قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فصل ) إذا خرجت على الامام طائفة من المسلمين و رامت خلعه بتأويل أو منعت حقا توجه عليها بتأويل ، و خرجت عن قبضة الامام و امتنعت بمنعه ، قاتلها الامام لقوله عز و جل ( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله ) و لان أبا بكر الصديق رضى الله عنه قاتل مانعي الزكاة ، و قاتل على كرم الله وجهه أهل البصرة يوم الجمل ، و قاتل معاوية بصفين ، و قاتل الخوارج بالنهروان ، و لا يبدأ بالقتال حتى يسألهم ما ينقمون منه ، فإن ذكروا مظلمة أزالها ، و ان ذكروا علة يمكن أزاحتها أزاحها ، و ان ذكروا شبهة كشفها لقوله تعالى ( فأصلحوا بينهما ) و فيما ذكرناه إصلاح .
و روى عبد الله بن شداد بن الهاد ( أن عليا كرم الله وجهه لما كاتب معاوية و حكم ، عتب عليه ثمانية آلاف و نزلوا بأرض يقال لها حروراء ، فقالوا انسلخت من قميص ألبسك الله ، و حكمت في دين الله ، و لا حكم الا لله ، فقال على : بيني و بينكم كتاب الله .
يقول الله تعالى في رجل و إمرأة ( و أن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) و أمة محمد صلى الله عليه و سلم أعظم دما و حرمة من إمرأة و رجل ، و نقموا أنى كاتبت معاوية : من ( على بن أبى طالب ) و جاء سهيل بن عمرو و نحن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بالحديبية حين صالح قومه قريشا ، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله أكتب من محمد رسول الله ، فقالوا : لو نعلم أنك رسول الله لم نخالفك ، فقال أكتب فكتب ( هذا ما قاضى عليه محمد قريشا ) يقول الله عز و جل ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله و اليوم الاخر ) و بعث إليهم عبد الله بن عباس فواضعوا عبد الله كتاب الله تعالى ثلاثة أيام ، و رجع منهم أربعة آلاف ، فإن أبوا وعظهم و خوفهم القتال ، فإن أبوا قاتلهم ، فإن طلبوا الانظار نظرت ، فان كان يومين أو ثلاثة أنظرهم ، لان ذلك مدة قريبة و لعلهم يرجعون إلى الطاعة ، فان طلبوا أكثر من ذلك بحث عنه الامام ، فان كان قصدهم