ادباء مکرمون نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ادباء مکرمون - نسخه متنی

عمر موسی باشا، علی عقلة عرسان، جمانة طه، أسعد علی، محمد حسین جمعة، تور ولید مشوح، علی ابوزید، راتب سکر، سامی غانم، مروان المصری، محمد عبدالغنی حسن، عبدالکریم الزهری الیافی، عدنان عبدالبدیع الیافی، حسین حموی، حسان الکاتب، احمد جاسم الحسین، فیصل جرف، مصطفی عکرمة، عبدالعزیز الأهوانی، شوقی ضیف، محمد المبارک، عبدالکریم خلیفة، محمد أبو الفضل إبراهیم، مصطفی جواد، احمد الجندی، عبدالغنی حسن، رکس سمیث، مصطفی الرافعی، جورج عبدالمسیح، احمد مطلوب، محمد عنبر، روحی فیصل، محمد عبدالغنی حسن، نعیم الیافی، محمود المقداد، ولید مشوح

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الجانب الإنساني

في شخصية عمر موسى باشا

الدكتور وليد مشوح

يقول الجنيد بن محمد رحمه الله:




  • ما لي جُفيتُ وكنتُ لا أُجفى
    وأراكَ تَسقيني وتمزجُني
    ولقد عهدتك شاربي صِرفا..؟!



  • ودلائلُ الهجرانِ لا تُخفى؟!
    ولقد عهدتك شاربي صِرفا..؟!
    ولقد عهدتك شاربي صِرفا..؟!



ما غايتي أن أبدأ بشعر الجنيد إلا لألِج في دخيلة المعلم الذي تعلمنا منه الكثير وما فتئ يقودنا على دأب ليرتقي بنا إليه، فنهلنا منه لنحنوَ عليه، وسِرنا على خطوه لنصلَ إليه... ثم أدركنا التعب... وأضنانا الضنى.. وما أن سِرنا في وعثائها حتى انشغلنا بالغايات عن المعاني وأُخذنا بالبهارجِ عن المباني، وانصرفنا إلى الآنيِّ البراق لنهملَ الكمونَ في الجوهرِ.. كذا غررتْ بنا الفانية فأترتبنا؛ فظلت المنابعُ نقية إذ تعكرت الروافد أو ضَحُلَتْ.. الأستاذ عمر موسى باشا المعلم والمؤدب والنبع الذي ما نضب.. عذراً لقد تعكّرت الروافد.. نعترفُ ونعتذرُ نحن التلامذة الذين أردتنا فيضاً ثراً، وسناءً منيراً، لكنها أزمنة العُجالة والتسطح.. فانتظر يا سيدي.. لعلَّ وعسى...

عرفناك كبيراً منذ الإطلالة الأولى.. ودؤوباً منذ المحاضرة الأولى.. وصبوراً منذ العثرة الأولى.. وإنساناً منذ الابتسامة الأولى.. إذن سأبدأ في الحديث عن إنسانيتك منذ أسطرها الأولى...

في أواخر الستينيات كانت تتناهبنا غرفاتُ كلية الحقوق بمدارجها الخشبية العتيقة، وكلية العلوم الحديثة البناء، إذ لم تكن لكلية الآداب مدارج خاصة بها آنذاك. يومها خُصت مادة الأدبين المملوكي والعثماني بالقاعة الثالثة في كلية العلوم، وجدول الدروس يشير إلى أستاذها الدكتور عمر موسى باشا.. كنا نسمع به، ولم نعرفه قط.. إنسان وضع الحب في الجوهر الأساس، وارتقى به من المادية إلى الصوفية؛ فانماز بذلك عندما قرأنا ديوانه "عذارى"، أدركنا بشعورنا أن المبدع ارتدى خشن الثياب ليصقل جوهر الروح، ويرسلنا (نحن المتلقين) مع صوره وخيالاته إلى عالم إلهي لـه معانيه...

دخل على عجل، وكنا نقف إذا قابلنا فاضلاً في علمه وأدبه.. فأشار بكلتا يديه: أن اجلسوا، ولا أدري كيف دلّتنا هاتيك الابتسامة الأبوية الحنون إلى طبيعته النقية.

