ما هي الاستطاعة ، ومن هو المستطيع ؟ - ما هی الإستطاعة، ومن هو المستطیع؟ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ما هی الإستطاعة، ومن هو المستطیع؟ - نسخه متنی

السید جعفر الشهیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



ما هي الاستطاعة ، ومن هو المستطيع ؟


لقد
أوضح فقهاء المذاهب الإسلاميّة في رسائلهم العملية وكُتب المناسك ، الاستطاعة
بما مؤدّاه : أن يكون للإنسان مالٌ يزيد على مؤونة عياله ، بحيث يكفيه للذهاب
الى مكّة والإياب ، وأن تكون له ولعياله فضلّة عند رجوعه من الحجّ
.

مع
مثل هذه الشروط السهلة ، رأى الكثير من المسلمين أنفسهم قادرين على القيام
بهذه الفريضة ، والإتيان بهذا الواجب ; ولهذا السبب بالذات ربّما يعود سبب
كثافة المسلمين الذين يقصدون بيت الله الحرام ، حيث كانَ عددهم فيما مضى يبلغ
مئات الآلاف سنوياً ، أمّا اليوم فهو يزيد على المليون ، يتوجهون من أرجاء
الدنيا الى أحد مواقيت الحج .

ومن
جهة ثانية قد تبدو أعمال الحجّ نفسها أيسر من شروط الاستطاعة ; إذ هي لا تعدو
ـ في الظاهر ـ أن يحرم المسلم من أحد المواقيت ، ثم يقصد مكّة ، وحين يصلها
يطوفُ بالبيت سَبعاً ، ثم يصلّي ركعتين خلف مقام إبراهيم (عليه السلام) ،
فيمضي بعدهما نحو جَبَلَي «الصفا» و «المروة» ليسعى سبعة أشواط ، ويقصّ بعدها
شيئاً من شعره ، أو من أظفاره ; ليخرج من إحرامه ، بعد أن يكون قد أنهى أعمال
عمرة التمتع ، انتظاراً لأداء مناسك الحج .

وحين يقترب
من نهاية العشرة الأولى من ذي الحجّة الحرام ، يُحرم من المسجد الحرام ، أو
من مكّة ـ عموماً ـ في اليوم الثامن ، أو التاسع من شهر ذي الحجّة ; ويذهب
الى عرفات ليقف فيها من الزوال حتى غروب الشمس من اليوم التاسع ، ثم يفيضُ
ليلا نحو المشعر الحرام ; ليمكث فيه حتى طلوع الشمس من اليوم العاشر ، حيث
يتحرك صبيحة اليوم العاشر نحو منى ; فيرمي جمرة العقبة سبع حصيات ، ثم ينحر
ويحلق « أو يأخذ شيئاً من شعر رأسه بحسب الرأي الفقهي » ، فيتحرك نحو
البيت الحرام ليطوف طواف الزيارة ، ويؤدي صلاة الطواف ، ثم يسعى بين الصفا
والمروة ، ثم يطوف طواف النساء ، ويؤدي صلاته ، وبعد أن ينتهي من ذلك يعود
الى منى ; ليبيت فيها ليلة الحادي عشر ، ويمضي نهارهُ فيها ، ثم يبيب ليلة
الثاني عشر ويمكث حتى منتصف النهار ، على أن يرمي الجمرات الثلاث كلّ واحدة
سبع حصيات ، فيُتم بذلك فريضة الحج المباركة .

الذي يبدو من
هذا الاستعراض الوجيز أنّ شروط الاستطاعة تتسم بالكثير من اليسر والسهولة ;
وأيسر منها وأسهل أداءً نفس مناسك الحج . بيد أنّا نسأل : إذا كانت الاستطاعة
، وأعمال الحجّ بهذا المستوى من البساطة واليسر ; فلماذا عُدّ الحجُّ
كما في رواية ابن عباس نوعاً من الجهاد ؟6

في
الجواب يجب علينا أن ننتبه الى أنَّ ما تتحدَّث عنه كُتب الفقه ، ومناسك
الحجِّ ، يقتصر على بيان الأحكام الظاهرية للمكلّف ; مما يجب أن يقوم به من
خلال الحركات والسكنات والألفاظ . أمّا حقيقة الحجِّ ، وأبعاده المتكاملة فهو
ما يجدر بنا أن نتقصّاه في الكتب الأخلاقيّة ، وفي التعاليم العملية لأئمة
أهل البيت(عليهم السلام) .

