تنزها عنه ان في انيتهم الخمر و لحم الخنزير و هذه الرواية مع صراحتها في عدم الحرمة تصلح قرينة بمدلولها اللفظي على صرف الاخبار الظاهرة في الحرمة أو النجاسة عن ظاهرها كصحيحة على بن جعفر المتقدمة الدالة على جواز الوضوء للصلوة بالماء الذي باشره اليهودي أو النصراني لدى الضرورة و منها صحيحة العيض بن القاسم انه سئل أبا عبد الله ( ع ) عن مؤاكلة اليهودي و النصراني فقال لا بأس إذا كان من طعامك و سئلته عن مؤاكلة المجوسي فقال اذا توضأ فلا بأس و صحيحة ابراهيم بن ابى محمود قال قلت للرضا ( ع ) الجارية النصرانية تخدمك و أنت تعلم انها نصرانية لا تتوضأ و لا تغتسل من جنابة قال لا بأس تغسل يديها و هذه الصحيحة تدل على المدعى قولا و تقريرا و نحوها صحيحة الاخرى قال قلت للرضا ( ع ) الخياط أو القصار يكون يهوديا أو نصرانيا و أنت تعلم انه يبول و لا يتوضأ ما تقول في عمله قال لا بأس و رواية زكريا بن ابراهيم قال دخلت على ابى عبد الله ( ع ) فقلت انى رجل من أهل الكتاب وانى اسلمت و بقى اهلى كلهم على النصرانية و انا معهم في بيت واحد لم افارقهم فاكل من طعامهم فقال يأكلون لحم الخنزير قلت لا و لكنهم يشربون الخمر فقال لي كل معهم و اشرب و موثقة عمار عن ابى عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو إناء غيره إذا شرب على انه يهودى قال نعم قلت فمن ذلك الماء الذي يشرب منه قال نعم و رواية ابى جميلة عن ابى عبد الله ( ع ) انه سئله عن ثوب المجوسي ألبسه و أصلي فيه قال نعم قلت يشربون الخمر قال نعم نحن نشترى الثياب السابرية فنلبسها و لا نغسلها و رواية الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميرى انه كتب إلى صاحب الزمان عليه السلام عندنا حاكة مجوس يأكلون الميتة و لا يغتسلون من الجنابة و ينسجون لنا ثيابا فهل يجوز الصلوة فيها من قبل ان تغسل فكتب اليه في الجواب لا بأس بالصلوة فيها و ( رواية ) ابى على البزاز عن ابيه قال سئلت جعفر بن محمد عن الثوب يعمله أهل الكتاب أصلي فيه قبل ان يغسل قال لا بأس و ان يغسل احبالى و عن معوية بن عمار قال سئلت أبا عبد الله ( ع ) عن الثياب السابرية يعملها المجوس و هم اخباث و هم يشربون الخمر و نساؤهم على تلك الحال ألبسها و لا اغسلها و أصلي فيها قال نعم قال معاوية فقطعت له قميصا و خططته و فتلت له ازرار أو رداء من السابرى ثم بعثت بها اليه في يوم الجمعة حين ارتفع النهار فكانه عرف ما أريد فخرج بها إلى الجمعة إلى ذلك من الاخبار الدالة على جواز استعمال الثياب التي يعملها أهل الكتاب و حملها على إرادة الثياب التي لم يعلم ملاقاتهم لها برطوبة سارية اسؤ من طرحها و يؤيده بل يدل عليه ايضا الاخبار الكثيرة الدالة على جواز مخالطة الكتابي مثل ما دل على جواز تزويج الكتابية و اتخاذها ظئرا و جواز أعاره الثوب للكتابي و لبسه بعد استرداده من ان يغسله و تغسيل الكتابي للميت المسلم عند فقد المماثل و المحرم و نحو ذلك من اشعار في شيء منها بالتجنب عمايلاقيه برطوبة سارية مع قضأ العادة بعدم التحفظ عنه ما لم يكن متعمدا في ذلك بل في بعض تلك الاخبار تقرير للسائل فيما زعمه من طهارة الكتابي كصحيحة عبد الله بن سنان قال سئل ابى أبا عبد الله ( ع ) و ان حاضر انى اعير الذمي ثوبا و انا أعلم انه يشرب الخمر و يأكل لحم الخنزير ثم يرده على فاغسله قبل ان أصلي فيه فقال أبو عبد الله ( ع ) صل فيه و لا تغسله من اجل ذلك فانك اعرته إياه و هو طاهر و لم تستيقن انه نجسه فلا بأس إلى ذلك من الاخبار إلى يقف عليها المتتبع و يدل عليه ايضا مخالطة الائمة عليهم السلام و خواصهم مع عامة الناس من الخاصة و العامة الذين لا يتحرزون عن مساورة أهل الكتاب مع قضأ العادة باستحالة بقاء ما في أيديهم من الماكول و المشروب و الملبوس و ما يتعلق بهم من اثاث بيتهم على طهارته على تقدير نجاسة اليهود و النصارى و يرد على هذا الدليل النقض بسائر النجاسات فان عامة الناس لا يتحرزون عنها و لا اقل ابتلاء بعضهم بها في الجملة و لو في حال الجهل فيسرى النجاسة منها إلى جميع ما في أيدي الناس بواسطة الاختلاط فهذه شبهة سارية متعلقها مسألة كون المتنجس متنجسا لا خصوص المقام و سيأتي الكلام في حلها انشاء الله ( و أجيب ) عن الاصل بانقطاعه بالدليل و عن الاية بانها مفسرة في الاخبار المستفيضة بالجنوب فلا يصح التمسك بإطلاقها للمدعى و عن الاخبار الدالة على الطهارة الغير القابلة للحمل على صورة عدم العلم و غيره من المحامل بانها جارية مجرى التقية لموافقتها لمذهب العامة و استشهد لذلك ببعض تلك الروايات مثل رواية زكريا بن ابراهيم التي يظهر منها الفرق بين الخمر و لحم الخنزير فلو لا صدورها تقية لم يكن وجه لذلك و اوضح من ذلك رواية الكاهلي قال سئلت أبا عبد الله ( ع ) عن قوم مسلمين يأكلون فحضرهم رجل مجوسي أ يدعونه إلى الطعام فقال اما انا فلا أو أكل المجوسي و أكره ان أحرم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم فان الظاهر من الرواية بان مواكلة المجوسي محرمة من الله سبحانه لكنى لا أحرم من جهة شيوع ذلك في بلادكم فانها لو لا التقية لم يكن شيوع الارتكاب علة لكراهة التحريم و لو لم يكن الحكم من الله التحريم لم يكن وجه لتعليل كراهة التحريم بشيوع الارتكاب في تلك البلاد و لا بخفى ما في هذا التقريب فان التقية ليست مقتضية لان يكره الامام ( ع ) تحريم ما حرمه الله ] تع [ فالظاهر ان مواكلة المجوسي من حيث هى و لو بالنسبة إلى الخبر و غيره من الاطعمة الجامدة على ما يقتضيه إطلاق أدلتها من الامور المكروهة التي يمقتها الله و اوليائه و لعل حكمة كونها نحوا من الموادة الممقوتة لكن الامام ( ع ) كره ان يكلفهم بالمنع ارفاقا بهم و توسعة عليهم فمراده بقوله ( ع ) ان أحرم عليكم اما مطلق المنع لا التحريم الحقيقي لكن بلحاظ تعلق امر الامام ( ع ) بتركه كما لو امر الوالد ولده بترك بعض الاشياء المحللة لغرض
