بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

جلد 4 -صفحه : 33/ 33
نمايش فراداده
(217)

المغصوب فكان للمالك أن يضمنه كالغاصب و له أن يأخذ الخف لان ولاية التضمين تثبت لحق لمالك فإذا رضى بالاخذ كان له ذلك و إذا أخذ أعطاه اجر مثله لانه مأذون في العمل و قد اتى بأصل العمل و انما خالف في الصفة فله ان يختاره و يعطيه اجر المثل و لا يعطيه المسمى لان ذلك بمقابلة عمل موصوف و لم يأت بالصفة و يعطيه ما زاد النعل لانه عين مال قائم للخفاف فصار بمنزلة الصبغ في الثوب و انما جعل الاختيار في هذه المسائل إلى صاحب الخف و الثوب لانه صاحب متبوع و النعل و الصبغ تبع فكان إثبات الخيار لصاحب الاصل أولى و ان كان يفعل بمثله الخفاف فهو جائز و ان لم يكن جيدا لان الاذن يتناول ادنى ما يقع عليه الاسم و قد وجد و لو شرط عليه جيدا فانعله بغير جيد فان شاء ضمنه قيمة الخف و ان شاء اخذ الخف و أعطاه اجر مثل عمله و قيمة ما زاد فيه و لا يجاوز به ما سمى لان الردي من جنس الجيد و يثبت الخيار لفوات الوصف المشروط و ان كان الخلاف في القدر نحو ما ذكر محمد في الاصل في رجل دفع غزلا إلى حائك ينسجه له سبعا في أربع فخالف بالزيادة أو بالنقصان فان خالف بالزيادة على الاصل المذكور فان الرجل بالخيار ان شاء ضمنه مثل غزله و سلم الثوب و ان شاء أخذ الثوب و أعطاه الاجر المسمى أما ثبوت الخيار فلانه لم يحصل له غرضه لان الزيادة في قدر الذراع توجب نقصانا في الصفة و هي الصفاقة فيفوت غرضه فيثبت له الخيار و ان شاء ضمنه مثل غزله لتعديه عليه بتفويت منفعة مقصودة و ان شاء أخذه و أعطاه الاجر الذي سماه لانه أتى بأصل العمل الذي هو معقود عليه و انما خالف في الصفة و الخلاف في صفة العمل لا يخرج العمل من أن يكون معقودا عليه كمن اشترى شيأ فوجده معيبا حتى كان له أن يأخذه مع العيب و ان كان الخلاف في النقصان ففيه روايتان ذكر في الاصل ان له أن يأخذه و يعطيه من الاجر بحسابه و ذكر في رواية أخرى ان عليه أجر المثل وجه هذه الرواية انه لما نقص في القدر فقد فوت الغرض المطلوب من الثوب فصار كانه عمل بحكم اجارة فاسدة ليس فيها أجر مسمى وجه رواية الاصل ان العقد وقع على عمل مقدر و لم يأت بالمقدر فصار كما لو عقد على نقل كر من طعام إلى موضع كذا بدرهم فنقل بعضه انه يستحق من الاجر بحسابه فكذا ههنا و ان أوفاه الوصف و هو الصفاقة و الذراع و زاد فيه فقد روى هشام عن محمد أن صاحب الثوب بالخيار ان شاء ضمنه مثل غزله و صار الثوب للصانع و ان شاء أخذ الثوب و أعطاه المسمى و لا يزيد للذراع الزائد شيأ أما ثبوت الخيار فلتغير الصفة اذ الانسان قد يحتاج إلى الثوب القصير و لا يحتاج إلى الطويل فيثبت له الخيار و لانه إذا زاد في طوله فقد استكثر من الغزل فان أخذه فلا أجر له في الزيادة لانه مقطوع فيها حيث عملها بغير اذن صاحب الثوب فكان متبرعا فلا يستحق الاجر عليها و ذكر في الاصل إذا أعطى صباغا ثوبا ليصبغه بعصفر ربع الهاشمي بدرهم فصبغه بقفيز عصفر و أقر رب الثوب بذلك فان رب الثوب بالخيار ان شاء ضمنه قيمة ثوبه و ان شاء أخذ الثوب و أعطاه ما زاد العصفر فيه مع الاجر و ذكر القدوري ان مشايخنا ذكروا تفصيلا فقالوا ان هذا على وجهين ان كان صبغه أولا بربع الهاشمي ثم صبغه بثلاثة أرباع القفيز فصاحب الثوب بالخيار ان شاء ضمنه قيمة ثوبه و ان شاء أخذه و أعطاه الاجر المسمى و ما زاد لثلاثة أرباع القفيز في الثوب لانه لما أفرده بالصبغ المأذون فيه أولا و هو ربع الهاشمي فقد أوفاه المعقود عليه و صار متعديا بالصبغ الثاني كانه غصب ثوبا مصبوغا بالربع ثم صبغه بثلاثة أرباع فيثبت له الخيار ان شاء أخذ الثوب و أعطاه المسمى لانه سلم له الصبغ المعقود عليه فيلزمه المسمى و يعطيه ما زاد الصبغ الثاني فيه لانه عين مال قائمة للصباغ في الثوب و ان شاء ضمنه قيمة الثوب مصبوغا بربع القفيز و وجب له الاجر لان الصبغ في حكم المقبوض من وجه لحصوله في ثوبه لكن يكمل القبض فيه لانه لم يصل إلى يده فكان مقبوضا من وجه دون وجه فكان له فسخ القبض لتغير الصفة المقصودة و له أن يضمنه و يضمن الاجر و ان كان صبغه ابتداء بقفيز فله ما زاد الصبغ و لا أجر له لانه لم يوف بالعمل المأذون فيه فلم يعمل المعقود عليه فيصير كانه غصب ثوبا و صبغه بعصفر و روى ابن سماعة عن محمد خلاف ذلك و هو ان له أن يأخذ الثوب و يغرم الاجر و ما زاد العصفر فيه مجتمعا كان أو متفرقا لان الصبغ لا يتشرب

