مقابسات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقابسات - نسخه متنی

أبی حیان التوحیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

جماعة من النحويين فإنهم بهرجوا كلمة بعد كلمة منها من ناحية الإعراب والصوغ، فأعدت على أبي سليمان ذلك فقال: إذا استقام لك عمود المعنى في النفس بصورته الخاصية فلا تكترث ببعض التقصير في اللفظ؟ قال: وليس هذا مني في تصحيح اللفظ واختلاف التزويق وتخير البيان، ولكن أقول: متى جمح اللفظ ولم يوات، واعتاص ولم يسمح، فلا تفت نفسك خصائص المطلوبات وغايات المقصودات، فلأن تخسر صحة اللفظ الذي يرجع إلى الإصلاح أولى من أن تعدم حقيقة الغرض الذي يرتقي إلى الإيضاح. ولولا هذا الذي قاله هذا الشيخ لما اخترت نثر هذه الحدود على ما عرفتك من أعلامها واطراد القول عليها، ومن بحر الحكمة تدفقة فقد أوتى فضلاً كثيراً وفاز فوزاً عظيماً وأحرز ملكاً كبيراً.

المقابسة الثانية والتسعون

في أن شرف العلم والمعرفة والفضائل هو سبب قلتها

في هذا العالم

قال أبو سليمان: إنما صار العلم والمعرفة واليقين والفضائل بأسرها قليلة في هذا العالم لشرفها في أنفسها واتصالها بعالمها، وهكذا أعزه كل شيء شريف في نفسه وعزيز في جوهره، أنظر إلى المعادن في الأرض وإلى قلتها إذا تدبرت سائر الأجسام، ثم انظر إلى قلة الأشرف منها، وهو معدن الذهب، ثم انظر إلى بخل المعدن بما فيه إلا لمستحقه بالطلب والجهد والمعاناة والكدح، وهكذا المعارف والفضائل تعرف في هذا الجناب لأنها تنبو عنه فلا تقر فيه ولا تأنس به، فعلى هذا كلما اشتهر وفشا وكثر، فإما ذلك بمعونة الطبيعة وكثرة المادة وغلبة الهيولى، ولاختلاف النفوس بأصناف المزاج والتربية، وإما كيفية النفس وارتضاء العقل وإنارة الفكر، وكان من باب الحقائق واليقين والطمأنينة والسكون وروح البال وطيب النفس قائماً ذلك بمعونة العقل واتصال بحوره وغزارة فيضه وغلبة سنخه، وتعهد الباري الذي إليه ينتهي القول والوهم، وعنده يقف النثر والنظم، وعليه يشتد اللهف، والذي هو الكل المستولي على الكل.

المقابسة الثالثة والتسعون

في القول في قدم العالم وحدوثه

قال أبو سليمان: إنما عرض الاختلاف من الناظرين في العالم: أقديم هو أم محدث، لأمر لطيف. وذلك أن الناظر إلى المركز وجد الشيء الكائن ثم وجد الشيء الفاسد، فحكم أن الحدوث والقدم قد تعاقبا عليه، قدم بالزمان وحدوث أيضاً بالزمان فجاء الحكم بأنه محدث واجب، والناظر إلى هذه الأجرام العلوية وجد ما لا يكون ولا يفسد ولا يعتريه دثور، فحكم بأنه قديم، وكان النظر أن صحيحين من الجهتين المختلفتين، والشرف على الحقائق وهو الذي يقضي بالواجب لأنه ينسى السفلي إلى العلوي، أو يبتدئ النظر من العلوي إلى السفلي، فعند هذا التصفح والإستبانة يحكم بالحق ويقول: قديم بالسوس حديث بالتخطيط، وكيف لا يكون كذلك وآثار الصورة فيه ظاهرة، وآثار الهيولى فيه حاضرة، فآثار الهيولى هي التي درست وعفوت وبادت وانتشرت، وآثار الصورة هي التي ثبتت واستمرت وبقيت وشرفت وحسنت ولطفت، وظاهر هذا عند من لا دربة له بهذا البحث متناقض، وأنه قد جمع في هذا الحكم بين السلب والإيجاب.

المقابسة الرابعة والتسعون

في حقيقة النفس وبين بعض حقائق الأشياء

قال أبو زكريا الصيمري عند أبي سليمان في مذاكرة طويلة: إن كانت النفس واعتبار حالها بمنزلة الدرة في الحقة، والجوهرة في عمق البحر، وما أشبه ذلك فليست النفس في حكم البدن، ولا حالها اللائقة بها حال الكائن الفاسد، لأن الدرة ليست في الحقة التي فيها والغشاء الذي هو عليها في شيء، وإن كنت كالبصل وقشوره فهي بائدة لا بقاء لها ولا خير فيها، وفي المنكر أن تكون مع خواصها الشريفة وعجائبها الغريبة في حكم البائد الذي دثر والدارس العافي.

وقد أتت المقابسات الأول على فقر بليغة في تحقيق شأن النفس وإثبات أمرها وما خصت به دون البدن والمزاج وتوابعها ولواحقها، ولا وجه للولوع بالإكثار، فإن ذلك ربما جر إلى التقصير وحمل على الاعتذار. وهذا علم كلما قلت الحروف فيه كان المعنى بها أتم وأخلص، وكلما كثر اللفظ كان ما يراد به ويعني فيه أنقص، وليس كذلك باقي العلم.

/ 96