مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام - جلد 4

جواد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وقد كانوا يزنون شعرهم
بميزان، ف"عملوا من التفعيلات قوالب
لأبنية الشعر، وأرقاماً للمتحرك منها
والساكن، يعبرون بها عن الموزون، فكذلك
سمي الهند لما تركب من الخفيف والثقيل
"أسماء يشيرون بها إلى الوزن المفروض. فإذا
كانت للهنود تفعيلات وزنوا بها شعرهم، وهي
أقدم عهداً من تفعيلات "الخليل"، أفلا يجوز
أن يكون "الخليل" قد اقتبس تفعيلاته من تلك
التفعيلات، وبين الهند و"الابلة" التي حلت
البصرة محلها في الإسلام اتصال جد قديم،
وقد كان بين سكانها عدد كبير جاءوا قبل
الإسلام من الهند.

وحيث أن العلماء ينصون على أن "الخليل"، هو
موجد البحور المعروفة في العروض، وهو
أوزانها، وحيث أن أساس المعايير التي قيست
بها الأبيات، للوقوف على البحور هي: فعل"
فيجب أن تكون هذه التسمية من ابتكاراته
إذن. ولم أجد أحداً وضح كيف اهتدى الخليل
إلى إيجاد هذا المعيار، ولِمَ سماه بهذه
التسمية، إن من المستحسن في نظري الاهتمام
بهذا الموضوع، ودراسة موازين الشعر عند
الهنود، لمعرفة أسماء معايير الشعر
عندهم، للوقوف عليها، فقد تكون لهذه
التفعيلات صلة بتفعيلات شعر الهنود.
ويلاحظ أن "ابن جني"، كنّى بالتفعيل عن
تقطيع البيت الشعري، لأنه إنما نزنه
بأجزاء مادتها كلها "فعل".

الفصل الخمسون بعد المئة
البصرة والكوفة

لابد لنا من التعرض لأثر البصرة والكوفة
في عمل القواعد وفي رواية الشعر الجاهلي،
إن أردنا فهم هذا الشعر وكيف جمع ودوّن،
وكيف نحل المنحول منه، فقد كان للمدينتين
الأثر الأكبر في جمع هذا الشعر وفي تدوينه
ونحله.

ولابد من التحدث أولاً عن أثر العصبية
القبلية في هاتين المدينتين. فقد بنيتا
على أساس هذه العصبية. فلما بنيت الكوفة،
جعلت قسمين: قسم لليمن، وقسم لنزار، وكانت
الأغلبية لليمن. وزعت المحلات والسكك حسب
القبائل، وكذلك كان الأمر بالبصرة حين شرع
ببنائها، فقد روعي في بنائها، توزيع
أحيائها على حسب النسب والقبائل، فكانت
عصبية الحي للعشيرة أولاً، وللقبيلة
ثانياً، ثم للمدينة ثالثاً. وهكذا غرست
بذور العصبية في أرض المدينتين، منذ شرع
بوضع أساس التأسيس.

وتجسمت العصبية القبلية في العصبية
للمدينة، فتعصب عرب الكوفة ومواليها
للكوفة، وتعصب عرب البصرة ومواليها
للبصرة، "يفخر كل منهما بطبيعة الأرض
وموقعها الجغرافي، ويفخر كل بما كان على
يده من فتوح البلدان، ويفخر كل بمن نزل
عندهم من صحابة رسول الله، ويعير كل الآخر
بما نبت عنده من دعاة للضلالة، وأخيراً
كانوا يتفاخرون بالعلم. وظهرت هذه
المفاخرات العلمية والمناظرات وتعصب كل
مدينة لعلمائها، ظهوراً بيناً في كثير من
فروع العلم فالبصريون والكوفيون في
المذاهب الدينية وعلم الكلام، والبصريون
والكوفيون في الأدب ؛ يقول أعشى همدان:




  • اكسع البصريَّ إن لاقـيتـه
    واجعل الكوفي في الخيل
    وإذا فاخرتمونـا فـاذكـروا
    ما فعلنا بكم يوم الجـمـل



  • إنما يكسع مـن قـلّ وذلّ
    ولا تجعل البصريّ إلا في النفل
    ما فعلنا بكم يوم الجـمـل
    ما فعلنا بكم يوم الجـمـل



بين شيخ خاضبٍ عثنونه=وفتى أبيض وضاحٍ رفل
جاءنا يخطر في سابـغة فذبحناه ضحى ذبح
الحمل




  • وعفونا فنسيتم عـفـونـا
    وكفرتم نعمة الله الأجل



  • وكفرتم نعمة الله الأجل
    وكفرتم نعمة الله الأجل



والكوفة بظاهر الحيرة. المدينة التي كان
يقصدها الشعراء والتجار، وفيهم تجار مكة
وأشرافها، مثل عبد الله بن جدعان، وأبو
سفيان. ومنها انتقل الخط إلى مكة، على حد
قول أهل الأخبار، ومنها انتقلت النسطورية
إلى العرب النساطرة، وقد اشتهرت برجال
برزوا فيها في العلوم الدينية النصرانية
وبالعلوم اللسانية في لغة بني إرم،
وبكنائسها وبأديرتها التي كانت تعلم
الأطفال مبادئ القراءة والكتابة، وتهيئ
الطلاب للتبحر في علوم الدين وفي العلوم
الدنيوية المعروفة في ذلك الوقت، ولما
أنشئت الكوفة انتقلت اليها بأبنيتها
وأناسها، فقد هدمت منازلها ونقلت حجارتها
إلى الكوفة، لتبنى بيوتها بها، وانتقل
أهلها إلى الكوفة، لأنها أخذت مكانها في
الحكم، وصارت مقر الولاة، فشايع أهلها
الكوفة في السكن وفي الالتفاف حول قصر
الوالي، وانتقل ما كان قد تبقى من بقية علم
من الحيرة إلى الكوفة كذلك، وتجسم في أهل
الرأي الذي نسميه بعلم أهل، أو بمدرسة
الكوفة.

/ 456