إثبات النجاسة كما انه لا ينبغي الارتياب في عدم انحصار طريقه بالعلم بل تثبت بالاستصحاب لعموم أدلته و حكومتها على الادلة المتقدمة الدالة على طهارة كل ما لا يعلم نجاسته كما تقدمت الاشارة اليه و حكى عن بعض الاخباريين المنكرين لحجية الاستصحاب في الاحكام الشرعية الاعتراف بحجيته في مثل هذه الموارد وادعا كونه من ضروريات الدين و كذا تثبت بالبينة كما هو المشهور خلافا للمحكي عن ابن البراج في عبارته المتقدمة و حكى عن بعض المتأخرين ايضا موافقته و لا ريب في ضعفه فان المتتبع فيما دل على اعتبار البينة إذا أمعن النظر لا يكاد يرتاب في عدم مدخلية خصوصيات الموارد التي ثبت اعتبار البينة فيها في ذلك بل هى طريق شرعي تعبدي لم يلغها الشارع في شيء من مواردها نعم اعتبر في بعض المقامات شهادة الاربعة أو كون الشاهدين رجلين و اما نفى اعتبارها رأسا فلم يعهد في الشرعيات و ما يقال من انه ليس فيما دل على حجية البينة عموم يقتضى حجيتها في مورد الخصومات بحيث يعم مورد الكلام مدفوع بان اعتبارها في مورد الخصومات مع مقابلتها بقول ذي اليد و يده على حجيتها في الموارد السالمة من المعارض بالاولوية القطعية مضافا إلى ما اشرنا اليه من ان سوق الادلة يشهد بكون طريقية البينة لاثبات الموضوعات الخارجية من الامور المسلمة في الشريعة كما يرشدك إلى ذلك ما رواه الكليني و الشيخ عطر الله مرقديهما في الكافى و التهذيب بسنديهما عن الصادق عليه السلام في الجبن قال كل شيء لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان فيه ميتة أقول قوله ( ع ) حتى يجيئك شاهدان الخ كناية عن إحراز حرمة الشيء بطريق معتبر و تخصيص الشاهدين بالذكر مع ان حرمة الاشياء ربما تستكشف بالعلم و قد تثبت بالاستصحاب أو باخبار ذي اليد أو ذلك انما هو بلحاظ المورد الذي ينحصر طريق إحراز حرمته غالبا في البينة لكونها منافية لفعل صاحب اليد الذي يشترى منه الجبن و سنشير إلى ان حرمة مثل ذلك لا تثبت بغير البينة و فرض استكشاف حرمة الجبن الذي يباع في السوق كما هو ملحوظ السائل على الظاهر بطريق علمي فرض نادر و لذا خص البينة بالذكر كما ان تخصيص المشهور به بان فيه ميتة مع كون الكلام مسوقا لاعطاء ضابطة كلية انما هو بهذه الملاحظة فليتأمل و كيف كان فالرواية تدل على ان حرمة الجبن المسببة عن نجاستها المكتسبة بطرح الميتة فيه تثبت بشهادة الشاهدين و يدل عليه ايضا ما رواه الكليني و الشيخ قه في الكتابين ايضا بسنديهما عن الصادق ( ع ) قال كل شيء لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك و ذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته و هو سرقة و العبد يكون عبدك و لعله حر قد باع نفسه أو قهر فبيع أو خدع فبيع أو إمرأة تحتك و هي اختك أو رضيعتك و الاشياء كلها على هذا حتى يستبين لك هذا أو تقوم به البينة و هذه الرواية بنفسها تشهد بصدق ما ادعيناه انفا من حكومة ادلة الامارات على الادلة الدالة على ان العلم بنجاسة كل شيء غاية للحكم بطهارته كما لا يخفى و هل تثبت النجاسة باخبار عدل واحد ام لا قولان حكى عن المشهور العدم و حكى عن بعض القول بالثبوت و هذا هو الاقوى بل الاظهر عدم اشتراط العدالة المصطلحة و كفاية كون المخبر ثقة مأمونا محترزا عن الكذب لاستقرار سيرة العقلا على الاعتماد على اخبار الثقات في الحسيات التي لا يتطرق فيها احتمال الخطاء احتمالا يعتد به لديهم مما يتعلق بمعاشهم و معادهم و ليست حجية خبر الثقة لدى العقلاء الا كحجية ظواهر الالفاظ و من هنا استقرت سيرة المتشرعة على اخذ معالم دينهم من الثقات و لم يثبت من الشارع ردعهم عن ذلك بل ثبت تقريرهم على ذلك كما تقرر ذلك في الاصول عند البحث عن حجية خبر الواحد و يشهد لذلك ايضا كثير من الاخبار الواردة في الابواب المتفرقة يقف عليها المتتبع مثل ما رواه هشام بن سالم عن ابى عبد الله في حديث قال فيه ان الوكيل إذا و كل ثم قام عن المجلس فامره ماض ابدا و الوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة أو يشافهه العزل عن الوكالة و خبر اسحق بن عمار عن ابى عبد الله ( ع ) الدال على ثبوت الوصية بخبر الثقة قال سئلته عن رجل كانت له عندي دنانير و كان مريضا فقال لي ان حدث بي حدث فأعط فلانا عشرين دينار أو اعط اخى بقية الدنانير فمات و لم اشهد موته فاتاني رجل مسلم صادق فقال انه أمرني ان أقول لك أنظر الدنانير التي أمرتك ان تدفعها إلى اخى فتصدق منها بعشرة دنانير أقسمها في المسلمين و لم يعلم اخوه ان عندي شيئا فقال ارى لك ان تصدق منها بعشرة دنانير و الاخبار الدالة على جواز الاعتماد في دخول الوقت على إذا ان الثقة العارف بالوقت إلى ذلك من الاخبار التي يستفاد منها كون العمل بقول الثقات امرا معروفا في الاذهان ممضا في الشريعة و هل يشترط حجية قول الثقة بإفادته الوثوق بالفعل فيه وجهان لا يخلو ثانيهما عن وجه ثم ان اعتبار قول الثقة انما هو في مورد الخصومات و نظائرها مما كان معارضا بقول صاحب اليد أو منافيا لظاهر فعله فانه لا يعتبر في مثل هذه الموارد الا البينة و لذا لا يصح الاستشهاد بمفهوم الغاية في الروايتين المتقدمتين التين جعل فيهما قيام البينة على الحرمة غاية للحكم بحلية الاشياء لما اشرنا اليه انفا من ان تخصيص البينة بالذكر انما هو بلحاظ الامثلة المذكورة فيهما فلم يقصد به الاحتراز عن سائر الامارات المثبتة للحكم كاخبار ذي اليد أو الاستصحاب و نحوه هذا مع ان المراد بالاستبانة في الرواية الثانية بحسب الظاهر اعم من الاستكشاف العلمي أو بحجة معتبرة و جعل البينة قسيما لها بلحاظ كونها طريقا تعبديا شرعيا كما يشهد لذلك الامثلة المذكورة في الرواية فانه لو لم تكن الاستبانة اعم مما يقم الاستصحاب و نحوه للزم بمقتضى الكلية المذكورة في الرواية جوار تملك العبد الذي يشك في رقيته و جواز التصرف في الثوب المشكوك