(218)

في بيان احكام إختلاف المتعاقدين .

في الثوب دفعة واحدة بل شيأ فشيأ فيستوى فيه الاجتماع و الافتراق و أما الاجارة الفاسدة و هي التي فاتها شرط من شروط الصحة فحكمها الاصلى هو ثبوت الملك للمؤاجر في أجر المثل لا في المسمى بمقابلة استيفاء المنافع المملوكة ملكا فاسدا لان المؤاجر لم يرض باستيفاء المنافع الا ببدل و لا وجه إلى إيجاب المسمى لفساد التسمية فيجب أجر المثل و لان الموجب الاصل في عقود المعاوضات هو القيمة لان مبناها على المعادلة و القيمة هى العدل الا انها مجهولة لانها تعرف بالحزر و الظن و تختلف باختلاف المقومين فيعدل منها إلى المسمى عند صحة التسمية فإذا فسدت وجب المصير إلى الموجب الاصلى و هو أجر المثل ههنا لانه قيمة المنافع المستوفاة الا انه لا يزاد على المسمى في عقد فيه تسمية عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر يزاد و يجب بالغا ما بلغ بناء على ان المنافع عند أصحابنا الثلاثة متقومة شرعا بأنفسها و انما تتقوم بالعقد بتقويم العاقدين و العاقدان ما قوماها الا بالقدر المسمى فلو وجبت الزيادة على المسمى لوجبت بلا عقد و انها لا تتقوم بلا عقد بخلاف البيع الفاسد فان المبيع بيعا فاسدا مضمون بقيمته بالغا ما بلغ لان الضمان هناك بمقابلة العين و الاعيان متقومة بأنفسها فوجب كل قيمتها و فى قول زفر و به أخذ الشافعي هى متقومة بأنفسها بمنزلة الاعيان فكانت مضمونة بجميع قيمتها كالاعيان هذا إذا كان في العقد تسمية فاما إذا لم يكن فيه تسمية فانه يجب أجر المثل بالغا ما بلغ بالاجماع لانه إذا لم يكن فيه تسمية الاجر لا يرضى باستيفاء المنافع من بدل كان ذلك تمليكا بالقيمة التي هى الموجب الاصلى دلالة فكان تقويما للمنافع باجر المثل اذ هو قيمة المنافع في الحقيقة و لا يثبت في هذه الاجارة شيء من الاحكام التي هى من التوابع الا ما يتعلق بصفة المستأجر له فيه و هي كونه أمانة في يد المستأجر له فيه و هي كونه أمانة في يد المستأجر حتى لو هلك لا يضمن المستأجر لحصول الهلاك في قبض مأذن فيه من قبل المؤاجر و أما الاجارة الباطلة و هي التي فاتها شرط من شرائط الانعقاد فلا حكم لها رأسا لان ما لا ينعقد فوجوده في حق الحكم و عدمه بمنزلة واحدة و هو تفسير الباطل من التصرفات الشرعية كالبيع و نحوه و الله أعلم ( فصل )