صحيح و قد صرح واحد بوجوب اطاعة الامام ( ع ) في كل ما يأمر به و ينهى عنه و ان يكن متعلقة واجبا أو حراما شرعيا بالذات فلا مقتضى لصرف الرواية عن ظاهرها و لو بناء على نجاسة المجوسي اذ لا مقتضى لحملها على إرادة خصوص المايعات التي تنفعل بملاقاة النجس فالمقصود بها بيان حكم المؤاكلة من حيث هى محرمة كانت أو مكروهة ( و كيف ) كان فلا شهادة في هذه الرواية على كون الحكم بطهارة الكتابي في ساير الاخبار لاجل التقية و أضعف من ذلك الاستشهاد له برواية زكريا بن ابراهيم فانهم أكلوا لحم الخنزير يكون اللحم ايضا من جملة طعامهم و ربما يمزجونه في ساير أطعمتهم و لذا استفصل عنه الامام ( ع ) عند إرادة بيان حكم طعامهم و اما الخمر فهو شراب مستقل لا يكون مانعا من حل طعامهم الا ترى انه يصح ان نقول يحل طعام شارب الخمر و لا يصح ان نقول يحل طعام من يأكل لحم الخنزير الا بعد التقيد بخلو طعامه منه فلعل الامام ( ع ) استفصل عنه لارادة تقييد الرخصة بصورة العلم بخلو طعامهم منه أو عدم العلم بوجوده فيه مع انه يظهر بالتدبر فيما اسلفناه في مبحث نجاسة الخمر ان احتمال صدور الاخبار الدالة على طهارتها تقية ليس بأقوى من احتمال كون ما دل على نجاستها كذلك فالإِنصاف انه ليس في شيء من اخبار الطهارة ما يشعر بصدورها تقية فضلا عن ان يدل على ذلك دلالة معتبرة مصححة لطرح هذه الاخبار الكثيرة فلا يجوز رفع اليد عن مثل هذه الروايات الا بدليل معتبر و الذى يقتضيه الجمع بينها و بين اخبار النجاسة انما هو ارتكاب التأويل في تلك الاخبار فان اخبار الطهارة لو لم تكن نصا فلا اقل من كونها أظهر دلالة من تلك الروايات مع ما اشرنا اليه من ان جملة من هذه الروايات تصلح ان تكون بمدلولها اللفظي قرينة لصرف تلك الروايات عن ظاهرها خصوصا مع ما عرفت من وهن دلالة تلك الاخبار على النجاسة بل إمكان منع ظهورها فيها أللهم الا ان يدعى انجبار ضعف دلالتها كسندها بفهم الاصحاب و عملهم لكن لا يكفى ذلك في ترجيحها على اخبار الطهارة بعد عدم التنافي و إمكان الجمع عرفا مع وجود الشاهد عليه الا ان يقال ان اعراض المشهور عن اخبار الطهارة أسقطها عن الاعتبار فاخبار النجاسة على هذا التقدير حجة سليمة من المعارض يجب الاخذ بظاهرها لكن الاقتناع بهذا القول في طرح مثل هذه الاخبار اراه مجرد التقليد و التصديق من تصور فلا بد من تحقيق هذا القول ( فنقول ) لا شبهة في ان اعراض اصحابنا عن رواية واصلة إلينا بواسطتهم مع شدة اهتمامهم بالتعبد بما وصل إليهم من الائمة عليه السلام مانع من حصول الوثوق بكون ما تضمنته تلك الرواية بظاهرها حكما شرعيا واقعيا و كلما ازدادت الرواية قوة من حيث السند و الدلالة و السلامة من المعارض المكافى كما فيها نحن فيه ازدادت وهنا فيكون اعراضهم عن الرواية إمارة اجمالية كاشفة عن خلل فيها من حيث الصدور اوجهة الصدور أو الدلالة أو من حيث ابتلائها بمعارض أقوى ( لكنك ) خبير بعدم كونه موجبا للقطع بالخلل غالبا و على تقدير حصول القطع بذلك فلا بحث فيه لان القاطع مجبول على اتباع قطعه و لا يعقل ان يكلف بالعمل برواية يقطع بعدم كون مضمونها حكم الله في حقه و لكن الكلام انما هو بالنسبة إلى من لم يقطع بذلك بحيث يصح عقلا ان يتعبد بالعمل بالخبر الذي اعرض عنه الاصحاب فاعراض الاصحاب عنه بالنسبة اليه إمارة ظنية لا دليل على اعتبارها فان اثرت وهنا في الرواية من حيث السند بان منعتها من افادة الوثوق بصدورها سقطت الرواية عن الحجية بناء على اعتبار الوثوق بالصدور في حجية الخبر أو عدم وهنه بامارة الخلاف و اما بناء على كفاية مجرد وثاقة الراوي أو عدالته و عدم اشتراط الوثوق الشخصي في خصوصيات الموارد فلا وجه لرفع اليد عنه بواسطة إمارة معتبرة كما انه لاوجه لرفع اليد عن دلالته أو ظهوره في كونه مسوقا لبيان الحكم الواقعي لذلك أللهم الا ان يقال باشتراط حجية الظواهر بالظن الشخصي أو عدم الظن بخلافها و لكنه خلاف التحقيق و كيف كان فاخبار الباب الدالة على الطهارة لتكاثرها أو تظافرها و صحة أسانيدها و اعتضاد بعضها ببعض اجل من ان يطرء عليها وهن في سندها أو دلالتها لامكان دعوى القطع بصدور اغلبها لو لم نقل بذلك في كلها كما ذهب اليه بعض فلا يتطرق إليها الوهن من حيث السند و اما دلالتها فهي من القوة بمكان كاد يكون بعضها نصا فى المدعى فلا نجد في نفوسنا ريبة في دلالتها و انما الريبة التي يتطرق إليها انما هى في جهة صدورها فيتقوى باعراض المشهور عنها احتمال كونها صادرة عن تقية و نحوها من الامور المقتضية لاظهار خلاف الواقع لكن احتمال صدورها من الامام ( ع ) تقية منه في القول بمعنى كونه ( ع ) متقيا في مقام بيان الحكم بعيد