شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 93
نمايش فراداده

خطبه 040-در پاسخ شعار خوارج

اختلاف الراى فى القول بوجوب الامامه

الشرح:

هذا نص صريح منه (ع)، بان الامامه واجبه و قد اختلف الناس فى هذه المساله فقال المتكلمون كافه: الامامه واجبه، الا ما يحكى عن ابى بكر الاصم من قدماء اصحابنا، انها غير واجبه اذا تناصفت الامه و لم تتظالم.

و قال المتاخرون من اصحابنا: ان هذا القول منه غير مخالف لما عليه الامه لانه اذا كان لايجوز فى العاده ان تستقيم امور الناس من دون رئيس يحكم بينهم، فقد قال بوجوب الرياسه على كل حال اللهم الا ان يقول: انه يجوز ان تستقيم امور الناس من دون رئيس و هذا بعيد ان يقوله فاما طريق وجوب الامامه ما هى؟ فان مشايخنا البصريين رحمهم الله يقولون: طريق وجوبها الشرع، و ليس فى العقل ما يدل على وجوبها.

و قال البغداديون و ابوعثمان الجاحظ من البصريين و شيخنا ابوالحسين رحمه الله تعالى: ان العقل يدل على وجوب الرياسه و هو قول الاماميه، الا ان الوجه الذى منه يوجب اصحابنا الرياسه، غير الوجه الذى توجب الاماميه منه الرياسه و ذاك ان اصحابنا يوجبون الرياسه على المكلفين من حيث كان فى الرياسه مصالح دنيويه، و دفع مضار دنيويه.

و الاماميه يوجبون الرياسه على الله تعالى، من حيث كان فى الرياسه لطف و بعد للمكلفين عن مواقعه القبائح العقليه.

و الظاهر من كلام اميرالمومنين (ع) يطابق ما يقوله اصحابنا، الا تراه كيف علل قوله: (لابد للناس من امير) فقال فى تعليله: (يجمع به الفى ء، و يقاتل به العدو و تومن به السبل، و يوخذ للضعيف من القوى)! و هذه كلها من مصالح الدنيا.

فان قيل: ذكرتم ان الناس كافه قالوا بوجوب الامام، فكيف يقول اميرالمومنين (ع) عن الخوارج انهم يقولون (لا امره).

قيل: انهم كانوا فى بدء امرهم يقولون ذلك، و يذهبون الى انه لاحاجه الى الامام، ثم رجعوا عن ذلك القول لما امروا عليهم عبدالله بن وهب الراسبى.

فان قيل: فسروا لنا الفاظ اميرالمومنين (ع).

قيل: ان الالفاظ كلها ترجع الى امره الفاجر.

قال: يعمل فيها المومن اى ليست بمانعه للمومن من العمل، لانه يمكنه ان يصلى و يصوم و يتصدق و ان كان الامير فاجرا فى نفسه.

ثم قال: (و يستمتع فيها الكافر) اى يتمتع بمدته كما قال سبحانه للكافرين: "قل تمتعوا فان مصيركم الى النار".

و يبلغ الله فيها الاجل، لان اماره الفاجر كاماره البر فى ان المده المضروبه فيها تنتهى الى الاجل الموقت للانسان.

ثم قال: (و يجمع به الفى ء و يقاتل به العدو، و تامن به السبل و يوخذ به للضعيف من القوى ) و هذا كله يمكن حصوله فى اماره الفاجر القوى فى نفسه و قد قال رسول الله (ص): (ان الله ليويد هذا الدين بالرجل الفاجر) و قد اتفقت المعتزله على ان امراء بنى اميه كانوا فجارا عدا عثمان و عمر بن عبدالعزيز و يزيد بن الوليد.

و كان الفى ء يجمع بهم، و البلاد تفتح فى ايامهم و الثغور الاسلاميه محصنه محوطه و السبل آمنه و الضعيف منصور على القوى الظالم و ما ضر فجورهم شيئا فى هذه الامور.

ثم قال (ع): فتكون هذه الامور حاصله الى ان يستريح بر بموته، او يستراح من فاجر بموته او عزله.

فاما الروايه الثانيه، فانه قد جعل التقى يعمل فيها للامره البره خاصه.

و باقى الكلام غنى عن الشرح من اخبار الخوارج ايضا و روى ابراهيم بن الحسن بن ديزيل المحدث فى كتاب "صفين" عن عبدالرحمن بن زياد عن خالد بن حميد المصرى، عن عمر مولى غفره قال: لما رجع على (ع) من صفين الى الكوفه اقام الخوارج حتى جموا ثم خرجوا الى صحراء بالكوفه تسمى حروراء فنادوا لا حكم الا لله و لو كره المشركون الا ان عليا و معاويه اشركا فى حكم الله.

فارسل على (ع) اليهم عبدالله بن عباس فنظر فى امرهم و كلمهم، ثم رجع الى على (ع) فقال له: ما رايت؟ فقال ابن عباس: و الله ما ادرى ما هم فقال له على (ع): رايتهم منافقين؟ قال: و الله ما سيماهم بسيما المنافقين ان بين اعينهم لاثر السجود و هم يتاولون القرآن.

فقال على (ع): دعوهم ما لم يسفكوا دما او يغصبوا مالا، و ارسل اليهم: ما هذا الذى احدثتم؟ و ما تريدون؟ قالوا: نريد ان نخرج نحن و انت و من كان معنا بصفين ثلاث ليال، و نتوب الى الله من امر الحكمين ثم نسير الى معاويه فنقاتله حتى يحكم الله بيننا و بينه.

فقال على (ع): فهلا قلتم هذا حين بعثنا الحكمين و اخذنا منهم العهد و اعطيناهموه! الا قلتم هذا حينئذ قالوا: كنا قد طالت الحرب علينا و اشتد الباس و كثر الجراح و خلا الكراع و السلاح فقال لهم: افحين اشتد الباس عليكم عاهدتم فلما وجدتم الجمام قلتم: ننقض العهد ان رسول الله كان يفى للمشركين، افتامروننى بنقضه.

فمكثوا مكانهم لايزال الواحد منهم يرجع الى على (ع)، و لايزال الاخر يخرج من عند على (ع)، فدخل واحد منهم على على (ع)، بالمسجد و الناس حوله فصاح: لا حكم الا لله و لو كره المشركون فتلفت الناس فنادى لا حكم الا لله و لو كره المتلفتون، فرفع على (ع) راسه اليه فقال: لا حكم الا لله و لو كره ابوحسن.

فقال على (ع): ان اباالحسن لا يكره ان يكون الحكم لله ثم قال: حكم الله انتظ ر فيكم، فقال له الناس: هلا ملت يا اميرالمومنين على هولاء فافنيتهم.

فقال: انهم لايفنون انهم لفى اصلاب الرجال و ارحام النساء الى يوم القيامه.

روى انس بن عياض المدنى قال: حدثنى جعفر بن محمد الصادق (ع) عن ابيه عن جده، ان عليا (ع) كان يوما يوم الناس، و هو يجهر بالقراءه، فجهر ابن الكواء من خلفه: "و لقد اوحى اليك و الى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين".

فلما جهر ابن الكواء و هو خلفه بها سكت على فلما انهاها ابن الكواء عاد على (ع) فاتم قراءته فلما شرع على (ع) فى القراءه، اعاد ابن الكواء الجهر بتلك الايه فسكت على، فلم يزالا كذلك يسكت هذا و يقرا ذاك مرارا حتى قرا على (ع): "فاصبر ان وعد الله حق و لايستخفنك الذين لايوقنون"، فسكت ابن الكواء، و عاد (ع) الى قراءته.