ملكيته مع ان الاصل في الانسان الحرية و فى الاملاك حرمة التصرف فالحلية فيما هو مفروض الرواية نشأت من ادعاء ذي اليد الذي انتقل منه العبد و الثوب بعقد محكوم بصحته بمقتضى الاصل لكن لما لم تكن يد المسلم و لا اصالة الصحة موجبة للقطع بالحلية الواقعية طرد الامام ( ع ) و أطلق كلامه بان كل شيء من الموضوعات الخارجية التي يبتلى به المكلف و يتناوله من أيادي المسلمين و أسواقهم بحسب الغالب إذا تدبر فيه الانسان وجده مشتبه الحال بالنظر إلى حكمه الواقعي فبهذه الملاحظة يندرج في موضوع الكلية المذكورة في صدر الرواية التي معناها ان كل شيء محتمل الحرمة في الواقع محكوم بالحلية في مرحلة الظاهر ما لم تثبت حرمته بحجة معتبرة لدى الشارع فما كان من الاشياء مقتضى الاصل الاولى فيه الحرمة كالاموال و نحوها فما لم يقم على حليته إمارة معتبرة كالبينة و يد المسلم أو اخبار ذي اليد و نحوها فهو مما ثبتت حرمته في مرحلة الظاهر بحكم الاصل و بعد قيام الامارة المعتبرة على حليته ان لم تكن الامارة موجبة للقطع بالحلية الواقعية كما هو الغالب اندرج في موضوع هذه الكلية و كون الحلية في هذه الموارد مستندة إلى الامارة مناف لصدق الكلية عليها بعد فرض تحقق موضوعها و هو كونها محتملة الحرمة في الواقع فان المقصود بالكلية بيان ان الله تعالى من على عباده بان وسع عليهم الامر و لم يوجب الاحتياط بل جعل كل شيء حلالا حتى يثبت حرمته بدليل معتبر و هذه قاعدة كلية منتقضة في شيء من مواردها غاية الامر ان مستند الحكم بالحلية في بعض مصاديقها نفس الشك و فى بعضها الاخر قيام الامارة المقتضية للحلية فليتأمل و تثبت النجاسة ايضا باخبار صاحب اليد على المشهور كما ادعاه بعض بل يظهر من واحد على ما حكى عنهم عدم الخلاف فيه و عمدة المستندة في اعتبار قول ذي اليد هى السيرة القطعية و استقرار طريقة العقلاء على استكشاف حال الاشياء و تمييز موضوعاتها بالرجوع إلى من كان مستوليا عليها متصرفا فيها و فى جملة من الاخبار ايماء اليه و لا يبعد ان يكون هذا مدرك القاعدة المعروفة التي ادعى عليها الاجماع من ان من ملك شيئا ملك الاقرار به اذ الظاهر ان المراد بهذه القاعدة ان من كان مستوليا على شيء و متصرفا فيه قوله نافذ بالنسبة اليه و كيف كان فربما يظهر من بعض الاخبار الواردة في العصير المتقدمة في محلها عدم الاعتماد على قول صاحب اليد الذي يستحل العصير بذهاب نصفه عند اخباره بذهاب ثلثيه و لعله محمول على الاستحباب و لا يبعد الالتزام به في خصوص مورده بل في كل مورد يكون ظاهر حال المخبر مكذبا لقوله و الله العالم و يغسل الثوب و البدن عدا محل الاستنجاء الذي تقدم الكلام فيه في محله بالماء القليل من البول مرتين الا من بول الرضيع الذي عرفت حاله وفاقا للمشهور كما في المدارك و الحدائق بل عن المعتبر نسبته إلى علمائنا و حكى عن الشهيد في البيان الاكتفاء بمرة فقال و لا يجب التعدد الا في إناء الولوغ و عنه في الذكرى انه بعد ان اختار التثنية نسب إلى الشيخ في المبسوط عدم مراعاة العدد في الولوغ و حكى عن العلامة انه اكتفى في غسل البول بالمرة ان كان جافا و ربما استظهر من فحوى كلامه في جملة من كتبه الاكتفاء بها مطلقا حجة المشهور اخبار مستفيضة منها رواية الحسين بن ابى العلا قال قال سئلت أبا عبد الله ( ع ) عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء و سئلته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله مرتين و سئلته عن الصبي يبول على الثوب قال تصب عليه الماء قليلا ثم تعصره و صحيحة ابن ابى يعفور قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عن البول يصيب الثوب قال اغسله مرتين و صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن الثوب يصيبه البول قال اغسله في المركن مرتين فان غسله في ماء جار فمرة واحدة و صحيحة محمد بن مسلم ايضا عن أحدهما قال سئلته عن البول يصيب الثوب قال اغسله مرتين و رواية ابى اسحق النحوي عن ابى عبد الله عليه السلام قال سئلته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين و المروي في مستطرفات السرائر من جامع البزنطى قال سئلته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء و سئلته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله مرتين و عن الفقة الرضوي و ان اصابك بول في ثوبك فاغسله في ماء جار مرة و من ماء راكد مرتين ثم اعصره و لا يعارضها ما في بعض الاخبار من إطلاق