ادباء مکرمون نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ادباء مکرمون - نسخه متنی

عمر موسی باشا، علی عقلة عرسان، جمانة طه، أسعد علی، محمد حسین جمعة، تور ولید مشوح، علی ابوزید، راتب سکر، سامی غانم، مروان المصری، محمد عبدالغنی حسن، عبدالکریم الزهری الیافی، عدنان عبدالبدیع الیافی، حسین حموی، حسان الکاتب، احمد جاسم الحسین، فیصل جرف، مصطفی عکرمة، عبدالعزیز الأهوانی، شوقی ضیف، محمد المبارک، عبدالکریم خلیفة، محمد أبو الفضل إبراهیم، مصطفی جواد، احمد الجندی، عبدالغنی حسن، رکس سمیث، مصطفی الرافعی، جورج عبدالمسیح، احمد مطلوب، محمد عنبر، روحی فیصل، محمد عبدالغنی حسن، نعیم الیافی، محمود المقداد، ولید مشوح

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عمر موسى باشا

ثلاثية الفرح المفاجئ

الدكتور نعيم اليافي

كل مفكر، أديب أو دارس ينطلق من مقولة أساسية، أو نقطة ارتكاز، تعد بالنسبة إليه المحرق الذي فيه تتجمع خيوط خصوصيته، والبؤرة التي تصدر عنها، تشع وتتفرق ملامح إبداعاته، وتعد هي ذاتها بالنسبة إلى الناقد المفتاح الذي به يسبر النصوص، والطريقة التي بها يفهم الشخصية العلمية، ويفسر آفاقها المترامية على حد سواء. والمهم هنا وهناك العثور على هذه المقولة الأساسية، المفتاح ونقطة الارتكاز في كل حديث عن المبدع أو المفكر أو الأديب، وتحديدها أولاً، ثم الانصراف نحو دراستها ثانياً.

وقد دلتني تجربتي في البحث والنقد إلى سلامة هذا المفتاح ومبلغ صحته، إذ بينت إلى أي مدى يمكن أن ينطبق على نتاج الكاتب خاصة، وعلى نتاج كل أديب عامة.

ووجدت أن الكثرة ممن وقفت عند نصوصهم في الأدب الحديث بدءاً من عصر النهضة حتى الوقت الحاضر تستجيب لهذه الطريقة ولا تتأبى عليها، لاسيما في ميدان النثر (المقالة والمسرحية والقصة بأنواعها)، فكنت أقدم دائماً بين يدي دراستي لكل أديب مفاتيح عالمه الأدبي أو فضائه، متناً وقولاً، نصاً وخطاباً.

وحين ندبت للحديث عن نتاج الصديق الدكتور عمر موسى باشا، وهو من هو في مجال البحث والدرس لمعت في ذهني فكرة المفتاح، أتراها تنطبق على نتاجه، ولم لا أجرب؟، ورحت أقرأ في مكتبته الواسعة الثرية، ووقفت خاصة عند تلك الكتب التي شكلت بالنسبة إلى سيرورة أعماله انعطافات هامة، وسرعان ما تلامحت إزاء ناظريّ المقولة، نقطة الارتكاز، وأسفر المفتاح، وكان هذه المرة في طريقة الاكتشاف العلمي لديه، أو فيما يرى أنه اكتشاف.

الاكتشاف العلمي عند الباشا حدس داخلي يمر بثلاث خطوات، أولاها التصور، وأخراها الرغبة، وثالثتها الجموح. أقصد بالتصور أن القضية العلمية التي يريد التدليل على صحتها تبدأ لديه لمعة تأملية، قد يكون لها أساس من الواقع أولا يكون، ليس هذا بالمهم، فالمهم أنها خاطرة تخطر، أو واردة ترد، شأن المتصوفة الذين درسهم وأضنى نفسه في تتبع آثارهم. وأقصد بالرغبة هنا مجرد الأمنية في نقل هذا التصور إلى الواقع وكأنه حقيقة مادية ملموسة، عامة ومطلقة، نراها رأي العين، ونلمسها لمس اليد، وتصدق في الحكم على الكل، كما تصدق على الجزء، وأقصد بالجموح تطوير الواقعة التي كانت في أصلها تصوراً، والمغالاة في دفعها نحو الأمام، والانتقال بها من مستوى الوجود بالقوة إلى مستوى الوجود بالفعل، وتصبح بهذا الانتقال أمراً مسلماً، لا جدال فيه بالنسبة إليه، وأمراً يجب الاعتراف بصحته وسلامته، والإذعان لـه ولا مهرب بالنسبة إلى الآخرين.

