لا بل لفلان و دفع إلى الاول بقضاء قاض لم يضمن للثاني شيئا و عند محمد رحمه الله يقول المودع ملتزم حفظ الوديعة للمودع و قد صار بالاقرار للاول تاركا ما التزمه من الحفظ للثاني بزعمه فيكون ضامنا له كما لو دل سارقا علي السرقة و هذا بخلاف الاقرار بالمال مطلقا لان هناك لم يلتزم الحفظ للثاني و لكنه شاهد بالملك للثاني علي الاول و الشاهد إذا ردت شهادته لم يضمن شيئا و لو قال هذا العبد الذي في يدى وديعة لفلان الا نصفه فانه لفلان كان كما قال لانه استثناه بعد ما تناوله الكلام نصا فبقى مقرا للاول بما وراء المستثنى و ذلك لا يمنع إقراره بالمستثنى للثاني ( توضيحه ) انه قال الا نصفه فانه لي كان صحيحا فكذلك إذا قال فانه لفلان و كذلك لو قال هذان العبدان لفلان الا هذا فانه لفلان لان المستثنى بعض ما تناوله الكلام نصا .
و لو قال هذا العبد لفلان المقر له الاول الا الاول فانه لي لم يقبل قوله و لا يصدق و كانا جميعا لفلان لانه متكلم بكلامين أحدهما معطوف على الاخر بحرف الواو ثم استثنى جميع ما تناوله أحد الكلامين و استثناء الكل باطل لما بينا ان عمل الاستثناء في جعل الكلام عبارة عما وراء المستثنى فان كان لا يبقى وراء المستثنى شيء لم يكن هذا استثناء بل يكون رجوعا بخلاف الاول فان الاقرار بالعبدين كلام واحد و كان استثناء أحدهما صحيحا و لو قال هذا العبد لفلان أو أنه لفلان عندي وديعة كان للاول يغرم للثاني قيمته و علي هذا الخلاف الذي ذكرنا إذا دفعه إلى الاول بقضاء القاضي و لو قال هذا العبد لفلان و هذا لفلان الا نصفه فانه لفلان و الا نصف الاخر فانه لفلان جاز علي ما قال لان الكلام موصول بعضه ببعض و قد استثني من كل كلام بعضه فكان صحيحا على أن يجعل عبارة عما وراء المستثنى و كذلك هذا في الحنطة و الشعير و الذهب و الفضة و الدار و الارض و الله أعلم بالصواب ( باب الاقرار بالمجهول أو بالشك ) ( قال رحمه الله ) أقر أن لفلان عنده وديعة و لم يبين ما هي فما أقر به من شيء فهو مصدق فيه و قد تقدم نظيره في الغصب ففى الوديعة أولى لان المودع أمين فيكون مقبول القول فيما بين بعد أن يكون ما بين سببا يقصد به الايداع و ان ادعى المقر له شيئا آخر فعلى المقر اليمين لانكاره ما ادعاه و كذلك لو أقر بثبوت وديعة و جاء به معيبا و أقر أنه حدث به عنده هذا العيب فلا ضمان عليه في ذلك لانه لو هلك في يده لم يضمن شيئا و إذا أنكر صاحبه
أن يكون استودعه فالجواب كذلك لان ما في يده لم يقر علي نفسه بالسبب الموجب للضمان عليه و انما أقر بأنه وديعة في يده فصاحبه يدعى عليه السبب الموجب للضمان و هو الاخذ بغير رضاه و ذو اليد منكر لذلك فالقول قوله مع يمينه قال ( ألا ترى ) انه لو قال وضعت خاتمك في يدى فضاع كان القول قوله لانه لم يضف إلى نفسه في ذلك فعلا يضمن به و انما أراد بهذه الاشارة إلى الفرق بين هذا و بين ما لو قال أخذته منك وديعة فان هناك إذا أنكر صاحب الايداع كان المودع ضامنا لاقراره بالفعل الموجب للضمان عليه و هو الاخذ فأما هنا فقد أضاف الفعل إلى صاحبه بقوله أودعني أو وضعه في يدى و لو كانت الوديعة ثوبا فلبسه المودع أو دابة فركبها ثم قال هلكت بعد أن نزلت عنها و كذبه صاحبه فهو ضامن لانه اقر بالسبب الموجب للضمان و هو اللبس و الركوب في ملك الغير ثم ادعى ما يبرئه عن الضمان فلا يقبل قوله الا أن يقيم البينة على ما ادعي و كذلك لو قال ركبتها باذن المودع و أنكر المودع الاذن فهو ضامن الا أن يقيم البينة على الاذن لاقراره بالفعل الموجب للضمان عليه و كذلك لو دفعها إلى صاحبها ثم أقر انه دفعها باذنه فهو ضامن الا أن يقيم البينة على ذلك و على صاحبها اليمين في ذلك كله لدعوى الرضا و الاذن عليه و هو مسقط للضمان عنه و لو أقر به .
