الفصل السابع
كل الناس مبرؤون.... والشيعة متهمون
المنطق الحاكم في كتب العقائد عند إخواننا، هو منطق الدولة الذي يصدر
الاَحكام ولا يقبل الاِعتراض، وأحكامه هنا تقول:
أولاً: السنة هم المسلمون الموحدون، حتى لو كانت مصادرهم تنادي بالتشبيه
والتجسيم بأحاديث صحيحة عندهم !
والشيعة هم المجسمون والمعطلون، وإن كانت مصادرهم تنادي بالتنزيه ونفي
التشبيه بأحاديث صحيحة عندهم !
ثانياً: يحرم قراءة أي كلام والخوض في أي بحث يوجب اتهام السنة بالتجسيم !
كما يحرم قراءة كتب الشيعة وأحاديثهم في العقائد، لاَنهم يجسمون الله تعالى
ويؤلهون الاَئمة من ذرية النبي صلى الله عليه وآله.
هذا هو حكم أكثر الكتاب والمؤلفين في العقائد، ودليلهم أن التاريخ عامل
الشيعة بهذه الاَحكام، فصارت هي الجو العام الذي نشأوا فيه، فكتبوا كما قرؤوا
وكما سمعوا.
لقد استطاع كثير من المظلومين في التاريخ، أن يرفعوا أيديهم أو أصواتهم
ويسجلوا (آخهم) من ظالميهم. أما نحن الشيعة فلم نستطع إلى الآن أن نسجل (
آخنا) من التاريخ.
يكفيك أن تلقي نظرة على مصادر التاريخ والعقائد وما كتبوه عن الفرق والملل
والنحل، وما يكتبه خصوم الشيعة وأهل البيت في عصرنا.. لتراها تكرر ادعاء أن الشيعة
أخذوا عقائدهم من اليهود والفرس والهندوس، فهم المجسمون الذين يعبدون إلَهاً مادياً
له طول وعرض وأعضاء، ولذا فهم يعبدون صنماً ولا يعبدون الله تعالى !
أما السنة فهم المسلمون الاَصيلون الذين أخذوا عقائدهم من منبع الاِسلام
الصافي، من الكتاب والسنة، عن طريق الصحابة الاَبرار بدون أي تأثر باليهود ولا
بغيرهم، فهم الموحدون المنزهون لله تعالى عما افتراه عليه اليهود والنصارى
والمجوس والشيعة !
إن مشكلتنا نحن شيعة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله أن الكتب التي اتهمتنا قد كتبت بحبر
حكام الجور وأقلام موظفيهم ! وأن الذين أنصفونا ومدحونا، كتبوا ذلك وهم على
وجل من غضب السلاطين !
ولكن ذلك من مفاخرنا أيضاً !
محاولات الدولة والمشبهين إلصاق التشبيه بالنبي وآله
يدل النص التالي على أن تهمة التشبيه والتجسيم للشيعة كانت موجودة في القرن
الثاني، أي منذ أن راج التشبيه والتجسيم وطفح كيله فمجه الناس، فاتهمت به
السلطة معارضيها من أئمة أهل البيت عليهم السلام.
وفي نفس الوقت عمد المشبهون والمجسمون إلى نسبة مذهبهم إلى النبي وأهل
بيته صلى الله عليه وعليهم، ليثبتوا شرعية فريتهم ! وهو اسلوب مزدوج في ترويج
التهمة في الناس، بنسبتها الى أهل البيت عليهم السلام، ثم رمي أهل البيت وشيعتهم بها !!
ـ روى النيسابوري في روضة الواعظين ص 33
قال الحسن بن خالد: قلت للرضا عليه السلام: يابن رسول الله إن الناس ينسبونا إلى القول
بالتشبيه والجبر لما روي في الاَخبار في ذلك عن آبائك عليهم السلام !
فقال: يابن خالد أخبرني عن الاَخبار التي رويت عن آبائي عليهم السلام في التشبيه أكثر،
أم الاَخبار التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك ؟
فقلت: بل ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أكثر.
فقال: فليقولوا إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول بالتشبيه إذن !!
فقلت له: إنهم يقولون إن رسول الله لم يقل من ذلك شيئاً، وإنما روي عليه.
قال: قولوا في آبائي عليهم السلام إنهم لم يقولوا من ذلك شيئاً وإنما روي عليهم.
