السبيل الى الوحدة: - لنکون خیر امة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لنکون خیر امة - نسخه متنی

سید محمد تقی المدرسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


حتى إذا دخل هذا الانسان عالم الايمان وامضى على وثيقة الشهادتين عندئذ يأتيه الخطاب بسمة جديدة هي سمة الايمان. ففي حالة الايمان يكون الدور أكبر، والمسؤولية أعظم، والمهمة اوسع.


السبيل الى الوحدة:



ترى ماهو السبيل - إذن - الى الوحدة، وكيف يمكننا ان نوحّد المؤمنين ليتوحد العالم الاسلامي ؟


ان تحقيق هذا الهدف ليس عسيراً، فبرنامج توحيد المؤمنين مرسوم في القرآن الكريم الذي حدد العوامل والعناصر التي تؤدي الى وحدة الأمة الاسلامية وتلاحمها.


وفيما يلي سوف نتطرق بشكل مقتضب الى تلك العناصر، نركز الحديث حول العنصر الاساسي من عناصر الوحدة:


1- عنصر العقيدة والتوحيد؛ وهو الاعتراف والايمان بالوهية الله عز وجل وربوبيته وعبوديته وحده لا شريك له، ومن ثم الايمان برسله وانبيائه وكتبه، وكل ما يتعلق بالتوحيد والعقيدة واصولها وفروعها.


2- الايمان والاهتمام بالقيم والمبادئ، والتطبيق العملي لهما.


3- القرآن الكريم هو الكتاب الذي نتفق عليه جميعاً، وننهل منه في شتى شؤون حياتنا، فهو بمثابة دستور وقانون موحد لنا. ومن الواضح الدور الكبير الذي من الممكن ان يؤديه القانون الواحد في توحيد الكتلة البشرية، خصوصاً واننا نرى اليوم الجهود والمساعي الحثيثة التي تبذل من أجل صياغة قانون واحد ومشترك يوحّد الشعوب في هذا العالم.


4- التأريخ المشترك والتراث الواحد اللذين يجمعان المسلمين.


5- المصير المشترك؛ ونعني به الهدف المشترك، والمسيرة الواحدة الذي يبلغ من الاهمية بحيث اننا لو لغيناه فسوف لن يعود بامكاننا الوصول الى الهدف، وبلوغ الوحدة. فلابد للمسلمين - إذن - من نبذ الخلافات، والقضاء على التوجهات الفئوية، وألوان التجزئة من خلال المحافظة على وحدة الهدف والمسيرة.


الحج العامل الأكبر:


ان هذه العناصر هي التي تصل بنا الى الوحدة، ويبقى هناك العامل الأكثر أهمية من عوامل الوحدة الأخرى ألا وهو زيارة الكعبة المشرفة، وحج بيت الله الحرام. وسر التوحيد هنا يعود الى اسباب شتى، منها ان الله تبارك وتعالى عندما خلق السماوات والارض اختار لنفسه موضعاً مباركاً، وبقعة محررة سماها " بيت الله الحرام ".


وقد يتساءل سائل هنا: لماذا وصف هذا البيت بانه (حرام) ؟


وللجواب على هذا السؤال نقول ان وجه الحرمة هنا يختلف عن كل وجوه الحرمة المعروفة، فالحرمة هنا تعني أن ليس لاحد الحق في الاعتداء عند هذا البيت على الآخرين، كما انه ليس من حق طائفة او جماعة السيطرة عليه دون طائفة أخرى من المسلمين.


وهناك تسميات أخرى لهذا البيت المقدّس منها، البيت العتيق. علماً ان المراد بالعتيق هنا ليس القدم، والبعد التأريخي، وانما اشتقت هذه التسمية من كلمة (العتق) التي تعني التحرر. وهذه الكلمة تعني أيضاً أن ليس لاحد حق السيطرة عليه وادعاء ملكيته، لان ملكيته لله وحده، ولكل مسلم في الارض الحق في أداء مناسكه عنده. وقد أكد تعالى على هذا المعنى في قوله:


« إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ » (آل عمران/96).


ثم يأتي وصف آخر او ميزة أخرى اعطاها الله لبيته تؤكد وتعزز المعاني السابقة، وهي ميزة الأمن، وذلك في قوله تعالى: « وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً » (آل عمران/97)؛ اي ان كيان الانسان الذي يدخله مصون، ودمه محرم، وايصال الأذى إليه غير جائز.


