الاِسماعيلية والاَُصول الخمسة - بحوث فی الملل والنحل جلد 8

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بحوث فی الملل والنحل - جلد 8

جعفر سبحانی تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید









الاِسماعيلية والاَُصول الخمسة





عقيدتهم في الاِمامة



تحتل الاِمامة عند الاِسماعيلية مركزاً مرموقاً حيث جعلوها على درجات
ومقامات وزودوا الاَئمة بصلاحيات واختصاصات، ولتسليط الضوء على
عقيدتهم فيها نبحث في مقامين:


المقام الاَوّل: الاِمامة المطلقة



إنّدرجات الاَئمّة ورتبهم لا تتجاوز عن الخمسة من دون أن تختص
بالشريعة الاِسلامية، بل تعم الشرائع السماوية كلّها، وبما أنّمذهب الاِسماعيلية
أُحيط بهالة من الغموض عبر القرون لم يكن من الممكن أن يقف أحداً عليها
إلاّطبقة خاصة من علمائهم، وكانوا يبخلون بآرائهم وكتبهم على الغير، غير أنّ
الاَحوال الحاضرة رفعت الستر عن كتبهم ومنشوراتهم، فقام المستشرقون وفي
مقدّمتهم «ايفانوف» الروسي وتبعه عدد آخر من المحقّقين بنشر آثارهم، وعند
ذلك تجلّت الحقيقة بوجهها الناصع، كما قام الكاتبان الاِسماعيليان عارف تامر
ومصطفى غالب ببذل الجهود الحثيثة في نشر آثار تلك الطائفة، فكشفا النقاب عن
وجه العقيدة الاِسماعيلية وبيّناها بوجه واضح خالياً من الغموض والتعقيد
الموجودين في عامة كتب الاِسماعيلية وإن كان بين الكاتبين اختلاف في بعض



الموارد، ونحن نعتمد في تفسير درجات الاِمامة على كتاب «الاِمامة في الاِسلام»
للكاتب عارف تامر، وإليك بيانه:


درجات الاِمامة خمس وهي:


1. الاِمام المقيم.


2. الاِمام الاَساس.


3. الاِمام المتم.


4. الاِمام المستقر.


5. الاِمام المستودع.


و ربما يضاف إليها رتبتان الاِمام القائم بالقوة،و الاِمام القائم بالفعل.


فالمهم هو الوقوف على هذه الدرجات.


يعتقد عارف تامر في كتابه «الاِمامة في الاِسلام» انّ هذه الدرجات ظلّت
حقبة طويلة من الزمن مجهولة لدى الباحثين إلاّ طبقة خاصة من العلماء، أو لا أقلّ
في التقية والاستتار و الكتمان.


1. الاِمام المقيم



هوالذي يقيم الرسول الناطق ويعلّمه ويربّيه ويدرجه في مراتب رسالة
النطق، وينعم عليه بالاِمدادات وأحياناً يطلقون عليه اسم«رب الوقت» و«صاحب
العصر»، وتعتبر هذه الرتبة أعلى مراتب الاِمامة وأرفعها وأكثرها دقة وسرية.


2. الاِمام الاَساس



هو الذي يرافق الناطق في كافة مراحل حياته، ويكون ساعده الاَيمن،



وأمين سره، والقائم بأعمال الرسالة الكبرى، والمنفذ للاَوامر العليا، فمنه تتسلسل
الاَئمة المستقرون في الاَدوار الزمنية، وهو المسوَول عن شوَون الدعوة الباطنية
القائمة على الطبقة الخاصة ممن عرفوا «التأويل» ووصلوا إلى العلوم الاِلهية العليا.


3. الاِمام المتم



هو الذي يتم أداء الرسالة في نهاية الدور، والدور كما هو معروف أصلاً
يقوم به سبعة من الاَئمة، فالاِمام المتم يكون سابعاً ومتماً لرسالة الدور، وانّ قوته
تكون معادلة لقوة الاَئمّة الستة الذين سبقوه في الدور نفسه بمجموعهم. ومن
جهة ثانية يطلق عليه اسم ناطق الدور أيضاً، أي انّ وجوده يشبه وجود الناطق
بالنسبة للاَدوار. أمّا الاِمام الذي يأتي بعده فيكون قائماً بدور جديد، وموَسساً
لبنيان حديث.


4. الاِمام المستقر



هو الذي يملك صلاحية توريث الاِمامة لولده، كما أنّه صاحب النص على
الاِمام الذي يأتي بعده، ويسمّونه أيضاً الاِمام بجوهر والمتسلم شوَون الاِمامة بعد
الناطق مباشرة، والقائم بأعباء الاِمامة أصالة.


5. الاِمام المستودع



هو الذي يتسلّم شوَون الاِمامة في الظروف والاَدوار الاستثنائية، وهو الذي
يقوم بمهماتها نيابة عن الاِمام المستقر بنفس الصلاحيات المستقرة للاِمام
المستقر، ومن الواضح أنّه لا يستطيع أن يورث الاِمامة لاَحد من ولده، كما أنّهم
يطلقون عليه (نائب غيبة). (1)
1. عارف تامر: الاِمامة في الاِسلام:143ـ144.