بصوته الهادئ الخفيض الحاني سيطر على شغبنا، ليجرنا آذاناً وعواطف ومخيلات وعقولاً إلى استيعاب ما يريد..

الأجواء التاريخية والاجتماعية وأبعادهما الزمانية والمكانية حيث ينضج الأدب المملوكي.. وكانت علامته المميزة إبداعات ابن نباتة المصري.. قرأ، وضح، حلل، درس، نقد، فكان مالكاً لأبعاده، ممتلكاً لحيواته، مملَّكاً على عطائه، حتى تخيلنا أن روحي الرجلين قد توحدتا، فأيقظ الدارس روح المدروس، ليمنحها الحياة من روحه فتماهيا في روح واحدة.. وهذا هو الإطار الإنساني العام لشخصية علمية امتلكت ناصية الموضوعة فجلبتها من مصر المحروسة لتعرضها عن مقدرة ومكنة أمام طالبي المعرفة في الشام المباركة.

يقول (برغسون): "في كل إنسان شخصية صوفية تحتاج إلى من يوقظها"، فالشخصية الصوفية مستيقظة في ذات الدكتور عمر، لكنه اجتهد على إيقاظها فينا؛ إذ كان يلوح بمراده عندما يملي علينا دروسه في الأدبين المملوكي والعثماني، وكنا نشعر أن ثمة لجاماً يحول دون إرادته تلك.. بيد أنه عرّج على الشاعر المتصوف عفيف الدين التلمساني، فكان يومض ومضاً صوفياً، ثم ينكص، حيث عرفنا فيما بعد أن الرجل جوبه بمعارضة حادة من الأوصياء على المناهج في الجامعة، ومنع من التوجه نحو التصوف، لأنه- كما زعموا- يعني الهدم والتخريب.. وهكذا ظل الرجل يلوك اللجام حتى انزاحت النظرة النظرية.

إنسانية العالم الفاضل تجلت أول ما تجلت في إخلاصه لعمله، ودقته في الوقت، والتزامه بالمنهج، ولم يغبْ عن محاضرة قط، ولم يبخل بنصيحة، ولم يتنكر لتساؤل، ولم يندد بفكرة، ولم يضق برأي.

ما سمعته توجه بكلمة نابية لطالب، ولا تناول بالنقد زميلاً من زملائه، وما ارتفعت نبرةٌ غاضبة في صوته، ولا ذخر ضغينة لأحد.

هو أبو مازن، وكان يرى في كل منا مازناً.. كنا في نظره كذلك ونحن على مقاعد الدرس، وظللنا كذلك عندما تحقق أمله فينا، ولم يعاملنا معاملة صاحب الفضل في القِدم والريادة، بل أضحى يعاملنا معاملة الند للند، نبارك جهده فينا، ونشكر فضله علينا، فيرد على استحياء وارتباك: بل أنتم زملائي..

يفاخر بطلابه، يحنو على أبنائه، يترحم على والديه، يجل زوجه، يشرق فيتحول إلى نبع حنو وحنان عندما يلتقي بأحفاده إذ يرى فيهم استمرار الحياة وتعاقب الوجود. عذراً لك أخذني الجانب الشخصي؛ فسفحت عاطفتي، وصرفت مكنونات نفسي تجاه رجل أقدره، وأجله، وأحترمه، وأدين لـه بفضل لن أنساه ما حييت.

إن السمات الإنسانية في شخصية المحتفى به لتظهر بالمعرفة الشخصية، كذلك تتجلى في العطاء الأدبي.. ومن يقرأ مؤلفات الرجل سيكتشف في الحال شخصية إنسانية من خلال غلبة العاطفة على الناتج، وتبدو هذه الأمور جلية واضحة عندما نتابع دراسته لشخصية ما، كابن نباتة والعفيف التلمساني وأمين الجندي وعمر اليافي وأبي العلاء المعري.. إذ نجده يخرج عن المساق العلمي أحياناً ليغرق في مساقات عاطفية وهذه إنما تعني غلبة الجانب الإنساني بأبعاده العاطفية على الجانب العقلاني العلمي.

