القسم الثالث - نبی الأمی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نبی الأمی - نسخه متنی

مرتضی مطهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


( وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ ( جاء فيه نسبة هذا الرأي للصحابي الكبير المفسر عبد الله بن عباس . كما نسب هذا الرأي إلى أبي عبيدة في ذيل الآية (78) من سورة البقرة. وقد اختار المرحوم الطبرسي صاحب مجمع البيان هذا الرأي



كما نراه في ذيل الآية (75) من آل عمران وكذا نجد عند الزمخشري في كشافة عند الحديث عن هذه الآية والآية (75) من سورة آل عمران، كما أن الرازي ينقل هذا الاحتمال في ذيل الآية (78) البقرة ، والآية (120) آل عمران من تفسيره الكبير.


والواقع .. أن هذا المعنى لا يشكل معنى مستقلاً ثالثاً بمعنى أنه لا يسمى كل أناس لا يتبعون كتاباً سماوياً بـ (الأميين) حتى ولو كانوا عارفين عالمين. وإنما أطلقت على المشركين العرب لجهلهم ، فمناط الاستعمال فيهم هو جهلهم بالقراءة والكتابة ، لا عدم اتباعهم لكتاب من الكتب السماوية.ولهذا نجد أن هذه الكلمة عندما تأتي بصيغة الجمع وتطلق على مشركي العرب يأتي فيها هذا الاحتمال أما عندما تستعمل بنحو المفرد وتطلق على النبي (ص) مثلاً فإنه لا يحتمل أي مفسر أن المقصود هو بيان عدم اتباعه لأحد الكتب السماوية. وإنما ترددوا بين احتمالين :


عدم اطلاعه (ص) على الخط. وكونه من أهل مكة، ولما بطل الاحتمال الأخير فإن إطلاق لفظ الأمي عليه ليس إلا لعدم تعلمه ومعرفته بالخط والكتابة.هذا ويوجد هنا احتمال رابع في مفهوم هذه الكلمة وهو إنها تستعمل لتبين عدم الاطلاع على متون الكتاب المقدس وهو الاحتمال الذي اخترعه الدكتور سيد عبد اللطيف من عنده وخلط بينه وبين المعنى الثالث الذي ذكرناه وقلنا أنه كان معروفا



لدى قدماء المفسرين ، فهو يقول :


" جاءت كلمة (أمي) و(أميون) في مواضع مختلفة من القرآن, ولكنها كانت تفسر دائماً وفي أي موضع بتفسير واحد. فكلمة (أمي) في اللغة أصلا بمعنى الطفل الوليد وإشارة لهذه الحالة الحياتية عبر بهذه الكلمة_ بمعناها الضمني _ عن الشخص الذي لا يعرف القراءة والكتابة.وكلمة (أمي) كذلك تأتي بمعنى من كان يعيش في أم القرى أي أم المدن أو المدينة الرئيسية المركزية. وهي صفة أطلقها أعراب زمن النبي على مكة ، فمن هو من أهل مكة يدعي بـ (الأمي).والمورد الآخر لاستعمال كلمة (أمي) هو الشخص الذي لم يتعرف على المتون السامية القديمة وليس من أتباع الديانة اليهودية أو المسيحية وهم من أسموا في القرآن باسم (أهل الكتاب) وقد أطلقت كلمة (الأميين) في القرآن على العرب قبل الإسلام باعتبار انهم لم يتعرفوا على كتاب مقدس ولم يكونوا في زمرة اتباع التوراة والإنجيل فكانوا في قبال (أهل الكتاب).وإذ كانت لكلمة (أمي) معانٍ مختلفة فإننا نجهل السر الذي دفع المفسرين والمترجمين للقرآن - مسلمين أو غير مسلمين - للتمسك بالمعنى الابتدائي أي الطفل الوليد الذي لا يعلم شيئاً. والتعبير بذلك عن ا لذي لا يعرف القراءة والكتابة ، وبالتالي عبروا عن أهل مكة قبل الإسلام بـ (الأميين)



أو المجموعة الجاهلة؟!. (نشرة "كانون سرد فتران" سنة 1964).نقد هذا الكلام أولاً :


رأينا - أن المفسرين الأوائل فسروا كلمة (أمي) و(أميون) بثلاثة تفسيرات أو قالوا فيها بثلاثة احتمالات . ولم يتمسكوا - خلافاً لمدعاة - بمعنى واحد.ثانياً :


