و قد قال قوم : ان الاثنين يكونان حفافى ( 1 ) الامام و احتجوا في ذلك برواية رويناها عن الاعمش عن إبراهيم عن علقمة و الاسود : أنهما صليا مع ابن مسعود رضى الله عنه فقام بينهما ، و جعل أحدهما عن يمينه ، و الآخر عن شماله ، و قام بينهما ، ثم ركع بهما ، فوضعا أيديهما على ركبهما ، فضرب أيديهما ، ثم طبق يديه فجعلهما بين فخذيه ، فلما صلى قال : هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ( 2 ) و روينا من طريق فيها هرون بن عنترة و أخرى فيها الحارث بن أبى أسامة - و كلاهما متروك - : أن هكذا كان يفعل عليه السلام إذا كانوا ثلاثة ( 3 ) قال علي : أما رواية الاعمش و هي الثابتة فلا بيان فيها إلى أى شيء أشار ابن مسعود بقوله ( هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ) ؟ إلى موقف الامام بين المأمومين و إلى التطبيق معا ؟ أم إلى التطبيق وحده ؟ و إذ لا بيان في ذلك فلا يجوز أن يترك اليقين للظنون .
ثم حتى لو صح هذا مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم لكان ابعاده عليه السلام لجابر و جبار عن كونهما حفافيه و إيقافهما خلفه : مدخلا لنا في يقين منع الاثنين من كونهما حفافى الامام ، و أنه لا يجوز ، و إذ ذلك كذلك فجواز كون الاثنين حفافي الامام قد حرم بيقين ، فلا يجوز أن يعود إلى الجواز ما قد تيقن تحريمه إلا بنص جلى بعودته .
و بالله تعالى التوفيق 422 مسألة و كل من استخلفه الامام المحدث فانه لا يصلى إلا صلاة نفسه لا على صلاة إمامه المستخلف له ، و يتبعه المأمومون فيما يلزمهم ، و لا يتبعونه فيما لا يلزمهم ، بل يقفون على حالهم ، ينتظرونه حتى يبلغ إلى ما هم فيه فيتبعوه حينئذ
1 - الحفافان - بكسر الحاء المهملة - الجانبان ( 2 ) حديث ابن مسعود في صحيح مسلم ( ج 1 ص 150 ) بألفاظ مختلفة و فى بعضها من كلام ابن مسعود : ( و إذا كنتم ثلاثة فصلوا جميعا ، و إذا كنتم أكثر من ذلك فليؤمكم أحدكم ) و رواه ايضا الطحاوي ( ج 1 ص 134 و 135 ) ( 3 ) اما طريق هرون بن عنترة فقد نسبها الشوكاني ( ج 3 ص 221 ) إلى احمد و أبى داود و النسائي ، و هرون ليس متروكا و إن ضعفه بعضهم . و أما طريق الحارث بن محمد بن أبى أسامة فلم أرها ، و الحارث مختلف فيه ، قال الذهبي ( كان حافظا عارفا بالاحاديث تكلم فيه بلا حجة ) و قال في تلخيص المستدرك ( ليس بعمدة )