و هذا لا شيء ، أول ذلك أنه منقطع ، لان إبراهيم لم يدرك أحدا ممن ذكرناه ، ( 1 ) و لا ولد الا بعد قتل عثمان بسنين ، ( 2 ) ثم لو صح لما كانت فيه حجة ، لانه ليس فيه أنهم رضى الله عنهم نهوا عنهما ، و لا انهم كرهوهما ، و نحن لا نخالفهم في أن ترك جميع التطوع مباح ، ما لم يتركه المرء رغبة عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فهذا هو الهالك ، ثم لو صح نهيهم عنهما و معاذ الله أن يصح لما كانت في أحد منهم حجة على رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا على من صلاهما من الصحابة رضى الله عنهم ، و قد خالفوا أبا بكر و عمر و جماعة من الصحابة في المسح على العمامة و معهم سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فلا عجب أعجب من إقدامهم على مخالفة الصحابة إذا اشتهوا و تعظيمهم مخالفتهم إذا اشتهوا ! و هذا تلاعب بالدين لاخفاء به ! نعنى هؤلاء المقلدين المتأخرين و ذكروا عن ابن عمر أنه قال : ما رأيت ( 3 ) أحدا يصليهما .
و هذا لا شيء ، أول ذلك أنه لا يصح ، لانه عن أبى شعيب أو شعيب ، و لا ندرى من هو ؟ و أيضا فليس في هذا لو صح نهى عنهما ، و نحن لا ننكر التطوع ( 4 ) ما لم ينه عنه ( 5 ) بغير حق ، ثم لو صح عنه النهى عنهما و هو لا يصح أبدا ، بل قد روى عنه جواز صلاتهما : لما كان فيه حجة على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و لا على سائر الصحابة النادبين إليهما ، و من العجائب أنهم لا يرون حجة قول ابن عمر : ( صليت خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم و خلف أبى بكر و عمر و عثمان فلم يقنت أحد منهم ) إذ لم يوافق تقليدهم ، و قد صح هذا عنه ، ثم يجعلون ما لم يصح عنه ، حجة إذ وافق أهواءهم ! و هذا عجب جدا ! !
1 - قوله ( ممن ذكرنا ) سقط من اليمنية و ما هنا هو الصواب ( 2 ) في اليمنية ( بسنتين ) و هو خطأ ، لان إبراهيم ولد فيما ذكره ابن حبان سنة 50 و أثره هذا رواه محمد بن الحسن في الآثار عن أبي حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم . 3 - في اليمنية ( ما رأينا ) ( 4 ) كذا في المصرية و هو خطأ ، و لعل صوابه ( و نحن لا ننكر ترك التطوع ) كما هو ظاهر 5 - من أول قوله ( و لا ندى من هو ) إلى هنا سقط من اليمنيه