لم يقل أحد أن كلمة (أمي) هي بمعنى الطفل الوليد الذي لا يعلم شيئاً ليكون معناه الضمني هو الذي لا يستطيع القراءة والكتابة.والواقع أن هذه الكلمة لا تطلق أساساً على الوليد وإنما على الكبار الذين بقوا على الحالة التي ولدتهم أمهم فيها من هذا الجانب فإطلاقها على الشخص هو من باب العدم والملكة كما يصطلح عليه علماء المنطق فلا يسمى (أمياً) إلا من كان من شأنه التعلم ولم يتعلم ولذا نجد المناطقة المسلمين يأتون بها في أمثلة (الملكة وعدمها) في كتب المنطق.ثالثاً :


إن قوله "والمورد الآخر لاستعمال كلمة (أمي) هو الشخص الذي لم يتعرف على المتون السامية القديمة ..." غير صحيح ؛ إذ الذي يستفاد من أقوال العلماء المفسرين واللغويين هو أن هذه الكلمة عند (الجمع) كانت تطلق على المشركين العرب في قبال أهل الكتاب لأنهم كانوا غالباً يجهلون



القراءة والكتابة والظاهر أنه كان عنواناً تحقيرياً أعطي لهم من قبل اليهود والنصارى. ولا يمكن أن نفهم أن أناساً يوسمون بـ (الأميين) لأنهم يجهلون لغة كتاب خاص رغم أنهم يقرأون ويكتبون بلغتهم الخاصة مثلاً.


إن جذر هذه الكلمة ومصدرها على أي حال - بناء هذا التفسير - هو كلمة (أم) أو (أمة) وهما تعطيان معنى البقاء على الحالة الأولى التي كان عليها حين الولادة.أما سبب عدم إرجاع هذه الكلمة إلى (أم القرى) مع أنهم يذكرون هذا كاحتمال ؛ فإنما هو للإشكاليات العديدة التي بيناها.


وبعد هذا فلا مجال لتعجب هذا العالم الهندي.ومما يؤيد هذا المعنى ما نجده لها من استعمالات في الروايات وكتب المؤرخين بل لم تستعمل فيها إلا بهذا المعنى أي (غير المتعلم). ففي بحار الأنوار (ج16 ص 119) جاءت رواية عن النبي (ص) يقول فيها :


" نحن أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب". ويكتب أبن خلكان في ج4 من تاريخه في ذيل أحوال محمد بن عبد الملك المعروف بابن الزيات وزير المعتصم والمتوكل :


وكان في أول مرة من جملة الكتاب وكان أحمد بن عمار بن شاذي البصري وزير المعتصم فورد على المعتصم كتاب من بعض العمال فقرأه الوزير عليه وكان في ذلك الكتاب ذكر



(الكلأ) فقال له المعتصم ما الكلأ فقال لا أعلم وكان قليل المعرفة بالأدب، فقال المعتصم خليفة أمي ووزير عامي وكان المعتصم ضعيف الكتابة ؛ ثم قال أبصروا من بالباب فوجدوا محمد بن الزيات المذكور فأدخلوه إليه فقال ما الكلأ؟ فقال الكلأ العشب على الإطلاق فإن كان رطباً فهو الخلأ فإذا يبس فهو الحشيش ، وشرع في تقسيم أنواع النبات ... فعلم المعتصم فضله فاستوزره وحكمه وبسط يده". (وفاة الأعيان ط1310)



يدعي الدكتور المذكور أنه يستفاد بصراحة من آيات القرآن، أن النبي كان يقرأ ويكتب ومنها الآية (164) من سورة آل عمران :


وهي قوله تعالى :


«لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ( (آل عمران/164).. فيقول الدكتور بهذا الصدد :


"وبناءً على ما صرح به القرآن ؛ فإن أول واجبات النبي هو تعليم القرآن لأتباعه ؛ ومن المسلم به أن أقل ما يتطلب في من يراد له أن يعلم كتاباً أو محتويات كتاب ما للآخرين هو - كما صرح به القرآن نفسه - أن يستطيع استعمال القلم أو قراءة ما كتب بالقلم - على الأقل -". وهذا الاستدلال عجيب - كما يبدو - وذلك :


أولاً :


لأن ما أتفق عليه المسلمون وما يريد الدكتور لينفيه هو أن النبي الأكرم قبل الرسالة لم يكن ليكتب أو يقرأ ؛ في حين أن أقصى ما يتصور لهذا الاستدلال من نتيجة هي أنه كان يحسنهما في عصر الرسالة ، كما أعتقد بذلك السيد المرتضى والشعبي وجماعة آخرون ، فلا يثبت بهذا مدعى الدكتور.