والعجب انّهم عندما بحثوا موضوع الاِمامة لم يجعلوا تسلسلها من
إسماعيل ابن جعفر الصادق فحسب، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، وحجتهم انّ
الاِمامة إذا كانت قد بدأت من هذا العهد المبكر فتكون محدثة ولا يقوم وجودها
على أساس (1)، فذهبوا إلى عهد بدء الخليقة المعروف
من عصر آدم إلى يومنا هذا، ثمّ أضافوا إلى ذلك قولهم بالاَدوار والاَكوار، فقد
جعلوا كل دور يتألف من إمام مقيم ورسول ناطق أو أساس له، ومن سبعة أئمة
يكون سابعهم متم الدور، ويمكن أن يزيد عدد الاَئمّة عن سبعة في ظروف أُخرى
وفي فترات استثنائية، وهذه الزيادة تحصل في عداد الاَئمّة المستودعين دون
الاَئمّة المستقرين، أمّا الدور فيكون عادة صغيراً وكبيراً، فالدور الصغير هو الفترة
التي تقع بين كلّ ناطق وناطق يقوم فيها سبعة أئمّة. أمّا الدور الكبير فيبتدىَ من
عهد آدم إلى القائم المنتظر الذي يسمّى دوره الدور السابع، ويكون بالوقت ذاته
متماً لعدد النطقاء الستة.


فلاَجل عرض صورة عن عقائدهم في مجال تسلسل الاِمامة من عصر أبينا
آدم إلى يومنا هذا سوف نأتي بالجداول التي استخرجها، عارف تامر في كتاب
«الاِمامة» ومصطفى غالب في كتاب «تاريخ الدعوة الاِسماعيلية».


يقول عارف تامر: إنّ هذا الموضوع من أدق المواضيع وأصعبها، بل هو
بالحقيقة من الدعائم المتينة في عقائد الاِسماعيلية، وقد يبدو لكل باحث فيها انّ
دعاتها حافظوا على سريته التامة طيلة العصور الماضية وجعلوا معرفته مقتصرة
على طبقة خاصة من العلماء والدعاة. (2)


و سوف توافيك تلك الجداول تحت عنوان «شجرة الاِمامة الاِسماعيلية»
في الفصل الحادي عشر فانتظر.


1. ماذا يعنون من هذه الجملة، هل الاِمامة أمر أزلي، أو الاِمام موجود قديم مع تضافر البراهين
على حدوث ما سوى اللّه سبحانه؟!


2. الاِمامة في الاِسلام:141.



المقام الثاني: في الاِمامة الخاصة



قد تعرفت على نظام الاِمامة في مذهب الاِسماعيلية ولكن المهم هو
الوقوف على ملامح الاِمامة عندهم بصورة عامة، وقد تصدّى لذكرها الداعي
اليمني علي ابن محمد الوليد في كتابه «تاج العقائد» ونحن ننقل منه ما يبيّن
عقيدتهم في ذلك:


1. صاحب الوصية أفضل العالم بعد النبي في الدور



إنّ صاحب الوصية هو الذي جوهره لاحق بجوهره، وكماله مشتق من
كماله، وإنّ معاني أقواله ورموز شريعته وأسرار ملته وحقائق دينه توجد عنده، ولا
تتعداه، ولا توَخذ إلاّ منه، وانّه المبرهن عن أغراضه، والمفصح لاَقواله، المبين
لاَفعاله، القائم بالهداية بعده لمن قصد المعرفة لما جاء به، والحافظ لشريعته من
الآراء المختلفة، وبذلك كان وصياً، ولا يوجد في الاَصحاب من يقوم مقامه، ولا
يسد مسده في حفظ معاني تكليفه الذي أخذه عن باريه مع ما يوجد فيه من
الطهارة، وصدق القول، وزكاة النفس، والاحتواء على العلوم، والقربة منه في
الطبع، والجوهر، والسابقة، والصحبة،و الاَصل. (1)


2. في أنّ الاِمامة في آل بيت رسول اللّه - صلّى الله عليه وآله وسلّم -



يُعْتقد انّ الاِمامة في آل بيت رسول اللّه - صلّى الله عليه وآله وسلّم - من نسل علي وفاطمة فرض
من اللّه سبحانه أكمل به الدين فلا يتم الدين إلاّ به، ولا يصحّ الاِيمان باللّه
والرسول إلاّ بالاِيمان بالاِمام وا لحجّة، ويدل على فرض الاِمامة إجماع الاَُمّة على
أنّ الدين والشريعة لا يقومان ولا يصانان إلاّ بالاِمام، وهذا حقّ لاَنّه سبحانه لا


1. تاج العقائد: 65.



يترك الخلق سدى. ولا يمنعهم هذه الفريضة التي لا تسوغ الهداية إلاّ بها.


وإنّ الرسول نص على ذلك نصاً تشهد به الاَُمة كافة بقوله:«الحسن
والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا، وأبوهما خير منهما»، ولم يحوج الاَُمّة إلى
اختيارها في تنصيب الاِمام، بل نص عليها بهذا لاَنّ بالاِمامة كمال الدين.


فلو أنّ الرسول تركها حتى تكون الاَُمة هي التي تفعلها ويتم بما فعلوه (في)
دين اللّه بقولهم انّ الرسول لم ينص على الوصية ولا استخلف أحداً لخرجت
الاِمامة عن أن تكون فرضاً على الاَُمة، وكان سبيلها سبيل الولاة في كلّ زمان،
القائمين بأُمور الناس.


إلى أن قال: وقد اعترف المخالفون انّ إمامة الثلاثة ليست بنص، لاَنّهم قد
جحدوا النص والوصية وفيما جرى في السقيفة من الاَُصول ما يجب للعاقل أن
يفكر فيه وغير معيوب على المتخلّف عن بيعتهم والخلاف لهم فيها إذ كان الحال
فيما تقرّر مشهوراً غير مستور، والعودة إلى الحقائق أولى لمن يعتمد عليها إذا كان
طالباً للهداية مع ترك التعصب. (1)


3. في أنّ الاِمامة وارثة النبوة والوصاية



الاِمام يرث من النبوة الظواهر والاَحكام وجري الاَُمور على ما علمه من
النظام.


