وفي رواية:
«لا يزال أمر الناس ماضياً ...».
وفي حديثين منهما:
«إلى اثني عشر خليفة ...».
وفي سنن أبي داود:
«حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة».
وفي حديث:
«إلى اثني عشر»(1).
وفي البخاري، قال: سمعت النبيّ (ص) يقول:
«يكون اثنا عشر أميراً»، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: قال: «كلّهم من قريش».
وفي رواية:
ثمّ تكلّم النبيّ (ص) بكلمة خفيت عليّ، فسألت أبي: ماذا قال رسول الله (ص)؟ فقال: «كلّهم من قريش»(2).
وفي رواية:
«لا تضرّهم عداوة من عاداهم»(3).
ب ـ وفي رواية:
«لا تزال هذه الأُمّة مستقيماً أمرها، ظاهرة على عدوّها، حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش، ثمّ يكون المرج أو الهرج»(4).
ج ـ وفي رواية:
«يكون لهذه الأُمّة اثنا عشر قيّماً لا يضرّهم من خذلهم كلّهم من قريش»(5).
د ـ «لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلا»(6).
هـ ـ وعن أنس:
«لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها»(7).
و ـ وفي رواية:
«لا يزال أمر هذه الأُمّة ظاهراً حتى يقوم اثنا عشر كلّهم من قريش»(8).
ز ـ وروى أحمد والحاكم وغيرهما واللفظ للأول عن مسروق قال:
كنّا جلوساً ليلة عند عبد الله (ابن مسعود) يقرئنا القرآن، فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمّة من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق قبلك، قال: سألناه فقال: «اثنا عشر عدّة نقباء بني اسرائيل»(9).
ح ـ وفي رواية قال ابن مسعود: قال رسول الله:
«يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى»(10).
قال ابن كثير: وقد روي مثل هذا عن عبد الله بن عمر وحذيفة وابن عباس(11).
ولست أدري هل قصد من رواية ابن عباس ما رواه الحاكم الحسكاني عن ابن عباس أو غيره.
نصّت الروايات الآنفة أنّ عدد الولاة اثنا عشر وأنّهم من قريش، وقد بيّن الإمام عليّ (عليه السلام) في كلامه المقصود من قريش وقال:
«إنّ الأئمة من قريش غُرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم ولا يصلح الولاة من غيرهم»(12). وقال:
«اللّهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة إمّا ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلاّ تبطل حجج الله وبيّناته ...»(13).
الأئمة الاثنا عشر في التوراة
وقال ابن كثير:
وفي التوراة الّتي بأيدي أهل الكتاب ما معناه: أنّ الله تعالى بشّر إبراهيم بإسماعيل، وأنّه ينمّيه ويكثّره ويجعل من ذرّيّته اثني عشر عظيماً.
وقال:
قال ابن تيميّة: وهؤلاء المبشّر بهم في حديث جابر بن سمرة وقرّر أنّهم يكونون مفرّقين في الأمّة ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا.
وغلط كثير ممّن تشرف بالإسلام من اليهود، فظنّوا أنّهم الّذين تدعو إليهم فرقة الرافضة فاتّبعوهم(14).
قال المؤلف:
والبشارة المذكورة أعلاه في سفر التكوين، الإصحاح (17/الرقم 18 ـ 20) من التوراة المتداولة في عصرنا، وقد جاءت هذه البشارة في الأصل العبري كالآتي:
جاء في سفر التكوين قول (الرب) لإبراهيم (عليه السلام) ما نصّه بالعبرية:
«قي لِيشْماعيل بيرَخْتي أوتوقي هِفْريتي أوتو
قي هِرْبيتي بِمِئوْد مِئودشنيم عَسار نِسيئيم يوليد
قي نِتتيف لِگوي گدول»(15).
وتعني حرفيّاً: «وإسماعيل أُباركه، وأُثمّره، وأكثّره جداً جداً، اثنا عشر إماماً يلد، وأجعلهُ أُمةً كبيرة».