ثم قال عليه السلام: من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك، ونحن منه براء في الدنيا
والآخرة. يابن خالد: إنما وضع الاَخبار عنا في التشبيه الغلاة الذين صغروا عظمة الله
جل جلاله، فمن أحبهم فقد أبغضنا.. إلى آخر الخبر.
ـ وقال الشيخ الصدوق المتوفى سنة 381 في مقدمة كتابه التوحيد ص 17:
إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أني وجدت قوماً من المخالفين لنا ينسبون
عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر، لما وجدوا في كتبهم من الاَخبار التي جهلوا
تفسيرها ولم يعرفوا معانيها ووضعوها في غير موضعها، ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظ
القرآن، فقبحوا بذلك عند الجهال صورة مذهبنا، ولبسوا عليهم طريقتنا، وصدوا
الناس عن دين الله، وحملوهم على جحود حجج الله، فتقربت إلى الله تعالى ذكره
بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد ونفي التشبيه والجبر، مستعيناً به ومتوكلاً عليه.
بغض أهل البيت وشيعتهم إرث غير شرعي
إن التهم لاَهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وشيعتهم موروثة إرثاً (غير شرعي) وقد كانت
بدايتها يوم فارق النبي صلى الله عليه وآله الحياة وتركوا جنازته لاَهل بيته، وأعلنوا ولادة حكومة
السقيفة، فعارضها أهل البيت وجماعة من الاَنصار والمهاجرين، واعتصموا في بيت
فاطمة الزهراء عليها السلام فكان الهجوم على بيت فاطمة بالحطب والنار !
ولم يهدأ الهجوم علينا بالحطب والنار إلى يومنا هذا !
نحن لا ننتظر من تاريخنا الاِسلامي الذي لم يتحمل كلمة معارضة من بنت
النبي صلى الله عليه وآله فهاجم بيتها وبدأ بإحراقه بمن فيه، أن يتحمل معارضتنا في بحوث وكتب!
ولا ننتظر من دول اضطهدتنا وطاردتنا وشردتنا وقتلتنا، أن تمدحنا وتمدح
عقائدنا، أو تترك تهمة أو سبة تخطر بالبال أو لا تخطر، دون أن ترمينا بها !
لكن يحق لنا أن ننتظر من علماء إخواننا المنصفين بعد قرون وقرون، أن لا يرثوا
بغض أهل بيت نبيهم وشيعتهم، وأن يقرؤوا عقائدهم وفقههم من مصادر مذهبهم لا
من مصادر الذين اضطهدوهم وأبغضوهم.
ـ قال السيد شرف الدين في الفصول المهمة ص 180
فهنا مقصدان: المقصد الاَول، في الاَمور التي ينفر منها الشيعي ولا يكاد يمتزج
بسببها مع السني، وأهمها شيئان: الاَول، ما سمعته في الفصول السابقة من التكفير
والتحقير والشتم والتزوير.
الثاني، إعراض إخواننا أهل السنة عن مذهب الاَئمة من أهل البيت، وعدم
الاِعتناء بأقوالهم في أصول الدين وفروعه بالمرة، وعدم الرجوع إليهم في تفسير
القرآن العزيز (وهو شقيقهم) إلا دون ما يرجعون فيه إلى مقاتل بن سليمان المجسم
المرجيء الدجال، وعدم الاِحتجاج بحديثهم إلا دون ما يحتجون بدعاة الخوارج
والمشبهة والمرجئة والقدرية ! ولو أحصيت جميع ما في كتبهم من حديث ذرية
المصطفى صلى الله عليه وآله ما كان إلا دون ما أخرجه البخاري وحده عن عكرمة البربري
الخارجي المكذب. انتهى.
وإنى لاَعجب من علماء إخواننا السنة القدماء والجدد، الذين بحثوا في توحيد
الله تعالى وصفاته، ورووا حتى عن أقل الصحابة والتابعين، برهم وفاجرهم، وعن
اليهود والنصارى، معتدلهم ومتطرفهم.. كيف لم يطلعوا على الخطب الغنية لعلي
أمير المؤمنين عليه السلام وكلمات أهل البيت البليغة في حقائق التوحيد، التي تشهد بأنهم
باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله وقد كانت هذه الخطب والاَحاديث وما تزال في متناولهم،
مودعة في المصادر المختلفة، ومجموعة في نهج البلاغة وأمثاله.. ! فلو أنهم اطلعوا
عليها لفتحت لهم أبواباً جديدة، وحلت لهم مشكلات مستعصية ولظهر شيء من
آثارها وأنوارها في مؤلفاتهم !