ويرث من صاحب الوصاية المعاني التي ورثها عن النبوة، ليكون الكمال
موجوداً لقاصده، ومسلماً في شريعته التي جعلها عصمة لمن التجأ إليها، وطهارة
لمن التزم قوانينها وسار على محجَّتها، فتسلم له دنياه ويفوز في عقباه بالتجائه إلى
من عنده علم النجاة وحقيقة الشريعة السالمة من كلّتغيير وتمويه مع سلامة


1. المصدر نفسه:65ـ 66.



توحيده لباريه. (1)


أقول: ولا يذهب عليك أنّ الاِمام على هذا أفضل من النبي كما هو أفضل من
الوصي، لاَنّ الاِمام جامع للمنقبتين ظاهر الشريعة وباطنها، إلاّ إذا كان النبي رسولاً
فهو جامع أيضاً للمنقبتين، ولا أدري من أين لهم هذه الضوابط والقواعد، وما هو
الدليل على هذا التقسيم؟!


4. في انقطاع الوصاية بعد ذهاب الوصي



يُعْتقد أنّ الوصي إنّما يوصيه الرسول على معالم شريعته، وأسرار ملّته،
وعيون هدايته، وحقيقة أقواله، وحفظ أسراره، فإذا قام بها ومضى إلى دار كرامته
استحال قيام وصي ثان بعده، لاَنّ الشريعة لم تتغير، ولا ذهبت فتأتي أوامر جديدة
تحتاج إلى من يوصّى بحفظها والقيام بمعانيها وضبط أحوالها، فلهذا كان انقطاع
الوصية بعد مضي الوصي الذي خلّفه الرسول في العالم. (2)


5. في استمرار الاِمامة في العالم دون النبوة والوصاية



يُعْتقد: انّالاِمامة مستمرة الوجود في الاَدوار جميعها، من أوّلها إلى آخرها،
لاَنّ الاِمام هو الوارث لما جاء به النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم - من الشرع والوصي على البيان، لكونه
حافظاً في الاَُمة على الهداية التي ورثها منهما، ولمّا كان أمر الرسول والوصي جارياً
على أهل الدور من أوّله إلى آخره، كان من ذلك حفظ درجة الاِمامة على الدور
بالاستمرار، والتوالي، إذ لم يبق زيادة تستجد فتحتاج إلى منزلة مستجدة، فكانت
هداية موروثة منسوبة إلى أصل الدور، ومعلم الشريعة والبيان، فلا تزال هذه


1. تاج العقائد: 66.


2. المصدر نفسه: 68.



الحالة مستمرة إلى حين تأذن الحكمة الاِلهية بتجديد شريعة ثانية، وأمر يحتاج
العالم إليه لحفظ نظامه، ولمّا كانت هذه الشريعة، أي شريعة محمد، لا تنسخ، ولا
يفقد حكمها حتى قيام الساعة، بقيت الاِمامة فيها موجودة، ومحفوظة إلى حين
قيام الاَشهاد، ويوم التناد، فلهذا استمرت الاِمامة في العالم دون النبوة،
والوصاية.(1)


وعلى هذا فكلّ إمام غائب أو حاضر بعد الاِمام الصادق يساوي في الفضل
والعلم والكمال الاِمام المنصوص في يوم الدار ويوم الغدير، فالاِمام الحاضر،
أعني به: كريم آغا خان، تساوي كفته في معالي الاَُمور كفّة الاِمام علي بن أبي طالب
- عليه السّلام- فيقوم بنفس ما يقوم به الاِمام.


ياتُرَى ما هذا الجور في القضاء والاعتساف في الحكم، فكيف يكون الاِمام
المذكور إماماً عالماً محيطاً بالشريعة وواقفاً على أسرارها مع أنّه تلقى علومه
الاَوّلية في مدارس سويسرا فأتقن الانكليزية والفرنسية والاِسبانية كما درس اللغة
العربية وبعد أن أكمل تحصيله في سويسرا انتسب إلى جامعة هارفرد
الاَمريكية؟!!(2)


والاِمام الذي يتلقّى العلوم الظاهرية في المدارس والجامعات كيف يكون
واسطة في الفيض ، واقفاً على الاَسرار، وإماماً يعادل في التقى والعصمة والعلم
والفضل الاَئمّة المعصومين المنصوبين من قبل النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ؟!


وكأنّي بابن المعرة يقول:





  • فيا مـوت زر إنّالحياة ذميمـة
    و يا جد جدي ان سعيك هازل



  • و يا جد جدي ان سعيك هازل
    و يا جد جدي ان سعيك هازل



1. تاج العقائد: 69.


2. راجع تاريخ الدعوة الاِسماعيلية:403.



6. في أنّ الاِمام لا تجوز غيبته من الاَرض



إنّ الاِمام لا تجوز غيبته عن الاَُمة بوجه، ولا بسبب، وإن حدثت فترة فتكون
خواص شيعته على اتصال به ويعرفون مقامه، ويدلّون من خلصت نيته إلى مقره.


والغيبة لا تخلو من ثلاث خصال:


1. أن تكون غيبته من قبل اللّه.


2. أن تكون من قبل نفسه.


3. أن تكون من قبل الناس وخيفة من أعدائه.


فباطل أن تكون الغيبة من قبل اللّه، لاَنّذلك لا يليق بالحكيم العادل.


وإذا رجعنا إلى نفسه فلا نجدها من قبلها، لاَنّه معصوم من الخطايا وفرض
ولايته يوجب حضوره .