و أما حكم اختلاف العاقدين في عقد الاجارة فان اختلفا في مقدار البدل أو المبدل و الاجارة وقعت صحيحة ينظر ان كان اختلافهما قبل استيفاء المنافع تحالفا لقول النبي صلى الله عليه و سلم إذا اختلف المتبايعان تحالفا و ترادا و الاجارة نوع بيع فيتناولها الحديث و الرواية الاخرى و هي قوله و السلعة قائمة بعينها يتناول بعض أنواع الاجارة و هو ما إذا باع عينا بمنفعة و اختلقا فيها و إذا ثبت التحالف في نوع بالحديث ثبت في الانواع كلها بنتيجة الاجماع لان أحدا لا يفصل بينهما و لان التحالف قبل استيفاء المنفعة موافق الاصول لان اليمين في أصول الشرع على المنكر و كل واحد منهما منكر من وجه و مدع من وجه لان المؤاجر يدعى على المستأجر زيادة الاجرة و المستأجر منكر و المستأجر يدعى على المؤاجر وجوب تسليم المستأجر بما يدعى من الاجرة و المؤاجر ينكر فكان كل واحد منهما منكرا من وجه و اليمين وظيفة المنكر في أصول الشرع و لهذا جرى التحالف قبل القبض فبيع العين و التحالف ههنا قبل القبض لانهما اختلفا قبل استيفاء المنفعة ثم ان كان الاختلاف في قدر البدل يبدأ بيمين المستأجر لانه منكر وجوب الاجرة الزائدة و ان كان قى قدر المبدل يبدأ بيمين المؤاجر لانه منكر وجوب تسليم زيادة المنفعة و إذا تحالفا تفسخ الاجارة و أيهما نكل لزمه دعوى صاحبه لان النكول بذل أو اقرار و البدل و المبدل كل واحد منهما يحتمل البذل و الاقرار و أيهما أقام البينة يقضى ببينته لان الدعوي لا تقابل الحجة و ان أقاما جميعا البيتة فان كان الاختلاف في البدل فبينة المؤاجر أولى لانها تثبت زيادة الاجرة و ان كان الاختلاف في المبدل فبينة المستأجر أولى لانها تثبت زيادة المنفعة فان ادعى المؤاجر فضلا فيما يستحقه من الاجر و ادعى المستأجر فضلا فيما يستحق من المنفعة بان قال المؤاجر أجرتك هذه الدابة إلى القصر بعشرة و قال المستأجر إلى الكوفة بخمسة أو قال المؤاجر أجرتك شهرا بعشرة و قال المستأجر شهرين بخسمة فالأَمر في التحالف و النكول و اقامة أحدهما البينة على ما ذكرنا و لو أقاما جميعا البينة قبلت بينة كل واحد منهما على الفعل الذي يستحقه بعقد الاجارة فيكون إلى الكوفة بعشرة و شهرين بعشرة لان

(219)

بينة كل واحد منهما تثبت زيادة لان بينة المؤاجر تثبت زيادة الاجر و بينة المستأجر تثبت زيادة المنفعة فتقبل كل واحدة منهما على الزيادة التي تثبتها و ان كان اختلافهما بعد ما استوفى المستأجر بعض المنفعة بان سكن الدار المستأجرة بعض المدة أو ركب الدابة المستأجرة بعض المسافة ثم اختلفوا فالقول قول المستأجر فيما مضى مع يمينه و يتحالفان و تفسخ الاجارة فيما بقي لان العقد على المنافع ساعة فساعة على حسب حدوثها شيأ فشيأ فكان كل جزء من أجزاء المنفعة معقودا عليه مبتدأ فكان ما بقي من المدة و المسافة منفردا بالعقد فيتحالفان فيه بخلاف ما إذا هلك بعض المبيع على قول أبى حنيفة انه لا يثبت التحالف عنده لان البيع ورد على جملة واحدة و هي العين القائمة للحال و كل جزء من المبيع ليس معقود عليه مبتدأ انما الجملة معقود عليها بعقد واحد فإذا تعذر الفسخ في قدر الهالك يسقط في الباقى و ان كان اختلافهما بعد مضى وقت الاجارة أو بعد بلوغ المسافة التي استأجر إليها لا يتحالفان فيه و القول قول المستأجر في مقدار البدل مع يمينه و لا يمين