إن مقتضى قاعدة (إحمل أخاك المسلم على الاَحسن) أن نقول إنهم لم
يقرؤوا شيئاً من أحاديث الشيعة ومؤلفاتهم وبحوثهم في التوحيد والصفات، لاَنا
إذا اتهمناهم بأنهم قرؤوها وتجاهلوها، فذلك يعني وجود كارثة في بحوث
العقائد عندهم.
وتعجبي الاَكبر من جرأة بعض إخواننا على تبرئة مصادرهم من التشبيه
والتجسيم، واتهام الشيعة ومذهبهم بذلك !
وتواصلت علينا الاِفتراءات عبر العصور
ـ قال السمعاني المتوفى 562 في كتابه الاَنساب ج 5 ص 643
والهشامية جماعة من غلاة الشيعة، وهم الهشامية الاَولى والاَخرى. أما الاَولى
فهم أصحاب هشام بن الحكم الرافضي المفرط في التشبيه والتجسيم، وكان يقول إن
معبوده جسم ذو حد ونهاية وإنه طويل عريض عميق وطوله مثل عرضه وعرضه
مثل عمقه، وله مقالات في هذا الفن حكيت عنه.
وأما الهشامية الاَخرى فهم أصحاب هشام بن سالم الجواليقي، وكان يزعم أن
معبوده جسم، وأنه على صورة الاِنسان ولكنه ليس بلحم ولا دم، بل هو نور ساطع
يتلاَلاَ بياضاً، وله حواس خمس كحواس الاِنسان ويد ورجل وسائر الاَعضاء، وأن
نصفه الاَعلى مجوف، إلا الفرج واللحية. وزعم هشام بن الحكم أنه كسبيكة
الفضة، وأنه بشبر نفسه سبعة أشبار. وكل واحد منهما يكفر صاحبه، ويكفرهما
غيرهما. انتهى.
وقد وصل الاَمر بالسمعاني وأمثاله أن ادعوا أن تجسيم الكرامية جاءهم من
تأثرهم بالشيعة وغيرهم، وإلا فشيخهم الكرام عالم متقشف زاهد وإن كان في مذهبه
شيء من التشبيه والتجسيم ! قال السمعاني في الاَنساب ج 5 ص 43: الكرامي: بفتح
الكاف وتشديد الراء المهملة. هذه النسبة إلى أبي عبد الله محمد بن كرام
النيسابوري.... من أهل نيسابور، ثم أزعج عنها وانتقل إلى بيت المقدس وسكنها
ومات بها. يروي عن مالك بن سليمان الهروي. روى عنه محمد بن إسماعيل بن
إسحاق وحكى عنه من الزهد والتقشف أشياء، وفي المذهب أشياء من التشبيه
والتجسيم، وذكر في كتاب له سماه (عذاب القبر) في وصف الرب عز وجل، أنه
أحدي الذات أحدي الجوهر، فشارك النصارى في وصفه إياه بالجوهر، وشارك
اليهود والهشامية والجوالقية من مشبهة الروافض في وصفه إياه بأنه جسم. وناقض
أصحابه في امتناعهم عن وصفهم إياه أنه جوهر، مع إطلاقهم وصفه بأنه جسم،
إطلاق الجسم أفحش من إطلاق الجوهر. وذكر في هذا الكتاب أنه معبود في مكان
مخصوص، وأنه مماس لعرشه من فوقه، وهكذا حكي عنه. انتهى. ولكن من حكي
عنه، ومن أين أخذ ما نقله عنه.. هذا ليس مهماً عند من يريد الاتهام.
ـ وقال المسعودي في مروج الذهب ج 4 ص 103، 104
وكان أبو الهذيل محمد بن الهذيل اجتمع مع هشام بن الحكم الكوفي، وكان
هشام شيخ المجسمه والرافضة في وقته ممن وافقه على مذهبه، وكان أبو الهذيل
يذهب إلى نفي التجسيم ورفض التشبيه.
ـ وقال الاَميني في الغدير ج 3 ص 142
الملل والنحل، هذا الكتاب وإن لم يكن يضاهي (الفصل) في بذاءة المنطق غير
أن في غضونه نسباً مفتعلة وآراء مختلقة وأكاذيب جمة، لا يجد القاريَ ملتحداً عن
تفنيدها، فإليك نماذج منها:
1 ـ قال: قال هشام بن الحكم متكلم الشيعة: إن الله جسم ذو أبعاض في سبعة
أشبار بشبر نفسه، في مكان مخصوص وجهة مخصوصة.
