مقدمة
في كتابي السابق - الإنتقال الصعب - كنت قد تجاوزت الكثير من الموضوعات
المهمة بسبب السرعة من جهة، وبسبب تجنبي الدخول في مطارحات معقدة من
جهة أخرى. ذلك أن كتاب - الإنتقال - لم يكن سوى مجلى لتجربة استمرت
رازحة بين أسوار الباطن القاتل والممل، ميدانا لفورة عاطفية أفقدتني كما سبق
القول مني " تقنياتي المعرفية " - لذا كان الخطاب فيها ذو نبرة حادة تعبر في ذات
الوقت، عن حجم القلق الذي ظل يكتنفني ويتسلط على قريحتي. وهو القلق
الذي يعاني من تسلطه كل باحث عن الحقيقة في أغوارها المظلمة، وكل متنقل في
ملكوت الاعتقاد، في رحابه الواسعة. ومن جهة أخرى، لأن العنصر الشخصي
كان له حضور مكثف في كل زوايا الكتاب، فكان أقرب ما يكون إلى قصة منه إلى
كتاب بحث وتحليل!.
أود قبل ولوج أبواب البحث، أن أتحدث عما آثاره كتاب " الإنتقال " من ردود
الفعل في بعض الأوساط، وما أثاره من الاعجاب والأريحية في نفوس البعض
الآخر. علما أن الكتاب كما سبقت الإشارة إليه، لم يكن يهدف إلى الانتصار
لطائفة على أخرى، ولا إنزال فئة مقابل أخرى. كانت الحقيقة هي مدار
الكتاب، الحقيقة وحدها!.
كان مما آخذوني عليه، تلك الطريقة العنيفة والطبيعة الخشنة التي تناولت بها
الموضوع، ومن جهة ثانية، وجدوا علي فيما ذهبت إليه من مرويات مسقطة