على المؤاجر لان التحالف يثبت الفسخ و المنافع المنعدمة لا تحتمل فسخ العقد فلا يثبت التحالف و هذا على أصل أبى حنيفة و أبى يوسف ظاهر لان قيام المبيع في باب البيع شرط جريان التحالف في المبيع الهالك و المنافع ههنا هالكة فلا يثبت فيها التحالف و أما محمد فيحتاج إلى الفرق بين المبيع الهالك و بين المنافع الهالكة و وجه الفرق له أن المنافع متقومة بأنفسها على أصلنا و انما تتقوم بالعقد فإذا فسخت الاجارة بالتحالف تبقي المنافع مستوفاة من عقد فلا تتقوم فلا يثبت التحالف بخلاف الاعيان فانها متقومة بأنفسها فإذا فسخ البيع بالتحالف يبقى العقد متقوما بنفسه في يد المشترى فيجب عليه قيمته و انما كان القول قول المستأجر لانه المستحق عليه و الخلاف متى وقع في الاستحقاق كان القول قول المستحق و الله عز و جل أعلم و ان كان الاختلاف في جنس الاجر بان قال المستأجر استأجرت هذه الدابة إلى موضع كذا بعشرة دراهم و قال الآخر بدينار فالحكم في التحالف و النكول و اقامة أحدهما البينة ما وصفنا فان أقاما البينة فالبينة بينة المؤاجر لانها تثبت الاجرة حقا له و بينة المستأجر لا تثبت الاجرة حقا له فكانت بينة المؤاجر أولى بالقبول و لو اختلفا فقال المؤاجر أجرتك هذه الدابة إلى القصر بدينار و قال المستأجر إلى الكوفة بعشرة دراهم و أقاما البينة فهي إلى الكوفة بدينار و خمسة دراهم لان الاختلاف إلى القصر وقع في البدل فكانت بينة المؤاجر أولى لما قلنا و تثبت الاجارة إلى القصر بدينار ثم المستأجر يدعى من القصر إلى الكوفة بخمسة لان القصر نصف الطريق و المؤاجر يجحد هذه الاجارة فالبينة المثبتة للاجارة أولى من النافية و قد روى ابن سماعة عن أبى يوسف في رجل استاجر من رجل دارا سنة فاختلفا فأقام المستأجر البينة انه استأجر احدى عشر شهرا منها بدرهم و شهرا بتسعة و أقام البينة رب الدار انه أجرها بعشرة قال فانى آخذ ببينة رب الدار لانه يدعى فضل أجرة في أحد عشر شهرا و قد أقام على ذلك بينة فتقبل بينته فاما الشهر الثاني عشر فقد أقر المستأجر للمؤاجر فيه بفضل الاجرة فيما ادعى فان صدقه على ذلك و الا سقط الفضل بتكذيبه و لو اختلف الخياط و رب الثوب فقال رب الثوب أمرتك ان تقطعه قباء و قال الخياط أمرتني أن أقطعه قميصا فالقول قول رب الثوب مع يمينه عندنا و الخياط ضامن قيمة الثوب و ان شاء رب الثوب أخذ الثوب و أعطاه أجر مثله و قال أبن أبى ليلي القول قول الخياط مع يمينه و اختلف قول الشافعي فقال في موضع مثل قولهما و قال في موضع يتحالفان فإذا حلفا سقط الضمان عن الخياط و سقط الاجر وجه قول ابن أبى ليلي ان صاحب الثوب أقر بالاذن بالقطع انه يدعى زيادة صفة توجب الضمان و تسقط الاجر و الخياط ينكر فكان القول قوله و لنا ان الاذن مستفاد من قبل صاحب الثوب فكان القول في صفة الاذن قوله و لهذا لو وقع الخلاف في أصل الاذن بالقطع فقال صاحب الثوب لم آذن بالقطع كان القول قوله و كذا إذا قال لم آذن بقطعه قميصا و قد خرج الجواب عن قول ابن أبى ليلي لان المأذون فيه قطع القباء لا مطلق القطع و لا معنى لاحد قولى الشافعي لان التحالف وضع للفسخ و لا يمكن الفسخ ههنا فلا يثبت التحالف لان صاحبه يدعى على الخياط الغصب و الخياط يدعى الاجر و ذلك مما لا يثبت فيه التحالف و ان كان له تضمين الخياط قيمة الثوب لان صاحب