2 ـ قال في حق علي: إنه إلَه واجب الطاعة..
3 ـ وقال هشام بن سالم: إن الله على صورة إنسان أعلاه مجوف وأسفله مصمت،
وهو نور ساطع يتلاَلاَ، وله حواس خمس ويد ورجل وأنف وأذن وعين وفم، وله
وفرة سوداء، وهو نور أسود لكنه ليس بلحم ولا دم، وإن هشام هذا أجاز المعصية
على الاَنبياء مع قوله بعصمة الاَئمة.
4 ـ وقال زرارة بن أعين: لم يكن الله قبل خلق الصفات عالماً ولا قادراً ولا حياً ولا
بصيراً ولا مريداً ولا متكلماً.
5 ـ قال أبوجعفر محمد بن النعمان: إن الله نور على صورة إنسان، ويأبى أن
يكون جسماً.
6 ـ وزعم يونس بن عبدالرحمن القمي أن الملائكة تحمل العرش والعرش تحمل
الرب، وهو من مشبهة الشيعة، وصنف لهم في ذلك كتباً.
ـ وقال الاَميني في الغدير ج 3 ص 89
وذكر ابن تيمية في منهاج السنة هذه النسب والاِضافات المفتعلة، وراقه أن يري
المجتمع أنه أقدر في تنسيق الاَكاذيب من سلفه، وأنه أبعد منه عن أدب الصدق
والاَمانة فزاد عليها:
اليهود لا يخلصون السلام على المؤمنين إنما يقولون السام عليكم (السام:
الموت) وكذلك الرافضة.
اليهود لا يرون المسح على الخفين، وكذلك الرافضة.
اليهود يستحلون أموال الناس كلهم، وكذلك الرافضة.
اليهود تسجد على قرونها في الصلاة، وكذلك الرافضة.
اليهود لا تسجد حتى تخفق برؤسها مراراً تشبيهاً بالركوع، وكذلك الرافضة.
اليهود يرون غش الناس، وكذلك الرافضة.
وأمثال هذه من الخرافات والسفاسف، وحسبك في تكذيب هذه التقولات
المعزوة إلى الشيعة شعورك الحر، وحيطتك بفقههم وكتبهم وعقائدهم وأعمالهم،
وما عرف منهم قديماً وحديثاً. فإلى الله المشتكى.
ـ وقال الاَميني في الغدير ج 3 هامش ص 90 واصفاً كتاب الاِنتصار لعبد الرحيم الخياط:
إنك غير مائن لو سميته بمصدر الاَكاذيب، ولو عزى إليه على عدد صفحاته 173
الصفحة لما كذب القائل، ولو جست خلال صحايفه لاَوقفك الفحص على العجب
العجاب، من كذب شائن وتحكم بارد وتهكم ممض ونسب مفتعلة، وإنا نرجىَ
إيقافك عليها إلى ظفرك بالكتاب نفسه، فإنه مطبوع بمصر منشور، ولا نسود جبهات
صحائف كتابنا بنقل هاتيلك الاَساطير كلها، وإنما نذكر لك نماذج منها لتعرف مقدار
توغله في القذائف وتهالكه دون الطامات، وتغلغل الحقد في ضميره الدافع له إلى
تشويه سمعة أمة كبيرة كريمة نزيهة عن كل ما تقوله عليها قال:
1 ـ الرافضة تعتقد أن ربها ذو هيئة وصورة يتحرك ويسكن ويزول وينتقل، وأنه
كان غير عالم فعلم.... إلى أن قال: هذا توحيد الرافضة بأسرها إلا نفراً منهم يسيراً
صحبوا المعتزلة واعتقدوا التوحيد، فنفتهم الرافضة عنهم وتبرأت منهم، فأما
جملتهم ومشا يخهم مثل هشام بن سالم، وشيطان الطاق، وعلي بن ميثم، وهشام
بن الحكم بن منور، والسكاك، فقولهم ما حكيت عنهم.
2 ـ الرافضة تقول وهي معتقدة: إن ربها جسم ذو هيئة وصورة يتحرك ويسكن
ويزول وينتقل وأنه كان غير عالم ثم علم.
3 ـ فهل على وجه الاَرض رافضي إلا وهو يقول: إن الله صورة ويروي في ذلك
الروايات، ويحتج فيه بالاَحاديث عن أئمتهم ! إلا من صحب المعتزلة منهم قديماً
فقال بالتوحيد فنفته الرافضة عنها ولم تقر به !!