و لو قال لفلان على ألف درهم أو لفلان على ألف درهم و لفلان مائة دينار أو لفلان فالالف للاول لانه أقر له بها عينا حين لم يقرن به حرف التخيير و ذكر حرف التخيير بين الاخرين في مائة دينار فيكون الجواب في حقهما مثل الجواب في المسألة الاولى من حكم الاصطلاح و الاستخلاف و لو قال لفلان علي مائة دينار و لفلان علي كر حنطة أو لفلان كر شعير و المائة الدينار للاول ثابتة لانه أقر له بها عينا و لا شيء للآخرين لانه ما عين في الاقرار لواحد منها شيأ حين أدخل بينهما حرف أو و قد بينا أن حرف أو يمنع عينا في حق من اقترن به و لكن لكل واحد منهما أن يحلفه على ما يدعيه عليه كانه لم يقر لهما بشيء و لو قال له لك على مائة درهم و لفلان أو لفلان فللاول نصف المائة و النصف الباقي يحلف لكل واحد من الاخرين عليه الا أن يصطلحا علي شيء فيكون بينهما فانه عطف أحد الاخرين علي الاول فيما هو موجب حرف أو فكانه قال لفلان على مائة درهم و لا حد هذين الاخرين فنصف المائة للاول لانه لا يزاحمه من الاخرين الا أحدهما و النصف الاخر متردد بين الاخرين و المستحق منهما معين و الحكم فيه الاصطلاح أو الاستحلاف و ان قال لفلان قبلي مائة درهم أو لفلان و فلان
فالنصف للثالث و النصف الباقى بين الاولين كما بينا في المسألة الاولى بين الاخرين لانه عين الا قر للثالث هنا حين لم يقرن به حرف أو و أثبت المزاحمة لاحد هذين و لهذا على مائة درهم فنصف المائة للثالث و في النصف الاخر حكم الاصطلاح بين الاولين أو الاستحلاف قال و قوله على و قبلي دين و قوله عندي وديعة و قوله من ملكى وديعة و قوله في ملكى أو في مالى شركة لان كل لفظ محمول على ما هو المتعارف بين الناس في مخاطباتهم و قد بينا هذا و ان قال لفلان على مائة درهم و الا فلفلان ففى قول أبى يوسف رحمه الله هذا مثل قوله لفلان أو لفلان و في قول محمد رحمه الله الالف للاول و لا شيء للثاني ( وجه ) قول محمد رحمه الله انه أقر للاول بالمال عينا و في حق الثاني علق الاقرار بالشرط فان قوله و الا فلفلان يعني ان لم يكن لفلان على مائة درهم و هذا تعليق بالشرط و الاقرار لا يحتمل التعليق بالشرط فيبقى إقراره للاول ملزما و في حق الثاني باطلا ( ألا ترى ) أنه لو قال لفلان على مائة درهم و الا فعبدي حر أو فامرأتي طالق أو فعلى حجة لزمته المائة دون ما سواها لان كلامه الثاني تعليق بشرط عدم وجوب المال و في هذا الفصل دليل من وجهين أحدهما أنه لو لم يكن المال واجبا بإقراره للاول لكان يلزمه العتق و الطلاق و يلزمه الحج لوجود شرطه و الثاني أنه جعل هناك آخر كلامه تعليقا فلم يؤثر في الاقرار السابق فكذلك