شرح نهج البلاغة جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغة - جلد 3

ابن ابی الحدید المعتزلی؛ محقق: محمد ابوالفضل ابراهیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


[3]

الجزء الثالث من شرح نهج البلاغة

تتمة الخطب و الأوامر :


تتمة خطبة 43 :


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد العدل الكريم و اعلم أنالذي ذكره المرتضى رحمه الله تعالى و أورده على قاضي القضاة جيد و لازم متى ادعىقاضي القضاة أن العدالة إذا ثبتت ظنا أو قطعا لم يجز العدول عنها و التبرؤ إلا بمايوجب القطع و يعلم به علما يقينيا زوالها فأما إذا ادعى أن المعلوم لا يزول إلابما يوجب العلم فلا يرد عليه ما ذكره المرتضى رحمه الله تعالى. و له أن يقول قدثبتت بالإجماع إمامة عثمان و الإجماع دليل قطعي عند أصحابنا و كل من ثبتت إمامتهثبتت عدالته بالطريق التي بها ثبتت إمامته لأنه لا يجوز أن تكون إمامته معلومة وشرائطها مظنونة لأن الموقوف على المظنون مظنون فتكون إمامته مظنونة و قد فرضناهامعلومة و هذا خلف و محال و إذا كانت عدالته معلومة لم يجز القول بانتفائها و زوالهاإلا بأمر معلوم.

و الأخبار التي رويت في أحداثه أخبار آحاد لا تفيد العلم فلا يجوزالعدول عن المعلوم بها فهذا الكلام إذا رتب هذا الترتيب اندفع به ما اعترض بهالمرتضى رحمه الله تعالى .

[4]

بقية رد المرتضى على ما أورده القاضي عبد الجبار

من الدفاع عن عثمان :

فأما كلام المرتضى رحمه الله تعالى على الفصل الثاني من كلام قاضيالقضاة و هو الفصل المحكي عن شيخنا أبي علي رحمه الله تعالى فنحن نورده قال رحمهالله تعالى. أما قوله لو كان ما ذكر من الأحداث قادحا لوجب من الوقت الذي ظهرتالأحداث فيه أن يطلبوا رجلا ينصبونه في الإمامة لأن ظهور الحدث كموته فلما رأيناهمطلبوا إماما بعد قتله دل على بطلان ما أضافوه إليه من الأحداث فليس بشي ء معتمدلأن تلك الأحداث و إن كانت مزيلة عندهم لإمامته و فاسخة لها و مقتضية لأن يعقدوالغيره الإمامة إلا أنهم لم يكونوا قادرين على أن يتفقوا على نصب غيره مع تشبثهبالأمر خوفا من الفتنة و التنازع و التجاذب و أرادوا أن يخلع نفسه حتى تزول الشبهةو ينشط من يصلح للأمر لقبول العقد و التكفل بالأمر و ليس يجري ذلك مجرى موته لأنموته يحسم الطمع في استمرار ولايته و لا تبقى شبهة في خلو الزمان من إمام و ليسكذلك حدثه الذي يسوغ فيه التأويل على بعده و تبقى معه الشبهة في استمرار أمره وليس نقول إنهم لم يتمكنوا من ذلك كما سأل نفسه بل الوجه في عدولهم ما ذكرناه منإرادتهم حسم المواد و إزالة الشبهة و قطع أسباب الفتنة.

[5]

قال فأما قوله إنه معلوم من حال هذه الأحداث أنها لم تحصل أجمع في الأيام التيحصر فيها و قتل بل كانت تقع حالا بعد حال فلو كانت توجب الخلع و البراءة لما تأخرمن المسلمين الإنكار عليه و لكان المقيمون من الصحابة بالمدينة أولى بذلك منالواردين من البلاد فلا شك أن الأحداث لم تحصل في وقت واحد إلا أنه غير منكر أنيكون نكيرهم إنما تأخر لأنهم تأولوا ما ورد عليهم من أفعاله على أجمل الوجوه حتىزاد الأمر و تفاقم و بعد التأويل و تعذر التخريج و لم يبق للظن الجميل طريق فحينئذأنكروا و هذا مستمر على ما قدمنا ذكره من أن العدالة و الطريقة الجميلة يتأول لهافي الفعل و الأفعال القليلة بحسب ما تقدم من حسن الظن به ثم ينتهي الأمر بعد ذلكإلى بعد التأويل و العمل على الظاهر القبيح. قال على أن الوجه الصحيح في هذا البابأن أهل الحق كانوا معتقدين بخلعه من أول حدث بل معتقدين أن إمامته لم تثبت وقتا منالأوقات و إنما منعهم من إظهار ما في نفوسهم ما قدمناه من أسباب الخوف و التقيةلأن الاعتذار بالوجل كان عاما فلما تبين أمره حالا بعد حال و أعرضت الوجوه عنه وقل العاذر له قويت الكلمة في خلعه و هذا إنما كان في آخر الأمر دون أوله فليسيقتضي الإمساك عنه إلى الوقت الذي وقع الكلام فيه نسبة الخطأ إلى الجميع على ماظنه.

