مقابسات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقابسات - نسخه متنی

أبی حیان التوحیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

من جوهرين مختلفين بالذات. وسمعته يقول: من أراد أن يجود على الناس كلهم فلينوي لكهلم خيراً. وسألته عن الفرق بين المعرفة والعلم؟ فقال: المعرفة أخص بالمحسوسات والمعاني الجزئية: والعلم أخص بالمعقولات والمعاني الكلية. قال غيره: ولهذا يقال في الباري: يعلم، ولا يقال يعرف ولا عارف وسئل عن الرطوبة واليبوسة فقال: الرطوبة كيفية سهلة التشكل بالأشكال الغريبة. واليبوسة كيفية عسرة التشكل بالأشكال الغريبة. وكل قابل لكيفية من الكيفيات فإنه يقبله إذا كان عادماً له. وتكلم عشية يوم في التوحيد بكلام طال ودق فقلت له: هذا مشكل؟ فقال: إشكاله يدلك على وضوحه. فلما خرجنا من بين يديه قال لي النوشجاني: أراد أن إشكاله على شواهد الحس تدل على وضوحه عند شواهد العقل؛ لأنه تجتمع إيضاح العقل والحس في معاني الآله، وذلك إن الحس يدرك ذا الأشكال فيكون الشكل مدركاً له بوساطة ذي الشكل. والعقل قد يجرد الأشكال عن عوامها وموادها فيلحظها، ولكن يلحظها متميزة، فإذا علا اللحظ عن الأشكال كما علا عن ذوي الأشكال حينئذ يصير العقل والمعقول شيئاً واحداً، وينتفي كل شكل لاستيلاء الوحدة فيعتاض كل بيان لاستيلاء الخيرة. فعلى هذا معنى قوله إشكاله يدل على وضوحه في نفسه بحسب حقه الذي في ذاته.

وصفيت هذا المقدار بعد استفهام كثير ومراجعة شديدة، لأن الإشارة غامضة والإيماء خفي، على سعة المواد، وتوضح المقصد، وقرب المأخذ، وانكشاف الغطاء، واستتار المسلك. وإذا أراد الله تيسير عسير وتقريب بعيد فعل إنه ماجد وهاب. وقال أيضاً: النفس تدبر أولى الألباب، والطبيعة أولى الغفلات، والفكر في مرآة النفس يريها خيرها وشرها. وظنه العاقل كهانة. وخدم الملوك خزان أرواحهم. وإشفاق الإنسان يجب أن يكون على فناء الزمان ومن أحب ِأن يبقى في عالم الحس سليماً من آفات الدهر فليغن عن عقله فقد مات، ومن أحب أن لا تجري عليه أحكام الفلك فليجد سقفاً غير هذا السقف.

المقابسة الواحدة والسبعون

في حقيقة الضحك وأسبابه

سألت أبا سليمان عن الضحك: ما هو؟ فأملى فقال: الضحك قوة ناشئة بين قوتي النطق والحيوانية، وذلك أنه حال للنفس باستطراق وارد عليها. وهذا المعنى متعلق بالنطق من جهة، وذلك الاستطراق إنما هو تعجب، والتعجب هو طلب السبب والعلة للأمر الوارد، ومن جهة تتبع القوة الحيوانية عند ما تنبعث من النفس، فإنها إما أن تتحرك إلى داخل، وإما إلى خارج. فأما أن يكون دفعة فيحدث منها الغضب، وإما أولا وأولا باعتدال فيحدث السرور والفرح. فأما أن تتحرك من خارج إلى داخل دفعة فيحدث منها الخوف، وإما أولا فأولا فيحدث منها الإستهزال وإما أن تتجاذب مرة إلى داخل، ومرة إلى خارج، فيحدث منها أحوال أحدثها الضحك عند تجاذب القوتين في طلب السبب، فيحكم مرة أنه كذا ومرة أنه ليس كذا، ويسري في ذلك الروح حتى ينتهي إلى الغضب فتحرك الحركتين المتضادتين، وتعرض منه القهقهة في الوجه لكثرة الحواس، ويعلو الغضب واحداً واحداً منها.

المقابسة الثانية والسبعون

في حديث النفس وما يغلب عليها ويصير ديدناً لها

قال أبو زكريا الصميري يوماً لأبي سليمان في حديث النفس وما يغلب عليها ويصير ديدناً لها لا يفارقها ولا يزول عنها: أيها الشيخ، إني أجد في نفسي أشياء هي أركان فكري ودعائم همي وأسس وساوسي. أحدها: حديث الوالدة، فإني لا أكاد أنساها ولا أذهل عن شأنها وشأني معها، هذا على بعد عهدي بها، وامتداد الزمان بيني وبينها، لأنها صارت إلى جوار الله وأنا غلام. والثاني: حديث صاحب الشريعة، فإني أسبح فيه أيضاً متعجباً مما خص به وأفرد منه، مع ما عاناه من أقاربه وأباعده، ومع الذي نهض به من أعمال حاله وتدبير أصحابه، ونظم جل أمره ودقة ما كان يلقي، وهي الحال التي توحد بها من بين أهل عصره في نشر الغيب والدعاء إلى الرشد حتى صارت أعجوبة عند من أنكره، وبركة ورحمة على من عرفه ونصره، وسائر ما كان به مشهوراً من أمره الغالب، وشأنه المعجز، ومع الأحوال التي اختلفت وائتلفت ووضحت على الذين عاينوه وخبروه وجاوروه واستنبطوه مما يطول ذكره، وهو بارز لكل أحد، وموضوع على كل مرصد.

/ 96