هنا و أبو يوسف رحمه الله يقول مثل هذا اللفظ انما يذكر عند التردد بين المذكورين علي أن يكون أولى الوجهين في ظنه الاول فان الرجل يقول هذا القادم زيد و الا فعمرو و كل هذا الطعام و الا فهذا يكون المراد أحدهما على أن يكون أولى الوجهين للاول فهنا أيضا يكون بهذا اللفظ مقرا لاحدهما بمنزلة قوله لفلان أو لفلان و هذا بخلاف قوله و الا فعبدي حر أو فعلى حجة فانه لا مجانسة بين الاقرار و بين انشاء العتق و التزام الحج حتى يحمل كلامه على معنى التردد فكان آخر كلامه محمولا علي معنى اليمين و لان العتق و الطلاق و الحج معلق بالشرط فيمكن تصحيح آخر الكلام تعليقا فأما الاقرار فلا يحتمل التعليق بالشرط ففى جعلنا إياه شرطا الغاؤه من كل وجه فلهذا جعلناه بمعنى أو ليكون مقرا لاحدهما بغير عينه .
و ان قال لفلان على مائة درهم بل لفلان أو لا بل لفلان فهو سواء و لك واحد منها مائة درهم لان آخر كلامه لاستدراك الغلط بالرجوع عن الاقرار للاول و اقامة الثاني مقامه في الاقرار له بالمائة و الرجوع في حق الاول باطل و الاقرار للثاني بالمائة صحيح .
و لو قال لفلان على مائة درهم بل علي حجة لزمته المائة و الحجة
نفسه بمنزلة المتاع و قول ذي اليد فيما في يده حجة للدفع فان ادعى آخر أنه ابنه فعليه البينة لانه يدعى نسب ملك الغير فلا يقبل قوله الا بحجة فان أقام البينة أنه ابنه قضى انه ابن له لاثباته دعواه بالحجة و جعل حرا لان في الحكم بثبوت النسب حكما بانه مخلوق من مائه و ماء الحر جزء منه فيكون حراما لم يتصل برحم الامة و حين لم يسموا أمة في الشهادة لم يظهر اتصال مائه برحم الامة فبقى على الحرية فهذه موجبة البينة حرية الولد فلا يعارضها قول ذي اليد في إثبات رقه .
و كذلك لو كان الذي في يديه يدعى أنه ابنه فالمدعى الذي أقام البينة أولى بالقضاء بالنسب له لان البينة لا يعارضها اليد و لا قول ذي اليد .
و كذلك لو كان المدعى ذميا أو عبدا يثبت النسب منه لاثباته دعواه بالحجة و العبد و الذمى من أهل النسب كالحر المسلم فان أقام ذو اليد البينة انه ابنه و أقام الخارج البينة أنه ابنه قضيت بنسبه الذي اليد لان هذا في معنى النتاج و قد بينا أن بينة ذي اليد هناك تترجح على بينة الخارج .
و كذلك ان أقام كل واحد منهما البينة ؟ أنه ابنه من إمرأته هذه قضى بنسبه من ذي اليد و من إمرأته و ان جحدت هى ذلك لان السبب هو الفراش بينهما قائم و الحكم متى ظهر عقيب سبب ظاهر يحال به على ذلك السبب و ذلك الفراش بينهما يثبت النسب منهما فمن ضرورة ثبوته من أحدهما بذلك السبب ثبوته من الاخر فلا ينتفى بجحودها و كذلك لو جحد الاب و ادعت الام .
