وإذا انتهينا إلى تفصيل القول فيها ، استبان ما قلناه من الحاجة إلى هذه المقدمات ، حتى يمكن بعدها إحكام القول في هذا الشأن . وقد صنف " الجاحظ " في نظم القرآن كتابا ، لم يزد فيه على ما قاله المتكلمون قبله ، ولم يكشف عما يلتبس في أكثر هذا المعنى .وسألنا سائل أن نذكر جملة من القول جامعة ، تسقط الشبهات ، وتزيل الشكوك التى تعرض للجهال ، وتنتهى إلى ما يخطر لهم ، ويعرض لافهامهم من الطعن في وجه المعجزة .فأجبناه إلى ذلك ، متقربين إلى الله عز وجل ، ومتوكلين عليه وعلى حسن توفيقه ومعونته .ونحن نبين ما سبق فيه البيان من غيرنا ، ونشير إليه ولا نبسط القول ، لئلا يكون ما ألفناه مكررا ومقولا ، بل يكون مستفادا من جهة هذا الكتاب خاصة .ونصف ما يجب وصفه من القول في تنزيل متصرفات الخطاب ، وترتيب وجوه الكلام ، وما تختلف فيه طرق البلاغة ، وتتفاوت من جهته سبل البراعة ، وما يشتبه له ظاهر الفصاحة ، ويختلف فيه المختلفون من أهل صناعة العربية ، والمعرفة بلسان العرب في أصل الوضع .ثم ما اختلفت به مذاهب مستعمليه في فنون ما ينقسم إليه الكلام ، من شعر ورسائل وخطب ، وغير ذلك من مجارى الخطاب . وإن كانت هذه الوجوه الثلاثة أصول ما يبين فيه التفاصح ، وتقصد فيه البلاغة ، لان هذه أمور يتعمل لها في الاغلب ، ولا يتجوز فيها . ثم من بعد هذا ( 1 ) الكلام الدائر في محاوراتهم .