الامر بغسل البول لوجوب تقييد الاطلاق بهذه الاخبار المقيدة فالقول بكفاية الواحدة ضعيف و ما يظهر من بعض الاخبار الواردة في باب الاستنجاء من كفاية الواحدة لا ينهض حجة لاثبات هذا القول فانه على تقدير الالتزام بهذا الظاهر كما هو الاظهر وجب الاقتصار على مورده و تخصيص هذه الاخبار به لكونه اخص منها هذا مع إمكان دعوى انصراف هذه الروايات بنفسها عن غسل موضع النجو من النجاسة الخارجة منه فان المتبادر منها إرادة النجاسة الخارجية الواصلة إلى الثوب و البدن و كيف كان فلم يعرف مستند يعتد به لهذا القول صالح المعارضة ما سمعت و من هنا قد يغلب على الظن ان مراد القائل بكفاية المرة كفايتها بعد ازالة العين فيتحد ح مع القول الاخر المحكي عن العلامة من التفصيل بين الجاف و غيره بناء على ان يكون اعتبار التعدد في الجاف بلحاظ كون الغسلة الاولى لمجرد الانقاء و ازالة العين من دون ان يكون لها دخل في التطهير الشرعي فلا يعتبر فيها شرائط التطهير بل و لا كونها بالماء المطلق و كيف كان فالذي يصلح ان يكون مستندا لذلك دعوى ان المنساق إلى الذهن من الامر بصب الماء على البول و غسله مرتين كون أوليهما للازالة من دون ان يكون لها دخل في التطهير فالغسلة المطهرة انما هى الغسلة الاخيرة كما يشهد لذلك رواية الحسين بن ابى العلا المتقدمة على ما رواه في محكي المعتبر و الذكرى بزيادة قوله مرة للازالة و الثانية للانقاء بعد قوله ( ع ) اغسله مرتين فعلى هذا تكون هذه الرواية مفسرة للاخبار الا مرة بالغسلتين
و يتجه ح اختيار القول الثالث لكن صرح واحد بخلو كتب الاخبار من هذه الزيادة كصاحب الحدائق و غيره ففى الحدائق قال و هذه الزيادة لا وجود لها في شيء من كتب الاخبار و قد صرح ايضا بذلك الشيخ حسن في المعالم فقال بعد نقل ذلك من الذكرى و المعتبر و لم أر لهذه الزيادة اثرا في كتب الحديث الموجودة ألان بعد التصفح بقدر الوسع انتهى فيحتمل قويا كونها من كلام صاحب المعتبر ذكرها تفسيرا للرواية بحسب اجتهادة لا يقال ان ظاهر ما حكى عن الكتابين كونها من تتمة الرواية فلا يرفع اليد عن هذا الظاهر بمجرد عدم وجد انها فيما بأيدينا من الكتب لانا نقول لا نلتزم بهذه المرتبة من الاعتبار للظواهر القابلة للخلاف بل و لا لقول الثقة بعد شهادة الامارات بخطائه و الحاصل انه لا وثوق بهذه الفقرة بل المظنون عدم كونها من الرواية فيشكل الاعتماد عليها و اما دعوى ان المنساق إلى الذهن كون الغسلة الاولى لمجرد الازالة ففيها انها ناشئة من الحدس و التخمين اذ لا شاهد عليها من ألفاظ الرواية فهي مسموعة خصوصا مع ان غسل الثوب و البدن كثيرا ما يقع بعد الجفاف و زوال العين فكيف تقبل دعوى من يدعى انصراف إطلاقات الاخبار الا مرة بالغسل ؟ عنه من شاهد فالأَظهر ما هو المشهور من اعتبار المرتين مطلقا و هل يختص ذلك بخصوص الثوب و البدن الذين ورد فيهما النص ام يعم مطلق ما اصابه البول وجهان بل قولان اختار أولهما في الحدائق و محكى الذخيرة اقتصارا على مورد النص و اخذا بإطلاق الامر بالغسل فيما عداه و حكى عن ظاهر جمع و صريح بعض التعميم و لا يبعد ان يكون هذا هو المشهور بين الاصحاب و تخصيص بعض الثوب و البدن بالذكر كما فى المتن أو خصوص الثوب كما عن المنتهى لا يدل على إرادة الاختصاص بل الظاهر جريه مجرى التمثيل و كيف كان فهذا هو الاظهر فان الاحكام الشرعية لا تتقيد بمواردها المنصوصة فكما يفهم من قوله ( ع ) اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه نجاسة البول و انفعال كل شيء من فكذلك يفهم من قوله ( ع ) اغسله مرتين ان نجاسته لا تزول الا بالغسل مرتين نعم لو كان النص مخصوصا بالثوب لم يكن احتمال مدخلية كونه مما يرسب فيه البول في اشتراط التعدد بعيدا لكن لا يبقى مجال لهذا الاحتمال بعد ورود الامر بغسل الجسد ايضا مرتين فيستفاد من ذلك ان الاجسام الصلبة التي لا يرسب فيها البول ايضا يتوقف تطهيرها منه على غسلها مرتين و احتمال مدخلية صدق اسم البدن أو الثوب في اشتراط العدد مما لا ينبغي الالتفات اليه اذ ليس كون الشيء مصداقا للثوب أو البدن على ما هو المغروس في اذهان المتشرعة من الخصوصيات التي لها دخل في قبوله للانفعال أو التطهير و لذا استقرت سيرتهم على استفادة الاحكام الكلية من القضايا الشخصية الواردة فيهما و لا يتوهم احد فرقا في كيفية التطهير أو الانفعال بين الثوب أو قطعة كرباس لا يندرج في مسماه عرفا فالقول بالاختصاص ضعيف و أضعف منه ما في المدارك و محكى المعالم من الاختصاص بخصوص الثوب و كفاية المرة في غيره و لو في البدن بدعوى ضعف سند الروايات الا مرة بغسل البدن مرتين و عدم اتصافها الصحة و يدفعها بعد تسليم ضعف السند و الغض عن استفاضتها و اعتضاد بعضها ببعض و توصيف بعض لبعضها بالصحة ان ضعفها مجبور بعمل الاصحاب فلا ينبغي الارتياب في الحكم مع انه احوط تنبيهات الاول ان الغسل مرتين انما هو فيما إذا كان بالماء القليل دون الكر و الجاري فانه يكفى فيهما الغسل مرة كما عن المشهور بل بلا خلاف فيه في الاخير كما يظهر من بعض و يدل على كفاية المرة في الجارى قوله ( ع ) في صحيحة ابن مسلم المتقدمة فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة و ربما يستظهر من ذلك كفاية المرة في الكر ايضا بدعوى ان المنساق إلى الذهن كون هذه القضيه بمنزلة التصريح بما أريد الاحتراز منه بالتقييد الواقع في القضيه الاولى اعنى قوله ( ع ) اغسله في المركن مرتين و المتبادر من هذه القضيه بقرينة المقابلة ليس الا إرادة المرتين عند غسله بالماء القليل كما هو لازم كونه في المركن عادة فمفهومه كفاية المرة عند غسله بغير الماء القليل سواء كان جاريا أو كرا و تخصيص الجارى بالذكر لنكتة الغلبة أو نحوها و فيه نظر بل الظاهر كون الشرطية بمنزلة الاستدراك لا التصريح بمفهوم القيد فالرواية ساكتة عن حكم الغسل بالكر و لعل النكتة فيه ندرة الابتلاء به في محل صدور الاخبار نعم المناسبة بين الكر و الجاري توجب استشعار كفاية الواحدة في الكر من مثل هذه العبارة لا ظهورها فيها و يشهد للمدعى ايضا عبارة الرضوي المتقدمة و يدل على كفاية المرة في الكر المرسل المروي عن ابى جعفر عليه السلام مشيرا إلى غدير ماء ان هذا لا يصيب شيئا الا و طهره المجبور ضعفه بالعمل و النسبة بينه و بين ما دل على اعتبار المرتين في البول ان كان عموما من وجه لكن ظهور المرسل بالنسبة إلى مورد الاجتماع أقوى لدلالته عليه بالعموم و اما اخبار المرتين فاغلبها بنفسها منصرفة إلى إرادة الغسل بالماء القليل و بعضها كصحيحة ابن ابى يعفور و ان كان ظاهرا في الاطلاق لكن لا تكافئ ظهورها في الاطلاق لاصالة العموم خصوصا مع تطرق الوهن إليها بالنسبة إلى الجارى الذي علم عدم اعتبار العدد فيه كما لا يخفى و استدل له ايضا بقوله ( ع ) في بعض الاخبار الواردة في ماء الحمام انه بمنزلة الجارى و فى بعضها الاخر انه كماء النهر يطهر بعضه بعضا بدعوى ان إطلاق التشبيه يقتضى عمومه و ما نحن فيه من وجوه الشبه و فيه نظر يظهر وجهه مما مر في محله نعم الرواية التي نزل فيها منزلة الجارى لا بأس بإيرادها في مقام التاييد و قد يقال ان ماء الحمام حال جريانه بل كل ماء جار و ان لم يكن عن مادة مندرج في موضوع قوله ( ع ) فان غسلته في ماء جار فمرة و فيه ان المتبادر منه إرادة الماء الجارى بمعناه المعروف دون مطلق الماء الذي يجرى كما هو واضح و ماء المطر ايضا بمنزلة الجارى لا يعتبر في الغسل به التعدد لقوله ( ع ) كل شيء يراه ماء المطر فقد طهر و الله العالم الثاني لا يعتبر وقوع الغسلتين بعد ازالة العين بل لو زالت العين بالاولى كفى ضم الثانية إليها كما يشهد له إطلاق
الاخبار المتقدمة الدالة على الغسل مرتين بل القدر المتيقن من تلك الاخبار انما هو إرادة الغسل مرتين لدى وجود عين البول في الثوب و الجسد و انما حكمنا باعتبارهما مع الجفاف و زوال العين بواسطة اصالة الاطلاق و يشهد لذلك مضافا إلى ان فرض وجود العين هو القدر المتيقن ارادته من موارد النصوص ما في بعضها من تعليل كفاية صب الماء على الجسد مرتين بانه ماء فانه صريح في المدعى و ربما يستشهد بإطلاق الاخبار لكفاية المرتين و ان تحققت الازالة بالاخيرة و فيه أولا ان البول الذي هو ماء لا يبقى عادة عينه في الثوب و الجسد بعد غسله مرة حتى يتحقق ازالته بالغسلة الثانية ففرض كونه كذلك فرض نادر بل واقع ينصرف عنه الاطلاقات و ثانيا ان وجود البول في الثوب بنفسه علة لوجوب غسله مرتين فما دام العين باقية في الثوب أو الجسد صدق عليه انه شيء اصابه البول فيندرج في موضوع الاخبار الا مرة بغسله مرتين و مجرد إيصال الماء اليه ما لم يؤثر في ازالة عينه لا يخرجه من موضوع تلك الاخبار بل لا يصدق عليه اسم الغسل فالقول بكفاية حصول الازالة بمجموع الغسلتين ضعيف و أضعف منه القول بعدم احتساب الغسلة المزيلة للعين من العدد مستندا إلى انها لو احتسبت من العدد فلا معنى ح لتعيين العدد في المرتين لان ازالة عين النجاسة قد لا تحصل بهما و لا يعقل الحكم بالكفاية مع بقاء العين فلا بد من الازالة بغيرهما فلا يمكن جعل المرتين ضابطا للتطهير و فيه أولا ما اشرنا اليه من ان غسل الثوب أو البدن من البول لا يتحقق عرفا الا بإذهاب عينه بالماء و ليس مطلق اجراء الماء على الشيء القذر مع بقاء القذارة فيه مصداقا للغسل و ثانيا ان يعين العدد في المرتين انما هو بلحاظ الغالب دون الفرض الذي فرضه القائل و هو ما لا يحصل الازالة بهما فانه في مثل البول الذي هو مورد النصوص مجرد فرض لا وقوع له الثالث لا يكفى التقدير في الغسلتين بل يعتبر تحققهما بالفعل و انفصال كل منهما عن الاخر بحيث ينفرد كل منهما بالفردية لدى العرف فان هذا هو المتبادر من النصوص و الفتاوى فما عن الذكرى من كفاية صب الماء عليه بقدر الغسلتين ضعيف و ربما استحسه بعض فيما لو امتد زمان الصب بقدر انقضاء زمان الغسلتين و الفصل بينهما نظرا إلى ان وصل الماء لو لم يكن أقوى في التأثير فليس بأقل من القطع و الفصل و فيه نظر لان سماع مثل هذه الدعاوي في الاحكام التعبدية التوقيفية مشكل خصوصا مع ما نرى من ان للتكرير تأثيرا في النفس في رفع القذارة المتوهمة لا يحصل مثله مع اتحاد الغسلة و ان استمرت بقدر انقضاء زمان الغسلتين و ما بينهما من الفصل و قد يقال بناء على اعتبار العدد في الجارى و الكثير ان تعاقب