، و كانوا يكرهون ان ينتظروا الامام قياما و لكن قعودا، و السامد فى غير هذا الموضع: اللاهى اللاعب، و منه قوله تعالى: (و انتم سامدون)، و قيل: السمود الغناء بلغه حمير.

و منها: انه خرج فراى قوما يصلون قد سدلوا ثيابهم، فقال: كانهم اليهود خرجوا من فهرهم.

قال ابوعبيد: فهرهم بضم الفاء: موضع مدراسهم الذى يجتمعون فيه كالعيد يصلون فيه و يسدلون ثيابهم، و هى كلمه نبطيه او عبرانيه اصلها بهر بالباء فعربت بالفاء.

و السدل: اسبال الرجل ثوبه من غير ان يضم جانبيه بين يديه، فان ضمه فليس بسدل، و قد رويت فيه الكراهه عن النبى (ص).

و منها: ان رجلا اتاه فى فريضه و عنده شريح، فقال: اتقول انت فيها ايها العبد الابظر! قال ابوعبيد: هو الذى فى شفته العليا طول و نتوء فى وسطها محاذى الانف.

قال: و انما نراه قال لشريح: (ايها العبد)، لانه كان قد وقع عليه سبى فى الجاهليه.

و منها: ان الاشعث قال له و هو على المنبر: غلبتنا عليك هذه الحمراء، فقال (ع): من يعذرنى من هولاء الضياطره، يتخلف احدهم يتقلب على فراشه و حشاياه كالعير و يهجر هولاء للذكر! ااطردهم؟ انى ان طردتهم لمن الظالمين، و الله لقد سمعته يقول: و الله ليضربنكم على الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدئا.

قال ابوعبيد: الحمراء: العجم و الموالى، سموا بذلك لان الغالب على الوان العرب السمره، و الغالب على الوان العجم البياض و الحمره.

و الضياطره: الضخام الذين لانفع عندهم و لا غناء، و احدهم ضيطار.

و منها: قوله (ع): اقتلوا الجان ذا الطفيتين، و الكلب الاسو د ذا الغرتين.

قال ابوعبيد: الجان حيه بيضاء، و الطفيه فى الاصل: خوصه المقل، و جمعها طفى، ثم شبهت الخطتان على ظهر الحيه بطفيتين.

و الغره: البياض فى الوجه.

نبذ من غريب كلام الامام على و شرحه لابن قتيبه و قد ذكر ابن قتيبه فى غريب الحديث له (ع) كلمات اخرى: فمنها قوله: من اراد البقاء و لا بقاء فليباكر الغداء، و ليخفف الرداء، و ليقل غشيان النساء.

فقيل له: يا اميرالمومنين، و ما خفه الرداء فى البقائ؟ فقال: الدين.

قال ابن قتيبه: قوله (الرداء الدين) مذهب فى اللغه حسن جيد، و وجه صحيح، لان الدين امانه، و انت تقول: هو لك على و فى عنقى حتى اوديه اليك، فكان الدين لازم للعنق، و الرداء موضعه صفحتا العنق، فسمى الدين رداء و كنى عنه به و قال الشاعر: ان لى حاجه اليك فقالت بين اذنى و عاتقى ما تريد يريد بقوله: (بين اذنى و عاتقى ما تريد) فى عنقى، و المعنى انى قد ضمنته فهو على، و انما قيل للسيف رداء لان حمالته تقع موقع الرداء، و هو فى غير هذا الموضع العطاء، يقال: فلان غمر الرداء اى واسع العطاء، قال: و قد يجوز ان يكون كنى بالرداء عن الظهر، لانه يقع عليه، يقول: فليخفف ظهره و لا يثقله بالدين، كما قال الاخر: (خماص الازر)، يريد خماص البطون.

و قال: و بلغنى نحو هذا الكلام عن ابى عبيد، قال: قال فقيه العرب: من سره النساء و لا نساء فليبكر العشاء، و ليباكر الغداء، و ليخفف الرداء، و ليقل غشيان النساء قال: فالنس ء التاخير، و منه: (انما النسى ء زياده فى الكفر).

و قوله: فليبكر العشاء، اى فليوخره، قال الشاعر: فاكريت العشاء الى سهيل و يجوز ان يريد فلينقص العشاء، قال الشاعر: و الطل لم يفضل و لم يكر و منها: انه اتى (ع) بالمال فكوم كومه من ذهب و كومه من فضه، فقال: يا حمراء و يا بيضاء احمرى و ابيضى و غرى غيرى.