وإن كان من قبل الناس، فقد شكّ في دين اللّه، لاَنّ اللّه نصبه وتكفل إيصال
الهداية إلى الاَُمة به، وعرّفه أنّه لا يخرج من العالم حتى يورث مقامه هادياً مثله.


إذن فليس لخوفه من الناس وجه.


إلى أن قال: والاِمام هوالحاكم بين عباد اللّه، الموهوب له الحكم من الحكيم
الخبير والنائب في خلافته على الخلق، الوارث الاَرض، والمتصرف بأحكامها ولا
يجب زواله ولا عدمه بوجه من الوجوه. (1)


أقول: إنّ المراد من الغيبة ليس هو الغيبة عن عالم الوجود كما تصوّره ذلك
الكاتب، بل المراد من الغيبة هو الغيبة عن أعين الناس، فهو يبعث بين الناس
فيعرفهم ولا يعرفونه، لا أنّه يخرج من الدنيا ويعيش في عالم آخر يباين ذلك


1. تاج العقائد: 69ـ70.



العالم، وهذا يعرب عن أنّالداعي لم يرجع إلى كتب الاِمامية الاثني عشرية، وهو
مع ذلك يتصرف في الاَُمور حسب مصالح الناس وإن كان الناس لا يعرفونه،
ويتشرف بحضوره ويتمتع بلقائه من هو أهل لذلك وإن كان يكتمه ولا يظهره
إلاّللخاصة من الناس.


هذا هو القرآن الكريم يعرّف لنا ولياً من أوليائه سبحانه، كان يعيش بين
الناس ويركب سفينتهم ويتصرف فيها أمام أعينهم وهم لا يعرفونه ويتصرف في
أُمور أشد من ذلك يقتل غلاماً معصوماً بإذن من اللّه ولا يُلاحَق، ويبني جداراً في
حال الانقضاض تحته كنز ليتيمين لغاية الستر عليه حتى يستخرجا كنزهما رحمة
من ربه يقول سبحانه:


"أَمّا السَفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُّ أَنْ أَعِيبَها وَ كانَ
وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً* وَ أَمّا الغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُوَْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ
يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً* فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً* وَأَمّا
الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً
فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَ يَسْتَخْرِجا كَنْزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ" . (1)


وقد غاب عن أعين الناس على وجه لم يكن الرسول موسى - عليه السّلام- عارفاً به،
وإنّما عرفه بتعريف من اللّه سبحانه.


فلماذا لا تكون غيبة الاِمام بهذه الصورة، أي يكون غائباًعن أعين الناس
ولكن متصرفاً في مصالحهم ويلتقي مع خيار أُمته؟


هذا وانّ لاَصحابنا كتباً ورسالات حول غيبة الاِمام الثاني عشر كشفوا فيها
علل الغيبة ومصالحها وفوائدها، فمن أراد فليرجع إليها. (2)
1. الكهف:79ـ82.


2. لاحظ، كمال الدين للشيخ الصدوق، الغيبة للشيخ الطوسي، ومنتخب الاَثر للعلامة الصافي.



7. في الوصية بعد الرسول - صلّى الله عليه وآله وسلّم - إلى الوصي



يعتقد بوصية الرسول إلى علي بن أبي طالب - عليه السّلام- من اثني عشر وجهاً، منها:


1. قول النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم - : «لا يحل لامرىَ مسلم أن يبيت ليلتين إلاّو وصيته
مكتوبة عند رأسه».


2. إجماعنا على أنّالرسول استخلف علي في المدينة في غزوة تبوك
مقتدياً باستخلاف موسى لاَخيه هارون عند مضيه لميقات ربه، وفي هذا
الاستخلاف قال له: « يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي
بعدي».


3. حديث الدار والاِنذار وقد ذكره المفسرون في تفسير قوله سبحانه:"وَ
أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاََقْرَبينَ" (1). (2)


أقول: والعجب انّه لم يذكر حديث الغدير الذي اتفقت الاَُمّة على نقله!!


8. في قعود علي عن الخلافة



ويعتقد انّ قعود الوصي بعد الوصية لم يكن عن عجز، ولا تفريط،و ذلك
لاَنّ الرسول - صلّى الله عليه وآله وسلّم - قد أعلمه عن دولة المتغلبين، وعقوبة اللّه عزّ وجلّ لهم في ذلك
بقوله: «إنّ لك يا علي في أُمّتي من بعدي أمر، فإن ولّوك في عافية، وأجمعوا عليك
في رضى، فقم بأُمورهم، وإن اختلفوا واتبعوا غيرك، فدعهم وماهم فيه، فإنّاللّه
سيجعل لك مخرجاً».


فلمّا قام أمير الموَمنين في يوم الجمل وصفين والنهروان قام في الوصية
أيضاً لقول الرسول - صلّى الله عليه وآله وسلّم - : «يا علي تقاتل بعدي الناكثين والمارقين والقاسطين».


1. الشعراء:214.


2. تاج العقائد: 60ـ64.



فليت شعري من هوَلاء الذين نكثوا ومرقوا وقسطوا حتى قاتلهم، هل هم
غير أُمّة محمد الذين نكثوا بيعة وصيّه ومرقوا عن أمره، وقسطوا وأظهروا الاَحقاد
الكامنة له ولاَهل بيته بالرغم من أوامر الرسول إليهم. (1)


9. في فساد إمامة المفضول



يعتقد فساد إمامة المفضول وإبطال إمامة المشرك الناقض لقوله
عزّوجلّ:"وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَإِنّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً
قالَوَمِنْ ذُرِّيَّتي قالَلا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمينَ" . (2)


فجلّثناوَه وتقدّست أسماوَه بيّن أنّ عهد الاِمامة وخلافة اللّه تعالى لا تلحق
من أشرك باللّه طرفة عين، وإنّما يكون ميراثها في الطاهرين المصطفين العلماء،
لقوله تعالى: "ثُمَّ أَورَثْنَا الكِتابَ الّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ
مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبيرِ" . (3)


وقوله:"أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما
لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُون" . (4)


وقد ثبت انّ كلّ من دخل في الاِسلام من الجاهلية فقد عبد الاَصنام وتدنس
بالشرك مع ما كانوا يفعلون برسول اللّه أيام حياته ممّا هو مشهور غير خفي.