ونقطة
البداية هي أنّ المكلّف قبل أن يتعلق به تكليف فريضة الحجّ ، هو مسلم ; وأنّ
للمسلم في السُنّة تعريفاً محدّداً واضحاً .

أما
لماذا توكيد السّنّة بالذات فيما تَرسمهُ من حدود واضحة للمسلم ؟

فذاك يعود
الى أنَّ تعريف المسلم في كتاب الله ، وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم)وأخبار أهل البيت (عليهم السلام) يكشف عن علاقة تلازم بين الإجمال
والتفصيل .

فالمسلم في
كتاب الله يحمل صفة المسلم لجهة مشاركته في الحقوق السياسية ، والاجتماعية
الثابتة لمجتمع المسلمين .

أما
في السّنّة فهو عنوانٌ يحمِله لجهةِ ما يضطلع به من أهلية ، وجدارة للارتقاء
الى مستوى هذه الصفة السامية ، بحيث يكون إنساناً مؤمناً ، تتسق شخصيته مع
المواصفات التي يتحدّث بها الإمام الصادق (عليه السلام) للإنسان المسلم
.

فمثل هذا
المسلم إذا أراد أن يؤدي فريضة الحج ، فإنّ عليه أن يؤديها كما تتحدّث عنها ،
وعن فلسفتها كُتبُ الأخلاق الإسلاميّة ، وهو حينئذ يُمارس عملا جهادياً ،
يستلزم بذل الجهد وتقديم التضحية والفداء في كلّ لحظة وآن .

وحين يتمخَّض
الحجُّ عن بذل وعطاء ، وعن ممارسة جهادية واعية ، يكون حجّاً واقعياً
متطابقاً في معالمه مع ما ورد في سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ،
وفي أخبار أهل البيت ، فعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) : « إذا أردتَ
الحجَّ فجرّد قلبك لله ـ عزّ وجلّ ـ من قَبل عزمك ، من كلّ شاغل
وحجاب حاجب ، وفوّض أمورَك كُلَّها الى خالقك ، وتوكّل عليه في جميع ما يظهر
من حركاتك وسكناتك ، وسلّم لقضائه وحكمه وقدره ، ودَعِ الدُنيا والراحة
والخلق »7 .

وفي
الموسوعة الحديثية (مستدرك الوسائل)8 حديثٌ على شكل
سؤال وجواب بين الإمام علي بن الحسين السّجاد (عليه السلام) والشبلي ، تصب
دلالاته في ضرورة احراز الشروط المعنوية للمناسك ، ورعايتها الى جوار أداء
الظواهر .

وقد
يكون هناك كلام حول شخصية الشلبي وفيما إذا كان الشخصية الصوفية المعروفة
التي عاشت في الفترة بين 247 هـ.ق ـ 334 هـ.ق ، وبالتالي لا يمكن أن
يكون هذا الشخص هو المعني ; لتقدّم وفاة الإمام السّجاد عليه ، أو أنَّ هناك
شخصية أخرى عاشت في المدينة ، وعاصرت الإمام زين العابدين (عليه السلام)دون
أن تحفل بها كتب التراجم والتأريخ ... ; قد يكون ثمة كلام في كلّ ذلك ، بيد
أنَّ ما يعنينا من الخبر هو مضمونه ، الذي يؤكد حقيقة الحجّ من خلال رعاية
شروطهِ المعنوية في مُوازاة الالتزام بظواهر المناسك .

/ 5