مقابسات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقابسات - نسخه متنی

أبی حیان التوحیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

آخر إلى أن يكثر الصواب فيهما ويتقاربان، ومتى وقف الأمر على هذا الحد لم يثبت على قول قضاء، ولا يوثق بجواب. فقال أبو سليمان: هذا أحسن ما يمكن أن يقال في هذا الباب، وهو الذي من كلام الشيخ ألي محمد. قيل بعد هذا كله: فأما الجواب الذي هو كالبشرى بفائدة هذا العلم وثمرة هذه الحال، على ما تقدم من قول من قال من الجماعة، فهو ما أختم به هذا المقابسة إن شاء الله تعالى. وإنما أحيز في الرواية قليلاً لأن كلام القوم اختلط اختلاطاً منع من أداء ما جرى من ذلك على كنهه وخاصته، بعضه بالطول، وبعضه بالتحريف، وبعضه بالدقة والغموض، وبعضه بالكناية والتعريض؛ ولولا أني خلعت الحياء خلعاً، وتصديت للوم تصدياً، في تحرير هذا الكلام على ما به من اضطراب اللفظ، وانتثار المعنى، وزيغ التأليف، وترامي الحكاية، لكان ذلك كله منسياً في جملة ما نسي، ومغموراً في غمار ما جهل، وفائتاً في عرض ما فات، والعلم، حرسك الله، وحشي ، والحكمة نفور، والبيان حروف، والبلاغة ظنون، والجهل صاحب، والسفه طباع، والعي ألوف، والقلب شعاع. وعلى ذلك فقد نسقت في هذا الكتاب ما إن لم تكن فيه فائدة لغيري، لم يعد أن تكون تذكرة لنفسي وتبصرة لمن يعزو معزاي.

إلى الله نشكو تسوالنا في إيثار الصدق، وتحقيق العقد، وتصفية الخلق، وما قد حل بنا، ونزل بساحتنا، من فقد الناصر، وإسلام المعين، فنحن كما قال القائل: افتضحنا فاصطلحنا. قال بعض الحاضرين: إن الله تعالى وتقدس، اخترع هذا العالم وزينه ورتبه، وحسنه ووشحه، ونظمه وهذبه، وقومه وأظهر عليه البهجة، وأبطن في أفنائه الحكمة، وحفه بكل ما اطبا العقول تصفحه ومعرفته، وحشاه بكل ما حث النفوس إلى تقليبه، والتعجب من أعاجيبه، وأمتع الأرواح بمحاسنه، وأودعه أموراً، واستجن به أسرار، ثم حرك أولئك عليها حتى استثارتها ولقطتها واجتلتها وعشقتها وولهت عليها، لأنها عرفت بها ربها وخالقها تبارك وتقدس مزج بعبض ما فيها ببعض، وركب بعضه على بعض، وأحال بعضه إلى بعض، بوسائط من أشخاص وأحساس وظبائع وأنفس وعلوم وعقول، وتصرف في ملكه بقدرته وحكمته، لا معيب الفضل، ولا مقلى الاختيار، ولا مردود الحكم، ولا مجحود الذات، ولا محدود الصفات؛ وهو سبحانه مع هذا كله لم يستفد شيئاً، ولم ينتفع بشيء؛ بل استفاد منه كل شيء؛ بحسب مادته المنقادة، وصورته المعتادة؛ ولم يثبت بشيء؛ وثبت به كل شيء؛ ولم يحظ بشيء، وحظى به كل شيء، فهو الفاعل القادر، والجواد الواهب، والمنيل المفضل، والأول السابق، والواحد المطلق. فلما كان الباحث عن العالم العلوي يتصفح سكانه، ويتعرف أماكنه وآثاره، ومواقعه وأسراره، متعرضاً لأن يكون مشابهاً لباريه، مناسباً لربه. بهذا الوجه المعروف، استحال أن يستفيد بعلمه، كما استحال وبطل أن يستفيد خالقه بعلمه. لأن نعته لصق به، وحكمه لزمه، وحليته بدت منه، وصفته عادت عليه، وهيئته تعلقته. هذه حال إذا فطن لها، وأشرف عليها، ببصيرة ثاقبة، وتحقق حقيقتها وتولى للخبرة بنسي ما فيها، علم اضطراراً عقلياً أنها أجل وأعلى، وأنفس وأسنى، وأرفع وأوفى، وأعظم وأزكى، وأدوم وأبقى، من جميع فوائد سائر العلوم التي حازها إليك العالمون. لأن أولئك أعملوا فوائد علومهم فيما حفظ عليهم حد الإنسان وخلقه، ومادته وشهوته، وأخذوا في اجتلاب نفع، ودفع ضر، ونقصت رتبتهم بمشاكهته ومناسبته، والتشبه بخاصيته، والتحلي بحليته. وكذلك خبر الله نقصهم في علمهم بفوائد نالوها، ومنافع حازوها، وأوطار قضوها بسببها، فأما من أراد معرفة هذه الخفايا والأسرار، في هذه الأجرام والأنوار، على ما هيئت له، وعبئت عليه، ونظمت به، ورتبت فيه، وزينت بمحاسنه، فهو حرى جدير أن يعرى من جميع ما وجده صاحب كل علم من المرافق والمنافع على ما اتسع القول به في فاتحة هذه المقابسة وينفرد بحكم من رتبها على ما هي عليه، غير مستفيد بذلك فائدة ولا جدوى.

وهذه لطيفة متى وقف عليها حق الوقوف، وتقبلت حق التقبل، كان المدرك لها أجل من كل طلب وإن عز، لأنها بشرية صارت آلهية، وجسمية استحالت روحانية، وطينية إنقلبت نورية ومركب عاد بسيطاً، وجزء حال كلاً. وهذا فن قلما يهتدى إليه، ويتنبه عليه. ثم إني بعد هذا كله قلت لأبي سليمان في خلوة أيها الشيخ، تكررت في هذه المسألة كلمات جافية بشعة ماينة مكروهة، لا أراها تسلم أو تسلم؟ قال: ما هي؟ قلت: مثل قول القائل: مشاكها لربه، ومناسباً لباريه؛ ومثل قوله: نعته لصق به، وحكمه لزمه، وحيلته بدت منه، وصفته عادت عليه! فقال: لعمري إن تقديس الباري يمحق هذا كله ويذهب به، ويطرحه

/ 96