و توقف كلّ واحد منهم بعده وحاجتهم إلى علم علي مع طهارته واصطفائه
عليهم في حالتي العلم والجسم، وكونه لم يسجد لصنم، ولا توقف عن أمر محمد
- صلّى الله عليه وآله وسلّم - ولا كانت له سابقة في الجاهلية، ولا أشرك في اللّه طرفة عين، ولا


1. المصدر نفسه:72.


2. البقرة:124.


3. فاطر:32.


4. يونس:35.



تحمّل، ولا كذب، ولا داهن، ولا مال إلى مفضول، بالرغم من ميل الغير عنه إلى كل
مفضول، مع إقرار المفضول على نفسه بقوله:«ولّيت عليكم ولست بخيركم» وغير
ذلك من قوله: «فإن غلطت فردّوني، وإن اعوججت فقوّموني، فإنّ لي شيطاناً
يغريني».


فليت شعري على أي شيء اعتمدوا بتقديم من قدّموه دون نص، أو
وصية». (1)


10. في إبطال اختيار الاَُمّة للاِمام



ويعتقد انّ اختيار الاَُمّة لنفسها الاِمام غير جائز، لاَنّ إقامة الحدود على الاَُمّة
هي للاِمام، ففيها بعض رسوم الشريعة المبسوطة إلى الاِمام، من دون الاَُمة، فإقامة
الاِمام الذي تتعلّق به كلّ أُمور الشريعة، لاَنّه صاحب المقام العظيم، والمستخلف
أولى أن يكون بأمر اللّه، وإذا كان إقامة الاِمام بأمر اللّه كان من ذلك الاِيجاب بأنّ
الاختيار من الاَُمّة باطل.


وانّ صحّة العلم انّ المختار للاِمامة لا يكون إلاّ بعد الاِحاطة بجميع ما
يحتاج إليه في الاِمامة من علم الشريعة والكتاب والاَحكام، ثمّ العلم بأنّ ما عرف
ممّا يحتاج إليه في الاِمامة موجود فيمن يختاره هوكاف فيه. (2)


11. في أنّ كلّ متوثب على مرتبة الاِمام فهو طاغوت



ويعتقد انّ كلّ من دفع الاِمام عن مقامه ومنزلته وعانده بعد وصية النبي له
في كلّ عصر وزمان، إنّما هو المشار إليه باسم الطاغوت، وهو رئيس الجائرين


1. تاج العقائد: 75ـ76.


2. تاج العقائد: 76.



الحائدين عن أمر الرسول، المعنيّ بالظالم، الذي توجهت إليه الاِشارة وإلى أمثاله
في كلّ دور: "وَيَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَني اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسولِ
سَبيلاً" . (1) إلى قوله تعالى: "لَقَدْ أَضَلّني عَنِ الذِّكْرِ بعْدَ إِذْ جاءَني وَكانَ الشيطانُ
لِلاِنْسانِ خَذُولاً" . (2)


فالطاغوت هو رئيس الجائرين المعتدي على المنصوص عليه، والشيطان
معاضده على الباطل القائم في نصرته المنمِّق للاَحاديث الكاذبة ليصرف وجوه
الناس إليه، ويصدّهم عن أمر اللّه ورسوله بالكون معه، والطاعة له، وإذا نظروا إلى
ما تضمّنته الشريعة، يتبين لهم الاَمر على جليته، وتنفتح لهم طرق الهداية ويقع
الانتباه ويزول الهوى ويشملهم التوفيق في قصدهم. (3)


12. في أنّ الاَرض لا تخلو من حجّة للّه فيها



يعتقد انّ الاَرض لا تخلو من حجّة للّه فيها: من نبي، أو وصي، أو إمام يقوم
المسائل، ويقيم الحدود، ويحفظ المراسيم، ويمنع الفساد في الشرع، ويقبل
الاَعمال، ويزكّي الاَفعال، وتقام به الحجة على الطالب، ويزيل المشكلات إذا
حلت على المتعلمين، ويركز الاَُمة بعد غيبة نبيها، إذا كان شخصه غير مستقر البقاء
في العالم، محفوظ النسب، معروف الولادة، متبِع دينَ آبائه، لا يرجع عن أقوالهم،
ولا يقدم غيرهم، ولا يكون مأمون خلاف غيره، ولا مشير في الفضيلة إلى سواه،
متبوع لا تابع، مقصود لا قاصد، مرغوب في حكمه، وصحّة أفعاله، وتعاليمه،
وهدايته، لاَنّ الرسول جعله دليلاً للمتعلم، ونجاة للحائر. (4)
1. الفرقان:27.


2. الفرقان:29.


3. تاج العقائد: 78ـ 79.


4. تاج العقائد: 70ـ 71.