عن مصب الروايات كما لا يخفى على المتامل فالذي يحتمل قويا كونها صادرة لاجل التقية في مقام العمل بمعنى انه قصد بها ان يعمل السائلون على ما يوافق مذهب العامة كيلا يصيبهم منهم سؤ و لا مبعد لهذا الاحتمال عدا الاثار الوضعية الثابتة للنجاسات فانه لو لم يكن لها الا الاحكام التكليفية التي يرفعها دليل نفى الحرج و نحوه لكان الامر فيها هينا لكن على تقدير نجاسة الكتابي و تنجس من خالطه و استلزام تنجسه بطلان وضوئه و غسله المتوقف عليهما صلوته و صومه و ساير عباداته المتوقفة على الطهور لدى قدرته من تطهير بدنه و استعمال الماء الطاهر أو التيمم بدلا منهما لدى العجز عن التطهير فمن المستبعد جدا ان يأمر الامام ( ع ) بمخالطتهم و مشاورتهم من ان يبين لهم نجاستهم حتى يتحفظوا عنها في طهورهم و صلوتهم و لو بالتيمم بدلا من الوضوء و الغسل مع ان العادة قاضيه بقدرتهم على التيمم غالبا من ان يترتب عليه مفسده هذا مع إمكان دعوى القطع بانه لم يكن تكليفهم في زمان مخالطتهم مع اليهود التيمم و ترك
الوضوء و الغسل مع انه لو كان بدنهم نجسا لكان تكليفهم التيمم عند عدم قدرتهم على التطهير أللهم الا ان يلتزم بالعفو عن النجاسة مع عموم الابتلاء بها و كون التجنب عنها موجبا للحرج و على هذا التقدير لا حاجة لحمل الاخبار على التقية بل تحمل على صورة الضرورة و تعسر و التجنب عن مساورتهم و لو بالوسايط كما هو الغالب بالنسبة إلى مواردها فليتأمل و كيف كان فحمل الاخبار على التقية لا يخلو عن بعد و على تقدير قرب احتماله لا يكفى ذلك في الحمل على مخالفته للاصل ما لم يدل عليه دليل معتبر و قد اشرنا إلى ان مجرد الاعراض لا يصلح دليلا عليه أللهم الا ان يدعى افادته للقطع بعدم كونها مسوقة لبيان الحكم الواقعي و عهدتها على مدعيها فهي لا ينهض حجة على من لم يقطع بذلك حتى يجوز له طرح الاخبار المعتبرة كما ان الشهرة و نقل الاجماع على الفتوى بل الاجماع المحقق ايضا كذلك ما لم يوجب القطع بموافقة الامام ( ع ) ( و دعوى ) انه سبب عادي للقطع بالموافقة مجدية بعد ان لم يجد الانسان من نفسه القطع الذي هو امر وجداني لا يجوز مخالفته عقلا و الطبع مجبول على اتباعه قهرا و بهذا ظهر لك ضعف الاستدلال للنجاسة بالشهرة و نقل الاجماع و غيرهما من المؤيدات التي تقدمت الاشارة إليها ( لكن ) لقائل ان يقول ان ما ذكر من ادلة النجاسة و ان لا يصلح شيء منها في حد ذاته لاثبات المدعى في مقابلة هذه الاخبار الكثيرة لكن ربما يحصل بملاحظة المجموع من نقل الاجماع و الشهرة و شذوذ المخالف nو مغروسيته في اذهان المتشرعة على وجه صار لديهم نظير الضروريات الثابتة في الشريعة التي يعرفها العوام و النساء و الصبيان و غيرها من المؤيدات المعاضدة لظواهر اخبار النجاسة الجزم بنجاستهم و كون اخبار الطهارة مؤلة أو مغلولة و الانصاف ان هذه الدعوي قريبه جدا فانه ربما يحصل بملاحظة معروفيته في الشريعة لدى العوام و الخواص و تجنبهم عن مساورة أهل الكتاب الجزم بالحكم لكونها كالسيرة القطعية كاشفة عن راى المعصوم لكن الذي يوهنها في خصوص المقام السير في اخبار الباب فانها تشهد بحدوث هذه السيرة و تأخرها عن عصر الائمة لشهادة جلها بخلو اذهان السائلين الذين هم من عظماء الشيعة و رواة الاحاديث من احتمال نجاستهم الذاتية و ان الذي أوقعهم في الريبة الموجبة للسؤال عدم تجنبهم عن النجاسات حتى ان محمد بن عبد الله بن الجعفر الحميرى الذي كتب إلى صاحب الزمان ] عج [ في زمان الغيبة استشكل في الصلوة في الثياب المتخذه من المجوس بواسطة انهم يأكلون الميتة و لا يغتسلون من الجنابة فيستفاد من مثل هذا السوأل ان احتمال نجاسة المجوس ذاتا لم يكن طارقا بذهنه و الا لكان الفحص عن حكم الثياب بملاحظتها أولى فيظن بمثل هذه الاسؤلة ان معروفيتها لدى العوام nو مغروسيتها في اذهانهم نشائت من شهرة القول بها بين العلماء الذين هم مرجع تقليد العوام و هي في حد ذاتها لا تفيد الجزم بالحكم خصوصا مع قوة احتمال كون مستند المشهور في الحكم بالنجاسة كما يساعد عليه مراجعة كتبهم استظهارها من الاية الشريفة ببعض التقريبات المتقدمة فلم يجوز و ارفع اليد عن ظاهر الكتاب باخبار الطهارة اما بناء منهم على انها اخبار احاد و لا يجوز تخصيص الكتاب بها أو لزعمهم ابتلاء المخصص بالمعارض أو ذلك من جهات الترجيح فلا وثوق بوصول الحكم إليهم يدا بيد عن معصوم ( ع ) أو عثورهم على دليل معتبر ما بأيدينا من الادلة و الحاصل انه لا يجوز طرح الاخبار الدالة على الطهارة و المؤيدة لها التي لا تتناهى كثرة بمثل هذه التلفيفات التي تشبث بها القائلون بالنجاسة حتى الحق المسألة بعضهم بالبديهيات التي رأى التكلم فيها تضيعيا للعمر مع انه لا يرجع شيء منها إلى دليل يعتد به عدا ظواهر اخبار النجاسة التي عرفت حالها فألحق ان المسألة في غاية الاشكال و لو قيل بنجاستهم بالذات و العفو عنها لدى عموم الابتلاء أو شدة الحاجة إلى معاشرتهم و مشاورتهم أو معاشرة من يعاشرهم لمكان الحرج و الضرورة كما يؤيده ادلة نفى الحرج و يشهد له صحيحة على بن جعفر المتقدمة الدالة على جواز الوضوء بما باشره اليهودي و النصراني لدى الضرورة و المنع منه في غيرها لم يكن بعيدا عما يقتضيه الجمع بين الادلة لو لم يكن مخالفا للاجماع اذ لا يكاد يستفاد من اغلب