قال و لو كان الصبي في يد عبد و إمرأته الامة و أقاما البينة أنه ابنهما و أقام آخر من العرب أو من الموالي أو من أهل الذمة أنه ابنه من إمرأته هذه و هي مثله فانه يقضى بينة الخارجين لان في بينتهما زيادة إثبات الحرية للولد و البينات للاثبات فتترجح بزيادة الاثبات .
قال و لو كان الصبي في يد رجل فأقام رجل البينة أنه ابنه من إمرأته هذه و هما حران و أقام ذو اليد البينة انه ابنه و لم ينسبوه الي أمه فانه يقضي به للمدعى لزيادة الاثبات في بينته و هو ثبوت النسب من أمه فصارت الزيادة في إثبات النسب كزيادة إثبات الحرية و كذلك ان كانت الام هى المدعية فان ثبوت النسب بالفراش بينهما فيكون أحدهما خصما عن الاخر في لا إثبات و لو أقام الخارج البينة انه ابنه و شهد شهود ذي على إقراره أنه ابنه قضى به للمدعى لان ثبوت اقرار ذي اليد بالبينة لا يكون أقوى من سماع القاضي إقراره و ذلك يندفع ببينة الخارج ثم أعاد مسألة الرجلين و المرأتين و قد بيناه ( فرع ) عليه ما لم وقت كل واحد منهما وقتا قال ينظر إلى سن الصبي فان كان مشكلا فهو و ما لم يوقتا سواء يقض به لهما و ان كان مشكلا في أحدهما و هو أكبر سنا من الاخر أو أصغر
معروف قضيت به للمشكل لان علامة الكذب ظهرت في شهادة الاخرين و لم تظهر في شهادة هؤلاء لكونه محتملا للوقت الذي وقتوه قال و لو كان الصبي في يد رجل فأقامت إمرأة شاهدين انه ابنها قضيت بالنسب منها لاثباتها الدعوي بالحجة و ان كان ذو اليد يدعيه لم يقض له به لان مجرد الدعوي لا يعارض البينة فان ( قيل ) لا منافاة بين ثبوته منه و منها ( قلنا ) نعم و لكن لا يمكن إثبات النسب منهما الا بالقضاء بالفراش بينهما و مجرد قوله ليس بحجة عليها في إثبات الفراش في النكاح بينهما و لو لم تقم المرأة الا إمرأة واحدة شهدت انها ولدت فان كان ذو اليد يدعى انه ابنه أو عبده لم يقض للمرأة بشيء لان الاستحقاق الثابت باليد لا يبطل بشهادة المرأة الواحدة فانها ليست بحجة في إبطال حق ثابت للغير و ان كان الذي في يديه لا يدعيه فانى السراد به للمرأة بشهادة إمرأة واحدة و هذا استحسان و في القياس لا يقضى لان اليد في اللقيط مستحق لذى اليد حتى لو أراد غيره ان ينزعه من يده لم يملك فلا يبطل ذلك بشهادة إمرأة واحدة و في الاستحسان تمحض هذا منفعة للولد في إثبات نسبه و حريته و ليس فيه إبطال حق لذى اليد لانه لا يدعى في الولد شيئا انما يده فيه مصيانة عن ضياعه فلهذا أثبتنا النسب منها بشهادة القابلة .
