مقابسات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقابسات - نسخه متنی

أبی حیان التوحیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

من الأصل، لأن الأصل راجع إلى الولادة، والنفس دالة على النقص والزيادة، نعم، وعلى الشقاء والسعادة، وقد يحس الإنسان بنفسه الجيدة سقوط أبويه فيتلافى ذلك في تكسب الخير وإيثار الجميل، وشدو الأدب، وقصد العلم، كل ذلك سلف له ، كما يحس الإنسان بشرف أبويه فيتكل على ما سبق لأوليته، ولا يشغل زمانه العزيز في تحلية نفسه بحلى آبائه وأجداده أخواله وأعمامه، ليكون ذلك زينة له في حياته، وذكراً لعقبه من بعده، فلا جرم أنه أحرى من صاحبه كثيراً ثم قال: سمعت بباب الطاق في هذه الأيام، وإنسان من أنكاد السوقة يقول لأخر من ضربائه: شرفك ميت وشرفي حي، وشرفك أخرس وشرفي ناطق، وشرفك أعمى وشرفي بصير؛ قيل له: ماذا أراد بهذا؟ قال: أراد: إني بنفسي على هذه الفضائل الشريفة والحال المتمناة، وأنت بنفسك على أضدادها، لا تحيي ولا تنطق ولا تبصر، لم تنفعك أرومتك البضاء، ولم تضرني جرثومتي السوداء، ومتى نابك أمر فتحدث بشرف غيرك، فكنت بمنزلة الخصي المدل بهن غيره، وهذا ما لا يجدي عليه عند البضاع.

المقابسة الثانية والعشرون

في ما بين المنطق والنحو من المناسبة

قلت لأبي سليمان: إني أجد بين المنطق والنحو مناسبة غالبة ومشابهة قريبة، وعلى ذلك فما الفرق بينهما، وهل يتعاونان بالمناسبة، وهل يتفاوتان بالقرب به؟ فقال: النحو منطق عربي، والمنطق نحو عقلي، وجل نظر المنطقي في المعاني، وإن كان لا يجوز له الإخلال بالألفاظ التي هي لها كالحلل والمعارض، وجل نظر النحوي في الألفاظ، وإن كان لا يسوغ له الإخلال بالمعاني التي هي لها كالحقائق والجواهر؛ ألا ترى أن المنطقي يقول بخبر وهو ينفعل، والنحوي فيما خلاه اللفظ؟ ونظائر هذا المثال شوائع ذوائع في عرض الفنين والنظرين، أعني المنطق والنحو، وكما أن التقصير في تحبير اللفظ ضار ونقص وانحطاط، فكذلك التقصير في تحرير المعنى ضار ونقص وانحطاط، وحد الإفهام والتفهم معروف، وحد البلاغة والخطابة موصوف، والحاجة إلى الإفهام والتفهم على عادة أهل اللغة، أشد من الحاجة إلى الخطابة والبلاغة، لأنها متقدمة بالطبع، والطبع أقرب إلينا، والعقل أبعد عنا، والبديهة منوطة بالحس، وإن كانت معانة من وجهة الحس، وليس ينبغي أن يكتفي بالإفهام كيف كان، وعلى أي وجه وقع، فإن الدينار قد يكون رديء ذهب، وقد يكون رديء طبع، وقد يكون فاسد السكة، وقد يكون جيد الذهب عجيب الطبع حسن السكة، فالناقد الذي عليه المدار، وإليه العيار، يبهرجه مرة برداءة هذا، ومرة برداءة هذا، ويقبله مرة بحسن هذا، ومرة بحسن هذا، والإفهام إفهامان: رديء وجيد، فالأول لسفلة الناس، لأن ذلك غايتهم وشبيه برتبتهم في نقصهم، والثاني لسائر الناس، لأن ذلك جامع للمصالح والمنافع، فأما البلاغة فإنها زائدة على الإفهام الجيدة بالوزن والبناء، والسجع والتقفية، والحلية الرائعة، وتخير اللفظ، واختصار الزينة، بالرقة والجزالة والمتانة، وهذا الفن لخاصة النفس، لأن القصد فيه الإطراب بعد الإفهام والتواصل إلى غاية ما في القلوب لذوي الفضل بتقويم البيان. قلت له: فما النحو؟ فقال: على ما يحضرني الساعة من رسمه على غير تصفية حده وتنقيحه: إنه نظر في كلام العرب يعود بتحصيل ما تألفه وتعتاده، أو تفرقه وتعلل منه، أو تفرقه وتخليه، أو تأباه وتذهب عنه، وتستغني بغيره. قلت: فما المنطق؟ قال: آلة بها يقع الفصل والتمييز بين ما يقال: هو حق أو باطل، فيما يعتقد، وبين ما يقال: هو خير أو شر، فيما يفعل، وبين ما يقال: هو صدق أو كذب، فيما يطلق باللسان، وبين ما يقال: هو حسن أو قبيح بالفعل. قلت: فهل يعين أحدهما صاحبه؟ قال: نعم، وأي معونة إذا اجتمع المنطق الحسي؟ فهو الغاية والكمال! قال: ويجب أن تعلم أن فوائد النحو مقصورة على عادة العرب بالقصد الأول، قاصرة عن عادة غيرهم بالقصد الثاني. والمنطق مقصور على عادة جميع أهل العقل من أي جيل كانوا وبأي جيل كانوا وبأي لغة أبانوا، إلا أن يتعذر وجود أسماء عند قوم وتوجد عند قوم، فحينئذ الحال في التقصير يتورك على تعذر الأسماء أو على وضعها على الخلاف، إما بالتواطؤ والاصطلاح، وإما بالطبع والأسماع. قال: وبالجملة، النحو يرتب اللفظ ترتيباً يؤدي إلى الحق المعروف أو إلى العادة الجارية، والمنطق يرتب المعنى ترتيباً يؤدي إلى الحق المعترف به من غير عادة سابقة. والشهادة في المنطق مأخوذة من

/ 96