أقول: إنّ ما ذكره من أنّ الاَرض لا تخلو من حجة للّه حق، ولكن السبب
ليس ما جاء في كلامه من إقامة الحدود، وحفظ المراسم، ومنع الفساد؛ فإنّ ذلك
يقوم به سائر الولاة أيضاً، وإنّما الوجه انّه الاِنسان الكامل وهو الغاية القصوى في
الخلقة ويترتب على وجود ذلك الاِنسان الكامل بقاء العالم بإذن اللّه سبحانه
وآخره لحصول الغاية وإلى ذلك يشير الحديث النبوي:


«أهل بيتي أمان لاَهل الاَرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الاَرض». (1)


وقوله: - صلّى الله عليه وآله وسلّم - لعلي - عليه السّلام- :«إنّي وأحد عشر من ولدي وأنت يا علي رزّ الاَرض ـ
أعني أوتادها وجبالها ـ بنا أوتد اللّه الاَرض أن تُسيخ بأهلها فإذا ذهب الاثنا عشر
من ولدي ساخت الاَرض بأهلها ولم ينظروا». (2)


وقال - صلّى الله عليه وآله وسلّم - : «أهل بيتي أمان لاَهل الاَرض، فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل
الاَرض من الآيات ما كانوا يوعدون». (3)


وقال الاِمام أمير الموَمنين - عليه السّلام- : «اللّهمّ بلى لا تخلو الاَرض من قائم للّه بحجّة
إمّا ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً». (4)


13. منع المبتدي عن الكلام



ويُعتقد انّ منع المبتدي عن الكلام في الدين، صفات، واقتداء بأفعال اللّه،
وذلك انّ اللّه سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل الطفل يتكلم عند خروجه
وولادته، وإنّما تأخر عن الكلام لحكمة أوجبها لتكون لاَبويه عنده فضيلة التنطيق،
والتلقين، والتعليم، وكذلك المبتدي يمنع من المجادلة، والنطق بما يشق على


1. الشريف الحضرمي: رشفة الصادي:78، الصواعق المحرقة:233ـ234.


2. الغيبة:99، عنه البحار: 36|259 ح79.


3. الصواعق المحرقة:150.


(4) 4 .نهج البلاغه: 497، قسم الحكم، الحكمة رقم 147.



غيره، ومتى تعلم من شيخه أو معلّمه القائم له مقام الصورة، فيعلمه الاَُصول التي
يجب الاحتياط بها نموذجاً يحتذى عليه في خطابه، وكلامه فيما يجب الاحتياط
له. (1)


14. في أنّالقرآن لا ينسخه إلاّقرآن مثله



ويعتقد انّ القرآن لا ينسخه إلاّ قرآن مثله، والدلالة على ذلك موافقة السنّة
للكتاب، قال اللّه تعالى: "وإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ
مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ" . (2)قال النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم - في خطبة الوداع:«لا يقولنّ عليَّ
أحد منكم مالم أقله، فإنّي لم أحلل إلاّ ما أحلّه اللّه في كتابه، وكيف أُخالف كتاب
اللّه وبه هداني؟ وكيف أخالف كتاب اللّه وبه هداني وعليّ أُنزل؟». (3)


15. في تخطئة القياس والاستحسان



لا ترخّص الشيعة قاطبة القضاء والافتاء بالقياس والاستحسان، والرأي غير
المستنبط من الكتاب والسنّة ويظهر من الداعي علي بن محمد الوليد، اتّفاق
الاِسماعيلية على منع العمل به قال:


إنّ الخطأ، القول بالرأي، والقياس، والاجتهاد والاستحسان، بدليل قوله
تعالى:"وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتِكُمُ الكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلى
اللّهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللّهِ الكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ" . (4)


وقال اللّه عزّوجلّ: "وَ قالُوا لَنْ تَمَسَنّا النّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ


1. تاج العقائد: 181.


2. النحل: 101.


3. تاج العقائد: 98.


4. النحل:116.



اللّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ". (1)فالقائل في
الدين برأيه واجتهاده قائل عن اللّه مالا يعلم.


قال النبي:«اتبعوا ولا تبدعوا، فإنّ البدعة رأس كلّضلالة، وكلّ ضلالة في
النار».


وقال عبد اللّه بن جعفر بن محمد: «إيّاك وخصلتان فيهما هلك من هلك،
إيّاك أن تكتفي برأيك، أو تدين بمالا تعلم».


وقال - عليه السّلام- : «إيّاك والقياس، فإنّ أوّل من قاس إبليس فأخطأ في قوله: "قالَ ما
مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَني مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِين" (2)
».


فالدين لا يصح إلاّ بالاقتداء والاتباع للكتاب والسنّة، والرضا، والتسليم، إلى
الهادي الذي عرفناه، ورضيناه من غير ابتداع، ولا قول برأي ولا قياس، ولا تقليد
سلف.


قال رسول اللّه - صلّى الله عليه وآله وسلّم - :«الاَُمور ثلاثة: أمر قد بان لك رشده فاتبعه، وأمر بان
لك غيّه فاجتنبه، وأمر أشكل عليك فرده إلى أهله».


وقال الاِمام جعفر بن محمد لاَبي حنيفة النعمان القائل بالرأي والقياس: «يا
نعمان بلغني انّك تعمل بالقياس، فأخبرني إن كنت مصيباً: لم جعلت العين
مالحة، والمنخران رطبان، والاَُذنان مرّتان، واللسان عذب؟» قال: لا أدري،
فأخبرني جعلت فداك؟ فقال الصادق: «العين مالحة لاَنّها شحمة،ولا تصلحها إلاّ
الملوحة؛ والاَنف رطب لاَنّه مجرى الدماغ والنفس؛ والاَُذن مرّة لقتل الدواب، متى
دخلتها؛ وجعل اللسان عذب ليعرف به طعوم الاَشياء. يا نعمان إذا لم تعرف


1. البقرة:80.


2. الاَعراف:12.