وتضاعفت التهم في عصرنا عصر العلم وحرية الفكر
ـ قال الدكتور حسن إبراهيم في تاريخ الاِسلام ج 1 ص 424
ـ الرافضة قالوا: إن الله له قد وصورة وإنه جسم ذو أعضاء. هشام بن الحكم
وهشام بن سالم وشيطان الطاق من معتقدي الرافضة.
ـ وقال في تاريخ الاِسلام ج 2 ص 158
الشيعة انقسمت حسب اعتقادها إلى ثلاثة أقسام: غالية ورافضة وزيدية،
والشيعة الغالية هم الذين غلوا في علي وقالوا فيه قولاً عظيماً.. والشيعة الرافضة هم
الذين قالوا إن الله قد وصورة وإنه جسم ذو أعضاء !
ـ فتاوي الاَلباني ص 441
إن الاِسلام كفكر لا يمكن أن يصور أنه مصفى.. كيف وهناك فرق كثيرة جداً
كالمعتزلة... والشيعة والرافضة، كل هؤلاء يدعون الاِسلام فلا بد أن يقوم العلماء
بواجب تصفية هذا الاِسلام وتقديمه للناس.
ـ وقال الدكتور القفاري في كتابه أصول مذهب الشيعة، الذي منحته السعودية درجة
دكتوراه برتبة الشرف الاَولى، وأوصت بجعله مصدراً (أكاديمياً) في جامعات المملكة،
علماً أن نسبة كبيرة من سكان المملكة من الشيعة ! قال القفاري في ج1 ص 87:
المذهب الشيعي مباءة للعقائد الآسيوية القديمة. ويضيف البعض أن مذهب
الشيعة كان مباءة ومستقراً للعقائد الآسيوية القديمة كالبوذية وغيرها. يقول الاَستاذ
أحمد أمين: وتحت التشيع ظهر القول بتناسخ الاَرواح وتجسيم الله والحلول، ونحو
ذلك من الاَقوال التي كانت معروفة عند البراهمة والفلاسفة والمجوس قبل الاِسلام.
ويشير بعض المستشرقين إلى تسرب الكثير من العقائد غير الاِسلامية إلى الشيعة
ويقول: إن تلك العقائد انتقلت إليها من المجوسية والمانوية والبوذية، وغيرها من
الديانات التي كانت سائدة في آسيا قبل ظهور الاِسلام. انتهى.
وكأن هذا (الباحث) لا يعرف أن الفرس المجوس صاروا سنيين أولاً، وألفوا أهم
مصادر إخواننا السنة وصحاحهم، ونظّروا لعقائدهم ومذاهبهم بل أسسوا مذاهبهم،
وبعد قرون طويلة صار أبناؤهم شيعة ! فإن كانوا متأثرين بعقائدهم المجوسية
والآسيوية فقد نقلوها معهم إلى التسنن الذي صاروا أئمة مذاهبه ثم أئمة
مصادره قروناً طويلة، وما زالوا، فالعلامة المجلسي الشيعي مثلاً صاحب موسوعة
(بحار الاَنوار) المتوفى سنة 1111 هجرية هو من أولاد الحافظ أبي نعيم الاِصفهاني
السني المتوفى سنة 435 هجرية ! وهكذا العشرات بل المئات غيره من الفرس الذين
صاروا أئمة المذاهب السنية أولاً، ثم صار أبناؤهم شيعة بعد قرون قد تطول أو
تقصر، حتى أنك تجد الكثير من أبنائهم اليوم ما زالوا يحملون أسماء أجدادهم من
أئمة السنة !
فمن أولى بتهتة التأثر بالعقائد المجوسية والآسيوية، الاَجداد السنيون أم الاَبناء
الشيعيون !
على أن الباحث علمياً لا يمكنه أن يرسل أحكامه هكذا جزافاً، ولابد له أن
يفحص الاَفكار والعقائد واحدة واحدة، ويرى من أين جاءت ومن تبناها، ومن
وقف ضدها.. الخ.
وقد رأيت أن أفكار الرؤية والتشبيه والتجسيم وأحاديثها ولدت في بيوت الدولة،
ودرجت في قصورها ومساجدها، وتربت على يد كبار شخصياتها، وأن أهل
البيت عليهم السلام وشيعتهم وقفوا ضدها، وأفتوا بأنها دخيلة، وأن آباءها يهوداً !!