(220)

الثوب لما حلف على دعوى الخياط فقد صار الخياط بقطعه الثواب لا على الصفة المأذون فيها متصرفا في ملك غيره بغير اذنه فصار متلفا الثوب عليه فيضمن قيمته و ان شاء رب الثوب أخذ الثوب أعطاه أجر مثله أما اختيار أخذ الثوب فلانه أتى بأصل العقود عليه مع تغير الصفة فكان لصاحب الثوب الرضا به و إعطاؤه أجر المثل لا المسمى لانه لم يأت بالمأمور به على الوصف الذي أمر به و طريقة أخرى لبعض مشايخنا أن منفعة القباء و القميص متقاربة لانه يمكن أن ينتفع بالقباء انتفاع القميص بان يسد وسطه و أزراره و انما يفوت بعض الاغراض فقد وجد المعقود عليه مع العيب فيستحق الاجرة حتى قالوا لو قطعه سراويل لم تجب له الاجرة لاختلاف منفعة القباء و السراويل فلم يأت المعقود عليه رأسا قال القدوري و الرواية بخلاف هذا فان هشاما روى أن محمدا قال في رجل دفع إلى رجل شبها ليضرب له طشتا موصوفا فضربه كوزا ان صاحبه بالخيار ان شاء ضمنه مثل شبهه و الكوز للعامل و ان شاء أخذه و أعطاه أجر مثله لا يجاوز ما سمى ففى السراويل يجب ان يكون كذلك و وجهه ما مر ان العقد وقع على الضرب و الصناعة صفة له فقد واقف في أصل المعقود عليه و خالف في الصفة فيثبت للمستعمل الخيار و روى ابن سماعة و بشر عن أبى و يوسف في رجل أمر رجلا ان ينزع له ضرسا متا كلا فنزع ضرسا متآكلا فقال الامر أمرتك بغير هذا بهذا الاجر و قال المأمور أمرتني بالذي نزعت فان أبا حنيفة قال في ذلك القول قول الامر مع يمينه لما بينا ان الامر يستفاد من قبله خاصة فكان القول في المامور به قوله و ذكر في الاصل في رجل دفع إلى صباغ ثوبا ليصبغه أحمر فصبغه أحمر على ما وصف له بالعصفر ثم اختلقا في الاجر فقال الصباغ عملته بدرهم و قال رب الثوب بدانقين فان قامت لهما بينة أخذت بينة الصباغ و ان لم يقم لهما بينة فانى أنظر إلى ما زاد العصفر في قيمة الثوب فان كان درهما أو أكثر أعطيته درهما بعد ان يحلف الصباغ ما صبغته بدانقين و ان كان ما زاد في الثوب من العصفر أقل من دانقين بعد ان يحلف صاحب الثوب ما صبغته الابد انقين اما إذا قامت لهما بينة فلان بينة الصباغ تثبت زيادة الاجرة فكانت أولى بالقبول و اما إذا لم تقم لهما بينة فلان ما زاد العصفر في قيمة الثوب إذا كان درهما أو أكثر كان الظاهر شاهدا للصباغ الا انه لا يزاد على درهم لانه رضى بسقوط الزيادة و إذا كان ما زاد العصفر دانقين كان الظاهر شاهدا لرب الثوب الا انه لا ينقص من دانقين لانه رضى بذلك و ان كان يزيد في الثوب نصف درهم قال أعطيت الصباغ ذلك بعد ان يحلف ما صبغته بدانفين لما ذكرنا ان الدعوي إذا سقطت للتعارض يحكم الصبغ فوجب قيمة الصبغ و هذا بخلاف القصار مع رب الثوب إذا اختلفا في مقدار الاجرة و لا بينة لما ان القول قول رب الثوب مع يمينه لانه ليس في الثوب عين مال قائم للقصار فلم يوجد ما يصلح حكما فيرجع إلى قول صاحب الثوب لان القصار يدعى عليه زيادة ضمان و هو ينكر فكان القول قوله مع يمينه و كذلك كل صبغ له قيمة فان كان الصبغ أسود فالقول قول رب الثوب مع يمينه على أصل أبى حنيفة السواد نقصان عنده و كذلك كل صبغ ينقص الثوب لانه تعذر القضاء بالدعوى للتعارض و لا سبيل إلى الرجوع إلى قيمة الصبغ لانه لا قيمة له فيرجع إلى قول المستحق عليه و لو اختلف الصباغ و رب الثوب فقال رب الثوب أمرتك بالعصفر و قال الصباغ بالزعفران فالقول قول رب الثوب في قولهم جميعا لان الامر يستفاد من قبله و من هذا النوع ما إذا أمر المستعمل الصانع بالزيادة من عنده ثم اختلفا فقال في الاصل في رجل دفع غزلا إلى حائك ينسجه ثوبا و أمره ان يزيد في الغزل رطلا من عنده مثل غزله على ان يعطيه ثمن الغزل و أجرة الثوب دراهم مسماة فاختلفا بعد الفراغ من الثوب فقال الحائك قد زدت و قال رب الثوب لم تزد فالقول قول رب الغزل مع يمينه على عمله لان الصانع يدعى على صاحب الثوب الضمان و هو ينكر فكان القول قول المنكر مع يمينه على عمله لانه يمين على فعل الغير فان حلف بري و ان نكل عن اليمين لزمه مثل الغزل لان النكول حجة يقضى بها في هذا الباب فان أقام الصانع بينة قبلت بينته و لو اتفقا ان غزل المستعمل كان منا و قال الصانع قد زدت فيه رطلا فوزن الثوب فوجد زائد على ما دفع اليه زيادة لم يعلم ان مثلها يكون من الدقيق و ادعى رب الثوب ان الزيادة من الدقيق فالقول قول الصانع لان رب الثوب يدعى

(221)

