نظرة فی کتاب الصراع بین الإسلام والوثنیة لعبد الله علی القصیمی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظرة فی کتاب الصراع بین الإسلام والوثنیة لعبد الله علی القصیمی - نسخه متنی

عبدالحسین امینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وأمّا الإستغاثة والنداء والإنقطاع وما أشار إليها، فلا تعدو أن تكون توسّلا بهم إلى المولى سبحانه، واتِّخاذهم وسائل إلى نُجح طلباتهم عنده جلّت عظمته، لقربهم منه، وزلفتهم إليه، ومكانتهم عنده، لأنَّهم عبادٌ مكرمون، لا لأنَّ لذواتهم القدسيَّة دخلا في إنجاح المقاصد أوَّلا وبالذّات، لكنَّهم مجاري الفيض، وحلقات الوصل، ووسائط بين المولى وعبيده، كما هو الشأن في كلِّ متقرِّب من عظيم يتُوسَّل به إليه.


وهذا حكمٌ عامٌّ لِلأولياء والصالحين جميعاً، وإن كانوا متفاوتين في مراحل القُرب، كلّ هذا مع العقيدة الثابتة بأنَّه لا مُأثِّر في الوجود إلاّ الله سبحانه، ولا تقع في المشاهد المقدَّسة كلّها من وفود الزائرين إلاّ ماذكرناه من التوسّل(13).


فأين هذه من مضادَّة التوحيد؟! وأين هؤلاء من الخصومة معه ومع أهله؟! فذرهم وما يفترون (إنَّما يفتري الكذب الَّذين لا يُؤمنون بآياتِ الله وأولئك هُمُ الكاذبون)(14).


5 ـ قال: تذهب الشيعة تبعاً للمعتزلة إلى أنكار رؤية الله يوم القيامة، وإنكار صفاته، وإنكار أن يكون خالقاً أفعال العباد، لشبهات باطلة، وقد جمع العلماء من أهل الحديث والسُنَّة والأثر كالأئمَّة الأربعة على الإيمان بذلك كلِّه، ليس بينهم خلافٌ في أنَّ الله خالقُ كلِّ شيء حتّى العباد وأفعالهم، ولا في رؤية الله يوم القيامة.


ومن عجب أن تُنكر الشيعة ذلك خوف التشبيه، وهم يقولون بالحلول والتشبيه الصريح، وبتأليه البشر، ووصف الله بصفات النقص، وأهل السُنَّة يعدُّون الشيعة والمعتزلة مُبتدعين غير مُهتدين في جحدهم هذه الصفات 1 ص 68.


ج ـ إنَّ الرَّجل قلّد في ذات الله وصفاته ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيَّم، ومذهبهما في ذلك ـ كما قال الزرقاني المالكي في شرح المواهب ص 12 ـ إثبات الجهة والجسميَّة، وقال: قال المناوي: أمّا كونهما من المبتدعة فمسلّم.


والقصيمي يقدّسهما ورأيهما ويصرِّح بالجهة ويعيِّنها، وله فيها كلماتٌ في طيِّ كتابه، ونحن لا نُناقشه في هذا الرأي الفاسد، ونُحيل الوقوف على فساده إلى الكتب الكلاميَّة من الفريقين، والذي يُهمنّا إيقاف القارئ على كذبه في القول واختلاقه في النسب.


إنَّ الشيعة لم تتَّبع المعتزلة في إنكار رؤية الله يوم القيامة، بل تتّبع برهنة تلك الحقيقة الراهنة من العقل والسمع، وحاشاهم من القول بالحلول، والتشبيه، وتأليه البشر، وتوصيف الله بصفات النقص، وإنكار صفات الله الثابتة له، بل إنَّهم يقولون جمعاء بكفر مَن يعتقد شيئاً من ذلك، راجع كتبهم الكلاميَّة قديماً وحديثاً، وليس في وسع الرجل أن يأتي بشيء يدلُّ على ماباهتهم، ولعمري لو وجد شيئاً من ذلك لصدح به وصدع.


نعم، تُنكر الشيعة أن تكون لله صفاتٌ ثبوتيَّةٌ زائدةٌ على ذاته، وإنَّما هي عينها، فلا يقولون بتعدّد القدماء معه سبحانه، وإنّ لسان حالهم ليُناشد مَن يخالفهم بقوله:


إخواننا الأدنين منّا ارفقوا لقد رقيتم مرتقى صعبا


إن ثلّثت قومٌ أقانيمهم فإنَّكم ثمَّنتمُ الربّا


وللمسألة بحثٌ ضاف مترامي الأطراف تتضمَّنه كتب الكلام.