و ثانياً :


لأن هذا الاستدلال لا يتم حتى بالنسبة إلى عصر الرسالة. وتوضيح الأمر أن التعليمات المعطاة هي على نمطين ، فالنمط الأول تعليمات من قبيل تعليم الكتابة والقراءة والرياضيات وأمثالها وفيها يحتاج المعلم إلى القلم والقرطاس ووسائل التوضيح والسبورة وأمثالها بالإضافة إلى قيام المعلم بنفس العمل لتحقيق التعليم المطلوب. أما النمط الثاني من قبيل الحكمة والفلسفة والأخلاق والحلال والحرام وهو عمل الأنبياء فلا يحتاج مطلقاً إلى قلم وقرطاس ورسم وسبورة ومن هنا رأينا الحكماء المشائين سموا بذلك لأن المعلم منهم كان يعلم تلامذته أثناء مشيه، نعم قد يكون من اللازم للتلاميذ أن يعرفوا الكتابة ليدونوا ما يلقى عليهم لئلا تناله يد النسيان ، ولهذا كان رسول الله (ص) يوصي أصحابه بالضبط والتقييد ويقول :


"قيدوا العلم" وعندما يتساءلون عن كيفية تقييده يأمرهم بالكتابة" (البحار :


ج2 ص 151) ويقول "نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها" (الكافي :


ج1 ، ص 403) وهناك حديث يترحم فيه الرسول (ص) على خلفائه ، وعندما يتساءل المسلمون عن خلفائه هؤلاء من هم؟ يجيبهم بأنهم الذين يأتون من بعده يأخذون سنته ويعلمونها الآخرين (البحار :


ج2 ، ص 144) . ويقول (ص) :


من حق الولد على الوالد



أن يحسن اسمه وأن يعلمه الكتابة وأن يزوجه إذا بلغ. وهذا القرآن الكريم يقول - بكل صراحة - :


(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ( (البقرة/282).ولهذا وجدنا المسلمين اتجهوا لتعلم الكتابة والقراءة كصناعة مباركة إطاعة لأوامر قرآنهم ونبيهم (ص) وحفظاً لآثارهم الدينية وأداءً لحقوق أولادهم وتنظيم أمور معاشهم. فوجدت في التاريخ نهضة الحرف والقلم، تلك النهضة التي صنعت من أناس يعد قارئوهم بالأصابع أناساً يعبون العلوم وينشرون القراءة والكتابة حتى أن البعض منهم تعلم عدة لغات استطاع من خلالها أن يوصل صوت الإسلام ورسالته إلى أنحاء العالم.


وكتب التاريخ تحدثنا أن أسرى بدر كان بعضهم يطلق سراحه لأنه فقير في حين كان النبي الأكرم يعقد مع من يعرف منهم الخط عقداً يقوم كل منهم بموجبه بتعليم عشرة من أطفال المدينة القراءة والكتابة ليتحرروا بعد ذلك (وسائل الشيعة :


ج3 ، ص 134) . نعم اهتم النبي (ص) إلى هذا الحد بإشاعة هذه الصنعة بين المسلمين واندفاعهم نحو العلم والمعرفة ، ولكن كل هذا لا يوجب البتة أن يكون شخص النبي (ص) محتاجاً للاستفادة في مجال تعليمه وتبليغه من القراءة والكتابة (تاريخ الخميس للديار بكري :


ج1 ، ص395 ، والسيرة الحلبية ج 2 ص 204)



يقول السيد عبد اللطيف :


"إن ا لله يذكر القلم والكتاب في أول سورة قرآنية ، ألا يشكل هذا دليلاً واضحاً وصريحاً على أن النبي (ص) كان يعرف القراءة والكتابة ... وهل يمكن أن يشوق النبي (ص) الناس للعلم والمعرفة والكتابة وهو لا يعتني بقراءته وكتابته مع أنه كان في الطليعة في كل المجالات".وهذا الاستدلال عجيب أيضا .