اخبار الطهارة ازيد من نفى البأس عن استعمال ماباشروه لدى الضرورة العرفية لورود جلها في هذا الفرض و لا بعد فيه و قد التزم صاحب الحدائق بنحو ذلك في العامة حيث قال بنجاستهم و العفو عنها لدى عموم الابتلاء بهم لمكان الحرج و الله العالم بحقايق احكامه ( تنبيه ) ولد الكافرين يتبعهما في الحكم من النجاسة و جواز الاسر و التملك على ما صرح به واحد و ظاهرهم كونه من المسلمات التي لا يشوبها شائبة خلاف و عن عدة من الكتب دعوى الاجماع عليه و يشهد له مضافا إلى الاجماع السيرة المستمرة على ترتيب اثار الكفر عليه من الاسر و التملك و قد يستدل له ايضا بصحيحة ابن سنان قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن أولاد المشركين يموتون قبل ان يبلغوا الخنث قال كفار و الله أعلم بما كانوا عاملين يدخلون مداخل ابائهم و خبر وهب بن وهب عن جعفر بن محمد قال أولاد المشركين مع ابائهم في النار و اولاد المسلمين مع ابائهم في الجنة و فى حديث فاما أطفال المؤمنين فانهم يلحقون بآبائهم و اولاد المشركين يلحقون بآبائهم و هو قول الله عز و جل و الذين امنوا و اتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم و فى دلالة مثل هذه الاخبار على نجاستهم ما داموا في دار الدنيا تأمل بل منع نعم لا بأس بذكرها في مقام التأييد و استدل ايضا لنجاسته باستصحاب نجاسته حالكونه جنينا في بطن امه و بتنقيح المناط عند أهل الشرح حيث انهم يتعدون عن نجاسة الابوين ذاتا إلى المتولد منهما فهو شئ مركوز في اذهانهم و ان نعلم وجهه تفصيلا فكم لهم من هذا القبيل و فيهما ما لا يخفى و لو كان احد الابوين مسلما
تبعه لولد دون الاخر الكافر كما صرح به واحد و لو اسلما بعد الولادة تبعهما في الحكم و كذا لو اسلم أحدهما اذ لا فرق بين سبق الاسلام أو لحوقه في انه يعلو و لا يعلى عليه و حيث ان عمدة دليل الحكم بالتبعية هو الاجماع و السيرة فليقتصر على القدر المتيقن من موردهما و هو ثبوت الحكم مع بقاء تبعيته لهما عرفا و لو بنحو المسامحة العرفية بكونه معدودا في عداد الكفار تبعا لدارهم فلو استقل الولد و انفرد و لحق بدار الاسلام و خالط المسلمين خرج من حد التبعية العرفية خصوصا مع تدينه في الظاهر بدين الاسلام و لا سيما على القول بشرعية عبادة الصبي فلا ينبغي الاستشكال في طهارته أللهم الا ان ينعقد الاجماع على بقاء اثر التبعية ما لم يبلغ و ان خرج من حدها عرفا و هو بعيد خصوصا مع عدم تعرض الاصحاب لحكم هذا الفرع نعم صرحوا فيمن سباه مسلم بانه يتبع السابي إذا كان منفردا عن أبويه بخلاف ما لو كان معهما معللا ذلك بالاجماع و السيرة القطعية على المعاملة مع السبايا معاملة المسلمين فيظهر من تخصيصهم لهذا الفرع بالذكر و تعليلهم بتبعيته للسابي و الاستدلال عليه بالاجماع و السيرة انه لو لا تبعيته للمسلم لكان مقتضى الاصل فيه النجاسة لكن إثبات الاجماع بالنسبة إلى الفرع المسكوت عنه بمثل هذه الاستظهارات لا يخلو من اشكال و ربما استشكل بعض في طهارة السبي ايضا مع ما سمعت من دعوى الاجماع و السيرة عليها نظرا إلى استصحاب حالته السابقة و فيه ما عرفت من تبدل الموضوع فانه لم يثبت الحكم الا للكفار و من يعد منهم تبعا و قد خرج الولد عرفا من حد التبعية و دعوى بقاء الموضوع عرفا و هو المناط في جريان الاستصحاب ( مدفوعة ) بان وصف التبعية بنظر العرف ايضا من مقومات الموضوع في مثل هذه الاحكام التي يرون ثبوتها له بالتبع هذا مع ان الاستصحاب فيه من قبيل الشك في المقتضى و لا إعتداد به فليتأمل و لا يخفى عليك ان ما ذكرناه من لزوم الاقتصار على القدر المتيقن انما هو في الاثار المخالفة للاصل الثابتة له بالتبع كنجاسة البدن و جواز الاسترقاق و نحوه و اما الاثار الموافقة للاصل كعدم وجوب تجهيزه و الصلوة عليه بعد موته فلا يرفع اليد عنها ما لم يثبت اندراجه في زمرة المسلمين حقيقة أو حكما و هل يندرج في زمرتهم حكما من سباه المسلم منفردا عن أبويه كما يظهر مما حكى عن المشهور من حكمهم بتبعيته للسابي مطلقا ام لا كما حكى عن جماعة من تصريحهم بعدم تبعيته له الا في الطهارة التي اشرنا إلى عدم احتياجه فيها إلى التبعية و كفاية استقلاله و خروجه من حد تبعية أبويه عرفا في حصولها فيه تردد لان مستند الحكم السيرة القطعية على المعاملة مع السبايا معاملة المسلمين و فى استقرارها على نحو يستكشف بها رأى المعصوم بالنسبة إلى الاثار المخالفة للاصل الثابتة للمسلمين بواسطة اسلامهم تأمل و هكذا الكلام في اللقيط الذي لم يعرف كونه من أولاد المسلمين أو الكفار فقد حكى عن الشيخ ره الحكم بإسلام لقيط دار الاسلام إذا كان فيها مسلم صالح لتولده منه سواء بينت في الاسلام و لم يقربها الكفار ام كانت دار حرب غلب عليها المسلمون فاخذوها صلحا أو قهرا أو كانت دار الاسلام فغلب عليها أهل الحرب و كذا لقيط دار الحرب إذا استوطنها مسلم و لو اسيرا كل ذلك للنبوي المشهور الاسلام يعلو و لا يعلى عليه و اما إذا دخلها التجار فذكر فيه وجهان الاسلام لغلبة جانبه و العدم لان الدار دار كفر قال شيخنا المرتضى بعد نقل ما حكى عن الشيخ و التحقيق في ذلك كله الحكم بالطهارة لانها الاصل و اما أحكام الاسلام فكلما كان الاسلام شرطا فلا يحكم به و كلما كان الكفر مانعا فيحكم به انتهى و هو جيد فيما إذا