آيه اللّه السيد طاهرى خرم آبادي
الكلام فى الذباحه يقع فى: الذابح، والاله، وكيفيه الذبح، وبعض الاحكام المتعلقه به، فى ط ى فصول: الفصل الاول فى شرائط الذابح يقع البحث
فى عده مباحث:
الاول: فى ذباحه الكافر غير المشرك والكتابى من الدهرى وغير المعتقد بالصانع الحكيم والوثنى.
الثانى: فى ذباحه المشرك الذى يكون شركه فى العباده.
الثالث: فى ذباحه المنتحلين لاحد الاديان السماويه كاليهود والنصارى الذين يسمون باهل الكتاب والمجوس ان كانوا من اهل الكتاب.
الرابع: فى ذباحه المسلم غير المومن بالولايه.
الخامس: فى ذباحه من حكم بكفرهم من المسلمين كالمشبهه وغيرهم.
السادس: فى ذباحه الناصب المعلن بالعداوه لاهل البيت(ع). المبحث الاول فى ذباحه الكافر غير المشرك والكتابى من الدهرى وغير المعتقد بالصانع الحكيم والوثنى والظاهر عدم الخلاف بين المسلمين فى عدم اباحه ذباحه غير الكتابى من اصناف الكفار، وكذلك المرتد عن الاسلام. نبذه من كلمات الفقهاء: قال ابن حزم: (مساله: ولا يحل اكل ما ذكاه غير اليهودى والنصرانى والمجوسى ولا ما ذكاه مرتد الى دين كتابى او غير كتابى، ولا ما ذكاه من انتقل من دين كتابى الى دين كتابى، ولا ما ذكاه من دخل فى دين كتابى بعد مبعث النبى(ص)، لان اللّه تعالى لم يبح لنا الا ما ذكيناه او ذكاه الكتابى كما قدمناه، وكل من ذكرنا ليس كتابيا، لان كل من كان على ظهر الارض من غير اهل الكتاب ففرض عليهم ان يرجعوا الى الاسلام -اذ بعث اللّه تعالى محمدا(ص) به -او القتل، فدخوله فى دين كتابى غير مقبول منه ولا هو من الذين امر اللّه تعالى باكل ذبائحهم. والمرتد منا اليهم كذلك، والخارج من دين كتابى الى دين كتابى كذلك، لانه انما تذمم وحرم قتله بالدين الذى كان آباوه عليه، فخروجه الى غيره نقض للذمه لا يقر على ذلك، وهذا كله قول الشافعى وابى سليمان). وقال ابن قدامه: (فصل: وحكم سائر الكفار من عبده الاوثان والزنادقه وغيرهم حكم المجوس فى تحريم ذبائحهم وصيدهم، الا الحيتان والجراد وسائر ما تباح ميتته). وفى الفقه على المذاهب الاربعه: (ان الحنفيه والمالكيه والشافعيه والحنابله كلهم قالوا باشتراط ان يكون الذابح مسلما او كتابيا، لا مجوسيا ولا وثنيا ولا مرتدا ولا زنديقا، فلا تحل ذبيحه هولاء وكل من لا يدين بكتاب، اخذا من مفهوم قوله تعالى: (وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم)، اى فلا يحل لكم طعام غيره). وعند فقهاء الاماميه ان الذباحه لا يجوز ان يتولاها غير المسلمين، فمتى تولاها كافر من اى اجناس الكفار فلا يجوز اكل ذبيحته، سمى على ذبيحته او لم يسم، كما عن الشيخ فى النهايه. وفى الخلاف - ضمن البحث والاستدلال لحرمه ذبائح اهل الكتاب - قال: (وايضا فهم ان ذكروا اسم اللّه فهم لا يعتقدون وجوب ذلك، والمراعى فى ذلك اعتقاد وجوبه، الا ترى انه لو ذكر اللّه الوثنى او المجوسى لم يحل اكله بلا خلاف). ومورد