مقابسات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقابسات - نسخه متنی

أبی حیان التوحیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ندم ندامة لاذعة، ولا التزم مؤلمة موجعة، ولا زحم زحمة موحشة، ولا نكص على عقبيه متحيراً، ولا بقي منكساً مبهوراً، متى كانت عنده على وجه التمليك من مالكها، بقيت منها بقايا عند مالكها متى شاء تمام فعله أمده منها بما يتم له فعله، لئلا يظن ظان أن ذلك لاستقلاله بنفسه، وكماله بقدرته، واستغنائه عن مملكته، بل يتم له شيء ليرتاح له ويشكر مقيضه لينيله بلاغه أم بانقطاع شيء آخر ليفزع إلى ربه ويلوذ به بمسألته، ويتبرأ من حوله وقوته، ومن علمه وبصيرته، ومن جلده ونجدته ومن أنفته وشيمته، ويلوذ بمن هو أولى به، ويستمد ممن هو أملك له، ويستأمر إلى من هو اقدر عليه، ويلقي مقاليده كلها إليه، ويطرح كله بين يديه؛ وهذا بيان في موجب الربوبية ومقتضى العبودية، لا ينكره إلا من لا يبالي الله به في أي واد هلك، وبأي ريح انتثر، وفي أي بحر غرق، وفي أي غثاء طاح. قلت له: هذا كلام على الصالحين وأهل الديانة من أصحاب الشرائع. قال: يا بني لا تعجب من هذا، فالأنبياء والأصفياء ومن دونهم يدندنون حول خلوص النفس في العاجلة، وخلاصها في الآجلة، والقول وإن اشتبه والإشارة وإن غمضت، فالمراد بين والمطلوب متيقن، وهل الحكمة إلا مولدة الديانة؟ وهل الديانة إلا متممة للحكمة؟ وهل الفلسفة إلا صورة النفس؟ وهل الديانة إلا سيرة النفس؟ وكنت قد حدثتني عن شيخكم الحضرمي الصوفي أنه قال: النقب كثيرة، والعروس واحدة. فقد ارتفع التناقض وسقط التنافي! وإنما قطعت هذا الأمر في طلب الحياة الدائمة التي لا شوب فيها من ألم، ولا عارض من أذى، ولا خوف من انقطاع.

المقابسة الأربعون

في أن العلم حياة الحي في حياته

والجهل موت الحي في حياته

قال أبو بكر الصيمري، لجماعة عنده ونحن في طاق الخواني في الوراقين وقد ذهب به القول في كل عروض، وجذبه إلى كل باب: العلم حياة الحي في حياته، والجهل موت الحي في حياته، فإذا كان الجاهل ميتاً في حياته فماذا ترى يكون بعد مماته؟ وإذا كان العلم حياة الحي في حياته فلا شك أنه يكون حياة له بعد وفاته.

ثم قال: العلوم الآلهية في السر لأنه بساط العمل الصالح، والحق المعتقد، والخلق الطاهر، والطاعة الحسنة، والراحة في المعاقبة، ومن عري من العلم ولزم العمل، كان كخابط عشواء، ما يفوته أكثر مما يجده، وما يفسده أكثر مما يصلحه؛ ومن لزم العلم وخلا من العمل، كان كلابس ثوبي زور. والعلم فنون، وأشرفه معرفة الحق الأول، والعلم قوام المعقول، والعمل قوام المحسوس، ولولا المحس لا ستغنى عن العمل، لأن العمل إنما هو رياضة النفسين اللتين تعاندان النفس الناطقة، أعني الشهوية والغاضبة، فأما العلم فهو كله في تقديس المعقول بالعقل والتشوق إليه، وطلب الاتصال به، والفرق في بحره، والوصول إلى وحدته، والعمل مقوم للقوى التي تريع كثيراً بالزيادة والنقصان، وبالخمود والهيجان؛ والعلم مبلغ إلى الغاية التي لا مطلوب ورائها، والعمل مهيئ لك نحو المسلك إلى سعادتك، والعلم مشرف بك على سعادتك، والعمل يوصل، والعلم وصول، والعمل حق عليك لا بد من أدائه، والعلم حق لك لا بد لك من اقتضائه والعلم كله نور وأنواره ما أضاءك وسطع عليك وأسفر بك وجلاً عن حقيقتك، وتحلى بعقيدتك ونحي قشورك عنك، وأبرز لبك منك، وصقلك وصفاك وزينك، وأبهجك ونورك، واهلك لدرك حدك، وأحلك دار كرامتك وقرارك، وصار ألصق بك من شعارك ودثارك، هناك تبقى ولا تبلى، وتغنى ولا تضنى، هناك الواصل والموصول، والعالم والمعلوم، والعاقل والمعقول، في فضاء الوحدة، ومغاني القدس، وخطة الراحة، ومراد الطمأنينة، والجدة والثقة والسكينة، وعرصة آلهية لا تفرقه ولا تمييز، ولا كثرة ولا اختلاط، ولا تمازج ولا اختلاف؛ حال تجل عن إمارات الحال، وأمر يلطف عن رسوم الأمر، على هذا سكبت العبرات، وطالت الزفرات، أتظن أن الرقي في سلاليم المعرفة، والتناهي في غايات التوحيد، هين سهل، وقريب ممكن؟ هيهات أن يكون ذلك كذلك، ولكن لواحد بعد واحد، يخص به الواحد، في عالم بعد عالم، وفي دور بعد دور. وكان كلامه أطول من هذا وأشفى، وهذا حاصل منه، والله أسأل تقبله والوفاء به والقيام عليه.

/ 96