كذلك قامت في التاريخ الحديث تجمعات أخرى.. تجمع الإمبراطورية البريطانية مثلاََ.. ولكنه كان كالمجتمع الروماني الذي هو وريثه! تجمعاً قومياً استغلاليا، يقوم على أساس سيادة القومية الإنجليزية، واستغلال المستعمرات التي تضمها الإمبراطورية.. ومثله الإمبراطوريات الأوروبية كلها: الإمبراطورية الإسبانية والبرتغالية في وقت ما، والإمبراطورية الفرنسية.. كلها في ذلك المستوى الهابط البشع المقيت! وأرادت الشيوعية أن تقيم تجمعاً من نوع آخر. يتخطى حواجز الجنس والقوم والأرض واللغة واللون، ولكنها لم تقمه على قاعدة(إنسانية) عامة، إنما إقامته على القاعدة (الطبقية). فكان هذا التجمع هو الوجه الآخر للتجمع الروماني القديم.. هذا تجمع على قاعدة طبقة (الأشراف) وذلك تجمع على قاعدة طبقة (الصعاليك) " البروليتريا" ، والعاطفة التي تسوده هي عاطفة الحقد الأسود على سائر الطبقات الأخرى! وما كان لمثل هذا التجمع الصغير البغيض أن يثمر إلا أسوأ ما في الكائن الإنساني.. فهو ابتداء قائم على أساس إبراز الصفات الحيوانية وحدها وتنميتها وتمكينها باعتبار أن (مطالب الأساسية) للإنسان هي "الطعام والمسكن والجنس" -وهي مطالب الحيوان الأولية- باعتبار أن تاريخ الإنسان هو تاريخ البحث عن الطعام!!!لقد تفرد الإسلام بمنهجه الرباني في إبراز أخص خصائص الإنسان وتنميتها وإعلائها في بناء المجتمع الإنساني. وما يزال متفرداً.. والذين يعدلون عنه إلى أي منهج اخر، يقوم على أي قاعدة أخرى من القوم او الجنس او الأرض او الطبقة.. إلى آخر هذا النتن السخيف هم أعداء الإنسان حقاً! هم الذين لا يريدون لهذا الإنسان أن يتفرد في هذا الكون بخصائصه العليا كما فطره الله.ولا يريدون لمجتمعه أن ينتفع بأقصى كفايات أجناسه وخصائصها وتجاربها في امتزاج وتناسق.. وهم الذين يقول الله سبحانه في أمثالهم: { قل: هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً. الذين ضلَ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً؟أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً. ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزواً } [ الكهف: 103-106 ]وصدق الله العظيم..