كلامه وان كان الوثنى والمجوسى لكن الظاهر انهما من باب المثال لمن لا يعتقد وجوب التسميه. والمراد من عدم الخلاف: عدم الخلاف فى هذا الحكم بين المسلمين. وقال فى الغنيه: (ولا تحل ذبائح الكفار، لانهم لا يرون التسميه فرضا ولا سنه، ولانهم لو سموا لما كانوا مسمين للّه تعالى لانهم غير عارفين به سبحانه، ولا فى حكم العارفين، ولا يلزم على ذلك تحريم ما يذبحه الصبى الذى يحسن الذبح، لانه غير كافر، وفى حكم العارف). و ظاهركلامه ان الكافر لاجل عدم عرفانه باللّه تعالى لا يحل ذبيحته وان سمى باللّه، اذ لا بد وان تكون التسميه واقعا عن اعتقاد وعرفان باللّه تعالى. وقال فى المراسم: (الذبائح: لا بد فى ذلك من التسميه، والتوجه الى القبله، وان يكون المتولى لذلك مسلما). وقال المحقق: (اما الذابح فيشترط فيه: الاسلام او حكمه، فلا يتولاه الوثنى، فلو ذبح كان المذبوح ميته، وفى الكتابى روايتان، اشهرهما المنع، فلا توكل ذباحه اليهودى ولا النصرانى ولا المجوسى، وفى روايه ثالثه توكل ذباحه الذمى اذا سمعت تسميته، وهى مطروحه. وتذبح المسلمه، والخصى، والجنب، والحائض، وولد المسلم وان كان طفلا اذا احسن، ولا يشترط الايمان، وفيه قول بعيد باشتراطه، نعم لا يصح ذباحه المعلن بالعداوه لاهل البيت(ع) كالخارجى وان اظهر الاسلام). وقال العلامه: (المشهور عند علمائنا تحريم ذبائح الكفار مطلقا، سواء كانوا اهل مله كاليهود والنصارى والمجوس او لا، كعباد الاوثان والنيران وغيرهما، ذهب اليه الشيخان والسيد المرتضى وسلار وابن البراج وابوالصلاح وابن حمزه وابن ادريس). و قال الصدوق :(و لا تاكل ذبيحه من ليس على دينك فى الاسلام). وقال الشهيد الثانى: (اتفق الاصحاب بل المسلمون على تحريم ذبيحه غير اهل الكتاب من اصناف الكفار، سواء فى ذلك الوثنى وعابد النار والمرتد وكافر المسلمين كالغلاه وغيرهم). وقال السيد الطباطبائى: (ولا خلاف فى من عدا الكتابى، بل فى المسالك وغيره ان عليه اجماع المسلمين). وقال النراقى: (يشترط فى الذابح الاسلام او حكمه كالمتولد منه، فلا يحل ذبائح اصناف الكفار، سواء كان من غير الكتابى كالوثنى وعابد النار واصناف الهنود والمرتد وكافر المسلمين كالغلاه وغيرهم، او من الكتابى، بلا خلاف فى الاول، بل عليه الاجماع، بل اجماع المسلمين فى عبارات المتقدمين والمتاخرين، بل هو اجماع محقق). وفى الجواهر: (اما الذابح فلا خلاف فى انه يشترط فيه الاسلام او حكمه، على معنى ما اشار اليه بقوله: فلا يتولاه الوثنى وغيره من الكفار غير الكتابى وان كان من كفار المسلمين كالمرتد والغلاه والخوارج والنصاب ونحوهم... وعلى المشهور شهره عظيمه على معنى انه لا يتولاه الكافر مطلقا وان كان كتابيا وجاء بالتسميه). هذه نبذه من كلمات الاصحاب فى المساله. وكل من اشترط فى الذابح الاسلام او الايمان او صرح بحرمه ذبيحه الكتابى او مطلق الكفار فظاهره حرمه ذبيحه جميع اصناف