سید المرسلین

جعفر سبحانی

جلد 1 -صفحه : 483/ 11
نمايش فراداده

واليك ما يلي التفاسير المختلفة لهذا الاستدلال :

الف : إن الهدف من اتخاذ الربّ هو أن يستطيع الكائن الضعيف في ظل قدرة ذلك الرب من الوصول الى مرحلة الكمال ولابدّ ان يكون لمثل هذا الربّ ارتباطٌ قريب مع الموجودات المراد تربيتها بحيث يكون واقفاً على أحوالها، غير منفصل عنها، ولا غريب عليها.

ولكن كيف يستطيع الكائن الذي يغيب ساعات كثيرة عن الفرد المحتاج اليه في التربية ويُحرم ذلك الفرد من فيضه وبركته، ان يكون رباً للموجودات الأرضية ومدبراً لها ؟!

من هنا يكون اُفول النجم، وغروبه، الذي هو علامة غربته وانقطاعه عن الموجودات الارضية خير شاهد على أن للموجودات الأرضية ربّاً آخر، منزهاً عن تلك النقيصة عارياً عن ذلك العيب.

باء : انّ طلوع الأجرام السماوية وغروبها وحركتها المنظمة دليل على أنها جميعاً خاضعة لمشيئة فوقها، وانها في قبضة القوانين الحاكمة عليها، والخضوع لقوانين منظمة هو بذاته دليل على ضعف تلك الموجودات، ومثل هذه الموجودات الضعيفة لا يمكن أن تكون حاكمة على الكون، أو شيء من الظواهر الطبيعية، وأما استفادة الموجودات الارضية من نور تلك الأجرام وضوئها فلا يدل أبداً على ربوبية تلك الأجرام، بل هو دليل على أن تلك الأجرام تؤدّي وظيفة تجاه الموجودات الأرضية بأمر من موجود أعلى.

وبعبارة اُخرى : إن هذا الأمر دليل على التناسق الكوني، وارتباط الكائنات بعضها ببعض.

جيم : ما هو الهدف من حركة هذه الموجودات ؟ هل الهدف هو أن تسير من النقص إلى الكمال أو بالعكس ؟

وحيث أن الصورة الثانية غير معقولة، وعلى فرض تصورها لا معنى لأن يسير المربّي والمدبر للكون من مرحلة الكمال الى النقص والفناء، يبقى الفرضُ الاول وهو بنفسه دليل على وجود مربٍّ آخر يوصل هذه الموجودات القوية في ظاهرها