إن الله تعالى جعل المخلوقات علائم وآياتعليه، ودلائل على حكمته وحسن تدبيره،فشاءت حكمته أن يخلق الأشياء أزواجاً،ويجعل علقة لكل منهما مع الآخر، فإذاانقطعت هذا العلقة تأخّرت مسيرة كل فردوعجز عن إقامة وظيفته على ما يرام.
فمن آياته أن خلق الرجل على نحو يحتاج الىالمرأة، كذلك، فكلّ منهما مكمّل للآخر،فلم تكن نظرته الرحيمة إلى الرجل أكثر منالمرأة وهو العدل الحكيم.
وانما جعل الدرجات بالتقوى فقال: (...إنّأكرمكم عند الله أتقاكم...)(1)، فلن يفضّلفرداً على فرد إلاّ على حساب التقوىوالورع وقرب المنزلة منه عزّوجلّ، ولنيضيع عمل فرد ويقبل عمل آخر لاختلافٍ فيالصورة والهيئة، كما أشار لذلك في كتابهالمحكم فقال: (...أنى لا اُضيع عَملَ عاملٍمنكم من ذكر أو اُنثى بعضكم من بعض...)(2)
وقد اهتم ديننا الحنيف ـ باعتبارهدستوراً للحياة ومناراً للنجاة ـ بتقويةالأواصر والروابط بين الرجل والمرأة،لِئلاّ يحصل خرق في مسيرة البشر، وثغرةتدخل من خلالها الغرائب، فجعل اُصولاًوقواعد ينطلق من خلالها كل من الرجلوالمرأة، فكلّما كان الاعتماد على تلكالاُصول أكثر كانت الكاشفيّة عن عظمةالخالق وتدبيره وإحاطته بالاُمور أشدوأقوى.
فمن الواجبات التى اُلقيت على عاتقالمرأة، وجعلت لها أصلاً تنطلق منه الى كلمجال: الالتزام بالعفّة التى عزّز اللهتعالى بها المرأة، فجعلها حُلّةً ثمينةودرّة نفيسة تزيّنت بها المرأة المسلمة،وفاقت بنات جنسها بالعزّة والافتخار
ومما يتفرّع من تلك الحُلّة هو الاحتجابعن الأجانب، الذي يمثّل عُلوّ شخصّيةالمرأة المسلمة وارتفاع مكانتها، فلم يكنايجاب الستر عليها ظلماً واعتداءً علىحقوقها ـ كما زعم الجاهلون ـ بل هو الناطقعن مكانتها المرموقة في الإسلام، والحرصالشديد على حفظ كرامتها، إذ نرى المتهتكاتالسوافر وقد سُلبت منهن عزة النفس وهيبتهاوكرامتها، فحاولن أن يرجعنها بإظهارمفاتنهن للمجتمع، وابتذالِ صورهنالجسمانيّة للأجانب، وما هذا إلاّ ضعف فيالشخصيّة ونقص يردنَ سدّه، فالحمد للهالذي كرّمنا بالاسلام، وألبسنا حلّةالعفّة والإحتجاب، وجعلنا من المهتدينبدين أهل البصائر والألباب.
(1). الحجرات:13.
(2). آل عمران:195.