ويجوز أن يكون في مثل هذا خلاف ( 1 ) ، وأن يكون كل واحد ذكر آخر ما سمع .ولو كان القرآن من كلامه ، لكان البون بين كلامه وبينه مثل ما بين خطبة وخطبة ينشئهما ( 2 ) رجل واحد ، وكانوا يعارضونه ، لانا قد علمنا أن القدر الذى بين كلامهم وبين كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج إلى حد الاعجاز ، ولا يتفاوت التفاوت الكثير ، ولا يخفى كلامه ( 3 ) من جنس أوزان كلامهم ، وليس كذلك نظم القرآن ، لانه خارج من جميع ذلك .فإن قيل : لو كان على ما ادعيتم ، لعرفنا بالضرورة أنه معجز ( 4 ) دون غيره ؟قيل : معرفة الفصل بين وزن الشعر [ أو غيره من أوزان الكلام لا يقع ضرورة ، ويحتاج في معرفة ذوق الشعر ] ( 5 ) ووزنه ، والفرق بينه وبين غيره من الاوزان يحتاج ( 6 ) إلى نظر وتأمل ، وفكر وروية واكتساب .وإن كان النظم المختلف الشديد التباين إذا وجد أدرك اختلافه بالحاسة .إلا أن كل وزن وقبيل إذا أردنا تمييزه من غيره احتجنا فيه ( 7 ) إلى الفكرة والتأمل ( 8 ) .فإن قيل : لو كان معجزا لم يختلف أهل الملة ( 9 ) في وجه إعجازه ؟قيل : قد يثبت الشئ دليلا وإن اختلفوا في وجه دلالة البرهان ، كما قديختلفون في الاستدلال على حدوث ( 10 ) العالم من الحركة والسكون ، والاجتماع والافتراق .فأما المخالفون ، فإنه يتعذر عليهم أن يعرفوا أن القرآن كلام الله ، لان مذهبهم أنه لا فرق بين أن يكون القرآن من قبل الرسول أو من قبل الله عز وجل في كونه معجزا ، لانه إن خصه بقدر من العلم لم تجر العادة بمثله ، أمكنه أن يأتي بما له هذه الرتبة ، وكان متعذرا على غيره ، لفقد علمه بكيفية النظم . ( 1 ) م : " اختلاف " ( 2 ) س : " ينشئها " ( 3 ) ج س " كلام " ( 4 ) م " لعرفنا أنه معجز ضرورة " ( 5 ) الزيادة من ا ، م ( 6 ) س " تحتاج إلى " ( 7 ) سقطت من م ( 8 ) ا : " الفكر " ( 9 ) م " الملل " ( 10 ) م " حدث "