قال عبد في يد رجل أقام رجل البينة أنه عبده ولد في ملكه و انه أعتقه و أقام ذو اليد البينة أنه عبده ولد في ملكه فانى أقضي به للذي أعتقه لان في هذه البينة زيادة الحرية فلو رجحنا بينة ذي اليد جعلناه مملوكا له و كيف يجعل مملوكا و قد قامت البينة على الحرية و لو كان المدعى دبره أو كاتبه لم يستحق بهذا شيأ أما في الكتابة لا اشكال لانه عقد محتمل للفسخ كالبيع و الاجارة فكانه أقام البينة علي تصرفه فيه ببيع أو اجارة فلا يترجح به و أما في التدبير فقد أعاد المسألة في آخر الكتاب و جعله كالعتق ففيه روايتان وجه تلك الرواية أن بالتدبير يثبت له حق عتق لا يحتمل الفسخ فكان معتبرا بحقيقة العتق لانه يثبت الولاء على العبد ببينته في الموضعين جميعا و إذا كان الولاء هو المقصود و الملك بيع فتترجح بينة الخارج لهذا وجه هذه الرواية أن التدبير لا يخرجه من أن يكون مملوكا كالكتابة فكان الملك هو المقصود بالاثبات لكونه قائما فتترجح بينة ذي اليد لاثبات الولادة في ملكه بخلاف العتق فان الملك لا يبقى بعد العتق فيكون المقصود هناك إثبات الولاء و لو أقام الخارج البينة انه ابنه ولد في ملكه و أقام ذو اليد البينة انه عبده ولد في ملكه قضى به للمدعي لان في بينته إثبات الحرية فان المولود من أمته في ملكه حر الاصل و إذا كان يترجح عنده إثبات حرية العتق
براءة الكفيل على كل حال و كذلك براءة الكفيل بالاستيفاء منه توجب براءة الاصيل فكان في هذا الاقرار منفعة الوارث ببراءة ذمته .
و كذلك لو أقر بالقبض من أجنبي تطوع به عن الوارث أو أقر بحوالة أجنبي عن الوارث فهذا باطل لتضمنه الاقرار ببراءة الوارث و ان كان قبض المال من الوارث أوم من أدى عنه بمعاينة الشهود جاز لانتفاء التهمة عن القبض المعاين و انما فارق المريض الصحيح لعدم تمكن الصحة في تصرف المريض و فيما لا تهمة فيه المريض كالصحيح .
و لو و كل رجل رجلا ببيع عبده فباعه من ابن الامر ثم مرض الآمر فأقر بقبض الثمن منه أو أقر الوكيل بقبضه و دفعه إلى المريض لم يصدق في ذلك لما في هذا الاقرار من منفعة الوارث ببراءة ذمته عن اليمين .
فان قيل أ ليس أن الوكيل بمنزلة العاقد لنفسه و هو صحيح قلنا في حقوق العقد نعم فاما في الواجب من اليمين فلا حق له بل هو للموكل و في هذا الاقرار إذا صح سلامة اليمين للوارث و سقوط مزاحمة سائر الورثة عنه فلهذا لا يصدق الوكيل على ذلك فان كان المريض هو الوكيل صدق و ان جحد الامر ذلك لان المشترى أجنبي من الوكيل و إقرار المريض باستيفاء دين واجب له على أجنبي صحيح فلان يصح إقراره باستيفاء دين واجب لغيره كان أولى و حال مرض الوكيل في هذا الدين كحال صحته لانه تصرف ليس مع وارثه و لا في محل فيه حق غرمائه أو ورثته و ان كان المشترى وارثا للوكيل و الامر و هما مريضان لم يصدق الوكيل علي ذلك لان مجرد مرض الامر يمنع صحة هذا الاقرار فمرضهما أولى و ان كان المشترى وارثا للوكيل دون الامر فان أقر الوكيل انه قبضه و دفعه إلى الامر أو هلك المقبوض في يده فهو مصدق على ذلك و ان أقر بقبضه فقط لم يصدق على ذلك لانه إذا أقر في الدين بالقبض لزمه ضمان المقبوض إذا مات مقرا به فكان هذا الاقرار منه انما يبرئ ذمة وارثه و يلزمه المال فهو بمنزلة قبول الحوالة و الكفالة عن وارثه بالمال أو تبرعه بالقضاء عنه و اما إذا قال دفعته إلى الامر أو ضاع منى فليس فيه التزام شيء في ذمته لانه أمين في المقبوض فالقول قوله و لئن كان فيه منفعة للوارث فليس في مال تعلق به حق الورثة و المريض في ذلك و الصحيح سواء .
