مقابسات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقابسات - نسخه متنی

أبی حیان التوحیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

اضطراره. وهذه كالحيرة ولا سبيل إلى محيرها واستبانة كنهها بحق ما عرض، لأن الصورة عنونت الاختيار، والهيولى رسمت الاضطرار، والذي يكونه بهما يضرب على حديهما ووتيرتيهما، وإنما كا الاختيار منسوباً إلى الصورة بحق الشرف، وإنما كان الاضطرار منسوباً إلى الهيولى بحسب الخسة. والإنسان كالإناء لهما، وبالتباسه بهما والتباسهما به ما عرض هذا الصراخ والعويل، واحتيج فيه إلى القال والقيل، والله المستعان في كل ما عز وهان، فليكن هذا مقنعاً إن لم يكن شافياً، والسلام.

المقابسة التاسعة والخمسون

في أن الحس قد يحتد بالنفس الغضبية

سمعت عيسى بن علي بن عيسى يقول: لما كان الحس يحتد بالنفس الغضبية حتى ترى لصاحبه تعدي محسوسه بالحياة كرجل يتعرض للسيف والحرب، والمقام الصعب، ليفشو ذكره، ويطير صيته، ويعلو شأنه، ويشار إليه بالإصابع، ويتحدث بحديثه في المجامع. لم يكن للعقل أن يشرق بالحق ويستنير بالخير، ويلتذ بالصدق، ويتملى بالصواب، وتستملي النفس عنه حقائق الموجودات، ويشرف به على عواقب المطلوبات والمقصودات، حتى يجد صاحبه تعدى معقوله بهذه الحياة المموهة الباطلة، لينال حياة تامة كاملة دائمة خالدة لا إثم فيها ولا تبعة ولا كدر ولا مشقة. هي حدة إلهية، ونهاية عقلية، وهيئة وجدية، وجال ليس عليها بيان موصوف، بلفظ مستور أو مكشوف . وتكلم بهذا عند حديث رواه في الوقت بعض الحاضرين: زعم أنه رأى رجلاً قد ضربه السلطان بالسياط، بالجناية، وأنه كان يطاف به وهو عريان على جمل بين الأشهاد، فبلغ مكاناً وقف فيه الجمل لعارض، فدنا منه صبي وشاوره بشيء، فقام المضروب هذا على ظهر الجمل قائماً وبسط يده على حائط كان إلى جانبه ثم سمرها بيده الأخرى بخنجر وبقي معلقاً، وعبر الجمل وهو كذلك، فتعجب الناس من نفسه ومرارته ومن الأمر الذي هجم به على ذلك وزينه في عينه! فأفادنا بعقب هذا الحديث هذه الفائدة ومدارها على أن صاحب العقل الذي لحظ به الرتبة الكبرى، وأشرف به على الغاية القصوى، واستهان من اجله بالحياة الدنيا، أجدر أن يفزع عن خلائقه ووتائره التي قد ارتبطته وأورطته، وأنه أهلا لذلك وهو به أليق وعليه أقدر وفيه أعذر، وأن الصواب موكل به وناصر له، بقدر ما كان الخطأ مؤكلاً بالأول وواضعاً منه.

المقابسة الستون

في النثر والنظم وأيهما أشد أثراً في النفس

قال أبو سليمان، وقد جرى كلام في النظم والنثر: النظم أدل على الطبيعة، لأن النظم من حيز التركيب. والنثر أدل على العقل، لأن النثر من حيز البساطة. وإنما تقبلنا المنظوم بأكثر مما تقلبنا المنثور لأنا للطبيعة أكثر منا بالعقل، والوزن معشوق للطبيعة والحس؛ ولذلك يفتقر له عند ما يعرض استكراه في اللفظ. والعقل يطلب المعنى، فلذلك لا حظ للفظ عنده وإن كان متشوقاً معشوقاً. والدليل على أن المعنى مطلوب النفس دون اللفظ الموشح بالوزن المحمول على الضرورة؛ أن المعنى متى صور بالسانح والخاطر وتوفي الحكم لم يبل بما يقويه من اللفظ الذي هو كاللباس والمعرض والإناء والظرف. لكن العقل مع هذا يتخير لفظاً بعد لفظ، ويعشق صورة دون صورة، ويأنس بوزن دون وزن، ولهذا شقق الكلام بين ضروب النثر وأصناف النظم. وليس هذا للطبيعة؟ بل الذي يستند إليها ما كان حلواً في السمع، خفيفاً على القلب، بينه وبين الحق صلة، وبين الصواب وبينه آصرة، وحكمها مخلوط بإملاء النفس، كما أن قبول النفس راجع إلى تصويب العقل. ثم قال: ومع هذا ففي النثر ظل النظم، ولولا ذلك ما خف ولا حلا ولا طاب ولا تحلا، وفي النظم ظل من النثر، ولولا ذلك ما تميزت أشكاله، ولا عذبت موارده ومصادره، ولا بحوره وطرائقه، ولا ائتلفت وصائله وعلائقه. وقال كلاماً أكثر من هذا وقد أخرته إن شاء الله لرسالة معدودة في الكلام على الكلام، ثمرة هذا بتمامه فيها مع سائر ما يكون له بشرح تام وعناية بالغة، إن ساق الله إلى غايتها، ورفع هذا الفساد الذي قد منع من كل ما تهم النفس به من الخير، وصد عن كل ما يكون سبباً للسعادة. ولا ملجأ إلا إلى الله في كشف هذه الضراء، وإماطة هذه الأواء، فهو أول كل خير، وميسر كل طالب وناصره.

/ 96