محتوى الرسالة
لقد اراد المأمون معرفة أصول حفظ صحة المزاج ، وتدبيره بالأغذية والاشربة والادوية مستقاة منمنبعها العذب ، فطلب من الامام عليه السلام بيان ذلك ، وكرر الطلب ، فكتب اليه هذه الرسالة ، فلما
وصلت الى المأمون أمر بأن تكتب بماء الذهب .ولعل أهم ما يطوف في ذهن القارئ حول أهمية هذه الرسالة وما تعنيه دلالتها التاريخية انها تمثل مرحلة
تاريخية تتعلق بفن الطب وتطوره في العصر الاسلامي الأول ، فهي تكشف للمعنيين بالطب وتاريخ تطوره
عبر العصور غزارة علمه عليه السلام ، وسعة اطلاعه .ومن خلال هذا المنطلق أمكنني تقديم دراسة مسهبة للرسالة الذهبية مقسماً اياها الى عدة فصول .لقد جاءت هذه الرسالة بمجموعة من النصائح والارشادات الطبية العامة القيمة ، والتي كانت حصيلة
تجاربة عليه السلام مضافاً اليها ما سمعه عن آبائه عليهم السلام ، من أقاويل القدماء أيضاً . كما
أشار الى ذلك بقوله عليه السلام في مستهل رسالته : « عندي من ذلك ما جربته عرفت صحته بالاختبار ومرور
الايام ، مع ما وقفني عليه من مضى من السلف مما لا يسع الانسان جهله ولا يعذر في تركه » .ففي الفصل الاول : نرى الامام عليه السلام قد سبق علماء الطب في العصر الاسلامي في العديد من الاراء
والاكتشافات التي أصبحت الاساس الرئيس في التجارب الطبية ، بل يمكن القول بأنها النواة الأولى
لاراء الاطباء فيما بعد .فكان عليه السلام أول من شبه جسم الانسان بالمملكة الصغيرة المتكاملة ،