خلاف الظاهر و ان كان الثوب مستهلكا قبل أن يعلم وزنه و لم يقرأ المستعمل ان فيه مال قال الصانع فالقول قول رب الثوب لان الصانع يدعى عليه الضمان و لا ظاهر ههنا يشهد له فلم يقبل قوله و قال هشام عن محمد في رجل دفع إلى صائغ عشرة دراهم فضة و قال زد عليها درهمين قرضا على فصغه قلبا و أجرك درهم فصاغه و جاء به محشوا فاختلفا فقال الصائغ قد زدت عليه درهمين و قال رب القلب لم تزد شيئا قال محمد يتحالفان ثم الصائع بالخيار ان شاء دفع القلب و أخذ منه أجرة خمسة دوانيق و ان شاء دفع عليه عشرة دراهم فضة و أخذ القلب أما التحالف فلان الصائغ يدعى على صاحب القلب القرض و هو ينكر فيستحلف و صاحب القلب يدعى على الصائغ استحقاق القلب بغير شيء و هو ينكر فيستحلف و إذا بطل دعوى الصائغ في القلب على الوزن عشرة و انما بذلك صاحب القلب للصائغ درهما لصياغته اثنى عشر درهما فإذا لم تثبت الزيادة تلزم للعشرة خمس دوانيق و انما كان للصائع أن يحبس القلب و يعطى صاحب القلب مثل فضته لان عنده ان الزيادة ثابته و ان يتقرر ببطلان حقه عليها من عوض القرض فلا يجوز استحقاقها من رضاه و لا ضرر على صاحب القلب لانه وصل اليه مثل حقه و قال ابن سماعة عن محمد في رجل دفع إلى نداف ثوبا و قطنا يندف عليه و أمره أن يزيد من عنده ما رأى ثم ان صاحب الثوب أتاه و قد ندف على الثوب عشرين استارا من قطن فاختلفا فقال صاحب الثوب دفعت إليك خمسة عشر استارا من قطن و أمرتك أن تزيد عليه عشرة و تنقص ان رأيت فلم تزد الا خمسة أساتير و قال النداف دفعت إلى عشرة و أمرتنى أن أزيد عشرة فزدتها فالقول قول النداف و على صاحب الثوب أن دفع اليه عشرة أساتير من قطن كما ادعى لان صاحب الثوب لا يدعى على النداف مخالفة ما أمره به و انما يدعى انه دفع اليه خمسة عشر استارا فكان القول قول النداف في مقداره فتبقى العشرة زيادة فيضمنها صاحب الثوب و ان كان صاحب الثوب قال دفعت إليك خمسة عشر و أمرتك أن تزيد عليه خمسة عشر و قال النداف دفعت إلى عشرة و أمرتنى أن أزيد عليه عشرة فزدت عليه عشرة فصاحب الثوب في هذا بالخيار ان شاء صدقه و دفع اليه عشرة أساتير و أخذ قيمة ثوبه و ان شاء قيمة ثوبه مثل عشرة أساتير قطن و كان الثوب للنداف لان النداف يزعم أنه فعل ما أمره به و صاحب الثوب يدعى الخلاف فكان القول قوله فيما أمر به و القول قول النداف في مقدار ما قبض و قال بشر عن أبى يوسف في رجل أعطى رجلا ثوبا ليقطعه قباء محشو أو دفع اليه البطانة و القطن فقطعه و خاطه و حشاه و اتفقا على العمل و الاجر فان الثوب ثوب رب الثوب و القطن قطنه ان رب الثوب ان قال ان البطانة ليست بطانتى فالقول في ذلك قول الخياط مع يمينه البتة ان هذا بطانته و يلزم رب الثوب و يسع رب الثوب أن يأخذ البطانة فيلبسها لان البطانة أما نة في يد الخياط فكان القول قوله فيها ثم ان كانت بطانة صاحب الثوب حل له لبسها و ان كانت غيرها فقد رضى الخياط بدفعها اليه بدل بطانته فحل له لبسها و روى بشر و ابن سماعة عن أبى يوسف فيمن أعطى حمالا متاعا ليحمله من موضع بأجر معلوم فحمله ثم اختلفا فقال رب المتاع ليس هذا متاعي و قال الحمال هو متاعك فالقول قول الحمال مع يمينه و لا ضمان عليه و لا يلزم الآمر الاجر الا أن يصدفه و يأخذه لان المتاع أمانة في يد الحمال فكان القول قوله و لا يلزم صاحب المتاع لانه لم يعترف باستيفاء المنافع فان صدقه فقد رجع عن قوله فوجب عليه الاجر قال و النوع الواحد و النوعان في هذا سواء الا أنه في النوع الواحد أفحش و أقبح يريد بهذا لو حمله طعاما أو زيتا و قال الاجير هذا طعامك بعينه هو قال رب الطعام كان طعامي أجود من هذا فان هذا يفحش ان يكون القول فيه قول رب الطعام و يبطل الاجر و يحسن أن يكون القول قول الحمال و يأخذ الاجر ان كان قد حمله فاما إذا كانا نوعين مختلفين بأن جاء بشعير و قال رب الطعام كان طعامي حنطة فلا أجر للحمال حتى يصدقه و يأخذه و انما قال يقبح في الجنس الواحد لان عند اتحاد الجنس يملك صاحب الطعام أن يأخذ الشعير عوضا عن طعامه لان الحمال قد بذل له ذلك فإذا أخذ العوض سلمت له المنفعة فأما في النوعين فلا يسعه أن يأخذ النوع الآخر الا بالتراضي بالبيع فما لم يصدقه لا يستحق عليه الاجر و لو اختلف الصانع و المستأجر في أصل الاجر كالنساج و القصار و الخفاف

(222)

في بيان ماينتهى به عقد الاجارة .

و الصباغ فقال رب الثوب و الخف عملته لي بغير شرط و قال الصانع لابل عملته بأجرة درهم أو اختلف رب الدار مع المستأجر فقال رب الدار أجرتها منك بدرهم و قال الساكن بل سكنتها عارية فالقول قول صاحب الثوب و الخف و ساكن الدار في قول أبى حنيفة مع يمينه و لا أجر عليه و قال أبو يوسف ان كان الرجل حرا ثقة فعليه الاجر و الا فلا و قال محمد ان كان الرجل انتصب للعمل فالقول قوله و ان لم يكن انتصب للعمل فالقول قول صاحبه و على هذا الخلاف إذا اتفقا على أنهما لم يشترطا الاجر لكن الصانع قال انى انما عملت بالاجر و قال رب الثوب ما شرطت لك شيئا فلا يستحق شيئا ( وجه )