جريان الجارى و التحريك في الماء الكثير بمنزلة التكرير و فيه ايضا على إطلاقه تأمل نعم لو كانت الجريات و التحريكات ممتازا بعضها عن بعض بحيث تكرر بواسطتها صدق الغسل لدى العرف أو استعمل في الماء بعض المعالجات من الفرك والد لك و نحوهما بحيث اثر في صدق التكرير اتجه الاكتفاء به و الا فلا و لا يكفى في الصدق مجرد مغائرة الماء الذي يلاقيه في الزمان الثاني للماء الذي اصابه أولا كما هو واضح الرابع هل يختص وجوب العدد بغسل البول فيكفى في غيره غسله مرة واحدة ام يجرى في سائر النجاسات قولان نسب أولهما إلى الاكثر بل المشهور لكن قيده بعضهم بوقوع الغسلة بعد ازالة العين و حكى عن الشهيد ] اعتبره [ اعتبار المرتين في سائر النجاسات و عن العلامة في التحرير المرتين فيما له قوام و ثخن كالمنى دون غيره و عن المنتهى انه قال النجاسات التي لها قوام و ثخن أولى بالتعدد في الغسلات انتهى حجة المشهور إطلاق الامر بالغسل في كثير من الاخبار الواردة في أبواب النجاسات مثل قوله ( ع ) ان أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله و قوله ( ع ) في جسد الرجل الذي يصيبه الكلب يغسل المكان الذي اصابه و فى الثوب الذي اصابه خمر أو نبيذ اغسله و فى الثوب الذي أصاب جسد الميت يغسل ما أصاب الثوب أو فاغسل ما أصاب ثوبك منه و فى المنى يصيب الثوب ان عرفت مكانه فاغسله و ان خفى عليك مكانه فاغسل الثوب كله و فى الثوب الذي يعرق فيه الجنب فليغسل ما أصاب من ذلك و فى الدم ان اجتمع قدر حمصة فاغسله إلى ذلك من الاخبار الكثيرة التي يقف عليها المتتبع مما ورد فيها الامر بغسل ما لاقى شيئا من النجاسات على الاطلاق و قد تقدم جلها في طى المباحث المتقدمة فراجع و دعوى ان مثل هذه الاخبار المطلقة انما سيقت لبيان أصل النجاسة بذكر بعض اثارها و هو وجوب غسل الملاقى و اما كيفية الغسل فلم يقصد بيانها بهذه الروايات مدفوعة بان حمل الاخبار المتكاثرة المتظافرة على كونها بأسرها من قبيل ذكر اللازم و ارادة الملزوم تأويل بلا مقتض بل الظاهر كونها مسوقة لبيان نفس اللازم فيستفاد منه الملزوم اعنى النجاسة بالالتزام بل كيف تسمع دعوى الاهمال في جميع هذه الاخبار مع ان الاسئلة الواقعة في اغلبها ليست الا كالاسئلة الواقعة في الاخبار المتقدمة التي وردت في البول فالاجوبة الواردة فيها على الظاهر ليست الا كالاجوبة الواردة في البول مسوقة لبيان ما هو حكمه الفعلى في مقام العمل نعم قد يتطرق الخدشة في كثير من الاطلاقات الواردة في الباب بورودها لبيان أحكام اخر كحكم المتنجس لدى الاشتباه و نحو ذلك لكن فيما عداها مما لا يتطرق فيه هذه الخدشة غنى و كفاية و لا يخفى على المتتبع انه قد ورد في جل النجاسات العينية بل كلها الامر بغسل ما تنجس بها على الاطلاق فلا يبقى معه مجال للرجوع إلى الاصول العملية و لو فرض عدم وجوده في بعضها أمكن تتميم القول فيه بعدم القول بالفصل كما انه يمكن ذلك بالنسبة إلى المتنجسات الخالية من اعيان النجاسات على تقدير قصور الاخبار عن شمولها و كذلك بالنسبة إلى ما تنجس
بالمتنجس بغير البول هذا مع إمكان الاستدلال لكفاية مطلق الغسل في المتنجسات الخالية من العين بالفحوى و فى ما تنجس بالمتنجس بالاولوية فان الفرع لا يزيد على اصله مع انه قد ورد في بعضه الامر بغسله على الاطلاق كما فى موثقة عمار الواردة في من وجد في إنائه فارة ميتة فعليه ان يغسل ثيابه و يغسل كل ما اصابه ذلك الماء و لو نوقش في الفحوى و الاولوية و عدم القول بالفصل بإنكار الفحوى و منع كون الاولوية قطعية و عدم ثبوت الاخير و ان كانت منافية للانصاف وجب الرجوع فيما لم يرد فيه دليل لفظى دال على كفاية مطلق الغسل إلى استصحاب النجاسة حتى يعلم المزيل و من هنا اتجه القول بوجوب غسل ما تنجس بالمتنجس بالبول مرتين اذ لا دليل على كفاية الواحدة فيه أللهم الا ان يمنع جريان الاستصحاب في النجاسة الحكمية بدعوى كونها منتزعة من أحكام تكليفية تعبدية لا نعرف جهتها فمرجع الشك في زوالها بالغسل مرة إلى الشك في انه هل يجب غسله مقدمة للصلوة الواجبة و نحوها مرة أو ازيد فينفى الزايد بأصل البرائة كما تقرر في محله و دعوى ان النجاسة الحكمية قذارة معنوية بينها الشارع بحكمه بوجوب غسلها و مانعيتها من الصلوة و غير ذلك من اثارها فهي كالقذارة الحسية من الامور القارة التي لا ترتفع الا برافع فما لم يثبت الرافع يجب الحكم ببقائها قابلة للمنع لامكان ان يكون منشأ حكم الشارع بوجوب الغسل و غير ذلك من احكامها أمورا اخر كشدة الاهتمام بالتجنب عن النجاسات العينية و تنفر الطبع عنها بالتنزه عما يلاقيها أو نحو ذلك من الحكم الخفية التي لا احاطة لنا بها خصوصا مع انه لم يرد في شيء من الادلة الشرعية التصريح بنجاستها حتى يقال ان مقتضى ظاهر اللفظ كونها قذرا في الواقع فليتأمل و استدل للمشهور ايضا بأصل البرائة و قد عرفت انه لا يخلو عن وجه صالح لان يتأمل فيه و استدل القائل باعتبار المرتين باستصحاب النجاسة الحاكم على أصل البرائة و بما يفهم من بعض الاخبار المتقدمة الواردة في البول الذي أصاب الجسد الذي ورد فيه تعليل الاكتفاء بصب الماء عليه مرتين بانه ماء حيث