أو على عتق خادمى فلانة ان كلمت فلانا أو ان زرت فلانا ، فكل هذا لا يلزم الوفاء به و لا كفارة فيه إلا الاستغفار فقط ، فان قال : لله على نذرولم يسم شيئا فليس عليه الا كفارة يمين فقط ، و قال قوم : ما خرج من هذا مخرج اليمين فعليه الوفاء به ، و قال آخرون : ما خرج من هذا مخرج اليمين فليس فيه إلا كفارة يمين قال أبو محمد : برهان صحة قولنا أما المنع من النذر فلما رويناه من طريق سفيان ( 1 ) و شعبة كلاهما عن منصور عن عبد الله بن مرة ( 2 ) عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم ( انه نهى عن النذر و قال : انه لا يرد شيئا و لكن يستخرج به من البخيل ) هذا لفظ سفيان ، و لفظ شعبة ( انه لا يأتى بخير ) مكان ( انه لا يرد شيئا و انه يستخرج به من البخيل ) ( 3 ) و اتفقا في ذلك ، و صح أيضا مسندا من طريق أبى هريرة ( 4 ) ، و رينا من طريق سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن سعيد بن أبى سعيد المقبري ( انه سمع أبا هريرة يقول : لا أنذر أبدا ) و هذا يوجب ما قلنا : من انه منهى عنه فإذا وقع لزم و استخرج به من البخيل ، و أيضا قول الله تعالى : ( يوفون بالنذر و يخافون يوما كان شره مستطيرا ) و قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) و قوله تعالى : ( و من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) و قوله تعالى : ( قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغى بغير الحق ) فصح بهذا كله ان كل ما نهى الله تعالى عنه فلا يحل لاحد أن يفعله فصح من هذا ان من نذره فقد نذر ان يعصى الله عز و جل و قد نهاه الله تعالى عن معصيته فقد صح يقينا ( 5 ) ان النذور و العقود التي أمر الله تعالى بالوفاء بها انما هى نذر الطاعة فقط و ليس نذر الطاعة إما ما ذكرنا
1 - رواية سفيان عن منصور هى في صحيح البخارى ج 8 ص 224 وص 253 و هي في صحيح مسلم ايضا ج 2 ص 13 و رواية شعبة عن منصور في صحيح مسلم ج 2 ص 12 ( 2 ) في الاصول كلها ( عن عمرو بن مرة ) و هو غلط صححناه من تهذيب التهذيب و صحيحي البخارى و مسلم ( 3 ) قال الخطابي : معنى نهيه عليه السلام عن النذر انما هو تأكيد لامره و تحذير عن التهاون به بعد إيجابه ، و لو كان معناه الزجر عنه حتى لا يفعل لكان في ذلك إبطال حكمه و إسقاط لزوم الوفاء به اذ كان بالنهى عنه قد صار معصية فلا يلزم الوفاء به و انما وجه الحديث انه قد أعلمه ان ذلك امر مما لا يجلب لهم في العاجل نفعا و لا يدفع عنهم ضرا فلا يرد شيئا قضاه الله تعالى يقول : لا تنذروا على انكم تدركون بالنذر شيئا لم يقدره الله لكم أو تصرفون عن أنفسكم شيئا جرى القضاء به عليكم فإذا فعلتم ذلك فاخرجوا عنه بالوفاء به فان الذي نذرتموه لازم لكم هذا معنى الحديث و وجه قوله عليه السلام ( انما يستخرج به من البخيل ) فثبت بذلك وجوب استخراجه من ماله و لو كان لازم له لم يجز ان يكره عليه و الله أعلم ، و قد ذكر هذا العلامة ابن الاثير في النهاية و لم يعزه إلى الخطابي تنبه لذلك ( 4 ) هو في صحيح مسلم ج 2 ص 12 ( 5 ) في النسخة رقم 16 ( فصح يقينا ) باسقاط لفظ ( قد ) .