وإذا أردنا أن نلقي الضوء على الجانب الإنساني- هذا- فسنجده على تسرع في فواتح كتبه ومقدماته وتمهيداته لها، وسأقبس منها نتفاً لأدلل على صدق زعمي هذا.

يقول في تقديمه للطبعة الأولى من كتابه الموسوم بـ"الأدب العربي في العصر المملوكي والعصر العثماني": لا بد لي من كلمة أسوقها في مستهل هذا الكتاب الجديد، أتناول فيه دراسة الأدب العربي في العصر المملوكي والعصر العثماني، وأوضح بعض الجوانب حول هذا الموضوع الهام من تاريخنا الفكري والأدبي.

وبعد: فهذه هي بواكير محاضراتي عن الأدب العربي في هذين العصرين، أضعها بين أيدي طلبتي الأعزة، راجياً أن تكون لهم نوراً يهديهم سواء السبيل، وذلك لسيتزيدوا من المعارف الإنسانية، ويتابعوا سعيهم الحثيث في خدمة لغة الضاد وصون تراثها وآدابها.

إنهم حملة الكلمة عبر العصور، يصونون صرح الأمة العربية الخالدة بالقلم والنون. أسأل الله تعالى الذي أقسم بهما أن يمدني بالعون والسداد، والهَدْي والرشاد، فهو نعم المولى ونعم النصير".(1)

فالموضوع هام جداً كما رأى، وتمنى على الله أن يكون نوراً يهدي طلبته سواء السبيل، فقد قرر أهمية الموضوع، ووجد فيه معيناً لطلبته في التقدم، والحكمان صادران عن عاطفة، وإيمان عاطفي بالموضوع، وانحياز عاطفي نحوه، وعندما تشمل العاطفة موضوعة ما؛ فإنما يطغى الجانب الإنساني على الجانب الموضوعي.

ويبدأ بالتوحد مع أمين الجندي إذ نلمس حرارة الوجد المتبادلة بين الدارس والمدروس منذ عنوان المطبوعة: شمس الشعراء الشيخ أمين الجندي، إنه يقنعنا بعاطفته، بل يتمنى علينا أن نكون عاطفيين مثله، وكوننا عاطفيين، سنكون إنسانيين حتماً.. فقد قرر أن يكون أمين الجندي شمس الشعراء.

"وها أنذا اليوم أعود ثانية إلى شمس الشعراء الشيخ أمين الجندي وأجعله محور الدراسات العليا.. فلقد نبهت الأذهان في الوطن العربي، على أهمية القدود الجندية، وما خلّفته من آثار، وما زالت بواعثها وأصداؤها تترى في أدبنا المعاصر.. وكأني بالشيخ الجندي يستمد إبداعه الذاتي "من جند من السماء".. أما الشاعر أمين الجندي، ذلك الشيخ الصوفي الفنان، عبقري زمانه.. وصفه البيطار بقولـه: الشاعر اللبيب والماهر الأديب والكامل الأريب، والفاضل النجيب..".(2)

هكذا نحسه يحمل فيضاً زاخراً من العواطف التي تصدر عن إنسانية لا حدود لها، فيخرجها دفعة واحدة وكأنه يكسر السد الفاصل بين العقل المجرد والعاطفة التي تستمد فوحها ونداها وعطاءها من الروح.

كذلك أعطى صفة قطب العصر لعمر اليافي، والعنوانات تصدر عادة عن نتائج البحث؛ بينما عنوانات أبحاث الدكتور عمر موسى باشا فتصدر عن مخاض العاطفة.