قولهما اعتبار العرف و العادة فان انتصابه للعمل و فتحه الد كان لذلك دليل على أنه لا يعمل الا بالاجرة و كذا إذا كان حريفه فكان العقد موجودا دلالة كالثابت نصا و لابي حنيفة ان المنافع عى أصلنا لا تتقوم الا بالعقد و لم يوجد أما إذا اتفقا على أنهما لم يشترطا الاجر فظاهر و كذا إذا اختلفا في الشرط لان العقد لا يثبت مع الاختلاف للتعارض فلا تجب الاجرة ثم ان كان في المصنوع عين قائمة للصانع كالصبغ الذي يزيد و النعل يغرم رب الثوب و الخف للصانع ما زاد الصبغ و النعل فيه لا يجاوز به درهما و الا فلا و الله عز و جل أعلم ( فصل )

و أما بيان ما ينتهى به عقد الاجارة فعقد الاجارة ينتهى بأشياء منها الاقالة لانه معاوضة المال بالمال فكان محتملا للاقالة كالبيع و منها موت من وقع له الاجارة الا لعذر عندنا و عند الشافعي لا تبطل بالموت كبيع العين و الكلام فيه على أصل ذكرناه في كيفية انعقاد هذا العقد و هو ان الاجارة عندنا تنعقدنا ساعة فساعة على حسب حدوث المنافع شيأ فشيأ و إذا كان كذلك فما يحدث من المنافع في يد الوارث لم يملكها المورث لعدمها و الملك صفة الموجود لا المعدوز فلا يملكها الوراث اذ الوارث انما يملك ما كان على ملك المورث فما لم يملكه يستحيل وراثته بخلاف بين العين لان العين ملكه قائم بنفسه ملكه المورث إلى وقت الموت فجاز أن ينتقل منه إلى الوارث لان المنافع لا تملك الا بالعقد و ما يحدث منها في يد الا ارث لم يعقد عليه رأسا لانها كانت معدومة حال حياة المورث و الوراث لم يعقد عليها فلا يثبت الملك فيها للوارث و عند الشافعي منافع المدة تجعل موجودة لحال كانها أعيان قائمة فاشبه بيع العين و البيع لا يبطل بموت أحد المتبايعين كذا الاجارة و على هذا يخرج ما إذا أجر رجلا ن دارا من رجل ثم مات أحد المؤاجرين ان الاجارة تبطل في نصيبه عندنا و تبقى في نصيب الحى على حالها لان هذا شيوع طاري و انه لا يؤثر في العقد في الرواية المشهورة لما بينا فيما تقدم و كذلك لو استاجر رجلان من رجل دارا فمات أحد المستأجرين فان رضى الوراث بالبقاء على العقد و رضى العاقد ايضا جاز و يكون ذلك بمنزلة عقد مبتدأ و لو مات الوكيل بالعقد لا تبطل الاجارة لان العقد لم يقع له و انما هو عاقد و كذا لو مات الاب أو الوصي لما قلنا و كذا لو مات أبو الصبي في استئجار الظئر لا تنقض الاجارة لان الاجارة وقعت للصبي و الظئر و هما قائمان و لو مات الظئر انتقضت الاجارة و كذا لو مات الصبي لان كلها واحد منهما معقود له و الاصل ان الاجارة تبطل بموت المعقود له و لا تبطل بموت العاقد و انما كان كذلك لان استيفاء العقد بعد موت من وقع له العقد يوجب تغيير موجب العقد لان من وقع له ان كان هو المؤاجر فالقعد يقتضى استيفاء المنافع من ملكه و لو بقيناه بعا موته لاستوفيت المنافع من ملك غيره و هذا خلاف مقتضى العقد و ان كان هو المستأجر فالعقد يقتضى استحقاق الاجرة من ماله و لو بقينا العقد بعد موته لاستحقت الاجرة من مال غيره و هذا خلاف موجب العقد بخلاف ما إذا مات من لم يقع العقد له كالوكيل و نحوه لان العقد منه لا يقع مقتضيا استحقاق المنافع و لا استحقاق الاجرة من ملكه فابقاء العقد بعد موته لا يوجب تغير موجب العقد و كذلك الولى في الوقف إذا عقد ثم مات لا تنتقض الاجارة لان العقد لم يقع له فموته لا يغير حكمه و لو استأجر دابة إلى مكة فمات المؤاجر في بعض المفازة فله ان يركبها أو يحمل عليها إلى مكة أو إلى أقرب الاماكن من المصر لان الحكم ببطلان الاجارة و ههنا يؤدى إلى الضرر بالمستأجر لما فيه من تعريض ماله و نفسه إلى التلف فجعل

(223)