فطبيعي - عبر هذه الآيات - أن يعلم الله منزلها على عبده لهداية عبادة ، وأن يعلم النبي الذي أنزلت هذه على قلبه المقدس قيمة الكتابة والقراءة في حياة الإنسان ، ولكن هذا لا يشكل أي دليل على أن الله تعالى كان يتعامل مع القراءة والكتابة والقلم والقرطاس وكذا الرسول الأكرم (ص). أما مسألة :


كيف يأمر النبي (ص) ولا يعمل هو بما يأمر؟ فهي تماماً مثل التساؤل القائل :


كيف لا يعمل الطبيب بالنسخة التي يكتبها لمريضه؟ نعم إذا تمرض الطبيب عمل بها بعد أن وجدت نفس الضرورة عنده بل كان أولى من غيره بالعمل بها. ولكن هل يلزمه أن يعمل بما يكتبه لمرضاه حتى لو لم يكن مريضاً مثلهم؟!وهنا يجب أن نلاحظ مدى إحساس النبي (ص) بالضرورة التي يحسها غيره من حيث الكتابة والقراءة لتشكل معرفتهم لها كمالاً، وفقدانهم لها نقصاً.إن الرسول (ص) كان طليعياً في مجالات العبادة والتضحية



والتقوى والصدق والحسن وحن الخلق والشورى والتواضع وسائر الأخلاق والأداب الحسنة لأنها كلها تعد كمالاً له في حين يعد فقدانها نقصاً ولكن موضوع القراءة والكتابة ليس من هذا القبيل.إن قيمة القراءة والكتابة الأساسية لهذا الإنسانية تكمن فيما تؤديانه من خدمات إذ توصلان الإنسان إلى معرفة ما يدور في خلد غيره وتساعدانه على أن ينقل ما يدور في خلده إلى الغير ذلك أن الخطوط رموز وعلامات يتفق عليها البشر لتفهيم أفكارهم ومقاصدهم ،و التعرف على الخطوط وسيلة لانتقال المعلومات من فرد إلى آخر ، وشعب إلى آخر ، ونسل إلى آخر وبهذا يحفظ الإنسان معلوماته من الفناء والنسيان ، وعليه فامتلاك القدرة على الكتابة والقراءة هو بمنزلة معرفة لغة ما وبالمقدار الذي يتعرف فيه الإنسان على لغات أكثر فانه يمتلك وسائل أكبر لكسب المعلومات الإنسانية.


ومن هنا نعرف أن معرفة اللغة والقراءة والكتابة ليست علماً بالمعنى الواقعي وإن كانت تشكل مفتاح العلوم ، فالعلم هو إدراك إنساني لحقيقة وقانون واقعي وذلك كما ندركه في العلوم الطبيعية والمنطق والرياضيات حيث يكتشف فيها الإنسان روابط واقعية تكوينية وعليه ومعلولية بين الأشياء الخارجية أو الذهنية.أما معرفة اللغة وقواعدها وأمثال ذلك فليست هي بعلم إذ لا تجعلنا ندرك رابطة واقعية بين الأشياء فما هي إلا سلسة أمورٍ



وضعية تعاقدية اعتبارية لا تتجاوز الفرض والاتفاق ، تشكل معرفتها مفتاحاً للعلم لا نفس العلم.نعم ربما تحدث على صعيد هذه الأمور الوضعية ظواهر واقعية من قبيل تطور اللغات وتركيباتها التي تعبر عن تكامل الأفكار وتحدث طبق قانون طبيعي. وبالتالي تكون معرفة مثل هذه القوانين الطبيعية من الفلسفة والعلم. إذن فقيمة القراءة والكتابة تكمن في أن يمتلك الإنسان بيده مفاتيح علوم الآخرين.ولكن هل ينحصر طريق المعرفة وكسب العلم بهذا السبيل أي سبيل امتلاك الإنسان لهذا المفتاح الذي له فتح مغاليق علوم الآخرين والاستفادة من كنوزها؟ وهل على النبي أيضا أن يستفيد من علوم أفراد الإنسان ؟ ولو كان الأمر كذلك فأين نضع النبوغ والابتكار؟ وأين الإشراق والإلهام؟ وأين التعلم المباشر من الطبيعة ؟ إن الحقيقة تقول :


إن التعلم عبر الكتابة والقراءة هو من أردإِ أساليب التعلم لأن كتابات البشر تختلط فيها الحقائق بالأوهام بالإضافة إلى أن المتعلم عبرهما (أي القراءة الكتابة) يمتلك حالة تلقٍ كامل دون أن يتدخل ويتفاعل مع عملية التعلم.مما ينقل عن ديكارت الفيلسوف الفرنسي المعروف أنه نشر سلسلة مقالات هامة أدت إلى أن يذيع صيته في الآفاق ويعجب الجميع بأحاديثه المجددة. وكان أحد المعجبين بمقالاته قد ظن - كما ظن الدكتور سيد عبد اللطيف - أن ديكارت يجلس على كنز من النسخ والكتب العلمية فيستقي معلوماته منه ، فذهب إلى لقائه