يقول في مقدمة كتابه عن عمر اليافي: "... ويسعدني كثيراً أن أسهم في هذه الإضاءات الجديدة في دراسة الشعر الصوفي.. فلقد شعرت بأجمل المتعة، وأعمق الانشراح، وأنا أنشئ هذا البحث عن اليافي، ذلك لأنني أجدني أمام عبقرية مجهولة، كما هي الحال بالنسبة للعفيف التلمساني وابن سبعين والششتري وعبد الغني النابلسي وغيرهم.." ثم يصرح بالحافز أو الدافع الذي حداه إلى صرف عواطفه في سوق الصوفية.. لنجد أنه تأسس أصلاً على الصوفية، والصوفية- كما نعرف- تنبذ العقل، وتنبو عليه، وتخرج من أساره وزنازنه: "ثمة باعث ذاتي يعود إلى أكثر من خمسين عاماً، يحسن البوح به وفاء وذكرى للتقي النقي، الزاهد المرحوم جدي عمر- وهو الذي سماني باسمه.. كان يناولني من (مكتبته) الصغيرة المتواضعة.. بعض كتبه، لأقرأ لـه بعد أن عشي بصره في (دلائل الخيرات)، وفي (التائيتين) الكبرى والصغرى من ديوان ابن الفارض بالإضافة إلى النبويات والصوفيات وقدود الموشحات في ديوان اليافي وغيره."(3)

إذن فنشأة الرجل نشأة صوفية، والصوفية سفر الروح إلى ما وراء المدى بحثاً عن جوهر الذات.. هي تمرد على الموجود المادي.. وهي- أيضاً- في تنافر مع العلم، وتصالح بل تحالف مع إنسانية الإنسان.. وهنا لا أعني أن عُمَر قد تنكر للمنهج العلمي في البحث؛ وإنما أردت التأكيد على نقطة أراها جد مهمة، وهي قلقه الروحي، وتعبه الفكري عندما يتصالح مع الواقع الحاد المعيش ليقدم بحثاً علمياً، وقد تنبه إلى هذا الأمر الدكتور علي عقلة عرسان، فأعلنه صراحة في تقديمه لكتاب عمر موسى باشا عن (قطب العصر عمر اليافي)، إذ جاء قوله: "... وكنت أشفِق على الدارس من لغة الشاعر وعصره واهتماماته ومسارب مشاعره وألغازه، لأن الدارس يقدم الشاعر إلى أناس عصر صار فيه للخلق لغة واهتمامات ومفهومات مغايرة. فقد زحف الاستهلاك المادي على بضاعة الروح، وانصب في صفاء الأرواح عكر النفوس الغارقة في أوحال الوقت، وامتدت ثقافة وافدة فوق سماء راكدة فران على القلوب والأذواق شيء كثير مما وفد، خالط الذوق والفهم والنفس فكان لـه في الخلق ما كان من فعل وتأثير. لقد امتد الجاز الوافد فوق السماح الأصيل، وأصبح الغناء الرخيص أعلى مرتبة من الطرب، وطرد الغناء السماع من ساحات كثيرة، وطغت صلابة المادة وعفونتها على لين الجانب ورقة الحاشية ونقاء السريرة، فهل إلى مصالحة وتواصل بين الاثنين من سبيل؟!"(4)

هوذا عمر موسى باشا، يخلص لإنسانيته دائماً، يعلنها، مكتوبة بحبر عواطفه، هو البركة الباقية في زمن انسحبت من ساحاته قيم ومبادئ ونواميس، وظلت في حياتنا بعض البقع الخضراء التي نرنو إليها كلما داهمنا الجفاف وأضنانا لهاث الروح، فتحية وإكراماً وإجلالاً للنقاء والصفاء والوفاء والعطاء.. تحية للأستاذ الدكتور عمر موسى باشا...

فيا أيها الجليل المعلم.. أيها الفاضل الصوفي.. يا صاحب الفضل والفضيلة.. هلا سمحت لي أن أقدم إليك طاقة شعر.. لكَ أنت.. مني أنا تلميذكم الذي سيبقى؟ لتكون خاتمة حديثي هذا:




  • علمتني، والعلمُ فضلٌ يُذكرُ
    عمرٌ.. وصَدْرُكَ بالفضيلةِ عامرٌ
    يكفيكَ فخراً أن تكونَ معلِّماً
    تزهو به كُتبٌ ويفخرُ مِنْبَرُ



  • ومنحتني وسوايَ ما لا يُنكرُ
    ولديكَ منها ما يَفيضُ ويَغْمُرُ
    تزهو به كُتبٌ ويفخرُ مِنْبَرُ
    تزهو به كُتبٌ ويفخرُ مِنْبَرُ



/ 136