الكفار. وبالجمله: الظاهر انه لا خلاف بين المسلمين فى حرمه ذبائح غير اهل الكتاب من اصناف الكفار، كالدهرى والوثنى والمشرك وغيرهم. ومع ذلك كله يستفاد من كلام المفيد ان المدار فى التحريم عدم اعتقادهم بفرض التسميه فرضا ولا سنه، حيث قال: (واصناف الكفار من المشركين واليهود والنصارى والصابئين لا يرون التسميه على الذبائح فرضا ولا سنه، فذبائحهم محرمه بمفهوم التنزيل حسب ما اثبتناه). وظاهر مفهومه ان الكافر لو اعتقد التسميه فرضا او سنه وسمى على الذبيحه حلت ذبيحته، بل الظاهر ان الاعتقاد والرويه ايضا مقدمتان لوقوع التسميه على الذبيحه، وعدم اعتقادهم بها فرضا ولا سنه اماره على عدم وقوعها، فلذلك حرمت ذبائحهم. ولكن قال فى ذيل كلامه هذا: (وذبائح المرتدين وان اعتقدوا التسميه عليها محرمه بالاجماع). وقال فى (رساله تحريم ذبائح اهل الكتاب) بما ملخصه: ان المراد بالتسميه هو تسميه المتدين بفرضها على ما تقرر فى شريعه الاسلام، مع المعرفه بالمسمى المقصود بذكره عند الذبيحه استباحتها، دون من عداه ممن انكر فرضها وتلفظ بها لغرض له دون التدين، وكذا المرتد عن اصل من الشريعه مع اقراره بالتسميه واستعمالها واقراره بسائر ما سوى الاصل، وكذا دون ذبيحه المشبه وان سمى ودان بفرضها عند الذبيحه متدينا، فالمراد بالتسميه عند الذكاه ما وصفناه من التدين بفرضها على شرط مله الاسلام، والمعرفه بمن سماه. وكلامه فى الرساله صريح فى اشتراط الاسلام والمعرفه بمن سماه على الذبيحه، وانه لا يراد بالتسميه مجرد التلفظ بها من دون اعتقاد بالمسمى بها. واما كلامه فى المقنعه فلا يخلو من دلاله على ان المدار فى الاستباحه وقوع التسميه بها، ولكن من المعلوم جدا انه لا يراد صرف التلفظ بها من دون اعتقاد بمن سماه، وعليه فيخرج عن هذا المدلول مثل الدهرى المنكر لوجود الصانع وكذا المرتد عن الاسلام بانكار الصانع، واما غير المنكر للّه تعالى ممن يعتقد باصل وجود الصانع من صنوف الكفار والمرتدين وكذا اهل الكتاب الذين يعتقدون باللّه تعالى اذا سموا على الذبيحه مع اعتقاد بالمسمى، فالظاهر دخولهم فى مفهوم كلامه، واللّه العالم. ولعل ظاهر التعليل الواقع فى ما تقدم من كلام ابن زهره فى الغنيه ايضا ان المدار فى الاستباحه على التسميه مع المعرفه، ولازمه اباحه ذبيحه بعض صنوف الكفار اذا كانوا عارفين باللّه سبحانه وتعالى مع تسميتهم على الذبيحه عند الذبح. وكلام الشيخ فى الخلاف ظاهر فى اعتبار اعتقاد الوجوب فى التسميه، ومقتضى ذلك حليه ذباحه بعض اصناف الكفار من فرق المسلمين كالمشبهه والغلاه والنواصب وغيرهم ممن يعتقد بوجوب التسميه وان كان كافرا من جهه انكار اصل من الاصول او ضرورى من الضروريات. بل مقتضاه حليه ذبيحه الكافر من غير فرق المسلمين اذا كان عارفا باللّه ويعتقد بوجوب التسميه على الذبيحه كما حكى ذلك عن اليهود فاذا ثبت انهم سموا على ذبائحهم ويرونها فرضا حلت ذبيحتهم.