قال فأما دفعه بأن تكون الأمة أجمعت على خلعه بخروجه نفسه و خروج من كان فيحيزه عن القوم فليس بشي ء لأنه إذا ثبت أن من عداه و عدا عبيده و الرهيط من فجارأهله و فساقهم كمروان و من جرى مجراه كانوا مجمعين على خلعه فلا شبهة .

[6]

في أن الحق في غير حيزه لأنه لا يجوز أن يكونهو المصيب و جميع الأمة مبطل و إنما يدعى أنه على الحق لمن ينازع في إجماع من عداهفأما مع التسليم لذلك فليس يبقى شبهة و ما نجد مخالفينا يعتبرون في باب الإجماعبإجماع الشذاذ و النفر القليل الخارجين من الإجماع أ لا ترى أنهم لا يحفلون بخلافسعد و أهله و ولده في بيعه أبي بكر لقلتهم و كثرة من بإزائهم و لذلك لا يعتدونبخلاف من امتنع من بيعة أمير المؤمنين ( ع ) و يجعلونه شاذا لا تأثير بخلافه فكيففارقوا هذه الطريقة في خلع عثمان و هل هذا إلا تقلب و تلون. قلت أما إذا احتجأصحابنا على إمامة أبي بكر بالإجماع فاعتراض حجتهم بخلاف سعد و ولده و أهله اعتراضجيد و ليس يقول أصحابنا في جوابه هؤلاء شذاذ فلا نحفل بخلافهم و إنما المعتبربالكثرة التي بإزائهم و كيف يقولون هذا و حجتهم الإجماع و لا إجماع و لكنهم يجيبونعن ذلك بأن سعدا مات في خلافة عمر فلم يبق من يخالف في خلافة عمر فانعقد الإجماععليها و بايع ولد سعد و أهله من قبل و إذا صحت خلافة عمر صحت خلافة أبي بكر لأنهافرع عليها و محال أن يصح الفرع و يكون الأصل فاسدا فهكذا يجيب أصحابنا عن الاعتراضبخلاف سعد إذا احتجوا بالإجماع فأما إذا احتجوا بالاختيار فلا يتوجه نحوهمالاعتراض بخلاف سعد و أهله و ولده لأنه ليس من شرط ثبوت الإمامة بالاختيار إجماعالأمة على الاختيار و إنما يكفي فيه بيعة خمسة من أهل الحل و العقد على الترتيبالذي يرتب أصحابنا الدلالة عليه و بهذا الطريق يثبت عندهم إمامة علي ( ع ) و لم يحفلبخلاف معاوية و أهل الشام فيها.

[7]

قال رحمه الله تعالىفأما قوله إن الصحابة كانت بين فريقين من نصره كزيد بن ثابت و ابن عمر و فلان وفلان و الباقون ممتنعون انتظارا لزوال العارض و لأنه ما ضيق عليهم الأمر في الدفععنه فعجيب لأن الظاهر أن أنصاره هم الذين كانوا معه في الدار يقاتلون عنه و يدفعونالهاجمين عليه. فأما من كان في منزله ما أغنى عنه فتيلا فلا يعد ناصرا و كيف يجوزممن أراد نصرته و كان معتقدا لصوابه و خطإ المطالبين له بالخلع أن يتوقف عن النصرةطلبا لزوال العارض و هل تراد النصرة إلا لدفع العارض و بعد زواله لا حاجة إليها وليس يحتاج في نصرته إلى أن يضيق هو عليهم الأمر فيها بل من كان معتقدا لها لايحتاج حمله إلى إذنه فيها و لا يحفل بنهيه عنها لأن المنكر مما قد تقدم أمر اللهتعالى بالنهي عنه فليس يحتاج في إنكاره إلى أمر غيره.

