مقابسات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقابسات - نسخه متنی

أبی حیان التوحیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

يقيناً، ولم يسم اليقين أن يكون مظنوناً، إلا بعكس حدك في ترتيبه. واحفظ نظامك منه فإن تمامك به. أحي بالطبيعة غير بطر، وتصفح بالنفس غير ملون، ونل بالعقل كل ما تريد، فبهذا تسعد وبه تدرك بقاء الأبد. مت بالطبيعة قامعاً لها، تحي بالنفس رفيعاً بها. لا تستشر العقل ملتطخا بأوساخ الطبيعة، فإنه يعافك ولا ينصحك، ولكن توجه إليه طاهراً من كل دنس، عارياً من كل فساد، ثم اسمع منه فإنك لا ترى إلا الرشد ولا تجني إلا الغبطة. الاختيار مركب من قوى النفس والطبيعة، ولذلك كان معنى الانفعال فيه بالواجب أظهر من معنى الفعل منه بالإمكان، لأنه في انتسابه إلى النفس ذو صورة، وقيامه بالطبيعة ذو هيولى، وعلى هذا فنونه الأفعال كلها إلا ما بان في أوليته عنها. وفي هذا الكلام إشباع لعله يقع في موضع آخر.

المقابسة الثالثة والستون

في سبب عدم صفاء التوحيد في الشريعة من شوائب الظنون

قلت لأبي سليمان يوما: لم لم يصف التوحيد في الشريعة من شوائب الظنون وأمثلة الألفاظ، كما صفا ذلك في الفلسفة؟ وقد سمعناك تقول غير مرة: إن الشريعة إذا كانت حقاً لا تكون كذلك إلا بقوة الآلهية و بعائد النمط الذي قد ورد وانتشر وصار عقد الدهماء ونحلة الجمهور، وحتى صار في غمار هؤلاء من يشبه التشبيه الفاحش، ويشير إليه الإشارة الخفية؟

فقال في الجواب: قد قلنا مراراً في المذكرات التي سلفت، والمعاني التي سنحت وعرفت، إن الكلام الذي يراد به إستصلاح العامة، واستجماع الكافة، لا بد أن يكون مرة مبسوطاً، ومرة موجزاً، ومرة مستقصى بالإيضاح والإفصاح، ومرة مجموعاً بالرمز والتعريض، ومرة مرسلاً على الكنانة والمثل، ومرة مقيدا بالحجج والعلل، وعلى فنون كثيرة لا وجه لاستيفائها إذا بان المراد في عرضها وأثنائها، وإذا استقر هذا مفهوماً وتوضح بياناً، فالواجب كان جميع ما يحديه الشرع من هذا الضرب ليجد الخاصى فيه إشارة تشفيه، والعامي عبارة تكفيه. فقال بعض الحاضرين :

إنا قد وجدنا للأوائل في التوحيد كلاماً كثيراً متقارباً، ولم يكن صفا لهم أيضاً ما كدر على غيرهم، وهذا يدل على أن ماس نطق به الناموس، قريب مما يسنح في النفوس. فقال: إنا لا نظن أن كل من كان في زمان الفلاسفة بلغ غاية أفاضلهم وعرف حقيقة أقوال متقدميهم، بل كان في القوم من رآى رأي العامة وحط إلى ما حطت إليه، ولم يبن منهم كثير شيء مع قدم الزمان ولقاء المحقين الفاضلين. وهذا إذا حصل لا يكون قادحاً فيما نصصناه من القول في حقائق التوحيد الذي ظفر به خلصان الحكمة وفرسان الصناعة. على أن الترجمة من لغة يونان إلى العبرانية، ومن العبرانية إلى السريانية، ومن السريانية إلى العربية، قد أخلت بخواص المعاني في أبدان الحقائق، إخلالاً لا يخفى على أحد. ولو كانت معاني يونان تهجس في أنفس العرب مع بيانها الرائع. وتصرفها الواسع، وإفتنانها المعجز، وسعتها المشهورة، لكانت الحكمة تصل إلينا صافية بلا شوب، وكاملة بلا نقص. ولو كنا نفقه عن الأوائل إغراضهم بلغتهم كان ذلك أيضاً ناقعاً للغليل، وناهجاً للسبيل، ومبلغاً إلى الحد المطلوب. ولكن لا بد في كل علم وعمل من بقايا لا يقدر الإنسان عليها، وخفايا لا يهتدي أحد من البشر إليها؛ وهذا لكي يكون الله تعالى ملاذاً للخلق ومعاذاً للعالم، وهذا الذي سرى بين الجميع في الانقياد والطاعة حتى حصل هذا مستجيباً لما هو صامد له بطباعه، وهذا صائر إلى ما هو مدعو إليه، فإنه وكنه. هذه العيوب معترف به في الجملة، ومسلم إليه في التفصيل. فقال له البخاري: فعلى هذا أفدنا كلاماً في التوحيد؟

فقال: أما من اعترف بالوحدانية ثم شبه فقد ارتجع ما قال، ونقض ما اعتقد. وأما من ذكر أكثر من واحد فقد ضل عن الحق كل الضلال. وأما من أشار إلى الذات فقط بعقله البري السليم، من غير تورية باسم، ولا تحلية برسم، مخلصً مقدساً، فقد وفي حق التوحيد بقدر طاقته البشرية، لأنه أثبت الآنية، ونفى الآنية والكيفية، وعلاه عن كل فكر وروية. ثم قال: لقد أحسن من قال: إن حاولت وصفه فات فوتاً بعيداً، وإن أزمعت جحوده بان فيك موجوداً مشهوداً. وكان ذيل الكلام أطول من هذا ثمرته خوفاً من جناية اللسان في الحكاية، ونزوة القلم في الكتابة، وإيثاراً للحياطة فيما يجب على الإنسان إذا نشر حديثاً، وروى خبراً،

/ 96