وأمّا أفعال العباد، فلو كانت مخلوقة لله سبحانه خلق تكوين، لبطل الوعد والوعيد والثواب والعقاب، وإنَّ من القبيح تعذيب العاصي على المعصية وهو الَّذي أجبره عليها، وهذه من عويصات مسائل الكلام قد أُفيض القول فيها بمالا مزيد عليه، وإنَّ مَن يقول بخلق الأفعال فقد نسب إليه سبحانه القبيح والظلم غير شاعر بهما، وما استند إليه القصيمي من الإجماع وقول القائلين لا يكاد يجديه نفعاً تجاه البرهنة الدامغة.


وأمّا قذف أهل السنَّة الشيعة والمعتزلة بما قذفوه وعدُّهم من المبتدعين، فإنَّها شنشنةٌ أعرفها من أخزم.


6 ـ قال في عدّ معتقدات الشيعة: وذرِّيَّة النبيِّ جميعاً مُحرَّمون على النّار، معصومون من كلِّ سوء. في الجزء الثاني صحيفة 327 من كتاب منهاج الشريعة، زعم مؤلِّفه: أنّ الله قد حرَّم جميع أولاد فاطمة بنت النبيِّ على النّار، وأنَّ مَن فاته منهم أوَّلا فلابدَّ أن يوفَّق إليه قبل وفاته. قال: ثمَّ الشفاعة من وراء ذلك.


وقال في أعيان الشيعة الجزء الثالث صفحة 65: إنَّ أولاد النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام لا يُخطئون، ولا يُذنبون، ولا يعصون الله إلى قيام الساعة 2 ص20.


ج ـ إنَّ الشيعة لم تكس حلّة العصمة إلاّ خلفاء رسول الله الإثني عشر من ذرّيته وعترته وبضعته الصِّديقة الطاهرة، بعد أن كساهم الله تعالى تلك الحلّة الضافية بنصِّ آية التطهير(15) في خمسة أحدهم نفس النبيِّ الأعظم، وفي البقيَّة بملاك الآية والبراهين العقليَّة المتكثّرة والنصوص المتواترة، وعلى هذا أصفق علماؤهم والأُمّة الشيعيَّة جمعاء في أجيالهم وأدوارهم، وإن كان هناك ما يوهم إطلاقاً أو عموماً، فهو منزَّلٌ على هؤلاء فحسب وإن كان في رجالات أهل البيت غيرهم أولياء صدّيقون أزكياء لا يجترحون السيّئات، إلاّ أنَّ الشيعة لا توجب لهم العصمة.


وأمّا ما استند إليه الرَّجل من كلام صاحب منهاج الشريعة فليس فيه أيّ إشارة إلى العصمة، بل صريح القول منه خلافها، لأنَّه يُثبت أنَّ فيهم من تفوته ثمَّ يتدارك بالتوبة قبل وفاته، ثمَّ الشفاعة من وراء ذلك، فرجلٌ يقترف السيّئة، ثمَّ يوفَّق للتوبة عنها، ثمَّ يُعفى عنها بالشفاعة لا يُسمّى معصوماً، بل هذه خاصَّة كلِّ مؤمن يتدارك أمره بالتوبة، وإنَّما الخاصّة بالذريَّة التمكّن من التوبة على أيّ حال.


قال القسطلاني في المواهب، والزرقاني في شرحه 3 ص 203: روي عن ابن مسعود رفعه: «إنَّما سُمِّيت فاطمة» بإلهام من الله لرسوله إن كانت ولادتها قبل النبوَّة، وإن كانت بعدها فيحتمل بالوحي، «لأنَّ الله قد فطمها»، من الفطم وهو المنع، ومنه فطم الصبيّ، «وذرِّيَّتها عن النار يوم القيامة»، أي منعهم منها، فأمّا هي وابناها فالمنع مطلقٌ، وأمّا مَن عداها فالممنوع عنهم نار الخلود، فلا يمتنع دخول بعضهم للتطهير، ففيه بشرى لآله (صلى الله عليه وآله) بالموت على الإسلام، وأنَّه لا يختم لأحد منهم بالكفر. نظيره ما قاله الشريف السمهودي في خبر الشفاعة لمن مات بالمدينة، مع أنَّه يشفع لكلِّ مَن مات مسلماً، أو أنَّ الله يشاء المغفرة لمن واقع الذنوب منهم إكراماً لفاطمة (عليها السلام) أو يوفِّقهم للتوبة النصوح ولو عند الموت ويقبلها منهم. (أخرجه الحافظ الدمشقي) هو ابن عساكر.


وروى الغسّاني والخطيب ـ وقال: فيه مجاهيل ـ مرفوعاً: «إنَّما سُمِّيت فاطمة لأنَّ الله فطمها ومحبّيها عن النار»(16)، ففيه بشرى عميمة لكلِّ مسلم أحبَّها، وفيه التأويلات المذكورة.


وأمّا مارواه أبو نعيم والخطيب: أنَّ عليّاً الرِّضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق سُئل عن حديث: «إنَّ فاطمة أحصنت فرجها فحرَّمها الله وذريَّتها على النار»(17)، فقال: «خاصٌّ بالحسن والحسين».