هذا جناى و خياره فيه و كل جان يده الى فيه قال ابن قتيبه: هذا مثل ضربه، و كان الاصمعى يقوله: (و هجانه فيه)، اى خالصه، و اصل المثل لعمرو بن عدى ابن اخت جذيمه الابرش، كان يجنى الكماه مع اتراب له، فكان اترابه ياكلون ما يجدون، و كان عمرو ياتى به خاله و يقول هذا القول.

و منها حديث ابى جاب قال: جاء عمى من البصره يذهب بى و كنت عند امى، فقالت: لا اتركك تذهب به، ثم اتت عليا (ع) فذكرت ذلك له، فجاء عمى من البصره، فقال: نعم و الله لاذهبن به و ان رغم انفك، فقال على (ع): كذبت و الله، و ولقت، ثم ضرب بين يديه بالدره.

قال: ولقت مثل كذبت و كذلك ولعت بالعين، و كانت عائشه تقرا: (اذ تلقونه بالسنتكم) و قال الشاعر: و هن من الاحلاف و الولعان يعنى النساء اى من اهل الاحلاف.

و منها قوله (ع): ان من ورائكم امورا متماحله ردحا و بلاء مكلحا مبلحا، قال ابن قتيبه: المتماحله الطوال: يعنى فتنا يطول امرها و يعظم، و يقال: رجل متماحل و سبسب متماحل و، الردح جمع رداح، و هى العظيمه، يقال للكتيبه اذا عظمت: رداح، و يقال للمراه العظيمه العجيزه: رداح.

قال: و منه حديث ابى موسى، و قيل له زمن على و معاويه: اهى اهى، فقال: انما هذه الفتنه حيضه من حيضات الفتن، و بقيت الرداح المظلمه التى من اشرف اشرفت له.

و مكلحا اى يكلح الناس بشدتها، يقال كلح الرجل و اكلحه، الكلحه الهم.

و المبلح، من قولهم: بلح الرجل اذا انقطع من الاعياء، فلم يقدر على ان يتحرك، و ابلحه السير، و قال الاعشى: و اشتكى الاوصال منه و بلح و منها قوله (ع) يوم خيبر: انا الذى سمتن امى حيدره كليث غابات كريه المنظره افيهم بالصاع كيل السندره قال ابن قتيبه: كانت ام على (ع) سمته و ابوطالب غائب حين ولدته اسدا باسم ابيها اسد بن هاشم بن عبد مناف، فلما قدم ابوطالب غير اسمه و سماه عليا.

و حيدره: اسم من اسماء الاسد، و السندره: شجره يعمل من ها القسى و النبل قال: حنوت لهم بالسندرى الموثر فالسندره فى الرجز يحتمل ان تكون مكيالا يتخذ من هذه الشجره، سمى باسمها كما يسمى القوس بنبعه.

قال: و احسب ان كان الامر كذلك ان الكيل بها قد كان جزافا فيه افراط، قال: و يحتمل ان تكون السندره هاهنا امراه كانت تكيل كيلا وافيا او رجلا.

و منها قوله (ع): من يطل اير ابيه يتمنطق به.

قال ابن قتيبه: هذا مثل ضربه، يريد من كثرت اخوته عز و اشتد ظهره و ضرب المنطقه اذا كانت تشد الظهر مثلا لذلك، قال الشاعر: فلو شاء ربى كان اير ابيكم طويلا كاير الحارث بن سدوس قيل: كان للحارث بن سدوس احد و عشرون ذكرا، و كان ضرار بن عمرو الضبى يقول: الا ان شر حائل ام، فزوجوا الامهات، و ذلك انه صرع، فاخذته الرماح، فاشتبك عليه اخوته لامه حتى خلصوه.

قال: فاما المثل الاخر و هو قولهم: من يطل ذيله يتمنطق به، فليس من المثل الاول فى شى ء، و انما معناه من وجد سعه وضعها فى غير موضعها، و انفق فى غير ما يلزمه الانفاق فيه.

و منها قوله: خير بئر فى الارض زمزم، و شر بئر فى الارض برهوت.

قال ابن قتيبه: هى بئر بحضرموت يروى ان فيها ارواح الكفار.

قال: و قد ذكر ابوحاتم عن الاصمعى عن رجل من اهل حضرموت قال: نجد فيها الرائحه المنتنه الفظيعه جدا، ثم نمكث حينا فياتينا الخبر بان عظيما من عظماء الكفار قد مات، فنرى ان تلك الرائحه منه، قال: و ربما سمع منها مثل اصوت الحاج، فلايستطيع احد ان يمشى بها.

و منها قوله (ع): ايما رجل تزوج امراه مجنونه، او جذماء، او برصاء، او بها قرن، فهى امراته، ان شاء امسك، و ان شاء طلق.

