عن ابي الزبير أن معاوية بن ابي سفيان قدم المدينة فدخل المسجد فرمى ببصره في صحن المسجد فإذا هو بشيخ له ضفيرتان من أحسن ما رئيت من الشيوخ سمتا و أنقاه ثوبا و أشده تشميرا فقال : من هذا الشيخ ؟ فقيل : هو سعية بن العريض بن السموأل التيمي قال : فبعث إليه معاوية يدعوه فاتاه الرسول فقال له : أجب قال : و لمن أجيب ؟ قال : لامير المؤمنين .
قال : و من أمير المؤمنين ؟ قال : معاوية بن ابي سفيان .
قال : التراب في فيك و في في معاوية ، قال الرسول : فرجعت إلى معاوية فأخبرته بالذي قال .
فقال له معاوية : ارجع إليه فقل له : إما أن تأتينا و إما أن نأتيك فأتاه الرسول فبلغه القول ف قال : أما هذا فنعم .
قال : فأتى معاوية فسلم عليه بغير تسليم الامارة و لا الخلافة قال : فقال له معاوية : من أنت ؟ قال : فقال له سعية : لا بل من أنت ؟ قال : أنا معاوية بن ابي سفيان .
قال له سعية : و أنا سعية بن العريض بن السمؤال .
قال : ما فعلت ارضك التي ب " تيماء " ؟ قال : يكسى منها العاري و يعاد بفضلها على الجار .
قال له معاوية : أتبيعنيها ؟ قال له سعيد : نعم و لو لا خلة داخلة في الحي لما بعتها بشيء .
قال معاوية : فبكم تبيعها ؟ قال : بست مائة ألف .
فقال له معاوية : بخ بخ لقد أحببت أن تثمن بها اتبيعها بستين الفا ؟ قال : فقال له : لا و لو كانت لبعض جلسائك لاخذتها بست مائة ألف ، قال : فقال له معاوية : و عسى أن تكون كما تقول أنشدني مرثية ابيك التي رثى بها نفسه عند موته ؟ قال : نعم أبي الذي يقول :
أقول : و قد ذكره أبو الفرج في عنوان : " خبر زيد بن عمرو " من كتاب الاغاني : ج 3 ص 130 ، و قال : و أسلم سعية و عمر عمرا طويلا و يقال : إنه مات في آخر خلافة معاوية .
فأخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال : حدثنا عمر بن شيبة قال : حدثني أحمد بن معاوية عن الهيثم بن عدي قال : حج معاوية حجتين في خلافته و كانت له ثلاثون بغلة يحج عليها نساؤه و جواريه قال : فحج في احداهما فرآى شيخا يصلي في المسجد الحرام عليه ثوبان أبيضان فقال : من هذا ؟ قالوا : سعية بن غريض - و كان من اليهود - فأرسل إليه يدعوه فأتاه رسول فقال : أجب أمير المؤمنين .
قال : أو ليس قد مات أمير المؤمنين ؟ قيل : فأجب معاوية فاتاه فلم يسلم عليه بالخلافة فقال له معاوية : ما فعلت أرضك التي ب " تيماء " ؟ قال : يكسى منها العاري و يرد فضلها على الجار .
قال : أفتبيعها ؟ قال : نعم قال : بكم ؟ قال : بستين ألف دينار ، و لو لا خلة أصابت الحي لم أبعها ؟ قال : لقد أغليت .
قال : أما إنها لو كانت لبعض اصحابك لاخذتها بست مائة ألف دينار ثم لم تبل لم تبال " خ " قال : أجل ، و إذ بخلت بأرضك فأنشدني شعر ابيك الذي يرثي به نفسه .
فقال : قال ابي : يا ليت شعري حين أندب هالكا ماذا تؤبيني به أنواحي أيقلن : لا تبعد فرب كريهة فرجتها بشجاعة و سماح و لقد ضربت بفضل مالي حقه عند الشتاء وهبة الارواح و لقد أخذت الحق مخاصم و لقد رددت الحق ملاحي و إذا دعيت لصعبة سهلتها ادعى بافلح مرة و نجاح فقال معاوية : أنا كنت بهذا الشعر أولى من ابيك ! قال : كذبت و لؤمت ، ، قال معاوية : أما كذبت فنعم و أما لؤمت فلم ؟ قال : لانك كنت ميت الحق في الجاهلية و ميته في الاسلام أما في الجاهلية فقاتلت النبي صلى الله عليه و آله و الوحي حتى جعل الله عز و جل كيدك المردود .
و أما في الاسلام فمنعت ولد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الخلافة و ما أنت و هي ؟ و أنت طليق بن طليق .
فقال معاوية : قد خرف الشيخ فأقيموه .
فأخذ بيده فأقيم .
أقول : و رواه عنه البرزنجي في كتاب النصائح الكافية ص 126 ، .
و رواه ايضا عن الاغاني العلامة الاميني رحمه الله في عنوان : كلمات تعرف معاوية " من كتاب الغدير : ج 10 ، ص 176 ، ط بيروت .
و أيضا ذكر ابن حجر أشارة رواية أبي الفرج في ترجمة الرجل من كتاب الاصابة : ج 2 ص 113 ، و في ط ص 43 و في ط ص 126 .