يفهم منه ان غسل البول أهون من سائر النجاسات فيكون غيره أولى بالتعدد و بصحيحة محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام انه ذكر المنى فشدده و جعله اشد من البول الحديث فيقيد بهاتين الروايتين إطلاق الامر بالغسل الوارد في سائر الاخبار و الجواب اما عن الاستصحاب فيما عرفت من انه لا يرجع اليه مع وجود الاطلاقات مع إمكان الخدشة فيه بما عرفت و اما عن الخبرين فيمنع دلالتهما على المدعى لان كون المنى اشد من البول من حيث القذارة كما هو مفاد الرواية الثانية لا يستلزم كونه احوج من البول أو مثله في العدد في مقام التطهير اذ لا استحالة في ان يزول ما كان في غاية القذارة بغسله و مرة لا يزول شيء اخر في أول مرتبة القذارة الا بغسله مرارا عديدة و اما تعليل الاكتفاء بالصب بانه ماء فانه لا يدل الا على عدم كفاية الصب في سائر النجاسات التي لها ثخن و قوام و هذا مسلم فانها لا تزول بذلك بل لابد فيها من استعمال بعض المعالجات الموجبة لازالة العين فلا اشعار في هذا التعليل أصلا بانه يعتبر العدد في سائر النجاسات فظهر لك ان الاقوى ما هو المشهور من كفاية غسله واحدة في سائر النجاسات في ما ستعرفه من الاوانى و ان تحققت الازالة بها للاطلاقات السالمة مما يصلح لتقييدها و الله العالم ثم ان مقتضى إطلاق الفتاوى و النصوص عدم الفرق بين بول الانسان و بول غيره مما لا يؤكل لحمه في وجوب غسله مرتين لكن لا يبعد دعوى انصراف الاخبار إلى الاول كما يؤيده ترك الاستفصال عن كونه من المأكول أو غيره و ليس ذلك على الظاهر الا بواسطة انسباق بول الانسان إلى الذهن من السؤالات الواردة في الاخبار فيشكل ارتكاب التقييد في قوله اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه بالنسبة إلى الانسان خصوصا مع إمكان دعوى انصراف هذه الرواية إلى الانسان فلو أمكن التفصيل لا يبعد الالتزام بعدم اعتبار العدد في بول الانسان و ان كان الاحوط ان لم يكن أقوى خلافه و الله العالم تنبيه لا عبرة باثر النجس بعد ازالة عينه بالغسل كلون الدم و رائحة الجيفة إذا لم يكن الاثر كاشفا عن بقاء عين النجس لدى العرف و ما يقال من ان بقاء الاثر كاشف عن وجود العين لاستحالة انتقال العرض فلا يتحقق ازالة العين مع بقاء لونها أو ريحها مدفوع بعد الغض عن ان الشيء قد يتأثر بالمجاورة بانه لا عبرة بالاجزاء اللطيفة العقلية المستكشفة بالدقة الحكمية فان الاحكام الشرعية تدور مدار عناوين موضوعاتها العرفية فما يصدق عليه عرفا اسم العذرة أو الدم أو غيرهما من عناوين النجاسات يتبعه حكمه دون مالا يصدق عليه الاسم و هذا مما لا اشكال فيه بل و لا خلاف و قد حكى عن المعتبر دعوى الاجماع على عدم وجوب ازالة اللون و الرائحة و ما حكى عن بعض من إيجاب ازالة اللون مع الامكان فلا يبعد ان يكون نزاعا في الصغرى بدعوى ان ازالة العين لا تتحقق عرفا مع بقاء اللون القابل للازالة و فيها منع ظاهر و كيف كان فالمدار على ازالة العين دون ما يعد اثرا مجردا في العرف و لا شبهة في ان الرائحة المجردة و بعض مراتب اللون خصوصا اللون المخالف للون النجس الذي ربما يكتسبه المتنجس بالخاصية كالصفرة الحاصلة في الجسم الملاقى للميتة بل و كذا بعض مراتب الخشونة الحاصلة في الثوب بعد ازالة العين تعد لدى العرف اثرا محضا فلا تجب ازالته و يشهد له مضافا إلى ما عرفت حسنة ابن المغيرة عن ابى الحسن ( ع ) قال قلت له هل للاستنجاء حد قال لا حتى ينقى ماثمة قلت ينقى ماثمة و يبقى الريح قال لا ينظر إليها و خبر على بن حمزة عن البعد الصالح قال سئلته ام ولد لابيه إلى ان قال قالت أصاب ثوبي دم الحيض فغسلته فلم يذهب اثره فقال اصبغيه بمشق
حق يختلط و يذهب و خبر عيسى بن ابى منصور قال قلت لابيعبدالله ( ع ) إمرأة أصاب ثوبها من دم الحيض فغسلته فبقى اثر الدم في ثوبها قال قل لها تصبغه بمشق حتى يختلط تقريب الاستدلال بهما انه لو كان بقاء اللون كاشفا عن وجود العين المانع من تحقق الازالة المعتبرة في التطهير لم يكن صبغه بمشق مجديا فالأَمر به ليس الا للاستحباب رفعا للنفرة الحاصلة من بقاء اللون الغير المنافى لطهارة الثوب فليتأمل و مرسلة الصدوق قال سئل الرضا عن الرجل يطأ في الحمام و فى رجله الشقاق فيطأ البول و النورة فيدخل الشقاق اثر اسود مما وطي من القذر و قد غسله كيف يصنع به و برجله التي وطي بها أ يجزيه الغسل ام يخلل أظفاره باظفاره و يستنجى فيجد الريح من أظفاره و لا يرى شيئا فقال لا شيء عليه من الريح و الشقاق بعد غسله ثم انا قد اشرنا إلى انه لا اثر للاجزاء اللطيفة المتخلفة من اعيان النجاسات التي تعد لدى العرف من الاعراض لكن لو استخرج تلك الاجزاء ببعض المعالجات بحيث صدق عليه الاسم لحقها حكمها فلو أغلي الثوب المغسول الذي ازيل عنه الدم عرفا و تنجس به الثوب على الاظهر فانه يصدق عليه انه ماء متغير بعين الدم و لا منافاة بينه و بين استهلاك الدم و انتفاء موضوعه عرفا قبل ظهور وصفه في الماء نظير الدم المستهلك في ماء كر فانه لا أثر له ما دام استهلاكه فلو نقص الماء عن الكرية يبقى على طهارته لكن لو اجتمع حينئذ اجزائه المستهلكة أو ظهر وصفه في الماء بواسطة جذب