قال فأما زيد بن ثابت فقدروي ميله إلى عثمان و ما يغني ذلك و بإزائه جميع المهاجرين و الأنصار و لميله إليهسبب معروف فإن الواقدي روى في كتاب الدار أن مروان بن الحكم لما حصر عثمان الحصرالأخير أتى زيد بن ثابت فاستصحبه إلى عائشة ليكلمها في هذا الأمر فمضيا إليها و هيعازمة على الحج فكلماها في أن تقيم و تذب عنه فأقبلت على زيد بن ثابت فقالت و مامنعك يا ابن ثابت و لك الأشاريف قد اقتطعكها عثمان و لك كذا و كذا و أعطاك عثمانمن بيت المال عشرة آلاف دينار قال زيد فلم أرجع عليها حرفا واحدا و أشارت إلىمروان بالقيام فقام مروان و هو يقول

[8]

حرق قيس علي البلاد ** حتى إذا اضطرمت أجذما

فنادته عائشة و قد خرج من العتبة يا ابن الحكم أ علي تمثل الأشعار قدو الله سمعت ما قلت أ تراني في شك من صاحبك و الذي نفسي بيده لوددت أنه الآن فيغرارة من غرائري مخيط عليه فألقيه في البحر الأخضر قال زيد بن ثابت فخرجنا منعندها على اليأس منها.

و روى الواقدي أن زيد بن ثابت اجتمع عليه عصابة من الأنصارو هو يدعوهم إلى نصرة عثمان فوقف عليه جبلة بن عمرو بن حبة المازني فقال له و مايمنعك يا زيد أن تذب عنه أعطاك عشرة آلاف دينار و حدائق من نخل لم ترث عن أبيك مثلحديقة منها.

فأما ابن عمر فإن الواقدي روى أيضا عنه أنه قال و الله ما كان فيناإلا خاذل أو قاتل و الأمر على هذا أوضح من أن يخفى. فأما ما ذكره من إنفاذ أميرالمؤمنين ( ع ) الحسن و الحسين ( ع ) فإنما أنفذهما إن كان أنفذهما ليمنعا من انتهاك حريمهو تعمد قتله و منع خرمه و نسائه من الطعام و الشراب و لم ينفذهما ليمنعا منمطالبته بالخلع و كيف و هو ( ع ) مصرح بأنه يستحق بإحداثه الخلع و القوم الذين سعوا فيذلك إليه كانوا يغدون و يروحون و معلوم منه ضرورة أنه كان مساعدا على خلعه و نقضأمره لا سيما في المرة الأخيرة فأما ادعاؤه أنه ( ع ) لعن قتلته فهو يعلم ما في هذا منالروايات المختلفة التي

[9]

هي أظهر من هذه الرواية و إنصحت فيجوز أن تكون محمولة على لعن من قتله متعمدا قتله قاصدا إليه فإن ذلك لم يكنلهم.

فأما ادعاؤه أن طلحة رجع لما ناشده عثمان يوم الدار فظاهر البطلان و غيرمعروف في الرواية و الظاهر المعروف أنه لم يكن على عثمان أشد من طلحة و لا أغلظمنه. قال و لو حكينا من كلامه فيه ما قد روي لأفنينا قطعة كثيرة من هذا الكتاب وقد روي أن عثمان كان يقول يوم الدار اللهم اكفني طلحة و يكرر ذلك علما بأنه أشدالقوم عليه و روي أن طلحة كان عليه يوم الدار درع و هو يرامي الناس و لم ينزع عنالقتال حتى قتل الرجل.

فأما ادعاؤه الرواية عن رسول الله ( ص ) ستكون فتنة و أن عثمان و أصحابه يومئذ على الهدى

فهو يعلم أن هذه الرواية الشاذة لا تكون في مقابلة المعلوم ضرورة منإجماع الأمة على خلعه و خذله و كلام وجوه المهاجرين و الأنصار فيه و بإزاء هذهالرواية ما يملأ الطروس عن النبي ( ص ) و غيره مما يتضمن ما تضمنته و لو كانت هذهالرواية معروفة لكان عثمان أولى الناس بالاحتجاج بها يوم الدار و قد احتج عليهمبكل غث و سمين و قبل ذلك لما خوصم و طولب بأن يخلع نفسه و لاحتج بها عنه بعضأصحابه و أنصاره و في علمنا بأن شيئا من ذلك لم يكن دلالة على أنها مصنوعة موضوعة.

