بالصوم إذا لم يضعف عن الدعاء و حكي صاحب البيان عن يحيى بن سعيد الانصاري أنه قال يجب الفطر بعرفة و دليلنا ما سبق } فرع { قد ذكرنا أن المستحب للحاج فطر عرفة ليقوى علي الدعاء هكذا علله الشافعي و الاصحاب قال الشافعي في المختصر و لان الحاج ضاح مسافر و المراد بالضاحي البارز للشمس لانه يناله من ذلك مشقة ينبغى أن لا يصوم معها و قد سبق في باب صلاة الاستسقاء أنه يستحب صوم يوم الاستسقاء و ان كان يوم دعاء و سبق هناك الفرق بينهما و مختصره أن الوقوف يكون آخر النهار و وقت تأثير الصوم مع أنه مسافر و الاستسقاء يكون في أول النهار قبل ظهور أثر الصيام مع أنه مقيم } فرع { قال الشافعي و الاصحاب أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة كما جاء في الحديث هكذا ذكروه هنا و سنوضحه في الوقوف بعرفات } فرع { قال البغوى و غيره يوم عرفة أفضل أيام السنة و قال السرخسي في هذا الباب اختلف في يوم عرفة و يوم الجمعة أيهما أفضل فقل بعضهم يوم عرفة لان النبي صلى الله عليه و سلم جعل صيامه كفارة سنتين و لم يرد مثله في يوم الجمعة و قال بعضهم يوم الجمعة أفضل لقوله صلى الله عليه و سلم " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة " هذا كلام السرخسي و المشهور تفضيل يوم عرفة و سنعيد المسألة في فصل الوقوف بعرفات و فى كتاب الطلاق في تعليق الطلاق في تعليق علي افضل الايام و مما يدل لترجيح يوم عرفة انه كفارة سنتين كما سبق و لان الدعاء فيه افضل أيام السنة و لانه جاء في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه و سلم قال " مأمن يوم يعتق الله فيه من النار أكثر من يوم عرفة " } فرع { قوله صلى الله عليه و سلم في يوم عرفة " يكفر السنة الماضية و المستقبلة " قال الماوردي في الحاوى فيه تأويلان ( أحدهما ) ان الله تعالي يغفر له ذنوب سنتين ( و الثاني ) ان الله تعالي يعصمه في هاتين السنتين فلا يعص فيهما و قال السرخسي أما السنة الاولي فتكفر ما جرى فيها قال و اختلف العلماء في معنى تكفير السنة الباقية المستقبلة و قال بعضهم معناه إذا ارتكب فيها معصية جعل الله تعالي صوم يوم عرفة الماضي كفارة لها كما جعله مكفرا لما في السنة الماضية و قال بعضهم معناه ان الله تعالي يعصمه في السنة المستقبلة عن ارتكاب ما يحتاج فيه إلى كفارة و قال صاحب العدة في تكفير السنة الاخرى يحتمل معنيين ( أحدهما ) المراد السنة التي قبل هذه فيكون معناه انه يكفر سنتين ماضيتين ( و الثاني ) انه أراد سنة ماضية و سنة مستقبلة قال و هذا لا يوجد مثله في شيء من العبادات انه يكفر الزمان المستقبل و إنما ذلك خاص لرسول الله صلي الله عليه و سلم غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر بنص القرآن العزيز و ذكر إمام الحرمين هذين