ان الحج هو الشعيرة المقدسة التي تعمل على هدم الحواجز، وازالة الحجب القائمة بين النفوس، وبين ابناء الأمة الاسلامية الواحدة، وهي تترك الأثر المباشر والفعال في توحيد صفوف المسلمين وقلوبهم وكياناتهم.. ولكن هل استطعنا حقاً ان نستغل هذه الشعيرة المقدسة بابعادها واهدافها العظيمة ؟


هل فهمنا الحج حق فهمه ؟


ان أحد الاسباب الرئيسية للفهم المحدود او الجانبي للحج عدم معرفة ووعي قيمة هذه الشعيرة الالهية، والدور العظيم الذي تؤديه في حياة المسلمين. فلو وعى الانسان المسلم وادرك جيداً الهدف الرسالي من وراء فريضة الحج، والدور الالهي الذي تقوم به لاستشعر ولمس عظمة فائدتها. ولذلك فان على علماء الاسلام ومفكريه اينما كانوا ان يبذلوا قصارى جهودهم من اجل توعية ابناء الأمة الاسلامية وارشادهم وايضاح معالم الحج وآثاره لهم قبل ان يتوجهوا الى بيت الله الحرام. وهذه مسؤولية كبرى تقع على عاتقهم سيسألون عنها غداً، اذ يجب عليهم ان يبينوا ابعاد الحج، وجوانبه العديدة الواسعة..


وبعد فهذا هو الحج في مفهومه الحقيقي، وهذا هو ما على علماء الاسلام ان يبينوه للناس، وإذا ماتم ذلك فان الحج سوف يتحول ليس الى قاعة اجتماع كبرى يجتمع فيها المسلمون فحسب، بل الى مصهر تذوب فيه الفوارق والاختلافات، وتموت في داخله عوامل التفرقة، ويصبح الجميع سواسية كاسنان المشط.


ولذلك يأتي السياق القرآني في خاتمة سورة الحج بصيغة أمر الهي يقول فيه عز من قائل: « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » (الحج/77) .


ولعل هذه الصورة هي اللافتة العريضة، واللوحة الاخيرة التي يحملها الانسان الحاج بعد عودته من بيت الله الحرام لكي يعكسه تطبيقاً عملياً في حياته الجديدة التي يبدؤها بعد الحج.


نذر النفس في سبيل الله:


بعد ذلك ينتقل السياق للحث على المزيد من الجهد والنشاط فيقول الباري تعالى: « وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ » (الحج/78).


أي ان على الانسان المسلم ان ينذر نفسه جندياً في الصراع المرير بين الخير والشر، وبين قوة الحق والنور والهدى وقوى الباطل والظلام والضلال، وان يقف مدافعاً مستميتاً في جبهة الخير مقابل جبهات الشر والعدوان. وهذا هو معنى حق الجهاد؛ أي ان يبذل الانسان المسلم الغالي والنفيس، وان يضحي بكل ما وسعه من قوى وطاقات وجهود وأموال.. ذلك لان تاريخ الأمة الاسلامية، تأريخ عريق ومشترك يمتد الى عهد ابراهيم (عليه السلام)، وهو تاريخ التوحيد الالهي.


والنبي ابراهيم (عليه السلام) هو الذي اطلق علينا هذه التسمية التي اضحت هويتنا الحقيقية اليوم، ألا وهي هوية الاسلام. فهو الذي سمّانا المسلمين، وكانت هذه حجة علينا عند نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) كما يقول تعالى: « وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ » (الحج/78).


مرحلة الشهادة على الناس:


وعند بلوغنا هذا المستوى من الوعي والادراك والفهم للحقائق الربانية، هذا المستوى المصحوب بالعمل والسعي والمثابرة لنشر رسالة الاسلام، والدعوة إليها بين أمم الارض، فحينئذ سنكون نحن بدورنا حجة على هذه الأمـم. وهذا هو مفاد قوله تعالى: « وَتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلى النَّاسِ » (الحج/78).


وهذه المرحلة لايمكن ان نصل إليها إلاّ إذا حققنا الشروط التي أشار اليها البارئ عز وجل في قوله: « فَاَقِيمُوا الصَّلاَةَ وءَاتُواْ الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ » (الحج/78).


ومن خلال توفر هذه الشروط التي حددها لنا رب العزة نكون عندئذ أهلاً لقيادة الأمم الأخرى نحو الخير والسعادة والسلام عبر الاعتصام بحبل الله المتجلي في القرآن والعترة الطاهرة والتمسك بالولاء لهم - عليهم السلام اجمعين -.





[1])) بحار الأنوار / ج 2 / ص 105 / رواية 66.


[2])) بحار الأنوار / ج 78 / ص 38 / رواية 9.


[3])) اصول الكافي / ج 2 / ص 45 / رواية 1.


([4]) بحار الأنوار / ج 5 / ص 32 / رواية 39.


[5])) بحار الأنوار / ج 69 / ص 72 / رواية 26.


[6])) كلمة الله / ص 140.


[7])) بحار الأنوار / ج 73 / ص 354 / رواية 58.


[8])) بحار الأنوار / ج 38 / ص 193 / رواية 2.


[9])) كلمة الله / ص 180.


[10])) بحار الأنوار / ج 77 / ص 134 / رواية 46.


[11])) بحار الأنوار / ج 2 / ص 100 / رواية 59.


[12])) بحار الأنوار / ج 86 / ص 247 / رواية 6.


/ 4