لم يكن الغالب فيه المسلمون و الا فلا يبعد الحكم بإسلامه فان اعتبار الغلبة في مثل المقام لا يخلو عن وجه و قد تقدم في مبحث غسل الميت ماله ربط بالمقام و أشرنا في ذلك المبحث إلى ضعف الاستدلال في نظائر المقام بالنبوي المتقدم و بقوله ( ع ) كل مولود يولد على الفطرة ] الخ [ فراجع ( بقي ) الكلام في شرح مفهوم الكافر ( فنقول ) بالله الاستعانة الكفر لغة هو الجحد و الانكار ضد الايمان فالشاك في الله ] تع [ أو في وحدانيته أو في رسالة الرسول صلى الله عليه و اله ما لم يجحد شيئا منها لا يكون كافرا لغة و لكن الظاهر صدقه عليه في عرف الشارع و المتشرعة كما يظهر ذلك بالتدبر في النصوص و الفتاوى و ما يظهر من بعض الروايات من اناطة الكفر بالجحود مثل رواية محمد بن مسلم قال سئل أبو بصير أبا عبد الله ( ع ) قال ما تقول فيمن شك في الله ] تع [ قال كافر يا أبا محمد قال فشك في رسول الله ( ع ) قال كافر ثم التفت إلى زرارة فقال انما يكفر إذا جحد و فى رواية اخرى لو ان الناس إذا جهلوا وقفوا و لم يحجدوا لم يكفروا فلا يبعد ان يكون المراد به ان الناس المعروفين بالاسلام المعترفين بالشهادتين الملتزمين بشرايع الاسلام في الظاهر إذا طرء في قلوبهم الشكوك و الشبهات الناشئة من جهالتهم لا يخرجون بذلك من زمرة المسلمين ما لم يجحدوا ذلك الشيء الذي شكوا فيه و لو بترتيب اثار عدمه في مقام العمل كترك الصلوة و الصوم و نحوهما فليس المراد بمثل هذه الروايات ان من لم يتدين بدين الاسلام و لم يلتزم بشيء من شرائعه متعذرا بجهله بالحال ليس بكافر بل لا ينبغي الارتياب في ان الملاحدة و غيرهم من صنوف الكفار لا يخرجون من حد الكفر الا بالاقرار بالشهادتين و التدين بشرايع الاسلام على سبيل الاجمال و هل يكفى الاقرار و التدين الصوري في ترتيب اثر الاسلام من جواز المخالطة و المناكحة و التوارث ام يعتبر مطابقته للاعتقاد فلو علم نفاقه و عدم اعتقاده حكم بكفره و اما لو لم يعلم بذلك حكم بإسلامه نظرا إلى ظاهر القول وجهان لا يخلو أولهما عن قوة كما يشهد بذلك معاشرة النبي صلى الله عليه و آله مع المنافقين المظهرين للاسلام مع علمه بنفاقهم مضافا إلى شهادة جملة من الاخبار بكفاية اظهار الشهادتين في الاسلام الذي به يحقن الدماء و يجرى عليه الموارث من إناطته بكونه ناشئا من القلب و انما يعتبر ذلك في الايمان الذي به يفوز الفائزون و هو اخص من الاسلام الذي عليه عامة الامة كما نطق بذلك الاخبار
الكثيرة و شهد له قول الله عز و جل و قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا اسلمنا و لما يدخل الايمان في قلوبهم و يستفاد من تلك الاخبار الكثيرة اسلام المخالفين المنكرين للولاية بل جملة منها مصرحة بذلك و سيأتي التعرض لبعضها ] إنش [ و يشهد له ايضا السيرة المستمرة من زمان حدوث الخلاف إلى يومنا هذا على المعاملة المسلمين بل المتامل في الاخبار المسوقة لبيان الاثار العملية المتفرعة على الاسلام مثل حل ذبيحة المسلم و طهارة ما في أيدي المسلمين و أسواقهم من الجلود و غيرها لا يكاد يشك في ان المراد بالمسلم ما يعمهم فلا ينبغي الارتياب في انهم مسلمون لكن لا كرامة لهم بذلك فانه ليس لهم منه في الاخرة من نصيب فما فى الاخبار المستفيضة بل المتواترة مما يدل على كفر جاحد الولاية محمول على ما لا ينافى اسلامهم الظاهرى المترتب عليه الاثار العملية فما عن بعض الاصحاب من الحكم بكفرهم في الظاهر ضعيف و الحاصل انه بعد ان علم ان الائمة عليهم السلام و أصحابهم لم يزالوا يعاملون معهم معاملة المسلمين و دلت الاخبار المتكاثرة على اسلامهم و وضوح إرادة الاعم منهم في كثير من الاخبار المسوقة لبيان الاثار العملية المتفرعة على الاسلام لا مجال للارتياب في كونهم محكومين بالاسلام في مقام العمل فمقتضى الجمع بين هذه الادلة و بين ما دل على كفرهم اما الالتزام بكفرهم حقيقة و إسلامهم حكما و به يتم المدعى اذ لم نقصد إثبات صفة الاسلام لهم الابلحاظ الاثار المترتبة اليه في مقام العمل و الالتزام بان لهم مرتبة من الكفر لا يترتب عليه الاثار العملية فان للكفر مراتب ادناها إنكار حكم من الاحكام الشرعية إثباتا أو نفيا فان من أنكر حكما شرعيا يصح نسبة الكفر اليه بلحاظ ذلك الحكم بل يصح ان يسند اليه الخروج من الدين و الكفر بشريعة خاتم النبيين صلى الله عليه و آله باعتبار ان الشريعة اسم للمجموع من حيث المجموع و يشهد على صحة إطلاق الكفر أو الشرك بإنكار حكم شرعي واحد من الاخبار ففى الصحيح عن ابى جعفر عليه السلام عن ادنى ما يكون به العبد مشركا قال من قال للنواة حصاة و للحصاة نواة ودان به و فى مكاتبة عبد الرحيم القصير لا يخرجه اى المسلم إلى الكفر الا الجحود و الاستحلال ان يقول للحلال هذا حرام و للحرام هذا حلال ودان بذلك فعندها يكون خارجا من الاسلام و الايمان داخلا في الكفر و يحتمل ان يكون المراد بهذه المكاتبة الكفر المطلق الذي يترتب اليه اثاره كما ستعرف توجيه و فى خبر اخر ادنى ما يكون العبد به كافرا من زعم ان شيئا نهى الله عنه ان الله امر به و نصبه دينا إلى ذلك من الاخبار و أنت خبير بان هذه المرتبة من الكفر المتحققة بتحريف الشريعة زيادة أو نقصا لا تؤثر في ترتيب اثار الكفر و لا في إطلاق الكافر عليه عرفا و شرعا ما لم يكن المحرف متعمدا