وما نقله الأخباريّون عنه من توبيخه لأخيه زيد حين خرج على المأمون وقوله: ما أنت قائلٌ لرسول الله، أغرَّك قوله: «إنَّ فاطمة أحصنت» الحديث، إنّ هذا لمن خرج من بطنها لا لي ولالك، والله ما نالوا ذلك إلاّ بطاعة الله، فإنْ أردتَ أن تنال بمعصيته ما نالوه بطاعته إنَّك إذاً لأكرم على الله منهم.


فهذا من باب التواضع، والحثِّ على الطاعات، وعدم الاغترار بالمناقب وإن كثرت، كما كان الصحابة المقطوع لهم بالجنَّة على غاية من الخوف والمراقبة، وإلاّ فلفظ «ذريَّة» لا يخصُّ بمَن خرج من بطنها في لسان العرب (ومن ذريَّتهِ داود وسليمان)(18) الآية، وبينه و بينهم قرونٌ كثيرةٌ، فلا يُريد بذلك مثل عليِّ الرِّضا مع فصاحته ومعرفته لغة العرب، على أنَّ التقييد بالطائع يبطل خصوصيَّة ذريَّتها ومحبِّيها، إلاّ أن يُقال: لله تعذيب الطائع، فالخصوصيَّة أن لأُيعذِّبه اكراماً لها، والله أعلم(19).


وأخرج الحافظ الدمشقي باسناده عن عليّ (رضي الله عنه) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)لفاطمة رضي الله عنها: يا فاطمة تدرين لِمَ سُمِّيتِ فاطمة؟ قال عليٌّ (رضي الله عنه): لِمَ سُمِّيت؟ قال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد فطمها وذريّتها عن النار يوم القيامة»(20).


وقد رواه الإمام عليّ بن موسى الرِّضا في مسنده ولفظه: «إنَّ الله فطم ابتي فاطمه و ولدها ومَن أحبّهم من النار»(21).


أيرى القصيميُّ بعدُ أنَّ الشيعة قد انفردوا بما لم يقله أعلام قومه؟ أو رووا بحديث لم يروه حفّاظ مذهبه؟ أو أتوا بما يُخالف مبادئ الدين الحنيف؟ وهل يسعه أن يتَّهم ابن حجر والزرقاني ونظرائهما من أعلام قومه وحفّاظ نحلته المشاركين مع الشيعة في تفضيل الذريَّة؟! ويرميهم بالقول بعصمتهم؟! ويتحامل عليهم بمثل ما تحامل على الشيعة؟.


وليس من البِدْع تفضّل المولى سبحانه على قوم بتمكينه إيّاهم من النزوع من الآثام، والندم على ما فرَّ طوافي جنبه، والشفاعة من وراء ذلك، ولاينا في شيئاً من نواميس العدل ولا الأُصول المسلّمة في الدين، فقد سبقت رحمته غضبه ووسعت كلَّ شيء.


وليس هذا القول المدعوم بالنصوص الكثيرة بأبدع من القول بعدالة الصحابة أجمع، والله سبحانه يُعرِّف في كتابه المقدَّس أناساً منهم بالنفاق وانقلابهم على أعقابهم(22) بآيات كثيرة رامية غرضاً واحداً، ولاتنس ما ورد في الصِّحاح والمسانيد، ومنها:


ما في صحيح البخاري من أنَّ أُناساً من أصحابه(صلى الله عليه وآله) يُؤخذ بهم ذات الشمال فيقول: «أصحابي أصحابي» فيقال: إنَّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم»(23).


وفي صحيح آخر: «ليرفعنَّ رجالٌ منكم ثمَّ ليختلجنَّ دوني فأقول: ياربّ أصحابي فيقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك»(24).


وفي صحيح ثالث: أقول: «أصحابي فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك»(25).


وفي صحيح رابع: «أقول: إنَّهم منّي، فيقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سُحقاً لمن غيَّر بعدي»(26).


وفي صحيح خامس:«فأقول: يا ربّ أصحابي، فيقول: إنَّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنّهم ارتدّوا واعلى أدبارهم القهقرى»(27).


وفي صحيح سادس: «بينا أنا قائم إذا زمرةٌ حتّى إذا عرفتهم خرج رجلٌ من بيني وبينهم فقال: هلمَّ، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى. ثمَّ إذا زمرةٌ حتى إذا عرفتهم خرج رجلٌ من بيني وبينهم فقال: هلمَّ، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنَّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل هَمل النعم(29).