فأما ما رواه عن عائشة من قولها قتل و الله مظلوما فأقوال عائشة فيه معروفة ومعلومة و إخراجها قميص رسول الله ( ص ) و هي تقول هذا قميصه لم يبل و قد أبلى عثمانسنته إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة.

[10]

فأما مدحها له وثناؤها عليه فإنما كانا عقيب علمها بانتقال الأمر إلى من انتقل إليه و السبب فيهمعروف و قد وقفت عليه و قوبل بين كلامها فيه متقدما و متأخرا. فأما قوله لا يمتنعأن يتعلق بأخبار الآحاد في ذلك لأنها في مقابلة ما يدعونه مما طريقه أيضا الآحادفواضح البطلان لأن إطباق الصحابة و أهل المدينة إلا من كان في الدار معه على خلافهفإنهم كانوا بين مجاهد و مقاتل مبارز و بين متقاعد خاذل معلوم ضرورة لكل من سمعالأخبار و كيف يدعى أنها من جهة الآحاد حتى يعارض بأخبار شاذة نادرة و هل هذا إلامكابرة ظاهرة.

فأما قوله إنا لا نعدل عن ولايته بأمور محتملة فقد مضى الكلام فيهذا المعنى و قلنا إن المحتمل هو ما لا ظاهر له و يتجاذبه أمور محتملة فأما ما لهظاهر فلا يسمى محتملا و إن سماه بهذه التسمية فقد بينا أنه مما يعدل من أجله عنالولاية و فصلنا ذلك تفصيلا بينا.

و أما قوله إن للإمام أن يجتهد برأيه في الأمورالمنوطة به و يكون مصيبا و إن أفضت إلى عاقبة مذمومة فأول ما فيه أنه ليس للإمام ولا غيره أن يجتهد في الأحكام و لا يجوز أن يعمل فيها إلا على النص ثم إذا سلمناالاجتهاد فلا شك أن هاهنا أمورا لا يسوغ فيها الاجتهاد حتى يكون من خبرنا عنه بأنهاجتهد فيها غير مصوب و تفصيل هذه الجملة يبين عند الكلام على ما تعاطاه من الإعذارعن أحداثه على جهة التفصيل.

قلت الكلام في هذا الموضع على سبيل الاستقصاء إنمايكون في الكتب الكلامية المبسوطة في مسألة الإمامة و ليس هذا موضع ذاك و لكن يكفيقاضي القضاة أن يقول

[11]

قد ثبت بالإجماع صحة إمامة عثمان فلا يجوزالرجوع عن هذا الإجماع إلا بإجماع معلوم على خلعه و إباحة قتله و لم يجمع المسلمونعلى ذلك لأنه قد كان بالمدينة من ينكر ذلك و إن قلوا و قد كان أهل الأمصار ينكرونذلك كالشام و البصرة و الحجاز و اليمن و مكة و خراسان و كثير من أهل الكوفة وهؤلاء مسلمون فيجب أن تعتبر أقوالهم في الإجماع فإذا لم يدخلوا فيمن أجلب عليه لمينعقد الإجماع على خلعه و لا على إباحة دمه فوجب البقاء على ما اقتضاه الإجماعالأول .

ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان و الرد عليها :


فأما الكلام في المطاعن المفصلة التي طعن بها فيه فنحن نذكرها و نحكيما ذكره قاضي القضاة و ما اعترضه به المرتضى رحمه الله تعالى.

الطعن الأول:


قال قاضي القضاة فيالمغني فمما طعن به عليه قولهم إنه ولى أمور المسلمين من لا يصلح لذلك و لا يؤتمنعليه و من ظهر منه الفسق و الفساد و من لا علم عنده مراعاة منه لحرمة القرابة وعدولا عن مراعاة حرمة الدين و النظر للمسلمين حتى ظهر ذلك منه و تكرر و قد كان عمرحذره من ذلك حيث وصفه بأنه كلف بأقاربه و قال له إذا وليت هذا الأمر فلا تسلط بنيأبي معيط على رقاب الناس فوقع منه ما حذره إياه و عوتب في ذلك فلم ينفع العتب وذلك نحو استعماله الوليد بن عقبة و تقليده إياه

[12]