ما جعله اللّه في بنيتك، وأحكمه في صورتك لتمام منافعك، فكيف تقيس على
دين اللّه عزّوجلّ؟!» فقال: أخبرني جعلت فداك، لم تقضي الحائض الصيام دون
الصلاة؟ فقال - عليه السّلام- :«لاَنّالصلاة تكرر» قال: أخبرني لم وجب الغسل من الجنابة،و
الوضوء من الغائط؟ قال: «لاَنّ الجنابة تخرج من جميع الجسد، بينما الغائط من
مكان واحد» قال: أخبرني لم فضّل الرجل في الفرائض على الامرأة مع ضعفها،
وقوته؟ قال:«لاَنّ اللّه تعالى جعل الرجال قوامين على النساء، ينفقون عليهن»،
فقال أبو حنيفة: "اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ" . (1)


فترك القياس سعادة للمكلّف، وضبط له عن الخوض في دين اللّه برأي
النفس، والهوى الغالب، فإنّ أصل الشريعة ليس بقياس، لاَنّه أخذ عن اللّه تعالى
بتعليم الملك، وأخذ من الرسول بتعليم دون قياس، وأخذ من الوصي بتعليم
النبي، وأخذ من الاِمام بتعليم الوصي، وأخذ الرجال بتعليم الاِمام دون رأي من
يرى، وقياس من قاس، واجتهاد من اجتهد، بالظنون الكاذبة، والرأي، والآراء
المتناقضة. (2)


1. الاَنعام:124.


2. تاج العقائد ومعدن الفوائد:82ـ84.



الاِسماعيلية والاَُصول الخمسة





عقيدتهم في المعاد وما يرتبط به



المعاد بمعنى عود الاِنسان إلى الحياة الجديدة من أُسس الشرائع السماوية
وهي حقيقة لا تنفك عن الاِيمان باللّه، لذا نرى أنّ أصحاب الشرائع اتّفقوا على
وجود المعاد بعد الموت:"وَ أَنَّ اللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُور " . (1)ولولا القول
بالمعاد لما قام للدين عمود، ولا اخضرّ له عود.


نعم، اختلفوا في كونه جسمانياً أو روحانياً وعلى فرض كونه جسمانياً فهل
الجسم المعاد جسم لطيف برزخي أوجسم عنصري؟


والاِمعان في الآيات الواردة حول المعاد يثبت الاَخير بلا شك، فهلمّ معي
ندرس عقيدة الاِسماعيلية في المعاد وكيفيته.


1. في أنّ المعاد روحاني لا جسماني



قال الكرماني ـ بعد بيان النشأة الاَُولى في الدنيا ـ : ثمّ اللّه ينشأ النشأة
الآخرة، بقوله تعالى: "وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الاَُولى ـ التي هي خلق أجسامكم من
قبيل جسمكم ـ فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ" (2)فهلا تتفكرون وتوازنون وتعلمون انّ النظام
في الخلق والبعث واحد، وانّ النشأة الآخرة هي خلق الاَرواح وإحياوَها بروح


1. الحج:7.


2. الواقعة:62.



القدس على مثال النشأة الاَُولى. ثمّ إنّه أفاض في الكلام ومحصّله: كما أنّ الاِنسان
في عالم الاحشاء يكتسب آلات ليحس بها الكمالات عند مصيره إلى عالم الدنيا،
فهكذا هو في عالم الجسم والدنيا يكتسب آلات ليلتذ بها عند مسيره إلى عالم
الآخرة، فكما أنّه يستغني عند مسيره من عالم الاحشاء إلى عالم الحس عمّـا فيها،
فهكذا عند مسيره من عالم الحس إلى عالم الآخرة وإليك عبارته:


ولما كان الاَمر في وجود النفس وكمالها كالاَمر في جسمها كما نطق به
الكتاب الكريم، فالاِنسان ينتقل من رتبة النطفية إلى رتبة العلقية، و من رتبة العلقية
إلى رتبة المضغية ومن رتبة المضغية كذلك أن يحصل له الآلات من عين وأُذن
ويد و رجل وأنف ولسان وغير ذلك من الاَُمور ليقوم بالفعل بها عند مصيره إلى
عالم الحس إذ كان وجودها له في تلك الظلمات وضيق الاَحشاء لا لها، بل لفسحة
الدنيا وما فيها فيكون ما يلتذ به أو يألم بحسب ما اكتسب في الاَحشاء من الآلات،
فهكذا وجودها في جسمها لا له بل لذاتها التي تليق بعالم آخر إليه مصيرها وعند
مفارقة الجسم من جسمها مصيراً إلى الآخرة التي إليها إنهاوَها كمفارقة جسمها
الاَحشاء مصيراً إلى عالم الحس الذي إليه وروده وتكون ذاتها في آخرتها لذاتها
آلة تجد بها الملاذ كالجسم الذي هو لها في دنياها آلة تجد بها الملاذ، وما يحصل
لها من روح القدس في ذلك العالم كالروح الحسي الذي يحصل للجسم في هذا
العالم. (1)


ومن تأمل فيما أفاض يذعن بأنّ المعاد عندهم روحاني لا جسماني، وقد
صرح بذلك أيضاً الداعي علي بن محمد الوليد، وقال: ويعتقد انّ اللّه تعالى دعانا
على ألسنة وسائطه بقبول أمره، إلى دار غير هذه الدار فهذه الدار صورية وتلك
مادية ومابينهما صوري ومادي. (2)
1. راحة العقل: 361، المشرع 13.


2. تاج العقائد: 165.



