مقابسات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقابسات - نسخه متنی

أبی حیان التوحیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فهي لطيفة جداً لأنه يعظ ويلاطف وينصح ويحقق. وكان بعض أصحابنا في الوراقين ببغداد يضرب في هذا مثلاً: زعم أن مثال الحس في هذا كامرأة حسناء متبرجة، ذات وقاحة وخلاعة، قد جلست إلى شاب طرير، له شطر جمالها، وعليه مسحة من حسنها، تخدعه بحديثها ، وتراوده عن نفسه لنفسها، وتبدي له محاسنها، وتطمعه في تمكينه منها، وتستعجله في حاجتها، وتحثه على قضاء اللذة والوطر منها؟ فأما مثال العقل فكأنه شيخ هم قاعد على بعد، ليس به نهضة للزحوف إليه والحيلولة بينه وبين ما نزل به من صاحبته الوقحة الفاضحة، إلا إنه مع ذلك يصيح ويتأوه وينادي بصوت يحرك رأسه ويبسط يده، ويعظ ويلطف، ويعد ويخوف، ويضمن ويرفق، ويشفق ويحنو، فأين تأثير هذا الشيخ الهم المحطم من تأثير هذه الخالبة الغالبة المحتالة المغتالة؟ هذا مع قلة إصغاء الشاب إلى الشيخ وسيلانه مع هذه. وأراد بهذا المثل، الفرق بين العقل فيما يدعوك إليه لتسعد، والحس فيما يكلمك عليه لتشقى، هذا في جميع ما يزاوله ويحاوله ويهم به ويتوجه نحوه، فعلى هذا فإن الله تعالى وتقدس معروف عند العقل بالاضطرار، لا ريب عنده في وجوده، ومستدل عليه عند الحس، لأنه يستحيل كثيراً ولا يثبت أصلاً، فمن استدل ترقى من الجزئيات، ومن دعى الاضطرار إنحدر من الكليات، وكلا الطرفين قد وضح بهذا الاعتبار، وكفى مؤنة الخبط والإكثار، وهكذا كل شيء يطلب أصله وفصله بالنظر الفلسفي، والبحث المنطقي، والاقتراء الإلهي، فأما ما ينظر منه في الجدال فلا يرث الإنسان منه إلا الشك والمرية، والحسبان والظنة، والاختلاف والفرقة، والحمية والعصبية، وهناك للهوى ولادة وحضانة، وللباطل استلاء وجولة، وللحيرة ركود وإقامة، أخذ الله بأيدينا وكفانا الهوى الذي يؤذينا، وصنع لنا بالذي هو أولى به منا والسلام.

المقابسة الثالثة والأربعون

في أن الطبيب أخو المنجم وشبيهه

قال العامري : الطبيب أخو المنجم، ونظير له وشبيه الحال به، وذاك أن الطبيب قد يرسم بأنه حفظ الصحة بالتدبير المحمود، وأزال العلة بالرأي الصحيح. وكمال علم الطب أشرف من موضوعه، وموضوع علم النجوم أشرف من كماله. أو الصناعة محتملة للحيلة والزرق. كما أنها راجعة إلى الصحة والحذق، وقد يتفق في زرق الزارق صواب كبير، كما يعرض في حذق الحاذق خطأ يسير؛ وللحيرة بين هذين الإتفاقين مجال، وللمعترض عليها مقال، وفصل الحال بين الرجلين صعب، والخطب مشكل. وليس للمصيب بالزرق أن يجعل ذلك قاعدة وأساساً؛ ولا للمخطئ أن يقطع منه يأساً. قال: وقفت هذه الصناعة هذا الموقف، وتدرجت هذا التدرج، لأن الله تقدس كما أراد بالعافية والبرء والسلامة والنجاة إنعاماً وامتناناً، كذلك أراد بالعلة والمرض واليأس اختباراً وامتحاناً، ثم أشاع الله العلم بالطب تعليلاً للطبيب بسبب رزقه منه، وتعليلاً للمريض بسبب تخفيفه عنه، فكلا الرجلين، أعني المعافى والعليل إلى غاية مضروبة، على أسباب محسوبة وغير محسوبة، ولو عافى الله تبارك وتعالى بالطب أبداً لا تخذ الناس الطبيب رباً، ولو لم ينفع بالطب أحداً لهجر الناس الطب هجراً، بل جعله علالة مرة مع إحصاء أيام العافية، وسبب العافية مرة مع التنبيه على موقع النعمة ولذع البلية. قال: وما هذا مرده ومرجعه إلى أمر الدار وما أسست عليه. ودبر أهلها به، وصرف سكانها فيه، فمن لم يفتح بصره لم ير ما فوقه ولا ما تحته، ولا ما عن يمينه، ولا ما عن يساره، كذلك للغيب سبحاً لم يطلع على سر هذا الشاهد، ومكنون هذا الجلي، وباطن هذا الظاهر، ومعقول هذا الذي تم عليه الحس، وخفي هذا الذي وقع عليه الحدس. قال: والمرض والعافية في الأبدان بمنزلة الغنى والفقر في الأحوال، والغنى والفقر في الأحوال بمنزلة العلم والجهل في القلوب، والعلم والجهل في القلوب بمنزلة العمى والبصر في العيون، والعمى والبصر في العيون بمنزلة الشك واليقين في الصدور، والشك واليقين في الصدور بمنزلة الغش والنصح في المعاملات، والغش والنصح في المعاملات بمنزلة الطاعة والمعصية في الأعمال، والطاعة والمعصية في الأعمال بمنزلة الحق والباطل في المذاهب، والحق والباطل في المذاهب بمنزلة الخير والشر في الأفعال، والخير والشر في الأفعال بمنزلة الكراهة والمحبة في الطباع، والكراهة والمحبة في الطباع بمنزلة الهجر والوصل في العشرة، والهجر والوصل في العشرة بمنزلة الرداءة والجودة في الأشياء، والرداءة

/ 96