حتى ظهر منه شرب الخمر و استعماله سعيد بن العاص حتى ظهرت منه الأمور التي عندها أخرجهأهل الكوفة و توليته عبد الله بن أبي سرح و عبد الله بن عامر بن كريز حتى روي عنهفي أمر ابن أبي سرح أنه لما تظلم منه أهل مصر و صرفه عنهم بمحمد بن أبي بكر كاتبهبأن يستمر على ولايته فأبطن خلاف ما أظهر فعل من غرضه خلاف الدين و يقال إنه كاتبهبقتل محمد بن أبي بكر و غيره ممن يرد عليه و ظفر بذلك الكتاب و لذلك عظم التظلم منبعد و كثر الجمع و كان سبب الحصار و القتل حتى كان من أمر مروان و تسلطه عليه وعلى أموره ما قتل بسببه و ذلك ظاهر لا يمكن دفعه. قال رحمه الله تعالى و جوابنا عنذلك أن نقول أما ما ذكر من توليته من لا يجوز أن يستعمل فقد علمنا أنه لا يمكن أنيدعى أنه حين استعملهم علم من أحوالهم خلاف الستر و الصلاح لأن الذي ثبت عنهم منالأمور القبيحة حدث من بعد و لا يمتنع كونهم في الأول مستورين في الحقيقة أومستورين عنده و إنما كان يجب تخطئته لو استعملهم و هم في الحال لا يصلحون لذلك.فإن قيل فلما علم بحالهم كان يجب أن يعزلهم قيل كذلك فعل لأنه إنما استعمل الوليدبن عقبة قبل ظهور شرب الخمر عنه

[13]

فلما شهد عليه بذلكجلده الحد و صرفه و قد روي مثله عن عمر فإنه ولى قدامة بن مظعون بعض أعماله فشهدواعليه بشرب الخمر أشخصه و جلده الحد فإذا عد ذلك في فضائل عمر لم يجز أن يعد ماذكروه في الوليد من معايب عثمان و يقال إنه لما أشخصه أقام عليه الحد بمشهد أميرالمؤمنين ع. و قد اعتذر من عزله سعد بن أبي وقاص بالوليد بأن سعدا شكاه أهل الكوفةفأداه اجتهاده إلى عزله بالوليد. فأما سعيد بن العاص فإنه عزله عن الكوفة و ولىمكانه أبا موسى و كذلك عبد الله بن أبي سرح عزله و ولى مكانه محمد بن أبي بكر و لميظهر له من مروان ما يوجب أن يصرفه عما كان مستعملا فيه و لو كان ذلك طعنا لوجبمثله في كل من ولى و قد علمنا أن رسول الله ( ص ) ولى الوليد بن عقبة فحدث منه ما حدثو حدث من بعض أمراء أمير المؤمنين ( ع ) الخيانة كالقعقاع بن شور لأنه ولاه على ميسانفأخذ مالها و لحق بمعاوية و كذلك فعل الأشعث بن قيس بمال آذربيجان و ولى أبا موسىالحكم فكان منه ما كان و لا يجب أن يعاب أحد بفعل غيره و إذا لم يلحقه عيب فيابتداء ولايته فقد زال العيب فيما بعده. و قولهم إنه قسم أكثر الولايات في أقاربهو زال عن طريقة الاحتياط للمسلمين و قد كان عمر حذره من ذلك فليس بعيب لأن توليةالأقارب كتولية الأباعد في أنه يحسن إذا كانوا على صفات مخصوصة و لو قيل إنتقديمهم أولى لم يمتنع إذا كان المولي لهم أشد تمكنا من عزلهم و الاستبدال بهم وقد ولى أمير المؤمنين ( ع ) عبد الله بن العباس البصرة و عبيد الله بن العباس اليمن وقثم بن العباس مكة حتى قال مالك الأشتر عند ذلك

[14]

على ما ذا قتلنا الشيخ أمس فيما يروى و لميكن ذلك بعيب إذا أدى ما وجب عليه في اجتهاده.

فأما قولهم إنه كتب إلى ابن أبي سرححيث ولى محمد بن أبي بكر بأنه يقتله و يقتل أصحابه فقد أنكر ذلك أشد إنكار حتى حلفعليه و بين أن الكتاب الذي ظهر ليس كتابه و لا الغلام غلامه و لا الراحلة راحلته وكان في جملة من خاطبه في ذلك أمير المؤمنين ( ع ) فقبل عذره و ذلك بين لأن قول كل أحدمقبول في مثل ذلك و قد علم أن الكتاب يجوز فيه التزوير فهو بمنزلة الخبر الذي يجوزفيه الكذب.