قال ابن قتيبه: القرن بالتسكين: العفله الصغيره، و منه حديث شريح انه اختصم اليه فى قرن بجاريه، فقال: اقعدوها فان اصاب الارض فهو عيب، و ان لم يصب الارض فليس بعيب.

و منها قوله (ع): لود معاويه انه ما بقى من بنى هاشم نافخ ضرمه الا طعن فى نيطه.

قال ابن قتيبه: الضرمه النار، و ما بالدار نافخ ضرمه، اى ما بها احد.

قال: و قال ابوحاتم عن ابى زيد: طعن فلان فى نيطه اى فى جنازته، و من ابتدا فى شى ء او دخل فيه فقد طعن فيه، قال: و يقال: النيط: الموت، رماه الله بالنيط، قال: و قد روى (الا طعن) بضم الطاء، و هذا الراوى يذهب الى ان النيط نياط القلب، و هى علاقته التى يتعلق بها، فاذا طعن انسان فى ذلك المكان مات.

و منها قوله (ع): ان الله اوحى الى ابراهيم (ع) ان ابن لى بيتا فى الارض، فضاق بذلك ذرعا، فارسل الله اليه السكينه، و هى ريح خجوج، فتطوقت حول البيت كالحجفه.

و قال ابن قتيبه: الخجوج من الرياح: السريعه المرور، و يقال ايضا: خجوجاء، قال ابن احمر: هو جاء رعبله الرواح خجو جاه الغدو رواحها شهر قال: و هذا مثل حديث على (ع) الاخر، و هو انه قال: السكينه لها وجه كوجه الانسان، و هى بعد ريح هفافه، اى خفيفه سريعه، و الحجفه: الترس.

و منها ان مكاتبا لبعض بنى اسد، قال: جئت بنقد اجلبه الى الكوفه، فانتهيت به الى الجسر، فانى لاسربه عليه اذا اقبل مولى لبكر بن وائل يتخلل الغنم ليقطعها، فنفرت نقده، فقطرت الرجل فى الفرات، فغرق، فاخذت.

فارتفعنا الى على (ع) فقصصنا عليه القصه، فقال: انطلقوا فان عرفتم النقده بعينها فادفعوها اليهم.

و ان اختلطت عليكم فادفعوا شرواها من الغنم اليهم.

قال ابن قتيبه: النقد: غنم صغار، الواحده نقده، و منه قولهم فى المثل: (اذل من النقد).

و قوله: (اسربه) اى ارسله قطعه قطعه.

و شرواها: مثلها.

و منها قوله (ع) فى ذكر المهدى من ولد الحسين (ع)، قال: انه رجل اجلى الجبين، اقنى الانف، ضخم البطن، اربل الفخذين، افلج الثنايا، بفخده اليمنى شامه.

قال ابن قتيبه: الاجلى و الاجلح شى ء واحد، و القنا فى الانف: طوله و دقه ارنبته و حدب فى وسطه.

و الاربل الفخذين: ال متباعد ما بينهما، و هو كالافحج، تربل الشى ء، اى انفرج، و الفلج: صفره فى الاسنان.

و منها قوله (ع): ان بنى اميه لا يزالون يطعنون فى مسجل ضلاله، و لهم فى الارض اجل حتى يهريقوا الدم الحرام، فى الشهر الحرام و الله لكانى انظر الى غرنوق من قريش يتخبط فى دمه، فاذا فعلوا ذلك لم يبق لهم فى الارض عاذر، و لم يبق لهم ملك، على وجه الارض.

قال ابن قتيبه: هو من قولك: ركب فلان مسجله، اذا جد فى امر هو فيه كلاما كان او غيره، و هو من السجل و هو الصب.

و الغرنوق: الشاب.

قلت: و الغرنوق: القرشى الذى قتلوه، ثم انقضى امرهم عقيب قتله ابراهيم الامام، و قد اختلفت الروايه فى كيفيه قتله، فقيل قتل بالسيف، و قيل: خنق فى جراب فيه نوره، و حديث اميرالمومنين (ع) يسند الروايه الاولى.

و منها ما روى انه اشترى قميصا بثلاثه دراهم ثم قال: الحمد لله الذى هذا من رياشه.

قال ابن قتيبه: الريش و الرياش واحد، و هو الكسوه، قال عز و جل: (قد انزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم و ريشا)، و قرى ء (و رياشا).

و منها قوله (ع): لا قود الا بالاسل.

قال ابن قتيبه: هو ما ارهف و ارق من الحديد، كالسنان و السيف و السكين و منه قيل: اسله الذراع لما استدق منه، قال: و اكثر الناس على هذا المذهب و قوم من الناس يقولون: قد يجوز ان القود بغير الحديد كالحجر و العصا ان كان المقتول قتل بغير ذلك.