الهواء للاجزاء المائية الموجب لقلة الماء و ظهور وصف الدم فيه تنجس و الحاصل انه ربما ترتفع النجاسة عن موضوعها بواسطة استهلاك الموضوع و اضمحلاله فمتى عاد على ما كان عليه بان صار موضوعا عرفيا لذلك النجس عاد حكمه و من هذا القبيل حكم البخار المتصاعد من النجس إذا تقاطر فانه ان صدق على القطرات المجتمعة منه اسم ذلك النجس تنجس لامثل المتفاطر من بخار البول او العذرة الذي لا يصدق عليه اسمهما و لا المتقاطر من المتنجس الذي لا يصدق عليه عرفا كونه ذلك المتنجس بعينه و كذلك الدخان المتصاعد من الدهن النجس الذي يستصبح به المشتمل على اجزاء دهنية إذا تكاثف الدخان و ظهر عليه ما اشتمله من الاجزاء الدسمة إلى ذلك من الامثلة و لا مجال لاستصحاب الطهارة في مثل الفرض اذ لم يكن الاجزاء حين الحكم بطهارتها بعناوينها الخاصة وجود محقق لدى العرف و الا لكانت محكومة بالنجاسة لان المفروض كونها نجس العين فلا تطهر ما دامت معنونة بتلك العناوين و قد تقدم في مبحث التيمم ماله ربط بالمقام و إذا لاقى الكلب أو الخنزير أو الكافر ثوب الانسان و كان الثوب أو ما لاقاه رطبا رطوبة مسرية غسل موضع الملاقاة من الثوب واجبا مقدمة للواجبات المشروطة بطهارة الثوب كما عرفته فيما سبق و ان كان الثوب كالملاقى له يابسا اى لامع رطوبة مسرية رشه بالماء استحبابا بلا خلاف يعتد به بل عن المعتبر انه اى استحباب الرش مع اليبوسة مذهب علمائنا اجمع و يشهد له في الاولين منها جملة من الاخبار منها مرسلة حريز عن ابى عبد الله عليه السلام قال إذا مس ثوبك كلب فان كان جافا فانضحه و ان كان رطبا فاغسله و خبر على عن أبي عبد الله ( ع ) قال سئلته عن الكلب يصيب الثوب قال انضحه و ان كان رطبا فاغسله و صحيحة ابى العباس قال قال أبو عبد الله ( ع ) إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله و ان مسه جافا فاصبب عليه الماء و عن الخصال عن على عليه السلام في حديث الاربعماة قال تنزهوا عن قرب الكلاب فمن أصاب الكلب و هو رطب فليغسله و ان كان جافا فلينضح ثوبه بالماء و خبر على بن محمد المضمر قال سئلته عن خنزير أصاب ثوبا و هو جاف هل تصلح الصلوة فيه قبل ان يغسله قال نعم ينضحه بالماء ثم يصلى فيه و صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر و هو في صلوته كيف يصنع به قال ان كان دخل في صلوته فليمض و ان لم يكن دخل في صلوته فلينضح ما اصابه من ثوبه الا ان يكون فيه اثر فيغسله و استدل لاستحباب الرش في الاخير بصحيحة الحلبي قال سألت أبا عبد الله ( ع ) عن الصلوة في ثوب المجوسي فقال يرش بالماء الحديث و فيه نظر اذ لم يعلم ان الامر بالرش فيما هو مغروض السائل مسبب عن ملاقاة المجوسي لثوبه مع الجفاف حتى يتعدى عن مورده إلى ثوب الغير الذي لاقاه المجوسي أو غيره من الكفار مع الجفاف فلعل حكمة الحكم كون ثوبه مظنة للنجاسة و قد ورد الامر بالنضح في موارد كثيرة مما ظن أو شك فيه النجاسة من الثوب و البدن مثل قوله ( ع ) في صحيحة ابن الحجاج الواردة في رجل يبول بالليل و يحسب ان البول اصابه يغسل ما استبان انه اصابه و ينضح ما يشك فيه من جسده و ثيابه و فى حسنة الحلبي الواردة في المنى فان ظن انه اصابه منى و لم يستيقن و لم ير مكانه فلينضحه بالماء و فى خبر عبد الله بن سنان الوارد في رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم و ان كان يرى انه اصابه شيء فنظر و لم ير شيئا اجزاه ان ينضحه بالماء و قد حكى عن العلامة الجزم باستحباب النضح مع الشك في النجاسة مطلقا و كيف كان فلا يمكن استفادة المدعى من الامر بالرش في الصحيحة المتقدمة فعمدة مستند الحكم في الكافر هو الاجماع المحكي عن المعتبر و كفى به دليلا لاثبات الحكم بعد البناء على المسامحة ثم ان مقتضى ظاهر لامر بالنضح في الاخبار المتقدمة هو الوجوب لكن لما ثبت ان كل يابس زكي كما في الموثق و انعقد الاجماع عليه فيما عدا ميت الانسان أو مطلق الميتة كما عرفته فيما سبق تعين حمله على الاستحباب كما فى سائر الموارد التي ورد فيها الامر بالنضح من مظان النجاسة و غيرها و حمله على الوجوب النفسي التعبدي مناف لظاهر الاخبار بل صريحها فانها تدل على ان الامر بالنضح انما هو لاجل الصلوة و نحوها و حمله على كونه شرطا تعبديا محضا لا من حيث النجاسة مع بعده في حد ذاته حيث لا ينسبق إلى الذهن من الامر برش الثوب
أو غسله للصلوة إرادة كونه شرطا تعبديا من جهة النظافة ينافيه سياق الاخبار فانها تشهد بان الامر بالنضح مع الجفاف كالأَمر بالغسل مع الرطوبة انما هو لازالة الاثر الشرعي الحاصل بالملاقاة فحيث علم ان الاثر الحاصل بالملاقاة مع الجفاف لم يبلغ مرتبة يجب التنزه عنه في الاشياء المشروطة بالطهور فهم من ذلك ان الامر بإزالته بالنضح ليس الا للاستحباب و لذا لم يفهم المشهور من هذه الاخبار و نظائرها مما ورد فيه الامر بالنضح الا ذلك و ان شئت قلت ان اعراض المشهور عن هذا الظاهر و حملهم للامر على الاستحباب يكشف عن عثورهم على قرينة داخلية أو خارجية ارشدتهم إلى ذلك فما فى الحدائق من الالتزام بوجوبه تعبدا ضعيف و قد ظهر بما اشرنا اليه من ان النضح ليس شرطا تعبديا محضا بل