فإن قيل فقد علم أن مروان هو الذي زور الكتاب لأنه هو الذي كان يكتبعنه فهلا أقام فيه الحد.

قيل ليس يجب بهذا القدر أن يقطع على أن مروان هو الذي فعلذلك لأنه و إن غلب ذلك في الظن فلا يجوز أن يحكم به و قد كان القوم يسومونه تسليممروان إليهم و ذلك ظلم لأن الواجب على الإمام أن يقيم الحد على من يستحقه أوالتأديب و لا يحل له تسليمه إلى غيره فقد كان الواجب أن يثبتوا عنده ما يوجب فيمروان الحد و التأديب ليفعله به و كان إذا لم يفعل و الحال هذه يستحق التعنيف و قدذكر الفقهاء في كتبهم أن الأمر بالقتل لا يوجب قودا و لا دية و لا حدا فلو ثبت فيمروان ما ذكروه لم يستحق القتل و إن استحق التعزير لكنه عدل عن تعزيره لأنه لميثبت و قد يجوز أن يكون عثمان ظن أن هذا الفعل فعل بعض من يعادي مروان تقبيحالأمره لأن ذلك يجوز كما يجوز أن يكون من فعله و لا يعلم كيف كان اجتهاده و ظنه وبعد فإن هذا الحدث من أجل ما نقموا عليه فإن كان شي ء من ذلك يوجب خلع عثمان وقتله فليس إلا هذا و قد علمنا أن هذا الأمر لو ثبت ما كان يوجب القتل لأن الأمربالقتل لا يوجب القتل سيما قبل وقوع القتل المأمور به فنقول لهم لو ثبت ذلك علىعثمان أ كان يجب قتله فلا يمكنهم ادعاء

[15]

ذلك لأنه بخلاف الدين و لا بد أن يقولوا إن قتله ظلم و كذلك حبسه في الدار و منعه من الماءفقد كان يجب أن يدفع القوم عن كل ذلك و أن يقال إن من لم يدفعهم و ينكر عليهم يكونمخطئا. و في القول بأن الصحابة اجتمعوا على ذلك كلهم تخطئة لجميع أصحاب رسول اللهص و ذلك غير جائز و قد علم أيضا أن المستحق للقتل و الخلع لا يحل أن يمنع الطعام والشراب و علم أن أمير المؤمنين ( ع ) لم يمنع أهل الشام من الماء في صفين و قد تمكن منمنعهم و كل ذلك يدل على كون عثمان مظلوما و أن ذلك من صنع الجهال و أن أعيانالصحابة كانوا كارهين لذلك و أيضا فإن قتله لو وجب لم يجز أن يتولاه العوام منالناس و لا شبهة أن الذين أقدموا على قتله كانوا بهذه الصفة و إذا صح أن قتله لميكن لهم فمنعهم و النكير عليهم واجب.

و أيضا فقد علم أنه لم يكن من عثمان ما يستحقبه القتل من كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل نفس بغير حق و أنه لو كان منهما يوجب القتل لكان الواجب أن يتولاه الإمام فقتله على كل حال منكر و إنكار المنكرواجب. و ليس لأحد أن يقول إنه أباح قتل نفسه من حيث امتنع من دفع الظلم عنهم لأنهلم يمتنع من ذلك بل أنصفهم و نظر في حالهم و لأنه لو لم يفعل ذلك لم يحل لهم قتلهلأنه إنما يحل قتل الظالم إذا كان على وجه الدفع و المروي أنهم أحرقوا بابه وهجموا عليه في منزله و بعجوه بالسيف و المشاقص و ضربوا يد زوجته لما وقعت عليه وانتهبوا متاع داره و مثل هذه القتلة لا تحل في الكافر و المرتد فكيف يظن أنالصحابة لم ينكروا ذلك و لم يعدوه ظلما حتى يقال إنه مستحق من حيث لم يدفع القومعنه و قد تظاهر الخبر بما جرى من تجمع القوم عليه و توسط أمير المؤمنين ( ع ) لأمرهم و أنه

[16]

بذل لهم ما أرادوه و أعتبهم و أشهد على نفسهبذلك و أن الكتاب الموجود بعد ذلك المتضمن لقتل القوم و وقف عليه و ممن أوقفه عليهأمير المؤمنين ( ع ) فحلف أنه ما كتبه و لا أمر به فقال له فمن تتهم قال ما أتهم أحداو إن للناس لحيلا. و الرواية ظاهرة أيضا بقوله إن كنتأخطأت أو تعمدت فإني تائب و مستغفر .