إذا عُلم ذلك ظهر أنَّه لا يمكن أن يُراد بأهل البيت جميع بني هاشم، بل هو من العامّ المخصوص بمَن ثبت اختصاصهم بالفضل والعلم والزهد والعفَّة والنزاهة من أئمَّة أهل البيت الطاهر، وهم الأئمَّة الإثنا عشر وأُمّهم الزهراء البتول، للإجماع على عدم عصمة مَن عداهم، والوجدان أيضاً على خلاف ذلك، لأنَّ مَن عداهم مِن بني هاشم تصدر منهم الذنوب ويجهلون كثيراً من الأحكام، ولا يمتازون عن غيرهم من الخلق، فلا يمكن أن يكونوا هم المجعولين شركاء القرآن في الأُمور المذكورة، بل يتعّين أن يكون بعضهم لا كلّهم ليس إلاّ مَن ذكرناه. أمّا تفسير زيد بن أرقم لهم بمطلق بني هاشم(34) إن صحَّ ذلك عنه، فلا تجب متابعته عليه بعد قيام الدليل على بطلانه.


إقرأ واحكم، حيّا الله الأمانة والصِّدق، هكذا يكون عصر النور.


7 ـ قال: من آفات الشيعة قولهم: إنَّ عليّاً يذود الخلق يوم العطش فيسقي منه أولياءه ويذود عنه أعداءه، وإنّه قسيم النار، وإنّها تطيعه، يُخرج منها من يشاء ج2 ص21.


ج ـ لقد أسلفنا في الجزء الثاني ص 321، أسانيد الحديث الأوَّل عن الأئمّة والحفّاظ، وأوقفناك على تصحيحهم لغير واحد من طرقه، وبقيّتها مؤكِّدةٌ لها(35)، فليس هو من مزاعم الشيعة فحسب، وإنّما اشترك معهم فيه حملة العلم والحديث من أصحاب الرَّجل. لكنَّ القصيمي لجهله بهم وبما يروونه، أو لحقده على من رُوي الحديث في حقِّه، يحسبه من آفات الشيعة.


وأما الحديث الثاني فكالأوَّل ليس من آفات الشيعة، بل من غرر الفضائل عند أهل الإسلام، فأخرجه الحافظ أبو إسحاق ابن ديزيل المتوفّى 280-281 هـ عن الأعمش، عن موسى بن ظريف، عن عباية قال: سمعت عليّاً وهو يقول: «أنا قسيم النار يوم القيامة، أقول: خذي ذا، وذري ذا».


وذكره ابن أبي الحديد في شرحه 1 ص 200(36)، والحافظ ابن عساكر في تأريخه من طريق الحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي.


وهذا الحديث سُئل عنه الإمام أحمد، كما أخبر به محمّد بن منصور الطوسي قال: كنّا عند أحمد بن حنبل فقال له رجلٌ: يا أبا عبد الله ما تقول في هذا الحديث الذي يُروى: انَّ عليّاً قال: «أنا قسيم النار»؟ فقال أحمد: وما تُنكرون من هذا الحديث؟ أليس رُوينا إنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعليٍّ: «لا يحبّك إلاّ مؤمنٌ ولا يُبغضك إلاّ منافق»؟ قلنا: بلى. قال: فأين المؤمن؟ قلنا: في الجنّة قال: فأين المنافق؟ قلنا: في النّار. قال: فعليٌّ قسيم النار. كذا في طبقات أصحاب أحمد(37)، وحكى عنه الحافظ الكنجي في الكفاية ص22، فليت القصيمي يدري كلام إمامه.


هذه اللفظة أخذها سلام الله عليه من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) له فيما رواه عنترة عنه (صلى الله عليه وآله) انّه قال: «أنت قسيم الجنَّة والنار في يوم القيامة، تقول للنار: هذا لي وهذا لك»، وبهذا اللفظ رواه ابن حجر في الصواعق 75.


ويُعرب عن شهرة هذا الحديث النبويِّ بين الصحابة إحتجاج أمير المؤمنين (عليه السلام) به يوم الشورى بقوله: «أُنشدكم بالله، هل فيكم أحدٌ قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عليُّ؟ أنت قسيم الجنّة يوم القيامة غيري»؟ قالوا: أللهمَّ لا. والأعلام ترى هذه الجملة من حديث الإحتجاج صحيحاً، وأخرجه الدارقطني كما في الإصابة 75.


ويرى ابن أبي الحديد إستفاضة كلا الحديثين النبويّ والمناشدة العلويّة، فقال في شرحه 2 من 448: فقد جاء في حقِّه الخبر الشائع المستفيض: انّه قسيم النار والجنّة، وذكر أبو عُبيد الهروي في الجمع بين الغريبين: أنّ قوماً من أئمَّة العربيّة فسَّروه فقالوا: لأنّه لَمّا كان محبّه من أهل الجنّة ومبغضه من أهل النار، كان بهذا الإعتبار قسيم النار و الجنّة. قال أبو عُبيد: وقال غير هؤلاء: بل هو قسيمها بنفسه في الحقيقة، يُدخل قوماً إلى الجنّة وقوماً إلى النّار، وهذا الذي ذكره أبو عبيد أخيراً هوما يطابق الأخبار الواردة فيه: يقول للنار: هذا لي فدعيه، وهذا لكِ فخُذيه(38).