و منها انه (ع) راى رجلا فى الشمس، فقال قم عنها فانها مبخره مجفره، و تثقل الريح، و تبلى الثوب، و تظهر الداء الدفين.

قال ابن قتيبه: مبخره: تورث البخر فى الفم.

و مجفره: تقطع عن النكاح و تذهب شهوه الجماع، يقال جفر الفحل عن الابل، اذا اكثر الضراب حتى يمل و ينقطع، و مثله قذر، و تقذر، قذورا، و مثله اقطع فهو مقطع.

و جاء فى الحديث ان عثمان بن مظعون قال: يا رسول الله، انى رجل تشق على العزبه فى المغازى، افتاذن لى فى الخصائ؟ قال: لا، و لكن عليك بالصوم فانه مجفر.

قال: و قد روى عبدالرحمن عن الاصمعى عمه، قال: تكلم اعرابى فقال: لاتنكحن واحده فتحيض اذا حاضت، و تمرض اذا مرضت، و لاتنكحن اثنتين فتكون بين ضرتين و لاتنكحن ثلاثا فتكون بين اثاف، و لاتنكحن اربعا فيفلسنك و يهرمنك، و ينحلنك و يجفرنك فقيل له: لقد حرمت ما احل الله، فقال: سبحان الله! كوزان، و قرصان، و طمران و عباده الرحمن، و قوله (تثفل الريح)، اى تنتنها، و الاسم الثفل، و منه الحديث (و ليخرجن ثفلات).

و الداء الدفين، المستتر الذى قد قهرته الطبيعه، فالشمس تعينه على الط بيعه و تظهره.

و منها قوله (ع) و هو يذكر مسجد الكوفه فى زاويته: فار التنور، و فيه هلك يغوث و يعوق، و هو الفاروق، و منه يستتر جبل الاهواز، و وسطه على روضه من رياض الجنه، و فيه ثلاث اعين انبتت بالضغث، تذهب الرجس، و تطهر المومنين: عين من لبن، و عين من دهن، و عين من ماء، جانبه الايمن ذكر، و فى جانبه الايسر مكر، و لو يعلم الناس ما فيه من الفضل لاتوه و لو حبوا.

قال ابن قتيبه: قوله (انبتت بالضغث) احسبه الضغث الذى ضرب ايوب اهله.

و العين التى ظهرت لما ركض الماء برجله.

قال: و الباء فى (بالضغث) زائده، تقديره: انبتت الضغث، كقوله تعالى: (تنبت بالدهن)، و كقوله: (يشرب بها عباد الله).

و اما قوله: (فى جانبه الايمن ذكر)، فانه يعنى الصلاه.

(و فى جانبه الايسر مكر) اراد به المكر به حتى قتل (ع) فى مسجد الكوفه.

و منها ان رسول الله (ص) بعث ابارافع مولاه يتلقى جعفر بن ابى طالب لما قدم من الحبشه، فاعطاه على (ع) حتيا و عكه سمن، و قال له: انا اعلم بجعفر انه ان علم ثراه مره واحده ثم اطعمه، فادفع هذا السمن الى اسماء بنت عميس تدهن به بنى اخى من صمر البحر، و تطعمهم من الحتى.

قال ابن قتيبه: الحتى: سويق يتخذ من المقل، قال الهذلى يذكر اضيافه: لا در درى ان اطعمت نازلكم قرف الحتى و عندى البر مكنوز و قوله: (ثراه مره) اى بله دفعه واحده و اطعمه الناس، و الثرى: الندا.

و صمر البحر: نتنه و غمقه، و منه قيل للدبر الصمارى.

و منها قوله (ع) يوم الشورى لما تكلم: الحمد لله الذى اتخذ محمدا منا نبيا، و ابتعثه الينا رسولا، فنحن اهل بيت النبوه، و معدن الحكمه، امان لاهل الارض، و نجاه لمن طلب، ان لنا حقا ان نعطه ناخذه، و ان نمنعه نركب اعجاز الابل، و ان طال السرى، لو عهد الينا رسول الله (ص) عهدا لجالدنا عليه حتى نموت، او قال لنا قولا لانفذنا قوله على رغمنا.

لن يسرع احد قبلى الى صله رحم و دعوه حق، و الامر اليك يابن عوف على صدق النيه، و جهد النصح، و استغفر الله لى و لكم.