ولو أنا رحنا نضع هذه الخطوات أو نصوغها بمصطلحات علم النفس لقلنا.. إن خطوات البحث العلمي عند دارسنا ثلاث: إدراك فنزوع فتيقن، الإدراك للتصور، والنزوع للتعبير, التيقن للتثبت والتأكد وإطلاق الحكم، وتكون النتيجة الطبيعية لهذه الخطوات الثلاث ـ هنا وهناك ـ في البحث وفي علم النفس، هي الفرح المفاجئ أو الانبهار بما تم كشفه أو الاهتداء إليه، ومن هنا جاء عنوان المقالة (ثلاثية الفرح المفاجئ)، باعتبار هذا الفرح الذي يحسه الدارس، ويثلج صدره ينهي لديه موضوعة الاكتشاف، ويحقق زخمها في آن. والأمثلة على ذلك في كتبه جد كثيرة.

في أطروحته لدرجة الماجستير "ابن نباتة المصري -أمير شعراء المشرق"، يقرر أنَّ الشاعر صاحب مذهب رمزي خاص في الشعر العربي، ومع اعترافه بأن هذا الإقرار غريب يروح يتأمل مبادئ المدرسة الرمزية الفرنسية التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر، ويوازن بين سماتها وسمات شعر شاعره وغيره من شعراء العرب، وينتهي إلى حكم أ غرب من الإقرار مؤداه أن أصول المذهب الرئيسة كلها مستمدة من الشعر العربي والبلاغة العربية والتورية النباتية، ثم يخلص إلى ماهو أكثر إيغالاً فيؤكد أن هذه المدرسة ظهرت في المشرق العربي قبل أن تظهر في الغرب، وأنها كانت امتداداً للأدب الرمزي العربي ا لذي بلغ ذروته على يد شاعر المشرق ابن نباتة.

وفي أطروحته لدرجة الدكتوراة (الأدب في بلاد الشام في القرنين السادس والسابع الهجريين )، يجد أنه أول من كشف عن صفحات العصر المطلوبة وجوانبه المنسية، وأبرزها كما هي في ثوبها القشيب، وبغض النظر عن مسألة الريادة هذه، ومبلغ الجهد المبذول للوصول إلى الأحكام يرى الدارس أن هذا العصر كغيره من عصور الأدب العربية والغربية وجدت فيه تيارات ومذاهب فنية متباينة لها مفهومات خاصة ونظرات عميقة تتناول مختلف مظاهر الحياة فلم ننعته بالعقم والجمود، أو نسمه بسمة التأخير والانحطاط؟ والنقاد الغربيون أنفسهم لم يفعلوا ذلك مع تراثهم، على الرغم من التشابه في ظاهرات التطور، وإنما عدّوه مذاهب فنيّة وتيارات اقتضتها سنة الحياة، وأوجدتها في سيرورتها وتحولاتها.

وأذكر أنه دار كلام بيني وبينه حول الموضع منذ خمسة عشر عاماً حين كنا ندّرس في الجزائر ـ العاصمة.

يومها أخبرته بأني قرأت رأياً لأليوت في "الموهبة الفردية والتقاليد" أو لبروكس في "الشعر والتراث" تحدث فيه أحدهما عن إمكانية وجود شعر متطور في بيئة متخلفة، ولا أدري كيف يصح ذلك، فضلاً عن أن نتصوره.

مع العفيف التلمساني يكتشف أن شعره كان ضرباً من الالتزام الشعري في المفهوم الأدبي الاصطلاحي الحديث، وينجرف نتيجة ذلك أو بسببه إلى الزعم بأن شعرنا العربي كله في الماضي ـ هكذا دفعة واحدة ـ لم يلتزم في أغراضه ومعانيه واتجاهاته، بل كان ريشة في مهب الريح تتقاذفه بين الأجواد والممدوحين.

وبما أن الشاعر لم يفعل ذلك، أي لم يسر سير الشعراء المرتزقة في عصره وإنما ظل حريصاً على الالتزام في الأدب وفي العقيدة (عقيدة وحدة الوجود المطلقة) ثارت ثائرة الحاقدين، وإذا كان أحد الحكمين صحيحاً إلى هذه الدرجة أو تلك فلا أظن أن أحداً من الدارسين يوافق الأستاذ الكريم على حكمه الآخر المطلق والجريء.