وذكره القاضي في الشفا: انّه قسيم النار، وقال الخفاجي في شرحه 3: 163: ظاهر كلامه أنَّ هذا ممّا أخبر به النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) إلاّ أنّهم قالوا: لم يروه أحد من المحدِّثين إلاّ ابن الأثير قال في النهاية: إلاّ أنَّ عليّاً (رضي الله عنه) قال: «أنا قسيم النار»، يعني أراد أنَّ الناس فريقان: فريقٌ معي فهم على هدى، وفريقٌ عليَّ فهم على ضلال، فنصفٌ معي في الجنّة، ونصفٌ عليَّ في النّار(39). انتهى.


قلت: ابن الأثير ثقةٌ، وما ذكره عليٌّ لا يُقال من قبيل الرأي فهو في حكم المرفوع، إذ لا مجال فيه للإجتهاد، ومعناه: أنا ومَن معي قسيم لأهل النار، أي مقابلٌ لهم، لأنَّه من أهل الجنِّة، وقيل: القسيم: القاسم كالجليس والسمير، وقيل: أراد بهم الخوارج ومن قاتل كما في النهاية.


8 ـ قال: جاءت رواياتٌ كثيرةٌ في كتبهم ـ يعني الشيعة ـ أنَّه ـ يعني الإمام المنتظر ـ يهدم جميع المساجد، والشيعة أبداً هم أعداء المساجد، ولهذا يقلّ أن يشاهد الضّارب في طول بلادهم وعرضها مسجداً 20 ص 23.


ج ـ لم يُقنع الرَّجل كلّما في علبة مكره من زور واختلاق، ولم يقنعه إسناد ما يفتعله إلى رواية واحدة يسعه أن يُجابه المنكر عليه بأنَّه لم يقف عليه، حتّى عزاه إلى روايات كثيرة جاءت في كتب الشيعة، وليته إن كان صادقاً وأنّى؟ وأين؟ ذكر شيئاً من أسماء هاتيك الكتب، أو أشار إلى واحدة من تلك الروايات، لكنَّه لم تسبق له لفتةٌ إلى أن يفتعل أسماء ويضع أسانيد قبل أن يكتب الكتاب فيذكرها فيه.


إنّ الحجَّة المنتظر سيِّد مَن آمن بالله واليوم الآخر، الَّذين يعمرون مساجد الله، وأين هو عن هدمها؟ وإنَّ شيعيّاً يعزو إليه ذلك لم يُخلق بعدُ.


وأمّا ما ذكره عن بلاد الشيعة، فلا أدري هل طرق هو بلاد الشيعة؟ فكتب ما كتب، وكذب ما كذب، أو أنَّه كان رجماً منه بالغيب؟ أو استند ـ كصاحب المنار ـ إلى سائح سنِّي مجهول أو مُبشِّر نصرانيّ لم يُخلقا بعدُ؟ و أيّاً ما كان فهو مأخوذٌ بإفكه الشائن. وقد عرف من جاس خلال ديار الشيعة، وحلَّ في أوساطهم وحواضرهم، وحتى البلاد الصغيرة والقرى والرساتيق، ما هنالك من مساجد مشيَّدة صغيرة أو كبيرة، وما في كثير منها من الفرش والأثاث والمصابيح، وما تُقام فيها من جمعة وجماعة، وليس مِن شأن الباحث أن يُنكر المحسوس، ويكذب في المشهود، وينصر المبدأ بالتافهات.


9 ـ قال: قد استفتى أحد الشيعة إماماً من أئمَّتهم، لا أدري أهو الصادق أم غيره؟ في مسألة من المسائل فأفتاه فيها، ثمَّ جاءه من قابل واستفتاه في المسألة نفسها فأفتاه بخلاف ما أفتاه عام أوَّل، ولم يكن بينهما أحدٌ حينما استفتاه في المَّرتين، فشكَّ ذلك المستفتي في إمامه، وخرج من مذهب الشيعة وقال: إن كان الإمام إنّما أفتاني تقيَّة؟ فليس معنا مَن يُتَّقى في المرِّتين، وقد كنتُ مخلصاً لهم عاملا بما يقولون، وإن كان مأتيُّ هذا هو الغلط والنسيان؟ فالأئمَّة ليسوا معصومين إذن والشيعة تدَّعي لهم العصمة، ففارقهم وانحاز إلى غير مذهبهم، وهذه الرِّواية مذكورةٌ في كتب القوم. 2 ص 38.