ذلك عذرا في بقاء الاجارة و هذا معنى قولهم ان الاجارة كما تفسخ بالعذر تبقي بالعذر و قالوا فيمن اكترى إبلا إلى مكة ذاهبا و جائيا فمات الجمال في بعض الطريق فللمستأجر أن يركبها إلى مكة أو يحمل عليها و عليه المسمى لان الحكم بانفساخ الاجارة في الطريق ألحاق الضرر بالمستأجر لانه لا يجد ما يحمله و يحمل قماشه و إلحاق الضرر بالورثة إذا كانوا غيبا لان المنافع تفوت من عوض فكان في استيفاء العقد نظر من الجانبين فإذا وصل إلى مكة رفع الامر إلى الحاكم لانه لا ضرر عليه في فسخ الاجارة عند ذلك لانه يقدر على أن يستأجر من جمال آخر ثم ينظر الحاكم في الاصلح فان رأى بيع الجمال و حفظ الثمن للورثة اصلح فعل ذلك و ان رأى إمضاء الاجارة إلى الكوفة اصلح فعل ذلك لانه نصب ناظرا محتاطا و قد يكون احد الامرين احوط فيختار ذلك قالو و الافضل إذا كان المستأجر ثقة ان يمضى القاضي الاجارة و الافضل إذا كان ثقة ان يفسخها فان فسخها و قد كان المستأجر عجل الاجرة سمع القاضي بينته عليها و قضاه من ثمنها لان الاجارة إذا انفسخت فللستأجر إمساك العين حتى يستوفى جميع الاجرة و قام القاضي مقام الغائب فنصب له خصما و سمع عليه البينة و لو مات احد ممن وقع له عقد الاجارة قبل انقضاء المدة و فى الارض المستأجرة زرع لم يستحصد يترك ذلك في الارض إلى ان يستحصد و يكون على المستأجر أو على ورثته ما سمى من الاجر لان في الحكم بالانفساخ و قلع الزرع ضررا بالمستأجر و فى الابقاء من عوض ضررا بالوراث و يمكن توفير الحقين من ضرر بإبقاء الزرع إلى ان يستحصد بالاجر فيجب القول به و انما وجب المسمى استحسانا و القياس ان يجب اجر المثل لان العقد انفسخ حقيقة بالموت و انما بقيناه حكما فاشبه شبهة العقد و استيفاء المنافع بشبهة العقد توجب اجر المثل كما لو استوفاها بعد انقضاء المدة وجه الاستحسان التسمية تناولت هذه المدة فإذا مست الضرورة إلى الترك بعوض كان إيجاب العوض المسمى أولى لوقوع التراضى بخلا ف الترك بعد انقضاء المدة لان التسمية لم تتناول ما بعد انقضاء المدة فتعذر إيجاب المسمى فوجب اجر المثل و منها هلاك المستأجر و المستأجر فيه لوقوع اليأس عن استيفاء المعقود عليه بعد هلاكه فلم يكن في بقاء العقد فائدة حتى لو كان المستأجر عبدا أو ثوبا أو حليا أو ظرفا و دابة معينة فهلك أو هلك الثوب المستأجر فيه للخياطة و للقصارة بطلت الاجارة لما قلنا و ان كانت الاجارة على دواب بغير اعيانها فسلم اليه دواب فقبضها فماتت لا تبطل الاجارة و على المؤاجر ان يأتيه بغير ذلك لانه هلك ما لم يقع عليه العقد لان الدابة إذا لم تكن معينة فالعقد يقع على منافع في الذمة و انما تسلم العين ليقيم منافعها مقام ما في ذمته فإذا هلك بقي ما في الذمة بحاله فكان عليه ان يعنين غيرها و قد ذكرنا اختلاف اشارة الروايات في الدار إذا انهدم كلها أو انقطع الماء عن الرحى أو الشرب من الارض ان الاجارة تنفسخ أو يثبت حق الفسخ فيما تقدم و على هذا ايضا يخرج موت الظئر ان الاجارة تبطل به لانها مستأجرة و منها انقضاء المدة الا لعذر لان الثابت إلى غاية ينتهى عند وجود الغاية فتنفسخ الاجارة بانتهاء المدة الا إذا كان ثمة عذر بان انقضت المدة و فى الارض زرع لم يستحصد فانه يترك إلى أن يستحصد بأجر المثل بخلاف ما إذا انقضت المدة و فى الارض رطبة أو غرس انه يؤمر بالقلع لان في ترك الزرع إلى أن يدرك مراعاة الحقين و النظر من الجانبين لان لقطعه غاية معلومة فأما الرطبة فليس لقطعها غاية معلومة فلو لم تقطع لتعطلت الارض على صاحبها فيتضرر به و بخلاف الغاصب إذا زرع الارض المغصوبة انه يؤمر بالقلع و لا يترك إلى وقت الحصاد بالاجر لان الترك في الاجارة لدفع الضرر عن المستأجر نظر له و هو مستحق للنظر لانه زرع باذن المالك فاما الغاصب فظا لم متعدي في الزرع فلا يستحق النظر بالترك مع ما انه هو الذي أضر بنفسه حيث زرع أراضي غيره بغير حق فكان مضافا اليه و منها عجز المكاتب بعد ما استأجر شيئا انه يوجب بطلان الاجارة بلا خلاف لان الاجرة استحقت من كسب المكاتب و بالعجز يبطل كسبه فتبطل الاجارة اذ لا سبيل الا إيجابها من مال المولى فان عجز بعد ما استأجر فالإِجارة باقية في قول أبى يوسف و قال محمد تبطل و الكلام فيه راجع إلى أصل نذكره في كتاب الهبة في كيفية ملك المولى كسب المكاتب عند عجزه ان عند أبى