ولعلنا لا ننسى تلك الضجة التي أثارها رأيه في القدود الحلبية، هذا الرأي الذي بينه في محاضرة لـه ودراسة، وضمنه كتابه الذي لم ينشر بعد "شمس الشعراء أمين الجندي"، وفيه يكشف عن أسبقية القدود الحمصية للقدود الحلبية في المضمون والصياغة والشكل، وجن جنون الحلبيين فانبروا للرد عليه في غير موضع، وكانت النتيجة أن خفف غلواء رأيه فرأى أنهما نمطان من القدود.

وتتجلى هذه الطريقة في الكشف أو الاكتشاف في مخطوطته "قطب العصر.. عمر اليافي"، حيث عقد فصلاً خاصاً لمذهبه النفسي والفني سماه "بمذهب الصقالة اليافية"، ورأى أنه جماع لثلاث نظريات.. الأولى نظرية السهولة البيانية، وهي معروفة في تراثنا العربي، والثانية نظرة الانسجام التركيبي التي تبدو في البنى الشعرية، والثالثة نظرية مرآة الصفاء، وهي من محدثات الشاعر، وتظهر في أحاديثه الدائرة عن الصفاء النفسي والصفاء الإشاري والصفاء البنيوي، وجميعها نعوت وتصنيفات وخصوصيات مذهبية يقننها ويفتقها وفق ما يراه بعين الباطن، عين حدسه وذائقته، وتذكرنا بما كتبه من قبل في الأدب في بلاد الشامعن المذهب الحصفكي، والمذهب الأثيري، والمذهب الظفري.

ماذا أود أن أقول من وراء هذه الأمثلة؟

أود أن أفرق تفريقاً تعسفياً (وهو أمر لا أقبله ولكني مضطر إليه) يبين طريقة الكشف وبين نتائجه فأزعم أن النتائج ـ أي الأحكام التي انتهى إليها الدارس ـ مجرد وجهات نظر تحتمل الصحة والخطأ، وهي في رأيه صحيحة حتى يثبت خطلها، ومن هنا لا أرى جدوى في مناقشتها في مثل هذه العجالة، على الرغم من أني لا أميل إلى معظمها، ولا أعتقد ما أعتقده الدارس، وأظن أنه مظهر من مظاهر المبالغة والمغالاة.

أما الطريقة فهي شأن آخر ينبغي أن نناقشه وأن نقف عنده، لقد زعمت أن الكشف عند الدارس يبدأ وارداً ثم يصبح واقعة أو أمراً مسلماً، وهذه الطريقة ربما تصلح في مجال التصوف حيث العلم ذوق، والدربة معراج، والطريقة لطائف ومواجيد، والرؤية بصيرة داخلية وإشارات ربانية، إلا أنَّها لا تصلح في مجال الدراسات والعلوم الإنسانية حيث العلم حقائق مادية ملموسة، والدربة استقراء وإحصاء، والطريقة مقدمات وأقيسة ونتائج والرؤية عقل واعد ومحاكمات ذهنية. قد نقول إن لحظة الكشف النهائية أو الإلهام هي هنا وهناك واحدة، بيد أنها في الحالتين مختلفة، هي في التصوف خاطرة ترد، وهي في العلم حادثة أو واقعة تكتشف.

ومهما يكن من أمر هاتين الطريقتين، ومن أمر المقارنة بينهما فإني أعتقد أن طريقة الدكتور عمر موسى باشا ونتائجه جزء لا يتجزأ من شخصيته العلمية والإنسانية ومن اسمه ولقبه أيضاً، فالرجل على المستوى الأول موسوعي شمولي، كوحدة الوجود التي يؤمن بها جمع للمتناقضات، وهو على المستوى الثاني إنسان بكل ما تحملهُ الكلمة من دلالات خيرة وفاضلة، وهوعلى المستوى الثالث مستوى الاسم والكنية ـ تحصيل حاصل، حتى كأنما كان لـه منهما نصيب وافر، فقد أخذ من عمر العدل والعناد، واصطفى من موسى كلمة الميقات، ونال من الباشوية البشر والبشاشة والبشرى فهنيئاً لـه باسمه وكنيته، وهنيئاً لنا قبل ذلك وبعده بفيض علمه الغزير.

/ 136