فكيف يجوز و الحال هذه أن تهتك فيه حرمة الإسلام و حرمة البلد الحرامو لا شبهة في أن القتل على وجه الغيلة لا يحل فيمن يستحق القتل فكيف فيمن لايستحقه و لو لا أنه كان يمنع من محاربة القوم ظنا منه أن ذلك يؤدي إلى القتلالذريع لكثر أنصاره.

و قد جاء في الرواية أن الأنصار بدأت معونته و نصرته و أنأمير المؤمنين ( ع ) قد بعث إليه ابنه الحسن ( ع ) فقال له قل لأبيك فلتأتني فأراد أميرالمؤمنين ( ع ) المصير إليه فمنعه من ذلك محمد ابنه و استعان بالنساء عليه حتى جاءالصريخ بقتل عثمان فمد يده إلى القبلة و قال اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان.

فإن قالوا إنهم اعتقدوا أنه من المفسدين في الأرض و أنه داخل تحت آية المحاربين.

قيل فقد كان يجب أن يتولى الإمام هذا الفعل لأن ذلك يجري مجرى الحد و كيف يدعى ذلك والمشهور عنه أنه كان يمنع من مقاتلتهم حتى روي أنه قال لعبيدة و مواليه و قد هموابالقتال من أغمد سيفه فهو حر و لقد كان مؤثرا لنكير ذلك الأمر بما لا يؤدي إلىإراقة الدماء و الفتنة و لذلك لم يستعن بأصحاب الرسول ( ص ) و إن كان لما اشتد الأمرأعانه من أعان لأن عند ذلك تجب النصرة و المعونة فحيث

[17]

كانت الحال متماسكة و كان ينهى عن إنجاده و إعانته بالحرب امتنعوا و توقفوا وحيث اشتد الأمر أعانه و نصره من أدركه دون من لم يغلب ذلك في ظنه.

اعترض المرتضىرحمه الله تعالى هذا الكلام فقال أما قوله لم يكن عالما بحال الفسقة الذين ولاهمقبل الولاية فلا تعويل عليه لأنه لم يول هؤلاء النفر إلا و حالهم مشهورة فيالخلاعة و المجانة و التجرم و التهتك و لم يختلف اثنان في أن الوليد بن عقبة لميستأنف التظاهر بشرب الخمر و الاستخفاف بالدين على استقبال ولايته للكوفة بل هذهكانت سنته و العادة المعروفة منه و كيف يخفى على عثمان و هو قريبه و لصيقه و أخوهلأمه من حاله ما لا يخفى على الأجانب الأباعد و لهذا قال له سعد بن أبي وقاص فيرواية الواقدي و قد دخل الكوفة يا أبا وهب أمير أم زائر قال بل أمير فقال سعد ماأدري أ حمقت بعدك أم كست بعدي قال ما حمقت بعدي و لا كست بعدك و لكن القوم ملكوافاستأثروا فقال سعد ما أراك إلا صادقا. و في رواية أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي أنالوليد لما دخل الكوفة مر على مجلس عمرو بن زرارة النخعي فوقف فقال عمرو يا معشربني أسد بئسما استقبلنا به أخوكم ابن عفان أ من عدله أن ينزع عنا ابن أبي وقاصالهين اللين السهل القريب و يبعث بدله أخاه الوليد الأحمق الماجن الفاجر قديما وحديثا و استعظم الناس مقدمه و عزل سعد به و قالوا أراد عثمان كرامة أخيه بهوان أمةمحمد ( ص ) و هذا تحقيق ما ذكرناه من أن حاله كانت مشهورة قبل الولاية لا ريب فيها عندأحد فكيف

[18]

يقال إنه كان مستورا حتى ظهر منه ما ظهر وفي الوليد نزل قوله تعالى
أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لايَسْتَوُونَ

فالمؤمن هاهنا أمير المؤمنين ( ع ) و الفاسق الوليد على ما ذكره أهلالتأويل و فيه نزل قوله تعالى
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌبِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى مافَعَلْتُمْ نادِمِينَ

و السبب في ذلك أنه كذب على بني المصطلق عند رسول الله ( ص ) وادعى أنهم منعوه الصدقة و لو قصصنا مخازيه المتقدمة و مساويه لطال بها الشرح.

/ 22