ـ محل المخطوط ـ
«بشارات سِفر التكوين 17/20 (الأصل العبري) بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالأئمة (عليهم السلام)»
أشارت هذه الفقرة إلى أنّ المباركة، والأثمار، والتكثير إنّما يكون في صلب إسماعيل (عليه السلام) و «شنيم عسار» تعني «إثنا عشر»، ولفظة «عسار» تأتي في «العدد التركيبي إذا كان المعدود مذكراً»(16)، والمعدود هنا «نسيئيم» وهو مذكر وبصيغة الجمع لاضافة الـ (يم) في آخر الاسم، والمفرد «ناسي» وتعني: إمام، زعيم، رئيس»(17).
وأما قول (الرب) لإبراهيم (عليه السلام) في الفقرة نفسها أيضاً:
والقرآن الكريم يشير إلى هذه الحقيقة من خلال توجّه إبراهيم (عليه السلام) بالدعاء إلى الله تعالى: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَاد غَيْرِ ذِي زَرْع عِنْدَ بَيْتِكَ الُْمحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الَّثمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (إبراهيم/37).
فالآية الكريمة تؤكّد أنّ إبراهيم (عليه السلام) قد أسكن بعضاً من ذريّته وهو اسماعيل (عليه السلام) ومَن ولد منه في مكّة ودعا الله تعالى أن يجعل في ذريّته الرّحمة والهداية للبشرية ما بقي الدهر، فاستجاب الله لدعوته بأن جعل في ذريّته محمّداً (صلى الله عليه وآله)واثني عشر إماماً من بعده.
وقد قال الإمام الباقر (عليه السلام): «نحنُ بقيّة تلك العترة وكانت دعوة إبراهيم لنا»(22).
خلاصة الأحاديث الآنفة
نستخلص ممّا سبق ونستنتج: أنّ عدد الأئمة في هذه الأُمّة اثنا عشر على التوالي، وأنّ بعد الثاني عشر منهم ينتهي عمر هذه الدنيا.
فقد ورد في الحديث الأوّل:
«لا يزال هذا الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ...».
فإنّ هذا الحديث يعيّن مدّة قيام الدين ويحدّدها بقيام الساعة، ويعيّن عدد الأئمة في هذه الأُمّة باثني عشر شخصاً. وفي الحديث الخامس:
«لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها».
ويدلّ هذا الحديث على تأييد وجود الدين بامتداد الاثني عشر وأنّ بعدهم تموج الأرض.
وفي الحديث الثامن: حصر عددهم باثني عشر بقوله:
«يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى».
ويدلّ هذا الحديث على أنّه لا خليفة بعد الرسول عدا الاثني عشر. وأنَّ ألفاظ هذه الروايات المصرّحة بحصر عدد الخلفاء بالاثني عشر وأنّ بعدهم يكون الهرج وتموج الأرض وقيام الساعة تبيّن ألفاظ الأحاديث الأُخرى الّتي قد لا يفهم من ألفاظها هذا التصريح.
وبناءً على هذا لابدّ أن يكون عمر أحدهم طويلا خارقاً للعادة في أعمار البشر كما وقع فعلا في مدّة عمر الثاني عشر من الأئمة أوصياء النبيّ (صلى الله عليه وآله).
حيرتهم في تفسير الحديث
لقد حار علماء مدرسة الخلفاء في بيان المقصود من الاثني عشر في الروايات المذكورة وتضاربت أقوالهم.
فقد قال ابن العربي في شرح سنن الترمذي:
فعددنا بعد رسول الله (ص) اثني عشر أميراً فوجدنا: أبابكر، عمر، عثمان، عليّاً، الحسن، معاوية، يزيد، معاوية بن يزيد، مروان، عبد الملك بن مروان، الوليد، سليمان، عمر بن عبد العزيز، يزيد بن عبد الملك، مروان بن محمد بن مروان، السفاح ... .