فلو اعطاه ثوبا ليخيطه بعد قطعه فخاطه قباء و قال أمرتني بقطعه قباء ، فقال بل قميصا فالأَظهر تصديق المالك بيمينه ، لانه منكر اذنه له في قطعه قباء ، اذ هو المصدق في أصل الاذن فكذا في صفته و القول الثاني : يتحالفان ، و انتصر الاسنوى له نقلا و معنى ، و نبه على انهما لو اختلفا قبل القطع تحالفا اتفاقا ، و كل ما وجب التحالف مع بقائه وجب مع تغير أحواله ، فعلى هذا يبدأ بالمالك كما حكاه الرملي ، و نقل عن الاستوى المنع منه بل يبدأ بالخياط لانه بائع المنفعة .
قال النووي : و لا اجرة عليه - يعنى المؤجر - بعد حلفه ، و على الخياط أرش النقص لما ثبت من عدم الاذن ، و الاصل الضمان ، و هو ما بين قيمته مقطوعا قميصا و مقطوعا قباء كما رجحه السبكي .
و لان أصل القطع مأذون فيه ، و ان رجح الاسنوى كابن أبى عصرون .
و جزم به القونوى و البارزى و غيرهما من شراح الحاوى و غيره انه ما بين قيمته صحيحا و مقطوعا لانتفاء الاذن من اصله و لا يقدح في ترجيح الاول عدم الاجرة له ، اذ لا تلازم بينها و بين الضمان ، و للخياط نزع خيطه ، و عليه أرش نقص النزع ان حصل ، كما قاله الماوردي و الرويانى في البحر ، و له منع المالك من شد خيط فيه بجره مكانه .
هكذا افاده الشمس الرملي في النهاية .
و يمكننا ان نستلخص مما مضى من اقاويل انهما إذا اختلفا في قدر الاجر فقال اجرتنيها سنة بدينار ، قال بل بدينارين تحالفا ، و يبدأ بيمين الاجر ، و هو قول الشافعي و أحمد ، لان الاجارة نوع من البيع ، فإذا تحالفا قبل مضى شيء من المدة فسخا العقد و رجع كل واحد منهما في ماله ، و ان رضى أحدهما بما حلف عليه الآخر قر العقد ، و ان فسخا العقد بعد المدة أو شيء منها سقط المسمى و وجب اجر المثل ، كما لو اختلفا في المبيع بعد تلفه و هذا قول احمد و أصحابه ، و به قال أبو حنيفة ان لم يكن عمل العمل ، و ان كان عمله فالقول قول المستأجر لانه منكر للزيادة في الاجر و القول قول المنكر فإذا عرفنا ان الاجارة نوع من المبيع عرفنا انهما يتحالفان عند اختلافهما في العوض كالبيع ، و كما قبل ان يعمل العمل عند أبى حنيفة .