2. في التناسخ



وهو عود الروح بعد مفارقة البدن إلى الدنيا عن طريق تعلقها ببدن آخر
كتعلّقها بالجنين عند استعدادها لاِفاضة الروح وله أقسام مذكورة في محلّها. (1)


وربما ينسب القول بالتناسخ إلى الاِسماعيليّة، ولكن النسبة في غير محلّها.


يقول الداعي الكرماني: وأمّا من يرى الجزاء، مثل محمد بن زكريا والغلاة
وأهل التناسخ، وانّه يكون في الدنيا، فمن اعتقادهم انّهذه الاَنفس لها وجود قبل
أشخاصها بخلاف اعتقاد الدهرية وأمثالها ممّن ينحون نحوهم الذين يقولون
انّوجودها بوجود أشخاصها، ويقولون: إنّها جوهر تتردد في الهياكل بحسب
اكتسابها إلى أن تصفو وتعود، فقد (2)أوردنا في كتابنا المعروف بـ«الرياض»
و«ميزان العقل» وغيرهما من رسائلنا في فساد قولهم ما يغني سيّما ما يختص
بذلك في كتابنا المعروف بـ«المقاييس» رداً على الغلاة وأشباههم. (3)


يقول الكاتب الاِسماعيلي مصطفى غالب: ويذهب أكثر الذين كتبوا عن
عقائد الاِسماعيليّة من القدماء والمحدثين بأنّ الاِسماعيليّة يقولون بتناسخ
الاَرواح، أي أنّ الروح بعد الموت تنتقل إلى إنسان آخر أو إلى حيوان أو نبات على
نحو ما نراه في العقيدة البوذية أو النصيرية مثلاً، ويمكننا بعد أن درسنا كتب
الاِسماعيلية السرية والعلنية دراسة دقيقة، أن نقول بأنّهم لا يدينون مطلقاً
بالتناسخ، بل ذهبوا إلى أنّ الاِنسان بعد موته يستحيل عنصره الترابي (جسمه) إلى
ما يجانسه من التراب، وينتقل عنصره الروحي (الروح) إلى الملاَ الاَعلى، فإن كان
الاِنسان في حياته موَمناً بالاِمام فهي تحشر في زمرة الصالحين وتصبح ملكاً مدبراً،


1. لاحظ شرح المنظومة للحكيم السبزواري:312.


2. جواب لقوله: امّا.


3. راحة العقل:364.



وإن كان شريراً عاصياً لاِمامه حشرت مع الاَبالسة والشياطين وهم أعداء الاِمام.


والاِمام نفسه يجري على جسده مثلما يجري على سائر الاَجساد بعد
الموت، حيث يتحلّل كل قسم إلى ما يناسبه، فالجسم الترابي يعود إلى التراب،
والنفس الشريفة تعود إلى ما يجانسها ويناسبها، فتصبح نفس الاِمام عقلاً من
العقول المدبرة للعالم، فلا تتناسخ ولا تتلاشى أي تتقمص. (1)


3. في الحساب



والحساب تابع للبعث وهو فعل يحدث عنه من النفس للنفس الثواب الذي
هو الملاذ والمسار، والعقاب الذي هو الاَلم والعذاب والغم، وينقسم هذا الفعل
إلى ما يكون وجوده في الدنيا، وإلى ما يكون وجوده في الآخرة.


فأمّا ما يكون وجوده في الدنيا فينقسم قسمين. ثمّ أفاض الكلام في
القسمين. (2)


4. في الجنة



يقول الكرماني: إنّها موصوفة بالسرمد والاَبد ووجود الملاذ فيها أجمع،
وأنّها لا تستحيل، ولا تتغير، ولا يطرأ عليها حال، ولا تتبدل، والذي بهذه الصفة هو
النهاية الاَُولة من الموجودات عن المتعالى سبحانه عن الموصوفات والصفات
إبداعاً خارج الصفحة العليا من السماوات المعرب عنها بسدرة المنتهى الذي
هوالمبدع الاَوّل. (3)
1. مصطفى غالب: في مقدمة كتاب الينابيع:16.


2. راحة العقل: 369.


3. راحة العقل: 379.



5. في الملائكة



إنّ الملائكة على ضروب وكلّهم قد أُهّلوا لمنافع الخليقة، فلا يتعدى أحد
منهم بغير ما وكّل به، كما قال وأخبر عنهم:"وَ ما مِنّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ" (1)


والجوهر فيهم واحد، وإنّما اختلفت أسماوَهم لاَجل ما وكلوا به فمنهم من هو في
العالم العقلي، ومنهم من هو في العالم الفلكي، ومنهم من هو في العالم الطبيعي
لحفظ ارجائه، ثمّ استدل بالآيات القرآنية.





  • منها قوله:"فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ
    وَ ما لا تُبْصِرونَ" (2)يعني الملائكة



  • وَ ما لا تُبْصِرونَ" (2)يعني الملائكة
    وَ ما لا تُبْصِرونَ" (2)يعني الملائكة



الذين قد أخفى سبحانه ذواتهم عن النظر، وجعل المخلوق عن الطبائع محجوباً
عنهم لا يراهم حتى يصير إمّا في منزلة النبي أو يخلص القبول من النبي بقرب
الدرجة منه. (3)


6. في الجن



ويعتقد انّ في الجن ذوات أرواح نارية وهوائية ومائية وترابية، ويعتقد انّ
الجن صحيح لا ريب فيه وهم على ضروب في البقاع والمصالح والمنافع والفساد
والضرر، إلى أن قال: فمنهم من هو في ارجاء العالم ممنوع عن مخالطة بني آدم،
ومنهم من هو مخالط لبني آدم في أماكنهم. (4)


1. الصافات:164.


2. الحاقة:38ـ 39.


3. تاج العقائد: 45.


4. تاج العقائد: 46.






/ 12