وطلب منه أن يريه مكتبته فذهب به ديكارت إلى مكان كان قد شرح فيه جثة عجل وأراه ذلك العجل وبادره قائلاً :


" هذه مكتبتي لقد استقيت معلوماتي منها" ! وقد كان المرحوم السيد جمال الدين الأسد آبادي يقول :


"أني لأعجب من بعض الأشخاص الذي يقضون عمرهم وهم يقرأون كتب وكتابات أناس مثلهم على ضؤ مصباح ، ألم يخطر في بالهم يوماً أن يطالعوا المصباح نفسه ؟ فهم لو تأملوا المصباح في إحدى الليالي وأغلقوا الكتاب فسوف يحصلون على معلومات أوفر وأوسع.نعم ليس هناك من أحد دخل الحياة الدنيا عالماً وكل الناس أول الأمر جهال ثم يتعلمون شيئاً فشيئاً. وكل شخص - ما عدا الله تعالى - جاهل في ذاته ثم يصبح عالماً بمقتضى القوى والأسباب الأخرى. وكل إنسان يحتاج إلى معلم أي إلى قوة تلهمه. يقول تعالى :


«أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى، وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى، وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى»(الضحى6-8).. لكن الكلام كله في المعلم ومن يجب أن يكون؟ وهل يجب أن يستقي الإنسان معلوماته من إنسان آخر وحينئذ فلا مناص من أن يمتلك بيده مفتاح علوم الآخرين أي القراءة والكتابة؟ أليس في مقدور الإنسان أن يبتكر؟ أليس بقادر على مطالعة كتاب الخلقة والطبيعة - في عزلة



عن الآخرين؟ إلا يمتلك سبيل الاتصال بالغيب والملكوت فيكون الله تعالى معلمه وهاديه مباشرة؟ إن القرآن الكريم يقول عن النبي (ص) في سورة ( النجم ) ( وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى( (النجم3-5). ويقوم الإمام علي (ع) فيه (ص) :


"ولقد قرن الله به منذ كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم" (نهج البلاغة ، الخطبة 190) وللمثنوي الشاعر الفارسي الكبير أبيات حول الموضوع. وأبن خلدون في مقدمته المعروفة "فصل :


في أن الخط والكتابة من عداد الصنائع الإنسانية " يبحث حول كون الخط كمالاً من جهة أن الحياة الإنسانية الاجتماعية تجعل البعض محتاجاً لمعلومات البعض الآخر وبعد أن يتحدث عن السير التكاملي للخط في الحضارات وعن وجود الخط في الحجاز يقول :


"فكان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الأحكام والإتقان والإجادة ولا إلى التوسط لما كان العرب من البداوة والتوحش وبعدهم عن الصنائع ، وأنظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف ، حيث رسمه الصحابة بخطوطهم



وكانت غير مستحكمة في الإجادة فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها تبركاً بما رسمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ....(مقدمة أبن خلدون ص 332 طبع دار الفكر).


مقطع قرآني آخر ..


والمقطع القرآني الآخر الذي يستند إليه الدكتور المذكور هو الآيتان 3 ، 4 من سورة "البينة" حيث يقول :


"ومن أشد ما يدعو للعجب أن لا يلتفت المترجمون والمفسرون لهذه الآية التي تصف النبي (ص) بأنه ( «رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُطَهَّرَةً( (البينة2).. ويلاحظ هنا أنه تعالى لم يقل في هذه الآيات أن الرسول يقرأ الصحف المقدسة عن ظهر قلب بل صرح بأنه يقرأ هذه الصحف وهي منشورة أمامه". ولمعرفة جواب عن هذا الاستدلال ينبغي معرفة مدلول كلمتي "يتلو" و"صحفاً".أما الصحيفة فهي بمعنى (الورقة) والصحف جمع الصحيفة فمعنى الآية بالإضافة للجملة التي تليها وهي ( فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ( وهو أن النبي (ص) يقرا للناس أوراقاً طاهرة منزهة فيها كتابات قيمة. والمقصود بهذه الصحف تلك الأشياء التي