ج ـ أنا لا أقول لهذا الرَّجل إلاّ ما يقوله هو لمن نسب إلى إمام من أئمَّته ـ لا يُشخّص هو أنّه أيٌّ منهم ـ مسألةً فاضحةً مجهولةً لا يعرفها عن سائل هو أحد النكرات، لا يُعرَّف بسبعين (ألف لام) وأسند ما يقول إلى كتب لم تؤلَّف بعدُ، ثمَّ طفق يشنُّ الغارة على ذلك الإمام وشيعته على هذا الأساس الرصين، فنحن لسنا نردُّ على القصيميِّ إلاّ بما يردُّ هو على هذا الرَّجل، ولعمري لو كان المؤلِّف القصيمي يعرف الإمام أو السائل أو المسألة أو شيئاً من تلك الكتب لذكرها بهوس وهياج، لكنّه لا يعرف ذلك كلَّه، كما إنّا نعرف كذبه في ذلك كلِّه، ولا يخفى على القارئ همزه ولمزه.


10 ـ قال: مَن نظر في كتب القوم علمَ أنَّهم لا يرفعون بكتاب الله رأساً، وذلك أنّه يقلُّ جدّاً أن يستشهدوا بآية من القرآن فتأتي صحيحةً غير ملحونة مغلوطة، ولا يُصيب منهم في ايراد الآيات إلاّ المخالطون لأهل السنَّة العائشون بين أظهرهم، على أنَّ إصابة هؤلاء لا بُدَّ أن تكون مصابة، أمّا البعيدون منهم عن أهل السُنّة فلا يكاد أحدٌ منهم يورد آيةً فتسلم عن التحريف والغلط، وقد قال مَن طافوا في بلادهم: إنّه لا يوجد فيهم مَن يحفظون القرآن، وقالوا: إنّه يندر جدّاً أن توجد بينهم المصاحف(40).


ج ـ بلاءٌ ليس يشبهه بلاء عداوة غير ذي حسب ودينِ


يبيحك منه عِرضاً لم يصنه ويرتع منك في عِرض مصونِ


ليتني كنتُ أعلم أنّ هذه الكلمة متى كُتبت؟ أفي حال السّكر أو الصحو؟ و أنَّها متى رُقمت؟ أعند اعتوار الخبل أم الإفاقة؟ وهل كتبها متقوِّلها بعد أن تصفّح كتب الشيعة فوجدها خلاءً من ذكر آية صحيحة غير ملحونة؟ أم أراد أن يصمهم فافتعل لذلك خبراً؟ وهل يجد المائن في الطليعة من أئمّة الأدب العربيِّ إلاّ رجالا من الشيعة ألِّفوا في التفسير كُتباً ثمينة، وفي لغة الضّاد أسفاراً كريمةً هي مصادر اللغة، وفي الأدب زبراً قيِّمة هي المرجع للمَلأ العلميِّ والأدبيِّ، وفي النحو مدوَّنات لها وزنها العلميّ، وإنَّك لو راجعت كُتب الإماميّة لوجدتها مفعمةً بالإستشهاد بالآيات الكريمة، كأنّها أفلاكٌ لتلك الأنجم الطوالع، غير مُغشّاة بلحن أو غلط.


وما كنّا نعرف حتى اليوم أنَّ مقياس التلاوة صحيحةً أو ملحونةً هو النزعات و المذاهب التي هي عقودٌ قلبيِّة لا مدخل لها في اللسان وما يلهج به، ولا أنَّ لها مِساساً باللغة، وسرد الكلمات، وصياغة الكلام، وحكاية ماصيغ منها من قرآن أو غيره.


وليت شعري ما حاجة الشيعة في إصابة القرآن وتلاوته صحيحة إلى غيرهم؟ ألإعواز في العربيّة؟ أو لجهل بأساليب القرآن؟ لا ها الله ليس فيهم من يتَّسم بتلك الشية.


أمّا العربيُّ منهم فالتشيّع لم ينتأ بهم عن لغتهم المقدَّسة، ولا عن جبلّيّات عنصرهم. أوَهل ترى أنَّ بلاد العراق وعاملة وما يشابههما وهي مفعمةٌ بالعلماء الفطاحل، والعباقرة والنوابغ، أقلُّ حظّاً في العربيّة من أعراب بادية نجد والحجاز أكّالة الضبِّ، ومساورة الضباع؟!


وأمّا غير العربيِّ منهم فما أكثر ما فيهم من أئمَّة العربيَّة والفطاحل والكتّاب والشعراء، ومن تصفَّح السير علم أن الأدب شيعيٌّ، والخطابة شيعيَّةٌ، والكتابة شيعيَّةٌ، والتجويد والتلاوة شيعيَّان. ومن هنا يقول ابن خلكان في تاريخه في ترجمة عليِّ بن الجهم 1 ص 38: كان مع إنحرافه من عليِّ بن أبي طالب عليه الصلاة والسّلام وإظهاره التسنّن، مطبوعاً مقتدراً على الشعر، عذب الألفاظ.


فكأنَّه يرى أنَّ مطبوعيّة الشعر وقرضة بألفاظ عذبة خاصَّةٌ للشيعة وأنّه المطَّرد نوعاً.