قال ابن قتيبه: اى ان معناه ركبنا مركب الضيم و الذل، لان راكب عجز البعير يجد مشقه، لا سيما اذا تطاول به الركوب على تلك الحال، و يجوز ان يكون اراد: نصبر على ان نكون اتباعا لغيرنا، لان راكب عجز البعير يكون ردفا لغيره.

و منها قوله (ع) لما قتل ابن آدم اخاه: غمص الله الخلق و نقص الاشياء.

قال ابن قتيبه: يقال غصمت فلانا اغمصه و اغتمصته، اذا استصغرته و احتقرته، قال: و معنى الحديث ان الله تعالى نقص الخلق من عظ م الابدان و طولها من القوه و البطش و طول العمر و نحو ذلك.

و منها ان سلامه الكندى قال: كان على (ع) يعلمنا الصلاه على رسول الله (ص) فيقول: اللهم داحى المدحوات، و بارى ء المسموكات، و جبار القلوب على فطراتها، شقيها و سعيدها، اجعل شرائف صلواتك، و نوامى بركاتك، و رافه تحياتك، على محمد عبدك و رسولك، الفاتح لما اغلق، و الخاتم لما سبق، و المعلن الحق بالحق، و الدامغ جيشات الاباطيل، كما حملته فاضطلع بامرك لطاعتك، مستوفزا فى مرضاتك، لغير نكل فى قدم، و لا وهن فى عزم، داعيا لوحيك، حافظا لعهدك، ماضيا على نفاذ امرك، حتى اورى قبسا لقابس، آلاء الله تصل باهله اسبابه، به هديت القلوب بعد خوضات الفتن و الاثم، موضحات الاعلام، و نائرات الاحكام، و منيرات الاسلام، فهو امينك المامون و خازن علمك المخزون، و شهيدك يوم الدين، و بعيثك نعمه، و رسولك بالحق رحمه.

اللهم افسح له مفسحا فى عدلك، و اجزه مضاعفات الخير من فضلك، مهنات غير مكدرات، من فوز ثوابك المحلول، و جزل عطائك المعلول، اللهم اعل على بناء البانين بنائه، و اكرم مثواه لديك و نزله، و اتمم له نوره، و اجزه من ابتعاثك له مقبول الشهاده، مرضى المقاله، ذا منطق عدل، و خطه فصل، و برهان عظيم.

قال ابن قتيبه: داحى المدحوات، اى باسط الارضين، و كان الله تعالى خلقها ربوه ثم بسطها:، قال سبحانه (و الارض بعد ذلك دحاها)، و كل شى ء بسطته فقد دحوته و منه قيل لموضع بيض النعامه: ادحى، لانها تدحوه للبيض اى توسعه، و وزنه افعول.

و بارى ء المسموكات: خالق السموات.

و كل شى ء رفعته و اعليته فقد سمكته، و سمك البيت و الحائط ارتفاعه، قال الفرزدق: ان الذى سمك اسماء بنى لنا بيتا دعائمه اعز و اطول و قوله: جبار القلوب على فطراتها.

من قولك جبرت العظم فجبر اذا كان مكسورا فلامته و اقمته، كانه اقام القلوب و اثبتها على ما فطرها عليه من معرفته و الاقرار به، شقيها و سعيدها، قال: و لم اجعل اجبارا هاهنا، من اجبرت فلانا على الامر اذا ادخلته فيه كرها، و قسرته، لانه لايقال من افعل فعال، لااعلم ذلك الا ان بعض القراء قرا (اهديكم سبيل الرشاد) بتشديد الشين، و قال: الرشاد الله، فهذا فعال من افعل، و هى قرائه شاذه، غير مستعمله، فاما قول الله عز و جل: (و ما انت عليهم بجبار) فانه اراد و ما انت عليهم بمسلط تسليط الملوك.

و الجبابره: الملوك، و اعتبار ذلك قوله: (لست عليهم بمسيطر) اى بمتسلط تسلط الملوك، فان كان يجوز ان يقال من اجبرت فلانا على ا لامر: انا جبار له، و كان هذا محفوظا، فقد يجوز ان يجعل قول على (ع): جبار القلوب من ذلك، و هو احسن فى المعنى.

و قوله: (الدامغ جيشات الاباطيل)، اى مهلك ما نجم و ارتفع من الاباطيل، و اصل الدمغ من الدماغ، كانه الذى يضرب وسط الراس فيدمغه اى يصيب الدماغ منه.

و منه قول الله عز و جل: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه) اى يبطله و الدماغ مقتل، فاذا اصيب هلك صاحبه.

و جيشات: ماخوذ من جاش الشى ء اى ارتفع، و جاش الماء اذا طمى، و جاشت النفس.

