فصل
في وصف وجوه من البلاغة ذكر بعض أهل الادب والكلام ( 1 )
أن البلاغة على عشرة أقسام ( 2 ) : الايجاز ، والتشبيه ، والاستعارة ، والتلاؤم ، والفواصل ، والتجانس ، والتصريف ، والتضمين ، والمبالغة ، وحسن
البيان ( 3 ) .فأما " الايجاز " فإنما يحسن مع ترك الاخلال باللفظ والمعنى ، فيأتى باللفظ القليل الشامل لامور
كثيرة .وذلك ينقسم إلى حذف ، وقصر : فالحذف : الاسقاط للتخفيف ، كقوله : واسأل القرية ) ( 4 ) .وقوله : ( طاعة وقول معروف ) ( 5 ) .وحذف الجواب كقوله : ( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض أو كلم به الموتى ) ( 6 ) .كأنه قيل : لكان هذا القرآن .والحذف أبلغ من الذكر ، لان النفس تذهب كل مذهب في القصد من الجواب ( 7 ) .
( 1 ) هذا البعض الذى لم يشأ المؤلف أن يصرح باسمه هو معاصره أبو الحسن : على بن عيسى الرماني ،
المعتزلي ( 296 - 384 ه ) صاحب كتاب النكت في إعجاز القرآن ، الذى نقل عنه المؤلف هذا الفصل الطويل .راجع ترجمة الرماني في ابن خلكان 2 461 ، وبغية الوعاة 344 والامتاع والمؤانسة 1 133 ومعجم الادباء 14 73 - 78
وفهرست ابن النديم ص 14 ، 73 ، 78 ونزهة الالبا ص 389 - 392( 2 ) النكت ص 1 ( 3 ) قال الرماني بعد ذلك : " ونحن
نفسرها بابا بابا : الايجاز تقليل الكلام من غير إخلال بالمعنى ، وإذا كان المعنى يمكن أن يعبر عنه
بألفاظ كثيرة فالالفاظ القليلة إيجاز .
والايجاز على وجهين : خذف وقصر ، فالحذف إسقاط كلمة للاجزاء عنها بدلالة غيرها من الحال أو فحوى
الكلام .
والقصر : بنية الكلام على تقليل اللفظ وتكثير المعنى من غير حذف " .( 4 ) سورة يوسف : 82 ( 5 ) سورة محمد : 21 ( 6 ) سورة الرعد : 31 ( 7 ) في النكت بعد ذلك : " ولو ذكر الجواب لقصر على
الوجه الذى تضمنه البيان " .