وهذه المصاحف المطبوعة في ايران والعراق والهند منتشرةٌ في أرجاء العالم، والمخطوطة منها التي كادت تُعدُّ على عدد مَن كان يحسن الكتابة منهم قبل بروز الطبع، وفيهم مَن يكتبه اليوم تبرُّكاً به، ففي أيّ منها يجد ما يحسبه الزاعم من الغلط الفاشي؟ أو خلّة في الكتابة؟ أوركّة في الأُسلوب؟ أو خروج عن الفنّ؟ غير طفائف يزيغ عنه بصر الكاتب، الَّذي هو لازم كلِّ إنسان شيعيٍّ أو سنيٍّ عربيٍّ أو عجميٍّ.


وأحسب أنَّ الذي أخبر القصيميَّ بما أخبر من الطائفين في بلاد الشيعة لم يولد بعدُ، لكنَّه صوَّره مثالا وحسب أنّه يُحدِّثه، أو أنّه لَمّا جاس خلال ديارهم لم يزد على أن استطرق الأزقّة والجوادّ، فلم يجد مصاحف ملقاةً فيما بينهم وفي أفنية الدور، ولو دخل البيوت لوجدها موضوعةً في عياب وعلب، وظاهرةً مرئيَّةً في كلِّ رفٍّ وكوّة، على عدد نفوس البيت في الغالب، ومنها ما يزيد على ذلك، وهي تُتلى آناء الليل وأطراف النّهار.


هذه غير ما تتحرَّز به الشيعة من مصاحف صغيرة الحجم في تمائم الصبيان و أحراز الرِّجال والنساء، غير ما يحمله المسافر للتلاوة والتحفّظ عن نكبات السفر، غير ما يوضع منها على قبور الموتى للتلاوة بكرةً وأصيلا وإهداء ثوابها للميِّت، غير ما تحمله الأطفال إلى المكاتب لدراسته منذ نعومة الأظفار، غير ما يُحمل مع العروس قبل كلِّ شيء إلى دار زوجها، ومنهم مَن يجعل ذلك المصحف جزءاً من صداقها تيمّناً به في حياتها الجديدة، غير ما يُؤخذ إلى المساكن الجديدة المتَّخذةِ للسكنى قبل الأثاث كلِّه، غيرما يوضع منها إلى جنب النساء لتحصينها عن عادية الجنِّ والشياطين الذين يوحون إلى أوليائهم ـ ومنهم القصيميُّ مخترع الأكاذيب ـ زخرف القول غروراً.


أفهؤلاء الذين لا يرفعون بالقرآن رأساً؟ أفهؤلاء الذين يندر جدّاً أن توجد بينهم المصاحف؟


وأمّا ما أخبر به الرَّجل شيطانه الطائف بلاد الشيعة من عدم وجود مَن يحفظ القرآن منهم، فسل حديث هذه الأُكذوبة عن كتب التراجم ومعاجم السير، وراجع كتاب كشف الاشتباه(41) في ردِّ موسى جار الله ص 444-532 تجد هناك من حفّاظ الشيعة وقُرّائهم مائة وثلاثة وأربعين.


11 ـ قال: هل يستطيع أن يجيء الشيعيُّ بحرف واحد من القرآن يدلُّ على قول الشيعة بتناسخ الأرواح، وحلول الله في أشخاص أئمَّتهم، وقولهم بالرجعة، وعصمة الأئمَّة، وتقديم عليٍّ على أبي بكر وعمر وعثمان، أو يدلُّ على وجود عليٍّ في السحاب، وأنَّ البرق تبسّمه، والرَّعد صوته كما تقول الشيعة الإماميَّة ج1 ص72.


ج ـ إن تعجب فعجبٌ إنَّ الرجل ومن شاكله من المفترين بهتوا الشيعة الإماميّة بأشياءهُم بُراء منها على حين تداخل الفرق، وتداول المواصلات، وسهولة استطراق الممالك والمدن بالوسائل النقليّة البخاريّة في أيسر مدَّة، ومن المستبعد جدّاً إن لم يكن من المتعذِّر جهل كلِّ فرقة بمعتقدات الأُخرى، فمحاول الوقيعة اليوم ـ والحالة هذه ـ على أيِّ فرقة من الفرق قبل الفحص والتنقيب المتيسِّرين بسهولة مستعملٌ للوقاحة والصلافة، وهو الأفّاك الأثيم عند مَن يُطالع كتابه، أو يُصيخ إلى قيله.


ولو كان الرَّجل يتدبّر في قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلاّ لَديهِ رقيبٌ عَتيدٌ)(42)، أو يصدِّق ما أوعد الله به كلَّ أفّاك أثيم همّاز مشَّاء بنميم، لكفَّ مدَّته عن البهت، وعرف صالحه، ولكان هو المجيب عن سؤال شيطانه بأنَّ الشيعة الإماميّة متى قالت بالتناسخ وحلول الله في أشخاص أئمتّهم؟! و مَن الذين ذهب منهم قديماً وحديثاً إلى وجود عليٍّ في السحاب إلخ، حتّى توجد حرفٌ واحدٌ منها في القرآن.