كان القرآن الكريم يكتب عليها فهي تعني إذن أن النبي يقرأ القرآن للناس.أما كلمة "يتلو" فهي من مادة (التلاوة) ولم نعثر على أي مستند يفسر التلاوة بالقراءة من على ورقة وإنما الذي يستفاد من كلمات اللغويين ومراجعة موارد استعمال كلمتي (القراءة) و(التلاوة) هو أنه ليس كل تكلم يسمى قراءة أو تلاوة وإنما التكلم بأحدهما إذا كان عن متنٍ ، سواء كان ذلك المتن يقرأ من على ورقة أو عن ظهر قلب. فقراءة القرآن هي قراءة وتلاوة سواء كانت بالنظر إلى القرآن المطبوع أو عن حفظ مع وجود تفاوت بين هاتين الكلمتين. فالتلاوة تختص بقراءة متن مقدس ، ولكن القراءة أعم منها ، فيصح أن تقول قرأت كتاب المنطق ولا يصح أن تقول تلوته.وعلى أي حال فإن عنصر القراءة من على متن مكتوب ليس دخيلاً في مفهوم القراءة ولا مفهوم التلاوة. وعلى هذا فأن الآية السابقة لا تقول أكثر من أن النبي (ص) كان يتلو القرآن المكتوب على صفحات للناس. والواقع أن لنا أن نتساءل :


لماذا يجب أن نفترض النبي محتاجاً في تلاوة آيات القرآن للنظر إلى مخطوطة أمامه؟ إننا نعلم أن النبي (ص) كان يحفظ القرآن - مثل ما كان يحفظه المئات من المسلمين - ولقد ضمن القرآن له ذلك في قوله تعالى :


«سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى»(الأعلى6).




إلى هنا عرفنا انه لا يستفاد من أي من آيات القرآن وبأي وجه أن رسول الله (ص) كان يقرأ ويكتب بل يستفاد منها عكس ذلك. وحتى لو فرضنا إنها تفيد أنه (ص) كان يقرأ ويكتب فإن ذلك يبقي مرتبطاً بعصر الرسالة في حين أن الدكتور المذكور يدعي أن رسول الله (ص) كان يحسنهما قبل رسالته أيضاً.


القسم الثالث




يدّعي الدكتور السيد عبد اللطيف أنه يمكن استفادة مدعاه من الأحاديث والتواريخ ويذكر في هذا الصدد حادثتين.الأولى :


إن البخاري يذكر في ضمن الأخبار المذكورة في كتاب العلم أن رسول الله (ص) أعطى مرة رسالة سرية لصهره علي وأوصاه بالخصوص أن لا يفتحها وإن كان عليه أن يحفظ اسم من أرسلت له فيوصلها إليه. وإذا كان النبي (ص) يعطي علياً رسالة بهذا القدر من السرية بحيث لا يعلم بمضمونها حتى علي صهره وموضع ثقته فمن يستطيع أن يكون كتبها غير شخص النبي (ص)؟ هذه هي الحادثة الأولى .


ومما يؤسف له أن توجد رسالة في صحيح بخاري من هذا القبيل، ولكنها لا تذكر أن حامل الرسالة هو علي (ع) ، وبهذا ينهار استدلال الدكتور، لأنه يرتكز على شخصية علي ، وأن إخفاء الرسالة عنه لا يعني إلا أن يكون الكاتب هو النبي (ص) ....




يقول البخاري :


-"وأحتج بعض أهالي الحجاز في المناولة بحديث النبي (ص) حيث كتب لأمير السرية كتاباً وقال :


لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا ، فلما بلغ ذلك المكان قرأه على الناس وأخبرهم بأمر النبي (ص) " (صحيح البخاري باب العلم ج1 ، ص 25) ولكنه لا يقول أن أميرهم هو علي ، ومن مضمون الرواية يعلم أن من كان سيفتحها هو حاملها لا شخص ثالث كما ظن السيد عبد اللطيف.والذي ذكره البخاري يرتبط بقصة "بطن النخلة" التي ذكرتها كتب السير والتاريخ . فقد ذكر أبن هشام (سيرة أبن هشام :


ج1 ، ص601) تحت عنوان "سرية عبد الله بن جحش" ، أن حامل الرسالة هو عبد الله بن جحش، إذ أمره (ص) أن يفتحها بعد مسير يومين ثم يعمل بمضمونها وقد نقل هذا في بحار الأنوار (بحار النوار :


ج16 الباب 38 ، من الطبعة القديمة ص 575) أيضاً .ويصرح الواقدي في مغازيه بأن كاتب الرسالة هو أبي بن كعب لا الرسول (ص) فيقول :


"قالوا :


قال عبد الله بن جحش :


دعاني رسو الله صلى


الله عليه وآله وسلم ، حين صلى العشاء فقال :


واف مع الصبح ، معك سلاحك ، أبعثك وجهاً. قال :