و قوله: (كما حمل فاضطلع) افتعل من الضلاعه و هى القوه.

و قوله: (لغير نكل فى قدم)، النكل: مصدر و هو النكول، يقال: نكل فلان عن الامر ينكل نكولا، فهذا المشهور و نكل بالكسر ينكل نكلا قليله.

و القدم: التقدم، قال ابوزيد: رجل مقدام اذا كان شجاعا، فالقدم يجوز ان يكون بمعنى التقدم، و بمعنى المتقدم.

قوله: (و لا وهن فى عزم)، اى و لا ضعف فى راى.

و قوله: (حتى اورى قبسا لقابس)، اى اظهر نورا من الحق، يقال.

اوريت النار اذا قدحت ما ظهر بها، قال سبحانه: (افرايتم النار التى تورون).

و قوله: (آلاء الله تصل باهله اسبابه)، يريد نعم الله تصل باهل ذلك القبس، و هو الاسلام و الحق سبحانه اسبابه و اهله، المومنون به.

قلت: تقدير الكلام حتى اورى قبسا لقابس، تصل اسباب ذلك القبس آلاء الله و نعمه باهله المومنين به.

و اعلم ان اللام فى (لغير نكل) متعلقه بقوله: (مستوفزا)، اى هو مستوفز لغير نكول، بل للخوف منك، و الخضوع لك.

قال ابن قتيبه: قوله (ع): (به هديت القلوب بعد الكفر، و الفتن موضحات الاعلام)، اى هديته لموضحات الاعلام، يقال هديت الطريق و للطريق و الى الطريق.

و قوله: (نائرات الاحكام، و منيرات الاسلام، يريد الواضحات البينات، يقال: نار الشى ء و انار، اذا وضح.

و قوله: (شهيدك يوم الدين)، اى الشاهد على الناس يوم القيامه.

و بعيثك رحمه، اى مبعوثك، فعيل فى معنى مفعول.

و قوله: (افسح له مفسحا)، اى اوسع له سعه، و روى (مفتسحا) بالتاء.

قوله: (فى عدلك) اى فى دار عدلك، يعنى يوم القيامه، و من رواه: (عدنك) بالنون، اراد جنه عدن.

و قوله: (من جزل عطائك المعلول)، من العلل، و هو الشرب بعد الشرب، فالشرب الاول نهل، و الثانى علل، يريد ان عطائه عز و جل مضاعف، كانه يعل عباده، اى يعطيهم عطاء بعد عطاء.

و قوله: (اعل على بناء البانين بنائه)، اى ارفع فوق اعمال العاملين عمله.

و اكرم مثواه، اى منزلته، من قولك: ثويت بالمكان اى نزلته و اقمت به، و نزله: رزقه.

و نحن قد ذكرنا بعض هذه الكلمات فيما تقدم على روايه الرضى رحمه الله و هى مخالفه لهذه الروايه، و شرحنا ما رواه الرضى، و ذكرنا الان ما رواه ابن قتيبه و شرحه لانه لا يخلو من فائده جديده.

و منها قوله (ع): خذ الحكمه انى اتتك، فان الكلمه من الحكمه تكون فى صدر المنافق فتلجلج فى صدره حتى تسكن الى صاحبها.

قال ابن قتيبه: يريد الكلمه قد يعلمها المنافق فلا تزال تتحرك فى صدره و لاتسكن حتى يسمعها منه المومن او العالم فيعيها و يثقفها و يفقهها منه، فتسكن فى صدره الى اخواتها من كلم الحكمه.

و منها قوله (ع): البيت المعمور نتاق الكعبه من فوقها.

قال ابن قتيبه: نتاق الكعبه، اى مظل عليها من فوقها، من قول الله سبحانه: (و اذ نتقنا الجبل فوقهم كانه ظله)، اى زعزع فاظل عليهم.

و منها قوله (ع): (انا قسيم النار)، قال ابن قتيبه: اراد ان الناس فريقان: فريق معى فهم على هدى، و فريق على فهم على ضلاله، كالخوارج، و لم يجسر ابن قتيبه ان يقول: (و كاهل الشام) يتورع يزعم، ثم ان الله انطقه بما تورع عن ذكره، فقال متمما للكلام بقوله: فانا قسيم النار، نصف فى الجنه معى، و نصف فى النار، قال: و قسيم فى معنى مقاسم، مثل جليس و اكيل و شريب.

قلت: قد ذكر ابوعبيد ا لهروى هذه الكلمه فى الجمع بين الغريبين، قال: و قال قوم: انه لم يرد ما ذكره، و انما اراد: هو قسيم النار و الجنه يوم القيامه حقيقه، يقسم الامه فيقول هذا للجنه، و هذا للنار.