وقول الإماميّة بالرجعة نطق به القرآن(45)، غير أنَّ الجهل أعشى بصر الرَّجل كبصيرته، فلم يره ولم يجده فيه، فعليه بمراجعة كتب الإماميّة، وأفردها بالتأليف جماهير من العلماء، فحبّذا لو كان الرَّجل يراجع شيئاً منها.


كما أنّ آية التطهير(46) ناطقةٌ بعصمة جمعِ ممّن تقول الإماميّة بعصمتهم، وفي البقيّة بوحدة الملاك والنصوص الثابتة، وفيما أخرجه إمام مذهبه أحمد بن حنبل في الآية الشريفة في مسنده ج1 ص 331، ج 3 ص 285، ج 4 ص107، ج 6 ص 296، 298، 304، 323 مقنعٌ وكفايةٌ.


وكيف لم يقدِّم القرآن عليّاً على غيره؟ وقد قرن الله ولايته وولاية نبيِّه بقوله العزيز: (إنّما وَ لِيّكم اللهُ وَ رسولُه وَ الّذينَ آمنَوا الّذيِنَ يُقيمون الصّلاةَ ويُؤتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكعون)(47) وقد مرَّ في هذا الجزء ص 156 ـ 162: إطباق الفقهاء والمحدِّثين والمتكلّمين على نزولها في علي أمير المؤمنين (عليه السلام)(48).


على غيره، ولا بِدع وهو نفس النبيِّ (صلى الله عليه وآله) بنصّ القرآن(50)، وبولايته أكمل الله دينه، وأتمَّ علينا نعمه، ورضي لنا الإسلام دينا(51).


ونحن نُعيد السؤال هاهنا على القصيميِّ فنقول: هل يستطيع أن يجيء هو وقومه بحرف واحد من القرآن يدلُّ على تقديم أبي بكر وعمر وعثمان على وليِّ الله الطاهر أمير المؤمنين (عليه السلام)؟!.


12 ـ قال: والقوم ـ يعني الإماميّة ـ لا يعتمدون في دينهم على الأخبار النبويّة الصحيحة، وإنّما يعتمدون على الرُّقاع المزوَّرة المنسوبة كذباً إلى الأئمّة المعصومين في زعمهم وحدهم ج1 ص83 .


ج ـ عرفت الحال في التوقيعات الصادرة عن الناحية المقدَّسة، والرَّجل قد أتى من شيطانه بوحي جديد، فيرى توقيعات بقيّة الأئمّة أيضاً مكذوبة على الأئمّة، ويرى عصمتهم مزعومة للشيعة فحسب، إذ لم يجدها في طامور أوهامه، (فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول)(52).


13 ـ المتعة التي تتعاطاها الرافضة أنواعٌ: صغرى، وكبرى. فمن أنواعها: أن يتَّفق الرَّجل والمرأة المرغوب فيها على أن يدفع إليها شيئاً من المال أو من الطعام والمتاع وإن حقيراً جدّاً، على أن يقضي وطره منها ويشبع شهوته يوماً أو أكثر حسب ما يتّفقان عليه، ثمَّ يذهب كلٌّ منهما في سبيله، كأنَّما لم يجتمعا ولم يتعارفا، وهذا من أسهل أنواع هذه المتعة.


وهناك نوعٌ آخر أخبث من هذا يُسمّى عندهم بالمتعة الدوريَّة، وهي أن يحوز جماعةٌ أمرأةً، فيتمتَّع بها واحدٌ من الصبح إلى الضحى، ثم يتمتّع بها آخر من الضحى إلى الظهر، ثمَّ يتمتّع بها آخر من الظهر إلى العصر، ثمَّ آخر إلى المغرب، ثمَّ آخر إلى العشاء، ثم آخر إلى نصف الليل، ثمَّ آخر إلى الصبح. وهم يعدّون هذا النوع ديناً لله يُثابون عليه، وهو من شرِّ أنواع المحرَّمات ج 1 ص 199.


ج ـ إنّ المتعة عند الشيعة هي التّي جاء بها نبيُّ الإسلام، وجعل لها حدوداً مقرَّرة، وثبتت في عصر النبيِّ الأعظم وبعده إلى تحريم الخليفة عمر بن الخطاب، وبعده عند مَن لم ير للرأي الُمحدث في الشرع تجاه القرآن الكريم وما جاء به نبيُّ الاسلام قيمةً ولا كرامةً، وقد أصفقت فِرَق الإسلام على أُصول المتعة وحدودها المفصَّلة في كتبها، ولم يختلف قطُّ إثنان فيها، ألا وهي:


1 : الأُجرة.


/ 9