في ذلك بحيث يوجب تحريفه تكذيب النبي صلى الله عليه و آله و إنكار رسالته و لو في الجملة و كيف كان فالمعتبر في الاسلام الذي به يخرج من حد الكفر و يترتب عليه الاثار العملية على ما يستفاد من النصوص و الفتاوى بعد التأمل و التدبر انما هو الشهادة بالتوحيد و الرسالة و تصديق الرسول صلى الله عليه و آله في جميع احكامه على سبيل الاجمال المستلزم للتدين بالاحكام الضرورية الثابتة في الشريعة من وجوب الصلوة و الزكوة و الصوم و الحج و نحوها من الضروريات التي لا يكاد يختفى شرعيتها على من تدين بهذا الدين فمثل هذه الاشياء و ان لم يكن الاعتراف بحقيتها تفصيلا من مقومات الدين لكن التدين بها و عدم إنكارها شرط في تحقق الاسلام فان إنكار مثل هذه الامور المعروف ثبوتها في الشريعة يناقض الاعتراف الاجمالى بصدق النبي صلى الله عليه و آله و حقية شريعته و قد اشرنا انفا إلى ان من لم يتدين بدين الاسلام فهو كافر في عرف الشارع و المتشرعة سواء حجد ام لم يجحد فالكافر ضابطه كل من خرج من حد المسلم سواء باين الاسلام بان لم يشهد بالتوحيد أو الرسالة كسائر فرق الكفار أو انتحله بإظهار الشهادتين و لكن جحد ما يعلم من الدين ضرورة مما ينافي إنكاره الاعتراف الاجمالى كالخوارج الذين استحلوا قتل الامير و الحسين عليهم السلام بل مطلق النواصب الذين أظهروا عداوة أهل البيت الذين أوجب بالله مودتهم و ولايتهم و أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا مع علمهم بعظمة شأنهم في الاسلام و وجوب الصلوة عليهم في كل صلوة و اهتمام النبي صلى الله عليه و آله في الامر بولايتهم و مودتهم و اخباره بأنهم سادات أهل الجنة و ان عليا مع الحق و الحق مع على و غير ذلك من الاخبار التي لا يجتمع الاذعان بصدقها مع النصب و استحلال القتل و الاستخفافات التي أظهروها قولا و فعلا فلم يكونوا مذعنين بصدق النبي صلى الله عليه و آله فيما اوصاهم في أهل بيته لكن ليعلم ان إنكار الضروري أو غيره من الاحكام المعلومة الصدور عن النبي صلى الله عليه و آله ليس ضروري التناقى للتصديق الاجمالى بل قد يجتمعان بواسطة بعض الشكوك و الشبهات الطارية على النفس فليس الانكار في مثل الفرض منافيا للايمان بالله و رسوله فلا يكون موجبا للكفر الا ان نقول بكونه من حيث هو كالفكر بالله و رسوله سببا مستقلا له كما هو صريح بعض و ظاهر اخرين بل ربما استظهر ذلك من المشهور حيث جعلوه قسيما للاولين و فيه تأمل نظرا إلى ما صرح به واحد بل قد يقال انه هو المشهور عندهم من استثناء صورة الشبهة و هو لا يناسب سببيته المستقلة فالمهم في المقام انما هو تشخيص موارد التنافي التي نحكم فيها بكفر المنكر و ان لم نقل بسببيته المستقلة ( فنقول ) اما مع التفات المنكر إلى التنافي بين إنكاره و تصديقه الاجمالى فالأَمر واضح فانه من أوضح مصاديق الكفار أللهم الا ان يقال بعدم اشتراط الاسلام بتصديق النبي صلى الله عليه و آله في جميع الاحكام و كفاية تصديقه في البعض لكنه خلاف ما يفهم من النصوص و الفتاوى بل لا يبعد اندراجه في الموضوع الذي أخبر الله ] تع [ عنهم بقوله ] تع [ و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض و يريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا و ان كانت الاية بظاهرها منصرفة عنه هذا إذا كان ملتفتا و اما
ان كان غافلا من التنافي أو معتقدا عدمه فاما ان يكون منشا غفلة المسامحة و عدم المبالاة بالدين كغفلة المنهمكين في شرب الخمر مثلا عن حرمتها من باب عدم المبالاة بالحرمة أو منشائها الاغترار بقول من يحسنون به الظن كالهمج الرعاء الذين قلدوا رؤسائهم و مشايخهم في قتل الحسين ( ع ) و الخروج ؟ ؟ عليهما السلام فاخذوا بقولهم نبذوا ما بلغهم عن الله و رسوله في فضلهما وراء ظهورهم فحالهم حال عوام اليهود الذين قلدوا علمائهم في تكذيب النبي صلى الله عليه و آله و علمائهم كعلمائهم فلا ينبغى الاستشكال في كفرهم بعد فرض علمهم بقول النبي ( ع ) و عدم اعتنائهم به سواء كان مبناه المسامحة أو التقليد أللهم الا ان يكون حسن الظن بمقلده موجبا للتشكيك في ما أراده النبي صلى الله عليه و آله بقوله لافي صحة القول و عدم الايمان به على الاطلاق فيكون معترفا بما اراده النبي صلى الله عليه و آله بمقتضى تصديقه الاجمالى لا بظاهر قوله و سيأتي الكلام في حكم هذه الصورة و اما ان يكون منشأ الغفلة غفلته عن مقام النبوة و توهم كون الحكم الخاص الصادر عن النبي صلى الله عليه و آله ناشئا من اجتهاده أو ميله النفساني فخطاه في ذلك غفله عن كونه ردا ؟ على النبي بل تكذيبا لله ] تع [ في قوله و ما ينطق عن الهوى فهذا النحو من الافكار قد يكون بدويا يرتدع المنكر عنه بمجرد الالتفات إلى نبوته و ما يقتضيه تصديقه الاجمالى و قد يكون مستقرا ناشئا مما بنى عليه من اجتهاد النبي صلى الله عليه و آله في بعض الاحكام كما ان العامة بحسب الظاهر لا يستنكرون ذلك بل ربما يدعون صدور الخطاء منه في مواطن عثر عليه رئيسهم فارشده إلى الصواب و اهتدى به النبي صلى الله عليه و آله و كيف كان فان كان هذا في الاحكام الشرعية و غيرها من الامور المتعلقة بمنصب النبوة اى ما كان الاخبار فيها إخبارا عن حكم الواقعة بلحاظ كونه نبيا فلا ينبغي الاستشكال في كونه موجبا للكفر بناء على وجوب تصديقه في جميع ما جاء به كما هو الظاهر من النصوص و الفتاوى اذ لا اعتبار بالاعتراف الاجمالى بصدقه في ما جاء به مع الرد عليه في الموارد الخاصة كما هو ظاهر لكن هذا في الانكار المستقر المبني على تخطئة النبي صلى الله عليه و آله و اما الانكار البدوى الناشي من الغفلة عن نبوته فهو على الظاهر بمنزلة ما لو انكر على شخصه حكما شرعيا و هو لا يعرفه فهو مناف لتصديقه الاجمالى كما أنه لا ينافي ذلك لو أنكر شيئا ضروريا بناء منه على ان ما هو المعروف عند الناس مغاير لما اراده النبي صلى الله عليه و آله كما لو زعم ان مراده من الصلوة التي أوجبها مطلق الدعاء و لكن الناس اشتبهوا فزعموا ان مراده الاركان المخصوصة فهو معترف اجمالا بحقية ما زعمه الناس صلوة على تقدير كونه مراد النبي صلى الله عليه و آله لكنه يزعم انه صلى الله عليه و آله لم يرده كما هو الشان في جميع الاحكام الواقعية التي ينفيها المجتهد بالادلة الاجتهادية فان إنكاره لها لا يقدح في ايمانه بالرسول في جميع ما اتى به لا لما توهمه بعض من ان التعبد بالاحكام الظاهرية ايضا مما اتى به الرسول فيكون مصدقا له في هذه الاحكام بل لما اشرنا اليه من عدم التنافي اذا التزم بخطائه على تقدير مخالفة قوله لقول الرسول غاية الامر انه اعتقد عدم المخالفة و لا ضير فيه و لذا لو أنكرها العوام ايضا أو المجتهد بظنون معتبرة لا يوجب كفره و هذا النحو من الانكار الغير المنافى للتصديق الاجمالى يتصور على أنحاء فانه تارة يأول كلام النبي صلى الله عليه و آله متشبثا بقواعد لفظية أو قرائن عقلية أو نقلية حالية أو مقالية يزعم صلاحيتها للقرينية لصرف الكلام عرفا فيحمل الكلام الصادر عن النبي صلى الله عليه و آله على المعنى الذي اراده بواسطة تلك القرائن كما لو ادعى في المثال السابق ان الصلوة لغة هى الدعاء و لم يثبت عندي إرادة معناها اللغوي و الاصل عدم النقل و هذا النحو من الانكار لا يوجب الكفر بلا شبهة بناء على عدم كونه سببا مستقلا كما هو المفروض تارة يأ و له بواسطة بعض الامور الغير المصالحة للقرينية عرفا كما مثل ما حكى عن بعض الجهال من المتصوفة من إنكار وجوب الصلوة و نحوها على مشائخهم الذين أكملوا نفوسهم بالرياضات بزعمهم مدعيا ان المقصود بالعبادات تكميل النفوس فيسقط التكليف عنها بعد الكمال و نظير ذلك ما لو اعترف بظهور الكلام في المعنى المعروف و لكن ادعى صدوره من باب التورية و نحوها من الامور المقتضية لاظهار خلاف الواقع و حكم هاتين الصورتين كحكم الصورة السابقة ان قلنا بان إرادة خلاف الظاهر مما له ظاهر من نصب قرنية ليس بكذب و الا ففيه اشكال و ان كان الاظهر فيه ايضا عدم الكفر لانصراف ما دل على سببية التكذيب للكفر عن مثل ذلك كما انه ينصرف عما لو اسند اليه صريحا الكذب المجوز بان قيل انه كذب في الموارد الكذائي حفظا لنفسه عن القتل و بهذا ظهر انه لو لم يدع التورية و التاويل ايضا ( بل حمل كلامه على كونه كذبا صادرا عن تقية لا يكون ذلك ايضا ) موجبا للكفر و تارة يأول كلامه بما ينافى الاذعان برسالته على كافة العباد كما لو قيل مثلا بان المقصود ببعث الرسول اللطف و إهداء القاصرين إلى ما يقربهم إلى الله فرسالته مقصودة على الحكماء الذين يرشدهم عقولهم إلى ما يصلحهم و يفسدهم فالمقصود بالعمومات الصادرة عن النبي صلى الله عليه و آله من قوله أقيموا الصلوة و نحوه يراد بها مثل هذه الاشخاص و قد حكى عن بعض الفلاسفة محاجته مع عيسى عليه السلام بمثل هذا القول و نظير ذلك ما لو قيل بانه كان رسولا على الاعراب لا على عامة العباد و كيف كان فمثل هذا الانكار كفر محض فانه و ان لم يكن منافيا للتصديق الاجمالى لانه يعترف بصدقه على تقدير ادعائه العموم لكنه يزعم انه لم يدع ذلك الا انه إنكار لرسالته في الجملة و هو كانكار أصل الرسالة سبب للكفر بالضرورة فضلا عن شهادة النص و الاجماع عليه و قد يكون الانكار ناشئا من الجهل بصدور الحكم من النبي صلى الله عليه و آله رأسا لقرب عهده بالاسلام و عدم مخالطته مع المسلمين و هذا لا ينافي الاقرار بالرسالة المطلقة و التصديق الاجمالى فلا يكون موجبا للكفر بلا شبهة ( فتلخص ) من جميع ما ذكرنا ان إنكار الضروري يوجب الكفر ان كان منافيا للاعتراف الاجمالى أو كان موجبا لانكار الرسالة في الجملة و الا فلا هذا إذا لم نقل بكون إنكار الضروري من حيث هو سببا مستقلا للكفر كما صرح به واحد من
المتأخرين و استشعر من عبائر غيرهم ممن قيده بما إذا لم يكن عن شبهة بل هذا ظاهر كل من قيده بعدم احتمال الشبهة لان افحام كله الاحتمال ؟ ؟ على إرادة كون الانكار طريقا لتشخيص الموضوع ما لم يكن احتمال الجهل و الاشتباه قائما في حقه و يؤكد هذا الظاهر تمثيلهم لمورد احتمال المشبهه بالفرض الاخير الذي نشاء إنكاره من الجهل الذي لا يطلق عليه الشبهة عرفا كما لا يخفى وجهه على المتامل و اما على القول بالسببية كما هو صريح بعض و ظاهر اخرين بل ربما استظهر من المشهور فلا بد في معرفة حكم جميع صور الانكار بعد الفراغ من إثبات أصل السببية من النظر إلى اما يقتضيه أدلتها من حيث الاطلاق و التقييد ( فنقول ) ما يمكن ان يستدل به للقول بالسببية امور منها ان الاسلام عرفا و شرعا عبارة عن التدين بهذا الدين الخاص الذي يراد منه مجموع حدود شرعية منجزة على العباد فمن خرج من ذلك و لم يتدين به كان كافرا مسلم سواء لم يتدين به أصلا و تدين ببعضه دون بعض اى بعض كان و ( فيه ) ما عرفت فيما سبق من ان المعتبر في الاسلام انما هو التدين بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه و آله اجمالا بمعنى الاعتراف بصحتها و صدق النبي صلى الله عليه و آله في جميع ما جاء به على سبيل الاجمال و اما التدين بها تفصيلا فلا يعتبر في الاسلام قطعا فالإِنكار التفصيلى ما لم يكن منافيا للتصديق الاجمالى بان كان المنكر معترفا بخطائه على تقدير مخالفة قوله لما جاء به النبي صلى الله عليه و آله لا يوجب الخروج مما يعتبر في الاسلام ( و منها ) الاخبار الدالة على سببية افكار حكم من الاحكام الشرعية للكفر مثل صحيحة ابى الصباح الكناني عن ابى جعفر ( ع ) قال قيل لامير المؤمنين عليه السلام من شهد ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله كان مؤمنا قال فاين فرائض الله قال و سمعته يقول كان على يقول لو كان الايمان كلاما لم ينزل فيه صوم و لا صلوة و لا حلال و لا حرام قال و قلت لابى جعفر ( ع ) ان عندنا قوما يقولون إذا شهد ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله فهو مؤمن قال فلم يضربون الحد و لم يقطع أيديهم و ما خلق الله عز و جل خلقا اكرم على الله عز و جل من مؤمن لان الملائكة خدام المؤمنين و ان جوائز الله للمؤمنين و ان الجنة للمؤمنين و ان الحور العين للمؤمنين ثم قال فما بال من جحد الفرائض كان كافرا و فى مكاتبة عبد الرحيم القصير مع عبد الملك إلى ابى عبد الله ( ع ) فإذا اتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عز و جل عنها كان خارجا من الايمان ساقطا عنه اسم الايمان ثابتا عليه اسم الاسلام فان تاب و استغفر عاد إلى دار الايمان و لا يخرجه إلى الكفر الا الجحود و الاستحلال بان يقول للحلال هذا حرام و للحرام هذا حلال ودان بذلك فعندها يكون خارجا من الاسلام و الايمان داخلا في الكفر و فى صحيحة عبد الله بن سنان قال سئلت أبا عبد الله ( ع ) عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت هل يخرجه ذلك من الاسلام و ان عذب كان عذابه كعذاب المشركين ام له مدة و انقطاع فقال من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم انها حلال أخرجه ذلك من الاسلام و عذب اشد العذاب و ان كان معترفا انه اذنب و مات عليه أخرجه من الايمان و لم يخرجه من الاسلام و كان عذابه أهون من عذاب الاول و صحيحة يزيد العجلي عن ابى جعفر ( ع ) قال سئلته عن ادنى ما يكون به العبد مشركا قال من قال للنواة حصاة و للحصاة انها نواة ودان به و فى رواية سليم بن قيس عن أمير المؤمنين ( ع ) ادنى ما يكون به العبد كافرا من زعم ان شيئا نهى الله عنه ان الله امر به و نصبه دينا يتولى عليه و يعبد الذي امره و انما يعبد الشيطان إلى ذلك من الاخبار الدالة عليه مثل قوله ( ع ) من شرب النبيذ على انه حلال خلد في النار و من شرب على انه حرام عذب في النار و مثل ما دل على وجوب قتل من افطر شهر رمضان او شرب الخمر أو ترك الصلوة اذا نفوا الاثم عن أنفسهم و يتوجه على الاستدلال بمثل الروايات بعد الغض عما في بعضها من الخدشة من حيث الدلالة ان استحلال الحرام أو عكسه موجب للكفر من فرق بين كونه ضروريا أو غيره بل بعضها كا لصريح في الاطلاق و حيث لا يمكن الالتزام بإطلاقها يتعين حملها على إرادة ما إذا كان عالما بكون ما استحله حراما في الشريعة فيكون نفى الاثم عن نفسه و استحلاله منافيا للتدين بهذا الدين و مناقضا للتصديق بما جاء به سيد المرسلين فيكون كافرا سواء كان الحكم في حد ذاته ضروريا ام لم يكن و اما ما في ذيل صحيحة الكناني من إطلاق قوله ( ع ) فما بال من جحد الفرائض كان كافرا فلا يمكن الاستدلال به لاثبات سببية إنكار الفرائض التي هى من الضروريات على الاطلاق للكفر لجريه مجرى العادة من اختفاء شرعيتها على احد من المسلمين بل يعرفها كل من قارب المسلمين فضلا عمن تدين بهذا الدين ففرض كون إنكار الصلوة التي هى عمود الدين ناشيا من شبهة مجامعة للاعتراف بحقية الشريعة و صدق النبي صلى الله عليه و آله في جميع ما جاء به مجرد فرض لا يكاد يتحقق له مصداق في الخارج و الحاصل انه لا يفهم من مثل هذه الاخبار اعتبار عدم إنكار شيء من الاحكام الضرورية من حيث هو و ان لم يكن منافيا لتصديق النبي صلى الله عليه و آله في جميع ما جاء به اجمالا في مفهوم الاسلام المقابل للكفر حتى يتقيد به الاخبار الواردة في تفسير الاسلام الخالية عن ذكر هذا الشرط مثل ما رواه في الكافى عن سماعة قال قلت لابى عبد الله ( ع ) أخبرني عن الاسلام و الايمان أ هما مختلفان فقال ان الايمان يشارك الاسلام و الاسلام لا يشارك الايمان فقلت فصفهما لي فقال الاسلام شهادة ان لا اله الا الله و التصديق برسول الله صلى الله عليه و اله به حقنت الدماء و حرت المناكح و المواريث و على ظاهره جماعة الناس و الايمان الهدى و ما يثبت في القلوب من صفة الاسلام الحديث إلى ذلك من الاخبار الدالة عليه نعم ربما يظهر من جملة من الاخبار اعتبار التعبد ببعض الفروع الضرورية في حقيقة الاسلام مثل ما في رواية سفيان بن السمط عن ابى عبد الله ( ع ) في الفرق بين الاسلام و الايمان الاسلام هو الظاهر الذي عليه الناس