فوافيت الصبح وعليّ سيفي وقوسي وجعبتي ومعي درقتي فصلى النبي (ص ) بالناس الصبح ثم أنصرف فيجدني قد سبقته واقفاً عند بابه ، وأجد نفراً معي من قريش ، فدعا رسول الله صلى عليه وآله وسلم أبي بن كعب فدخل عليه ، فأمره رسول الله صلى عليه وآله وسلم وكتب كتاباً ، ثم دعاني وأعطاني صحيفة من أديم خولاني فقال :


قد استعملتك على هؤلاء النفر ، فأمض حتى إذا سرت ليلتين فأنشر كتابي ، ثم أمض لما فيه. قلت :


يا رسول الله أي ناحية؟ فقال :


اسلك النجدية ، تؤم ركية ، قال :


فانطلق حتى إذا كان ببئر ابن ضميرة نشر الكتاب وقرأه فإذا فيه :


سر حتى تأتي بطن نخلة على اسم الله وبركاته ولا تكرهن أحداً من أصحابك على المسير معك ، وامض لأمري فيمن تبعك حتى تأتي بطن نخلة فترصد بها عير قريش فلما قرأ عليهم الكتاب قال :


لست مستكرهاً منكم أحداً فمن كان يريد منكم الشهادة فليمض لأمر رسو الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و من أراد الرجعة ، فمن الآن ،فقالوا أجمعون:


"نحن سامعون ومطيعون لله ولرسولك ولك" (مغازي الواقدي :


ج1 ص 13 14) والحادثة الثانية :


التي يستند إليها هي حادثة الحديبية،



فيقول :


"وكما ينقل البخاري وأن هشام فإن النبي أمسك ورقة العهد وكتب بيده".وجوابه :


أولا ً:


أن البخاري ذكر هذا في إحدى الروايات ولكنه ذكر في رواية أخرى ما يخالفه. وقد أجمع علماء السنة تقريباً على أنه ، وإن كان ظاهر عبارة البخاري يوهم أن الرسول الأكرم (ص) هو الكاتب ، ولكن مقصود الراوي لم يكن ذلك.وهكذا نجد صاحب السيرة الحلبية بعد أن يذكر - وفق العادة - الحادثة ويؤكد إن النبي الأكرم (ص) استعان بعلي لمحو الكلمة ، ينقل رواية البخاري ويؤكد أن البعض ادعى أن هذا من إعجاز النبي ولكنه يعقب على هذا القول بأن البعض قالوا بعدم اعتبار هذه الرواية بهذا النحو عند أهل العلم ، وأن المقصود هو النبي أمر بالكتابة لا أنه كتب بنفسه.أما سيرة أبن هشام فليس فيها ذلك ونحن لا ندري لماذا نسب الدكتور إليها ذلك ؟(السيرة الحلبية:


ج3، ص غ 2)وقد ألمعنا سابقاً إلى أن المستفاد من أكثر النقول التاريخية هو أن كل ما كتب كان بيد علي (ع)، نعم يستفاد من عبارة الطبري وأبن الأثير أن النبي رغم أنه لم يكن يكتب رفع العهد وكتب الكلمة بيده.



وعلى أي فإن أقصى ما يثبته هذا الاستدلال هو أن النبي (ص) كتب مرة أو مرتين في عصر رسالته في حين أن مصب بحثنا هو عصر ما قبل الرسالة.* * *في مطلع هذا الحديث، قلنا أن أعداء النبي والإسلام آنذاك اتهموه بالأخذ من أفواه الآخرين ولكنهم لم يتهموه قط بأنه كان يعرف القراءة والكتابة ، فكان يستقي من كتب مذخورة لديه.ولكي يمكن أن ينبري أحد فيقول :


إنهم اتهموه بذلك أيضاً كما يعكس ذلك القرآن نفسه حين يقول :


«وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً»(الفرقان5).


ولكن الجواب - بالإضافة إلى أن اتهاماتهم كانت تنطلق من تعصب وشعور بالحقارة ، وهو ما يسميه القرآن بالظلم والزور - هو أن الآية ليست صريحة في ادعاء أن النبي كان يكتب بنفسه ، إذ أن كلمة الاكتتاب تأتي بمعنى الكتابة ، وبمعنى طلب الكتابة ، أي الطلب إلى شخص آخر أن يكتب له.


وإن ذيل الآية القرآنية على أن المقصود هو المعنى الثاني.