خطبه منسوبه للامام على خاليه من حرف الالف و انا الان اذكر من كلامه الغريب ما لم يورده ابوعبيد و ابن قتيبه فى كلامهما و اشرحه ايضا، و هى خطبه رواها كثير من الناس له (ع) خاليه من حرف الالف، قالوا: تذاكر قوم من اصحاب رسول الله (ص): اى حروف الهجاء ادخل فى الكلام؟ فاجمعوا على الالف، فقال على (ع): حمدت من عظمت منته، و سبغت نعمته، و سبقت غضبه رحمته، و تمت كلمته، و نفذت مشيئته، و بلغت قضيته، حمدته حمد مقر بربوبيته، متخضع لعبوديته، متنصل من خطيئته، متفرد بتوحيده، مومل منه مغفره تنجيه، يوم يشغل عن فصيلته و بنيه.

و نستعينه و نسترشده و نستهديه، و نومن به و نتوكل عليه، و شهدت له شهود مخلص موقن، و فردته تفريد مومن متيقن، و وحدته توحيد عبد مذعن، ليس له شريك فى ملكه، و لم يكن له ولى فى صنعه، جل عن مشير و وزير، و عن عون معين و نصير و نظير.

علم فستر، و بطن فخبر، و ملك فقهر، و عصى فغفر، و حكم فعدل لم يزل و لن يزول، (ليس كمثله شى ء)، و هو بعد كل شى ء رب متعز ز بعزته، متمكن بقوته، متقدس بعلوه، متكبر بسموه، ليس يدركه بصر، و لم يحط به نظر، قوى منيع، بصير سميع، رئوف رحيم.

عجز عن وصفه من يصفه، و ضل عن نعته من يعرفه.

قرب فبعد، و بعد فقرب، يجيب دعوه من يدعوه، و يرزقه و يحبوه، ذو لطف خفى، و بطش قوى، و رحمه موسعه، و عقوبه موجعه، رحمته جنه عريضه مونقه، و عقوبته جحيم ممدوده موبقه.

و شهدت ببعث محمد رسوله، و عبده وصفيه، و نبيه و نجيه، و حبيبه و خليله، بعثه فى خير عصر، و حين فتره و كفر، رحمه لعبيده، و منه لمزيده، ختم به نبوته، و شيد به حجته، فوعظ و نصح، و بلغ و كدح، رووف بكل مومن، رحيم سخى، رضى ولى زكى، عليه رحمه و تسليم، و بركه و تكريم، من رب غفور رحيم، قريب مجيب.

وصيتكم معشر من حضرنى بوصيه ربكم، و ذكرتكم بسنه نبيكم، فعليكم برهبه تسكن قلوبكم، و خشيه تذرى دموعكم، و تقيه تنجيكم قبل يوم تبليكم و تذهلكم، يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته، و خف وزن سيئته و لتكن مسالتكم و تملقكم مساله ذل و خضوع، و شكر و خشوع، بتوبه و تورع، و ندم و رجوع، و ليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه، و شبيبته قبل هرمه، و سعته قبل فقره، و فرغته قبل شغله، و حضره قبل سفره، قبل تكبر و تهرم و تسقم، يمله طبيبه، و يعر ض عنه حبيبه و ينقطع غمده، و يتغير عقله، ثم قيل: هو موعوك، و جسمه منهوك، ثم جد فى نزع شديد، و حضره كل قريب و بعيد، فشخص بصره، و طمح نظره، و رشح جبينه، و عطف عرينه، و سكن حنينه، و حزنته نفسه، و بكته عرسه، و حفر رمسه، و يتم منه ولده، و تفرق منه عدده، و قسم جمعه، و ذهب بصره و سمعه، و مدد و جرد، و عرى و غسل، و نشف و سجى، و بسط له و هيى ء، و نشر عليه كفنه، و شد منه ذقنه، و قمص و عمم، و ودع و سلم، و حمل فوق سرير، و صلى عليه بتكبير، و نقل من دور مزخرفه، و قصور مشيده، و حجر منجده، و جعل فى ضريح ملحود و ضيق مرصود، بلبن منضود، مسقف بجلمود، و هيل عليه حفره، و حثى عليه مدره، و تحقق حذره، و نسى خبره، و رجع عنه وليه و صفيه، و نديمه و نسيبه، و تبدل به قرينه و حبيبه، فهو حشو قبر، و رهين قفر، يسعى بجسمه دود قبره و يسيل صديده من منخره، يسحق تربه لحمه، و ينشف دمه، و يرم عظمه حتى يوم حشره، فنشر من قبره حين ينفخ فى صور، و يدعى بحشر و نشور.