و لو ان مريضا عليه دين يحيط بماله أقر بقبض دين له علي أجنبي فان كان ذلك جائزا إذا كان وجوب الدين في الصحة لان الغريم استحق براءة ذمته عند اقرار الطالب بالقبض منه فلا يبطل استحقاقه بمرض الطالب و لان حق الغرماء لا يتعلق في مرضه بالدين و انما تعلق حقهم بما لا يمكن استيفاء الدين
منه و استيفاء الدين من المدين ممكن و كان إقراره باستيفاء ما لم يتعلق به حق غرمائه في المرض و الصحة سواء بخلاف ما إذا كان الدين علي الوارث لان بطلان إقراره هناك لحق الوارث و حقهم يتعلق بالدين و العين فان كان الغريم اخا له و له ابن فمات الابن قبل الاب حتى صار الاخ من ورثته لم يجز إقراره بقبض الدين منه و قد بينا هذه الفصول في إقراره بالدين لمن لم يكن وارثا ثم صار وارثا بسبب قائم وقت الاقرار فصار وارث فكذلك هذه الفصول في الاقرار بالاستيفاء ان اقر بالدين إذا الاقرار بالاستيفاء بالدين على ما بينا .
و لو خلع إمرأته في مرضه على جعل و انقضت عدتها فأقر باستيفائه منها و ليس عليه دين في الصحة و لا في المرض كان مصدقا لانها بانقضاء العدة خرجت من ان تكون وارثه بيقين فإقراره باستيفاء الدين منها و من أجنبي آخر سواء و اشتراطه انقضاء العدة صحيح لان إقراره قبل العدة نتمكن فيه تهمة المواضعة فانها لو لم تساعده على الخلع حتى فارقها لا تخرج عن أن تكون وارثه فيحتمل انها ساعدته على الخلع ليتضح إقراره باستيفاء الدين منها فلزوال هذه التهمة شرط انقضاء العدة و كذلك اشتراطه أن لا دين عليه في الصحة لان دين الصحة مقدم علي ما يقر به في المرض فأما اشتراطه أن لا دين عليه في المرض فسبب معاين صحيح و ان كان المراد بسبب الاقرار فالمراد في حكم الاختصاص انها انما تختص بما في ذمتها إذا لم يكن على المقر دين في مرضه و كذلك لو صالح عن قصاص في مرضه على مال ثم أقر بقبضه و هو على وارثه صدق في ذلك بخلاف ما إذا كان على وارثه لان بالصلح قد انقلب الواجب ما لا ففى إقراره بقبضه من الوارث اتصال منفعة المالية اليه و المريض لا يملك ذلك في حق وارثه بخلاف عفوه عن القصاص فان ذلك ليس بمال و انما يمنع المريض من أن يقر لوارثه بما هو مال و ان أقر العبد التاجر بقبض دين كان له على مولاه فان لم يكن عليه دين جاز لان كسبه خالص حق مولاه و لان العبد لا يستوجب على مولاه دينا إذا لم يكن عليه دين فبراءة المولى لا تكون بإقراره و ان كان عليه دين لم يجز إقراره بذلك لان المولى يخلف عبده في كسبه خلافة الوارث حتى تتعلق سلامته له بشرط الفراغ عن الدين للعبد فيكون إقراره لمولاه في مرضه إذا مات منه بمنزلة اقرار المورث لوارثه و كما تمكن هناك تهمة إيثاره على سائر الورثة تمكن هنا تهمة إيثاره مولاه علي غرمائه و كذلك المكاتب إذا أقر بقبض دينه من مولاه و هو مريض ثم مات و عليه دين و المولى وارثه فإقراره باطل و ان لم يكن عليه دين