معالم فی الطریق نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

معالم فی الطریق - نسخه متنی

سید قطب

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

والحركة التي يتولد عنها هذا المجتمع ابتداء حركة آتية من خارج النطاق الأرضي ، ومن خارج المحيط البشري . . إنها تمثل في عقيدة آتية من الله للبشر ، تنشئ لهم تصوراً خاصاً للوجود والحياة والتاريخ والقيم والغايات ، وتحدد لهم منهجاً للعمل يترجم هذا التصور . . الدفعة الأولى التي تطلق الحركة ليست منبثقة من نفوس الناس ولا من مادة الكون . . إنها - كما قلنا - آتية لهم من خارج النطاق الأرضي ، ومن خارج المحيط البشري . . وهذا هو المميز الأول لطبيعة المجتمع الإسلامي وتركيبه .

إنه ينطلق من عنصر خارج عن محيط الإنسان وعن محيط الكون المادي .

وبهذا العنصر القدري الغيبي الذي لم يكن أحد من البشر يتوقعه أو يحسب حسابه ، ودون أن يكون للإنسان يد فيه - في ابتداء الأمر - تبدأ أولى خطوات الحركة في قيام المجتمع الإسلامي ، ويبدأ معها عمل " الإنسان " أيضاً . إنسان مؤمن بهذه العقيدة الآتية له من ذلك المصدر الغيبي ، الجارية بقدر الله وحده . وحين يؤمن هذا الإنسان الواحد بهذه العقيدة يبدأ وجود المجتمع الإسلامي ( حكماً ) . . إن الإنسان الواحد لن يتلقى هذه العقيدة وينطوي على نفسه . . إنه سينطلق بها . . هذه طبيعتها . . طبيعة الحركة الحية . . إن القوة العليا التي دفعت بها إلى هذا القلب تعلم أنها ستتجاوزه حتماً ! . . إن الدفعة الحية التي وصلت بها هذه العقيدة إلى هذا القلب ستمضي في طريقها قدماً .

وحين يبلغ المؤمنون بهذه العقيدة ثلاثة نفر ، فإن هذه العقيدة ذاتها تقول لهم :

أنتم الآن مجتمع ، مجتمع إسلامي مستقل ، منفصل عن المجتمع الجاهلي الذي لا يدين لهذه العقيدة ، ولا تسود فيه قيمتها الأساسية - القيم التي أسلفنا الإشارة إليها - وهنا يكون المجتمع الإسلامي قد وجد ( فعلاً ) !

والثلاثة يصبحون عشرة ، والعشرة يصبحون مائة ، والمائة ألفاً ، والألف يصبحون إثني عشر ألفاً . . ويبرز ويتقرر وجود المجتمع الإسلامي !

وفي الطريق تكون المعركة قد قامت بين المجتمع الوليد الذي انفصل بعقيدته وتصوره ، وانفصل بقيمه واعتباراته ، وانفصل بوجوده وكونيته ، عن المجتمع الجاهلي - الذي أخذ منه أفراده - وتكون الحركة من نقطة الانطلاق إلى نقطة الوجود البارز المستقل قد ميزت كل فرد من أفراد هذا المجتمع ، وأعطته وزنه ومكانه في هذا المجتمع - حسب الميزان والاعتبار الإسلامي - ويكن وزنه هذا متعرفاً له به من المجمتع دون أن يزكي نفسه أو يعلن عنه بل إن عقيدته وقيمه السائدة في نفسه وفي مجتمعه لتضغط عليه يومئذ ليوراي نفسه عن الأنظار المتطلعة إليه في البيئة !

ولكن " الحركة " التي هي طابع العقيدة الإسلامية ، وطابع هذا المجتمع الذي انبثق منها ، لا تدع أحداً يتوارى ! إن كل فرد من أفراد هذا المجتمع لا بد أن يتحرك ! الحركة في عقيدته ، والحركة في دمه ، والحركة في مجتمعه ، وفي تكوين هذا المجتمع العضوي . .

/ 125