فثم بعثرت قبور، و حصلت سريره صدور، و جى ء بكل نبى و صديق و شهيد، و توحد للفصل قدير بعبده خبير بصير، فكم من زفره تضنيه، و حسره تنضيه، فى موقف مهول، و مشهد جليل، بين يدى ملك عظيم، و بكل صغير و كب ير عليم، فحينئذ يلجمه عرقه، و يحصره قلقه، عبرته غير مرحومه، و صرخته غير مسموعه، و حجته غير مقوله، زالت جريدته، و نشرت صحيفته، نظر فى سوء عمله، و شهدت عليه عينه بنظره، و يده ببطشه، و رجله بخطوه، و فرجه بلمسه، و جلده بمسه، فسلسل جيده، و غلت يده، و سيق فسحب وحده، فورد جهنم بكرب و شده، فظل يعذب فى جحيم، و يسقى شربه من حميم، تشوى وجهه، و تسلخ جلده، و تضربه زبنيه بمقمع من حديد، و يعود جلده بعد نضجه كجلذ جديد، يستغيث فتعرض عنه خزنه جهنم، و يستصرخ فيلبث حقبه يندم.

نعوذ برب قدير، من شر كل مصير، و نساله عفو من رضى عنه، و مغفره من قبله، فهو ولى مسالتى، و منجح طلبتى، فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل فى جنته بقربه، و خلد فى قصور مشيده، و ملك بحور عين و حفده، و طيف عليه بكئوس، اسكن فى حظيره قدوس، و تقلب فى نعيم، و سقى من تسليم، و شرب من عين سلسبيل، و مزج له بزنجبيل، مختم بمسك و عبير، مستديم للملك، مستشعر للسرر، يشرب من خمور، فى روض مغدق، ليس يصدع من شربه، و ليس ينزف.

هذه منزله من خشى ربه، و حذر نفسه معصيته، و تلك عقوبه من جحد مشيئته، و سولت له نفسه معصيته، فهو قول فصل، و حكم عدل و خبر قصص قص، و وعظ نص، (تنزيل من حكيم حميد) نزل ب ه روح قدس مبين، على قلب نبى مهتد رشيد، صلت عليه رسل سفره، مكرمون برره، عذت برب عليم، رحيم كريم، من شر كل عدو لعين رجيم، فليتضرع منضرعكم، و ليبتهل مبتهلكم، و ليستغفر كل مربوب منكم لى و لكم، و حسبى ربى وحده.

الشرح:

فصيله الرجل: رهطه الادنون.

و كدح: سعى سعيا فيه تعب، و فرغته: الواحده من الفراغ، تقول: فرغت فرغه، كقولك: ضربت ضربه.

و سجى الميت: بسط عليه رداء.

و نشر الميت من قبره بفتح النون و الشين، و انشره الله تعالى.

و بعثرت قبور: انتثرت و نبشت.

قوله: (و سيق بسحب وحده)، لانه اذا كان معه غيره كان كالمتاسى بغيره، فكان اخف لالمه و عذابه، و اذا كان وحده كان اشد الما و اهول، و روى (فسيق يسحب وحده) و هذا اقرب الى تناسب الفقرتين، و ذاك افخم معنى.

و زبنيه على وزن (عفريه) واحد الزبانيه، و هم عند العرب الشرط، و سمى بذلك بعض الملائكه لدفعهم اهل النار اليها كما يفعل الشرط فى الدنيا، و من اهل اللغه من يجعل واحد الزبانيه زبانى.

و قال بعضهم: زابن، و منهم من قال: هو جمع لا واحد له، نحو ابابيل و عباديد، و اصل الزبن فى اللغه الدفع، و منه ناقه زبون: تضرب حالبها و تدفعه.

و تقول: ملك زيد بفلانه بغير الف، و الباء هاهنا زائده كما زي دت فى (كفى بالله حسيبا)، و انما حكمنا بزيادتها لان العرب تقول: ملكت انا فلانه اى تزوجتها، و املكت فلانه بزيد اى زوجتها به، فلما جائت الباء هاهنا و لم يكن بد من اثبات الالف لاجل مجيئها جعلناها زائده و صار تقديره: و ملك حورا عينا.

و قال المفسرون فى تسنيم: انه اسم ماء فى الجنه سمى بذلك لانه يجرى من فوق الغرف و القصور.

و قالوا فى سلسبيل: انه اسم عين فى الجنه ليس ينزف و لايخمر كما يخمر شارب الخمر فى الدنيا.

انقضى هذا الفصل، ثم رجعنا الى سنن الغرض الاول.