فمضمون الآية هو أنهم قالوا أنها أساطير الأولين كتبها (أو كتبها الآخرون له) ، وهي تقرأ عليه في كل صباح وأصيل. وقد ذكر الاكتتاب بصيغة الماضي ، والإملاء بصيغة المضارع المستمر مما يعني أن تلك الأمور التي اكتتبها سابقاً يتلوها عليه الآخرون العارفون بالقراءة صباحاً ومساءً فيتعلم منها ويحفظ.وإذا افترضنا أن النبي (ص) كان يعرف القراءة فما الداعي لقولهم بأن الآخرين كانوا يتلونها عليه في كل صباح ومساء فيتعلم منهم ويحفظ؟ بل كان يمكن أن يكتفوا بالقول :


أنه يراجع ويحفظ.إذن ،فحتى الكافرون والذين اتهموا النبي (ص) بشتى التهم فلم يكونوا يتورعون عن أي منها ... فوصفوه بالجنون والسحر ، والسماع الشفهي من أفواه الآخرين ... حتى هؤلاء لم يكونوا يستطيعون اتهامه بأنه يعرف القراءة والكتابة فيقرأ عليهم محتويات الكتب الأخرى وينسبها إلى نفسه.



النتيجة النهائية أنه من خلال حكم التاريخ القطعي وبشهادة القرآن وبحكم القرائن التاريخية الكثيرة نعلم أن لوح ضمير النبي كان مبرءاً من التعلم من بشر. إنه لم يتعلم إلا في ظل التعليم الإلهي. ولم يستق إلا من الحق - تعالى - إنه زهرة لم ترعها إلا يد الواجب جل وعلا. وأنه رغم عدم تعامله مع القلم والقرطاس والحبر والقراءة والكتابة، رغم ذلك يقسم كتابه المقدس بالقلم وآثاره كأمر مقدس «ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ»(القلم1). ويؤمر بالقراءة في أول رسالة إلهية إليه وعبر عن صناعة استعمال القلم بأنها أعظم نعمة تأتي بعد نعمة الخلق «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ »(العلق1)وهكذا رأينا ذلك الإنسان الذي لم يمسك بقلم قط ، رأيناه عند دخوله المدينة يبعث نهضة القلم، رأينا ذلك الإنسان الذي لم ير معلماً قط ولم يدخل جامعة أبداً ، يعلم الإنسانية وينشئ الجامعات والجامعات عبر التاريخ.الإمام الرضا (ع) في حواره مع أهل الديان يقول لرأس الجالوت "وكذلك أمر محمد (ص) وما جاء به كل رسول



بعثه الله ، ومن آياته أنه كان يتيماً فقيراً راعياً أجيراً لم يتعلم كتاباً ولم يختلف إلى معلم ، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء (ع) وأخبارهم حرفا حرفاً ، وأخبار من مضى ومن بقى إلى يوم القيامة ..." (عيون أخبار الرضا ، ص136) .إن الظاهرة التي أثارت إعجاب الجميع وكشفت أكثر من غيرها عن عظمة القرآن الكريم ، وكونه كتاباً سماوياً حقاً ، هي أن هذا الكتاب العظيم بكل معارفه في مجالات المبدأ الأول والمعاد وتصوراته عن الإنسان والأخلاق والقانون والقصص والعبر والمواعظ ، وبكل جماله وفصاحته ، هذا الكتاب جرى على لسن رجل أمي لم يدخل أي جامعة ولم يقابل أي عالم من علماء العالم ولم يقرأ حتى كتاباً بسيطاً من كتب عصره.


إن الآية والمعجزة التي أجراها الله تعالى على يد آخر أنبيائه هي معجزة كتابية بلاغية حديثية ، ترتبط بالفكر والإحساس والضمير ، وقد أثبتت هذه المعجزة وهذا الكتاب قدرته المعنوية الخارقة عبر العصور ، فلا يبليه الزمان ، لقد جذب الملايين من القلوب ، ويجذب كل حين بعد أن كان يموج بالطاقة الحيوية المحركة ، فما أكثر العقول التي بعثها على التفكير ، وما أكثر القلوب التي أفاضها بالذوق والشوق المعنويين. وكم غذى طيور السحر وأحياءه بالغذاء المعنوي ، وما اكثر الدموع



التي أجراها على الخدود حباً وخوفاً لله تعالى في أعماق السحر وأواسط الليل ، وكم أطلق من أمم من عقال الاستعمار والاستبداد والظلم !!نعم ... إن العناية الإلهية التي شاءت أن تثبت إعجاز القرآن أكثر فأكثر أنزلت هذا القرآن على عبدٍ يتيم راعٍ يجوب الصحراء .أمي لم يدخل مكتب تعلين أبداً.(ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (


/ 3