لازالة نحو من القذارة التي لم تجب ازالتها ان الامر بنضح الثوب انما هو لكونه اقل المجزي و الا فالغسل أو صب الماء عليه ابلغ في تنظيفه فيغنيه ذلك عن النضح بلا تأمل و قد ورد الامر بصب الماء على الثوب الذي اصابه الكلب في صحيحة ابى العباس فهو بحسب الظاهر لبيان الاجتزاء بالصب و عدم الحاجة إلى الغسل فلم يقصد بها ارادته بالخصوص بحيث ينافيه الاخبار الدالة على كفاية النضح و يحتمل ارادته بالخصوص لكونه أولى و أفضل و يحتمل ايضا ان يكون المراد بالصب ما يعم النضح توسعا و كيف كان فالظاهر انه يكفى مطلق النضح و لا يعتبر فيه الاستيعاب لاطلاق النصوص و الفتاوى و ما يظهر من بعض من اعتبار الاستيعاب ليكون بمنزلة الصب حتى لا يتحقق التنافي بين الاخبار الا مرة به و بين ما ورد فيه الامر بالصب ضعيف لاستلزامه ارتكاب خلاف الظاهر في جميع الاخبار نعم لو قيل بانه يتحقق بالنضح المستوعب مفهوم الصب أمكن ان يقال بان تقييد إطلاق النضح بالرواية التي ورد فيها الامر بالصب أولى من ارتكاب مخالفة الظاهر في هذه الرواية بحمل الصب على المعنى الاعم أو غيره من المحامل فان التقييد أهون من سائر التصرفات و لا ينافيه كون الصب اعم من النضح من وجه حيث لا يصدق على الماء المتصل اجزائه الملقى على الثوب دفعة اسم النضح و يصدق عليه اسم الصب لما عرفت من ان الامر بالنضح لكونه اقل المجزي لا لكونه متعينا لكن يتوجه على ذلك مضافا إلى منع الصغرى ما مر مرارا من انه لا مقتضى لحمل المطلق على المقيد في المستحباب بل مقتضى الاصل ابقاء كل من المطلق و المقيد على ظاهره و لا منافاة فان المانع من ابقاء المطلق على إطلاقه انما هو الالزام بخصوص المقيد دون مجرد محبوبيته التي ينبعث منها الامر الاستحبابي فإذا ورد مثلا ان افطرت فاعتق رقبة و ورد ايضا ان افطرت فاعتق رقبة مؤمنة و كان التكليف إلزاميا نقول إذا تعين الاتيان بالمقيد في مقام الخروج من عهده هذا التكليف الوجوبي اعنى كفارة الافطار كما هو مقتضى ظاهر الامر بالمقيد امتنع الاجتزاء باى فرد يكون من افراد المطلق كما يقتضيه اصالة الاطلاق في المطلق فيكشف ذلك عن ان مراد الامر بقوله أعتق رقبة لم يكن الا بيان أصل الحكم في الجملة على سبيل الاهمال و قد بين تمام مراده بذكر المقيد فيكون المقيد قرينة كاشفة عما أريد بالمطلق هذا إذا أريد من المقيد ظاهره و هو الوجوب التعييني و اما ان لم تكن الخصوصية المتقيد بها المطلوب مقصودة بالالزام بان كان الامر المتعلق به بالخصوص ندبيا بلحاظ كونه افضل الافراد أو وجوبيا تخييريا فلا يتحقق التنافي بينه و بين إرادة الاطلاق من المطلق فيدور الامر في الفرض بين رفع اليد عن اصالة الاطلاق و بين التصرف في ظاهر المقيد و الاول أولى الا لمجرد كونه اشبع بل لان ظهور المطلق في الاطلاق موقوف على عدم بيان إرادة المقيد حتى يتمشى فيه دليل الحكمة المقتضى لحمل المطلق على الاطلاق و المقيد بظاهره بيان لما أريد من المطلق فيكون ظهور المقيد في الوجوب التعييني حاكما على ظهور المطلق في الاطلاق هذا إذا كان التكليف من اصله إلزاميا و اما إذا كان ندبيا فالطلب المتعلق بالمقيد على تقدير كون الخصوصية مقصودة بالطلب لا يقتضى الا كون هذا الفرد بالخصوص مستحبا و لا منافاة بينه و بين إرادة الاطلاق من المطلق لجواز ان يكون للطبيعة بلحاظ تحققها في ضمن اى فرد تكون مرتبة من المحبوبية مقتضية للامر بها امرا ندبيا أو إلزاميا و ان يكون لبعض افرادها مزية مقتضية للامر بإيجاده في مقام الامتثال امرا ندبيا فيكون هذا الفرد افضل الافراد فلا يستكشف من الامر الندبي المتعلق بالمقيد ان مراد الامر بامره المطلق هو هذا المقيد بالخصوص فلا يصلح ان يكون هذا الامر الندبي لان يكون بيانا للمطلق حتى يكون ظهوره حاكما على اصالة الاطلاق كما لا يخفى على المتامل و اما البحث في البدن إذا كان ملاقيا للكافر و أخويه فيغسل من ملاقاتها إذا كان احد المتلاقيين رطبا رطوبة مسرية كما هو واضح و قيل يمسح بالتراب ان كان كل من المتلاقيين يابسا وجوبا كما عن ظاهر بعض القدماء و استحبابا كما يظهر من بعضهم على ما حكى و لا يبعد ان يكون هذا هو مراد الجميع و ان عبروا بما يشعر بالوجوب و ربما الحق بعضهم بها الفأرة و الوزغة و الارنب و عن المبسوط استحباب ذلك من كل نجاسة و لم يثبت ذلك في شيء منها لا وجوبا و لا استحبابا حيث لم نقف على ما يدل عليه في شيء منها عدا ما ستسمعه في الكافر و لكن مع ذلك لا يبعد الالتزام باستحبابه مسامحة اعتمادا على فتوى هؤلاء الاعاظم الذين لا يظن بهم صدور مثل هذا الحكم منهم لاعن مستند و ربما يستدل عليه في خصوص الكافر بخبر القلانسي قلت لابى عبد الله ( ع ) القى الذمي فيصافحنى قال امسحها بالتراب و بالحائط قلت فالناصب قال اغسلها بعد الغاء خصوصية الذمي كخصوصية المصافحة لكن مقتضاه استحباب الغسل في الناصب دون المسح و لا يبعد ان يكون الامر به لكونه افضل لا متعينا و الله العالم و اذا اخل المصلى بإزالة النجاسة التي يجب ازالتها عن ثوبه و بدنه فاما ان يكون عالما بها اى بوجود تلك النجاسة في ثوبه و بدنه ملتفتا اليه حال الصلوة و اما ان يكون ناسيا لها حال الصلوة