ابن حباب الصدفي المصري مات سنة 264 ، عالم الديار المصرية وفقيهها . قال الشافعي : ما رأيت بمصر احدا أعقل من يونس ، وهو ركن من اركان الاسلام ثقة صدوق كان يحفظ الحديث وإماما في القراءات ويستسقى بدعائه (1) . فهؤلاء هم مشايخ النسائي . . والذين قرأ عليهم وأخذ عنهم بصورة مستمرة ، كما نص عليهم التاريخ ، وقد كانوا من أئمة الحديث والقراءة مع الاجماع على صدقهم وثقتهم ومكانتهم السامية في الثقافة ، ولا شك ان النسائي . . طبع بطابعهم ، وأحدث هؤلاء الفطاحل الاثر القيم البالغ في نفس تلميذهم واستأنس بهم . ان المترجم له . . على كل حال تأثر بأساتذته فاختار الحديث والعمل في حقله ، ولعله كان مدفوعا تماما إلى معرفة علم اصول الحديث ودفعه إلى الذروة والكمال ، والواقع : انه تلقى علم الحديث بهم ، واقبل عليه يستنطقه ليستخرج القواعد التى قام عليها ويفصلها ويضبطها ، معتمدا فيها على ما ظهر له من طرائق المحدثين الذين سبقوه في هذا الحقل ، واسلوب جمعهم ، وعلى نهج وطريقة روايتهم . والذي ينبغي القول : ان النسائي . . اشتغل بالحديث وعمله فيه رغبة من نفسه لا اجهادا لها ، وحبا لا افتقارا وحاجة إليه ، وكفى المرء نجاحا وفوزا ان يطلب لمواهبه العنان فينطلق وراءها حيث تسير وهذا هو السر في نجاحه ، فلقد سار النسائي وراء علم دفعته إليه نفسه التواقة إلى الحديث ، وقادته نحوه رغبته الشديدة ، وارشده لحقله وصميمه حبه وميله ، فنشأ بين جموع المحدثين ومجالس دروسهم ، يتنقل من واحد إلى